ثقافة شعبية

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

مصارحة: بغداد.. ما قبل التشويه

صافي الياسري

عند انفجار كل مفخخة او عبوة ناسفة، او عند مرور كل رتل عسكري عراقي او اجنبي، تحضرني روح بغداد بطلعتها المهيبة، ازقتها ودروبها وشوارعها وجوامعها وتكاياها وكنائسها ومكتباتها وكتاتيبها وملاهيها ورموزها الاخرى، تحضر "سليمة الخبازة" نيابة عن غائب طعمة فرمان، وتحضر شخوص جبر ابراهيم جبرا من غياهب الصيادين في الازقة الضيقة، وتطلع محلات ارام وبقية الدكاكين وازقة باب الشيخ من صفحات (الرجع البعيد) كما رسمها التكرلي، او تعبر صورة سعيد افندي هاربة من فيلم كاميران حسني وهو يرنم (صوت صفير البلبل) في امسية بغدادية رائقة او متعبة لا فرق فبغداد هي بغداد الازل، او يطل من عتبات التاريخ الذي لم يبتعد كثيراً عثمان الموصلي من محاريب جامع الحيدر خانة، او ينهض الدكتور محمد مهدي البصير يحرضنا على الثورة بفعل فولتير الباريسي الثائر، وتحضر اسوار بغداد وابوابها القديمة، وجدران بيوت بغدادية عابقة ببخور الشناشيل معلقة على جدرانها فوتوغرافات المصور الاهلي عبد الرحمن أوالداغستاني وتزغرد خلف زجاج (محاملها) صورة بنت المعيدي، او فوتوغرافات حازم مراد وامري سليم، تحضر بغداد المتجددة بعطرها العباسي الاخاذ ثملة بوجودها الذي لا تضاهيه المدن، تحضر ونحن نتحدث عن مترو بغداد كمشروع مهيأ للتنفيذ ونتحدث عن ازمة السكن والنقل والكهرباء والماء والامن والهجرة و.. تتقطع انفاسنا، لكن المدينة النائمة في اذهاننا تستيقظ بين الحين والآخر، ومع الاسف فانها تعاود غفوتها كانها زرقت بابرة تخدير شديدة الاثر.
وحين نستطلعها اليوم ندرك انها تحاول ان تخفي وجهها عنا او تحاول ان تصرف نظرنا عن الخطوط السود التي رسمت قسراً على اديم لوحتها فشوهتها بذريعة التحديث، لن نحدثكم عن شارع حيفا، فنحن على يقين من انه لا ينتمي لبغداد واننا لا نعرفه ولا تربطنا به وشيجة، ونحن نعرف قرية الكرخ، وما زلنا نتذكر محلة كرادة مريم القديمة وبساتينها وسواقيها، والصالحية والشواكة وبنكلة الاذاعة والعلاوي وسينما قدري والارضروملي وسوق حنون وسماكة جسر الشهداء و"عبرتها" بالزوارق والكفف، وسوق حمادة والجعيفر، ونسترجع دائماً صورة المهاجر المخذول ابن زريق البغدادي ويتيمته التي تبدأ هكذا
استودع الله في بغداد لي قمراً

بالكرخ من فلك الازرار مطلعه
ودعته وبودي لو يودعني
صفو الحياة واني لا اودعه

ونتجاوز شارع حيفا ذلك الحائط الاسمنتي الذي حجب الضوء والنسمة وشوه الصورة، الى الطحالب والعليق الذي نما على جسد بغداد فترهلت باضافات لا هوية لها، مهما حملت من اسماء وحاولت الانتماء الى المدينة بحكم القرب الجغرافي وبحكم القرارات الرسمية الادارية (أس التشويه)، ونحن نعرف الرصافة ويمكننا ان نتحدث بلباقة وانطلاق ومعرفة تامة وعشق صوفي عن مشهد الامام أبي حنيفة والاعظمية والشماسية ومحلة المحزم وحتى عن البلاط الملكي وباب المعظم مارين بمناطق الكسرة وثكنة الخيالة ومقر فوج الامام موسى الكاظم وموسيقى الجيش التي تتسلل عبر جدرانها الحان المارشات العسكرية العالمية، وحديقة المعرض والمكتبة العامة القديمة، ومستشفى المجيدية (مدينة الطب حالياً) التي تقع خلف سجن بغداد ذي الاسوار اللبنية العالية، ولنقف قليلاً، ها نحن على باب السلطان وسور بغداد القديم الذي بناه المستظهر بالله سنة 488هـ/ 1095م واكمله المسترشد بالله سنة 517هـ/1119م هذا السور الذي هرم ولم يبق منه سوى قطعة نفيسة داخل مبنى وزارة الدفاع محصورة بين جامع الازبك وقاعة الشعب لم يفطن لها احد من قبل ولا ندري مصيرها الآن، هذا هو الحد الذي يمكنك تسمية ما خلفه (بغداد المنصور) او بغداد العباسية، او بغداد ما قبل التشويه.
وقد ازيل باب السلطان والسور عام 1925م لتوسيع امتداد شارع الرشيد الذي دمر العثمانيون الهاربون على مدخله باب الطلسم ايضاً بعد ان اتخذوه مخزناً للذخيرة، وهو الباب الثاني على السور العتيد الذي يطوق حي الفضل بن الربيع القائم حتى اليوم وبساتينه وقصره، ويتجه الى الباب الوسطاني او باب الظفرية، ثم الى باب كلواذا أو باب البصيلة او الباب الشرقي الذي ازيل هو الآخر عام 1937 ولم يبق سوى باب الظفرية، وقد تملكنا الفرح والدهشة والتساؤل والقلق قبل عامين ونحن نرى فيه حركة بناء وترميم تجري لاقامة ما سقط من حلقاته من الاقواس، وهكذا كان المعلن وصفاً لهذه الحركة، ولكنها في حقيقة الامر لم تكن سوى تشويه جديد يلحق بالمعالم الاثرية البغدادية، فالبناء لم يأخذ بالاعتبار هندسة الباب التاريخية وطابعه ولا الهوية التراثية لهذا الاثر، وقد توقف البناء بعد مدة وجيزة بسبب عدم توفر التخصيصات كما فهمنا، وقد سعدنا بذلك لأننا كنا نخشى تكرار مأساة بابل في مناطق اثارية اخرى، وما زلنا نتمنى ان يحافظ على هذا الباب كما هو وان يصان على وضعه الموروث فلا يلحق به التشويه ويبتعد عن صورته الاصيلة، لنمض مع السور الذي انقرض مستحضرين خط امتداده حتى باب كلواذا او باب البصلية او الباب الشرقي، فهنا ينتهي شارع الرشيد، او جادة خليل باشا او خليل جاده سي، او الجادة العامة او الشارع الكبير كما سماه الرصافي، وكان الاجدر ان يسمى شارع ناظم باشا، نقول ذلك ونحن نتصفح الادلة التي تؤكد ان تصميم الشارع قد وضعه الجنرال ناظم باشا والي بغداد وقائد الجيوش العثمانية فيها عام 1910، وانه استملك لاجله عدداً من الدور وازالتها، فاثار عليه سكان المنطقة يومها، حيث قاموا يهتفون (هاي الكاع وما ننطيها) واستمرت المناوشات مع الوالي حتى ثورة بغداد الكبرى عام 1913 التي قمعت بقسوة لا مثيل لها، وكان المرحوم حازم الباجه جي واحداً من مموليها والمحرضين عليها وتشهد على ذلك المناشير التي كتبها بيده ووزعها النادي العربي العلمي الذي كان قد أسسه وكذلك فعلت جريدته (النهضة) التي اصدرها انذاك واغلقها العثمانيون بعد صدور ثلاثة عشر عدداً منها فقط، وقد طلبت السلطات العثمانية الباجه جه فلجأ الى الشيخ طالب النقيب في البصرة، وحوصرت بسببه دور الباجه جيه في منطقة العمار، ولكنهم صمدوا بسبب ضيق ازقتهم التي ما كانت تتسع لمرور اكثر من شخص واحد.
ويقال ان تعسف الوالي ناظم باشا وغضب الاهالي وثورتهم، وراء طرده من ولاية بغداد وتولية خليل باشا عام 1916، وهذا الوالي هو اخر الولاة العثمانيين في بغداد، وقد فر منها ليلة 11 اذار عام 1917، بعد ان دخل تاريخ بغداد ودون اسمه على الشارع الذي افتتحه في 23 تموز 1916، وهو بالمناسبة يوم اعلان الدستور، والشاهد الذي دون هذا التاريخ، هو قطعة من الكاشي المزجج فوق قاعدة منارة جامع السيد سلطان علي في الناحية الجنوبية واتلفت هذه القطعة كما يروي المهتمون بجغرافية بغداد القديمة عام 1923 عند تعمير الجامع ومنارته، وبعد دخول الانجليز بغداد عام 1917 في 11 اذار منه، اطلقوا على الشارع تسمية الشارع الجديد، ويقول الصحفي الانجليزي الذي رافق الحملة البريطانية، ادموند كاندلر: تقدمنا في شارع خليل باشا وهو الشارع الوحيد العريض (نسبياً) في المدينة، وقد اطلقنا عليه اسم شارع "هندنبرك" بمناسبة سقوط الكوت، انه ليس بالشارع الجميل او الجذاب، وكانت عملية تطويره متقطعة واوقات اصلاحه متباعدة، ولكي يصبح جميلاً كما يريده كاندلر، جيء بالسجناء والمحكومين ليقوموا برصفه بالحجارة التي جلبت من جبال حمرين ومن منطقة طوزخرماتو تحديداً ويومها ضرب المثل البغدادي المعروف (يدك احجار بالجادة) للتدليل على الجهد المجاني لهؤلاء المساكين وحين تم تبليطه كانت اول سيارة تعبره، هي سيارة الملك فيصل الاول وكان يومها عائداً من اوروبا، وعلى اية حال لن نعيدكم الى خرائط فيلكس جونز والمهندس الانجليزي كولين كورد اللذين رسماها عام 1853-1854م لتبيان صورة بغداد يومها فهي كما يقول محمد رؤوف الشيخلي في كتابه مراحل في الفترة المظلمة وما بعدها مدينة عدد سكانها عام 1895 هو 149.941 نسمة يقيمون في 18017 داراً وفيها 3244 دكاناً و11 مغازة و124 علوة و11 صيدلية و68 مصبغة و118 خاناً و18 حماماً و20 شكرخانه و34 كتاباً للاطفال و4 لوقنطات و14 قولغ (مركز شرطة) و150 جامعاً و6 تكايا و7 كنائس ومطبعتان ولا هذه الخرائط ولا الارقام قد تنفع مقارنتها بالارقام الحالية في اعطاء صورة ما لتطور واقع محسوب، قادرة على نقل تلك الحيوية البغدادية النابضة في صورة عربة اللاندون وهي تحمل الى جانب الحوذي، المهرج المقنع الذي يرتدي طربوش الكارتون والابرو الملون، وبيده لوحة ثبت عليها ملصق الفيلم الجديد الذي ستعرضه سينما، روكسي اوريكس أو الزوراء او غيرها، او اعلانات ادارة فندق الهلال عام 1932 عن حفلات الانسة ام كلثوم او ذلك الاعلان الصحفي عن الليلة الساهرة الكبرى الممتازة التي لم يسبق لها مثيل لمنفعة تعاون الحلاقين ليلة الجمعة 7 تشرين الثاني 1929 كما يشير الاعلان على مسرح فندق الجواهري الشهير، حيث ستحيي السهرة نخبة من اشهر فرق العاصمة الموسيقية ومطربيها، فضلاً عن الفرق الاجنبية والعربية الوافدة الى بغداد والفنانين ذوي الاسماء اللامعة مثل بشارة واكيم ويوسف وهبي وفاطمة رشدي وجورج ابيض ودولت ابيض وغيرهم من نجوم الفن العربي المعروفين.
او تقرأ هذا الاعلان الخاص بالسيدات فقط عن رواية "ماجدولين" التي تمثلها جمعية احياء الفن على مسرح الرويال سينما عصر الجمعة الموافق 20 كانون الاول 1929 في الساعة الواحدة زوالية بعد الظهر، وكل هذه الاعلانات تتحدث عن مواقع في شارع الرشيد الذي يمكن ان يستمر الحديث عنه بلا نهاية، فاذا اقتربت من نهايته عند الباب الشرقي وبداية شارع ابو نؤاس الحالي، يمكنك التطلع الى البقجة مله سي او حديقة الامة قبل ان تنهض جداريتها الخالدة ثم تتسلل منها الى البتاويين، فتلج بيوت حاكة (البتة) العباءة النقيض للجوخ وعنها يتحدث المثل البغدادي القائل (ضيعنا الجوخ والبتة) أي فقدنا كل شيء.
واذا اتجهت الى سواحل دجلة فلن تفوتك "جرادغ" السمار صيفاً وهي شبه اكواخ من القصب والبردي تبنى على الرمل عند ساحل دجلة قرب الماء او على جزراته يقضي الصيف فيها شباب بغداد ورجالاتها من التجار والموظفين، ولن تفوتك رائحة السمك المسقوف لتتذكر اغنية المطربة البغدادية الشهيرة سليمة مراد او سليمة باشا (يا صياد السمك صدلي بنية) وحين يحط المساء تتوهج قناديل ابو نواس في حاناته ومقاهيه العامرة بالسامرين، وبعد وقبل ان يشوهوا وجه بغداد وهويتها وطابعها ومعالمها المعمارية والفولكلورية يمكنك استعادة واجهة بار عمو الياس وشربت حجي زبالة وشريف وحداد وبار عنتر ولوكانوا واكسبريس ومطعم تاجريان وابن سمينة وحاج خيرو والحوذي الشهير شيخان وشفتالو البرلمان وخليلو القزم وعباس بيزة، ومن المؤكد ايضاً انه ليس في الخرائط ولا الكتب، نبض الحياة الذي تحمله تلك الصور والاخيلة الاسطورية المرسومة في اذهان البغادة عن طوب ابو خزامة ونذوره، ولا تلك الحناء التي لا تني تتجدد على جدران ابو شيبه الذي لم تفلح الشفلات في هدم ضريحه، ولا مدائح الدراويش في اروقة ضريح الشيخ عبد القادر الكيلاني، ولا يملك احد نوتات الموسيقى التي كانت تعزفها الفرق الشعبية على باب كنيسة اللاتين ايام الأب انستاس الكرملي، ولا جرخجية بغداد وصافراتهم، ولا فوانيس الازقة والكرب العائم على مياه دجلة محملاً بالشموع في اماسي خضر الياس وطبول زكريا، وتلك الانغام المتسربة من داخل المقاهي البغدادية لصديقة الملاية ورشيد القندرجي ومحمد القبانجي ويوسف عمر وناظم الغزالي وزهور حسين و...و... هل اكتفينا؟
هناك الكثير ولكن لا شيء مما نذكره يمكن ان ينهض مثلما كان ثانية، الا انه يمكن استيحاؤه لرسم صورة بغداد القادمة، حتى لو كانت مدينة مترو بشرط الا تكون مدينة مترهلة غريبة، هجينة، مشوهة، ويمكننا النظر بعين الاهتمام والاستفادة الى تجارب السوريين في الحفاظ على معالم دمشق القديمة الممتد تاريخها الى عشرات القرون، وكذلك الى تجارب المصريين والقاهرة القديمة، قاهرة المعز ولن تكون بغداد العباسيين، بغداد المنصور باقل حظأ من دمشق والقاهرة.


كتب لم تطبع بعد!
 

باسم عبد الحميد حمودي

بعض رجال الثقافة الشعبية الذين امضوا شطراً كبيراً من سنوات حياتهم في الدرس والبحث انتجوا مجلدات وكتباً مهمة في التراث الشعبي العراقي والثقافة الشعبية لم تسنح ظروفهم الخاصة لطبعها بسبب مماطلة دور النشر الحكومية والاهلية العراقية في تيسير امر طبعها واظهارها للقراء الكرام، في وقت تتهافت فيه دور نشر عربية عديدة للحصول على اصول هذه الكتب وطبعها وكل حقوق مؤلفيها بالتالي.
من هذه الكتب التي نحسب انها مهمة وتعين على معرفة وتغطية جزء من تراثنا الشعبي كتاب "الطبيخ" الذي حققه واضاف اليه الكثير العلامة الراحل د.كامل مصطفى الشبيبي وهو
على ما نحسب- لعدة مؤلفين مسلمين قدامى في شؤون المطبخ وادواته.
ومن الكتب الاخرى كتاب "ديوان التفتاف" للاب انستاس ماري الكرملي الذي جمع فيه الكثير من الحكايات الشعبية العراقية البغدادية والموصلية بلهجتها الاصلية وقد اعده للنشر
بعد التحقيق الاستاذ الدكتور داود سلوم ولم يظهر بعد رغم اهميته.
من الكتب الاخرى المهمة كتاب "الكامل في الامثال" للباحث الكبير الاستاذ عبد الرحمن التكريتي رحمه الله وهو صاحب "جمهرة الامثال البغدادية" ومحقق امثال الطالقاني وقد صرف الرجل القسم الاخير من حياته لاعداد هذا الكتاب بمجلداته التسعة دون ان يجد ناشراً يعينه حتى انتقل الى رحمة الله.
ومن الكتب التي لا تزال مخطوطة كتاب الاستاذ الشاعر حطاب دهيم الفيصلي عن الاهوار العراقية وهو كتاب يختلف عن سواه من الكتب صدرت لانه لم يترك بقعة من الاهوار دون رصد وشرح لتقاليدها وعاداتها ووصف لجغرافيتها وعشائرها وحكاياتها واساطيرها.
ومن الكتب الاخرى الحيوية التي لم تصدر بعد في حقل الثقافة الشعبية كتاب (الكرخ) للعلامة الدكتور عبد الله الجبوري وكتاب "موسوعة الحكاية الشعبية العراقية" للاستاذين كاظم سعد الدين وقاسم خضير عباس وكاتب هذه السطور وكتاب "ذخيرة العلوجي" وهو اسم اولي- ويضم كل ما كتبه الراحل الكبير عبد الحميد العلوجي في التراث الشعبي العراقي.
وهناك مسودات كتب فولكلورية اخرى لا نعرف عنها شيئاً ولكنها موجودة عند مؤلفيها امثال السادة شاكر هادي غضب عن (القاسم) وجبار الجبراوي عن (العمارة) وسواها.
اننا نذكر هنا بهذة المسودات وندعو الى الاهتمام بها وبغيرها وتحقيق سلسلة المكتبة الشعبية في وزارة الثقافة لاحتواء هذه المسودات وغيرها وايصالها الى القارئ الكريم.


التراث الشعبي .. عدد جديد في العمارة
 

عدد مجلة التراث الشعبي الجديد وهو الفصلي الثالث- جاء عدداً خاصاً بالعمارة العراقية اضافة لدراسات عن المعمار البصري- الاسلامي وقد جاءت افتتاحية العدد لتؤكد علاقة المعمار الاسلامي بالعمارة العراقية القديمة وان العمارة (اهم وثيقة مادية من وثائق الحضارة). من موضوعات العدد: العمارة العربية بين التراث والمعاصرة د.جاسم الدباغ- الفن المعماري في البيت الموصلي لابراهيم سليمان نادر- العمارة الشعبية في الكاظمية لمهدي حمودي الانصاري- بيت الطين: طلال سالم الحديثي- سرداب الغيبة في سامراء لزينب صادق علي- طراز بناء البيوت في الشرقاط لعبد محمد جرو- بيوت سكان الاهوار في ميسان لجبار الجبيراوي- دراسة جمالية للشناشيل البصرية لسلمان البصري- البيت العراقي في العصر العثماني لمحمد علي رشيد- عمارة الالمان في بغداد لسعاد مهدي.. الشوارع الضيقة في بغداد لانور عبد الحميد الناصري وقد عرض رئيس التحرير الاستاذ كاظم سعد الدين مجموعة كتب غير مترجمة ومترجمة عن العمارة العربية والاسلامية.
انه جهد يحسب لمجلتنا الرائدة والمرجو ان يصدر عدد مكمل لتغطية عمارة المناطق الاخرى من العراق كالعمارة الكوردية والتركمانية والنجفية وعمارة الريف والبوادي.


في دار الشؤون الثقافية .. عادل الهاشمي يتحدث عن فن التلاوة

محمد شفيق

ضيفت دار الشؤون الثقافية العامة، الاسبوع الماضي في قاعة غائب طعمة فرمان الناقد الموسيقي عادل الهاشمي، للحديث عن كتابه "فن التلاوة" الصادر حديثاً عن الدار اعلاه وقدم للهاشمي القاص محمد سعدون السباهي ناعتاً أياه، بالشخصية النقدية المهمة في مجال النقد الموسيقي واحد رموزها ليس ضمن العراق وحسب، وانما على نطاق العالم العربي..
وتحدث الناقد الهاشمي عن هذه المحاضرة، واعتبرها تكريماً مهماً له لا يوازيه أي تكريم مهما كان نوعه، وعبر عن سعادته بهذه النخبة الممتازة التي حضرت الى هذه الندوة، واضاف: آثرت ان لا اجيء بنص مكتوب معي، وانما ان اترك الحديث على سجيته ليكون حديث القلب للقلب، بعيداً عن السياقات التي تؤطره وبعد ذلك تحدث عن كتابه (فن التلاوة) قائلاً: هذا الكتاب رحلة طويلة ودراسة ممتعة، منذ اكثر من خمسة وثلاثين عاماً كتبتها بشكل مسلسل في مجلة ألف باء، سلسلة من المقالات تنشر في رمضان وهي مقالات عن قراء القرآن مع تغيير وتشذيب نتيجة تجارب السنين التي مضت، وخرج هذا الكتاب عن دار الشؤون الثقافية العامة.
ينطوي الكتاب على مقارنة نقدية ومنهجية في فن التلاوة، بين اسلوبين من التلاوة، الاسلوب المصري والاسلوب العراقي، مع ان هناك تلاوات اخرى مثل النجدية والحجازية لكني آثرت التركيز على التلاوة المصرية لأنها معروفة في جميع اقطار الوطن العربي والاسلامي، اما التلاوة العراقية فهي معروفة في بغداد وعليه عقدت المقارنة بين التلاوة المصرية والعراقية وعندما تستمع الى التلاوة المصرية، فإنها تعيدها الى الحياة، اما التلاوة العراقية فإنها تذكر بالموت لماذا؟ هذا السؤال طالما شغل الباحثين والناس الحقيقة ان التلاوة المصرية تحفل بمبدأ التغني، اما التلاوة العراقية فانها تحترس من هذا المذهب، وتحرص على الاسلوب قبل التغني، بينما التلاوة المصرية مع حرصها على الاسلوب، فإنها تحفل بمبدأ التغني.
واضاف: عندما جاء القراء المصريون الى بغداد، لحضور فاتحة الملكة عالية في عام 1951 وبالتحديد عبد الفتاح الشعشاعي وابو العينين شعيشع بدأت التلاوة العراقية تضطرب، لأن الكثير من المقرئين بدأوا بالتأثر بتلاوة هذين الشيخين الجليلين منهم الحافظ صلاح الدين.
وبدأ الميزان العراقي يضطرب هو الآخر امام التلاوة المصرية، لأن التلاوة المصرية، تحاول ان توزع مذهب التغني الذي يعتمد على اطلاق صوت المقرئ، في جوابات وطاقات في الصوت لكي يلون الاتجاه الاقرائي بينما في التلاوة العراقية لا يحصل ذلك لأنها كانت تحرص على ان تكون نابعة من الاصول الاقرائية، التي تحاول الابتعاد عن مذهب التغني.
ثم اضاف الناقد الهاشمي ان كل واحد من المقرئين المصريين، يعزف على آلة موسيقية معينة، مثل عبد الفتاح الشعشاعي الذي يعزف على آلة القانون، وابو العينين شعيشع على آلة العود، ومصطفى اسماعيل على آلة الكمان، أي ان المقرئ المصري ينطلق من دراسة للقواعد الموسيقية العربية مروراً بالتلاوة اما التلاوة العراقية فلم تنهض على اسس القواعد الموسيقية، وانما نهضت على معرفة فكرية بقواعد المقامات، دون ان يدرسوا ذلك في المعاهد الموسيقية (أي المقرئين)، وانما تناقلوها بشكل شفاهي من واحد لآخر.
واسترسل الناقد الهاشمي في شرح تفاصيل القراءتين، وكيفية اعتماد بعض القراء المصريين على التلاوة الدرامية، مثل سورة القصص التي اداها بشكل رائع ابو العينين شعيشع وكذلك عندما تلا عبد الفتاح الشعشاعي سورة الكهف، وعبد الباسط عبد الصمد في سورة يوسف الذي يكرر آية (هيت لك) تسع عشرة مرة ويختمها بقفلة مهمة (معاذ لله)، مؤكداً ان القراءة المصرية تحفل بقفلة تامة، والقراءة العراقية تحفل بربع قفلة.
وفي ختام المحاضرة اجاب الناقد الهاشمي على بعض الاسئلة التي طرحها عليه الحضور.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة