الحدث الاقتصادي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

استراتيجية التنمية الزراعية والمجالات المتاحة للاستثمار الزراعي في العراق

أ.د.جميل محمد جميل الدباغ

فرضت التطورات الاقتصادية والمالية والنقدية الدولية الجارية مراجعة نقدية جدية للسياسات الاقتصادية والمالية في البلدان النامية، وبدأت هذه المراجعة بتبني وتطبيق سياسات للتثبيت الاقتصادي والتكيف الهيكلي من اجل تصحيح الاختلالات الاقتصادية عامة والسوق الزراعية التي خلقتها الحروب وعدم الاستقرار في بلدنا بشكل خاص.

وتبرز على رأس هذه السياسات الحاجة إلى التحديد العلمي والواقعي للسياسات والاجراءات الاقتصادية الزراعية المطلوبة كبديل للسياسات التي شهدتها الحقبة المنصرمة.
ولعل ما تحاول هذه الورقة ابرازه هو توضيح لاستراتيجية التنمية الزراعية التي تبنتها وزارة الزراعة العراقية حاليا وصولا إلى زيادات حقيقية في الناتج الزراعي المحلي ومن خلال التركيز على تعجيل الاستثمار المحلي والعربي والاجنبي باعتباره الاداة الرئيسة للوصول إلى ذلكم الهدف.
أولا: إستراتيجية التنمية الزراعية
1-إعادة تأهيل مشاريع الري والبزل وصيانة الترب باعتبارها حجر الزاوية لرفع انتاجية الدونم الواحد من الاراضي الزراعية لا سيما في جنوب البلاد، وهذا يتطلب التنسيق المتكامل والمستمر مع وزارة الموارد المائية لتطوير البنى التحتية.
2-الاهتمام بنشاط المراعي الطبيعية والغابات والمسطحات المائية لتنشيط الانتاج الحيواني والثروة السمكية وغيرها.
3-توفير السلف والقروض الاستثمارية وتطوير عمل المصرف الزراعي وزيادة الاموال المخصصة للقرض مع تسهيلات ائتمانية ميسرة بغية تنشيط الانتاج الداجني وانشاء البساتين وزراعة الخضراوات والمحاصيل العلفية.
4-توفير فرشة احصائية تتعلق بمعلومات واخبار السوق (
Market information) تذاع او تنشر يوميا واسبوعيا لتعريف المزارعين بحالة الاسواق من حيث المستويات السعرية والكميات المسوقة في البلاد ليتسنى لهم التحرك في ظل المنافسة المتاحة لتعظيم الكفاءة التسويقية.
5-الاستمرار بدعم مدخولات الانتاج الزراعي الرئيسة من بذور واسمدة ومكائن ومبيدات الافات والامراض التي تصيب النباتات والحيوانات.
6-واذا ما اضطرت الدولة لتقليص دعم مستلزمات الانتاج لسبب أو لآخر فالضرورة تقضي وضع سقف زمني لتقليص الدعم تدريجيا ولمدة قد تطول لخمسة سنوات قادمة.
7-وضع وتطبيق سياسة فعّالة للارشاد الزراعي لتوجيه المزارعين نحو الزارعة الحديثة واستخدام المبتكرات المستجدة اضافة لتوجيههم لتطبيق نتائج البحوث الزراعية العلمية التي ينبغي هي الاخرى (أي البحوث والدراسات) وضع تصورات جديدة عنها لفائدة تحسين كمية ونوعية الانتاج الزراعي بمختلف انشطته النباتية والحيوانية والسمكية والداجنة.
8-تشجيع الاستثمار الخاص في الزراعة (العربي والاجنبي) مع الترويج لفرص الاستثمار المتاحة في القطاع الزراعي، وهذا الامر يتطلب توفير ونشر قاعدة احصائية ومعلوماتية لخدمة قضايا الاستثمار الزراعي مثل:مسوحات كاملة للاراضي المزروعة المهيأة للاستثمار من حيث المساحات والخصوبة والموقع الخ ..
*معلومات واحصاءات عن طرق الارواء الزراعي وكمية المياه المتوفرة للزراعة.
دراسات واحصاءات عن الطاقة الاستيعابية للسوق الزراعية العراقية ممثلة بحجم الطلب وتنبؤات العرض والاسعار والامكانات المتاحة للخدمات المقدمة من الدولة.
*بيانات واحصاءات عن واقع الصناعات الزراعية والغذائية الخاصة بالنسبة للتمور والالبان والجلود والاقطان وغير ذلك من خامات الصناعات الزراعية.
*بيانات واحصاءات عن المسطحات المائية والانهر الممكنة الاستثمار، لاغراض تطوير وتنمية الثروة السمكية.
9-يقترح كتوصية اساسية تأسيس مجلس للاعمار الزراعي، مؤلف من مستشارين في الاقتصاد الزراعي والتخطيط والهندسة الزراعية يأخذ على عاتقه مهمة التخطيط متوسط وبعيد المدى لتنمية وتطوير القطاع الزراعي وربطه بالسوق الدولية من خلال وضع السياسات والبرامج التفصيلية المستقرة لضمان استمرار اتجاهات التنمية الزراعية بخطها الواضح بغض النظر عن توالي الادارات الزراعية لهذا القطاع.
10-استنادا الى الفلسفة الاقتصادية الجديدة للدولة، نرى ان يقتصر دور الزراعة في ادارتها غير المباشرة للقطاع الزراعي على المحاور الرئيسة التالية:
*التركيز على تقديم كافة الخدمات الزراعية ولا سيما خدمات وقاية النباتات من الامراض والحشرات وخدمات الصحة البيطرية لحماية الثروة الحيوانية.
*التركيز على موضوع الارشاد الزراعي اعادة تأهيله لتعريف المزارعين بالعمليات الزراعية المبتكرة ونشر التقنيات الحديثة في الانتاج والتسويق وتربية الحيوانات المزرعية وكذا بالنسبة للثروة السمكية والدواجن والزراعة المحمية (المبكرة) من خلال اساليب مبتكرة وحديثة من شأنها زيادة انتاجية الارض والعمل ورأس المال المستثمر، فالارشاد الزراعي كان مشهودا له ابان الخمسينيات والستينيات من قبل جميع المنظمات الزراعية العالمية المتخصصة (
FAO) وغيرها من المنظمات الريفية الاولية والاقليمية.
*إعادة تأهيل هيئة البحوث الزراعية التطبيقية لنشر نتائجها باسلوب ارشادي مبسط بين الفلاحين والمزارعين لا سيما تلك النتائج الخاصة بتطوير اصناف البذور المحسنة عالية الانتاجية وطرق الوقاية من الامراض والحشرات واساليب التسويق الزراعي الكفوءة للاستفادة من مزايا السوق وحوافز الاسعار وغير ذلك.
ان ما تقدم من أطر عامة لاستراتيجية التنمية الزراعية (وغيرها الكثير) يتطلب بذل الجهود الكبيرة والصادقة معا من قبل الدولة وكذلك يتطلب التعاون الايجابي من المنتجين الزراعيين والمستثمرين.
ثانيا: المجالات المتاحة للاستثمار في الزراعة العراقية:
اتاحت استراتيجية التنمية الزراعية الجديدة في العراق المجال للاستثمار الخاص في القطاع الزراعي سواء كان محليا أم عربيا أم أجنبيا، لامتلاك هذا القطاع طاقات انتاجية كامنة تتمثل بتوفر الموارد الطبيعية والبشرية والزراعية غير المستغلة فيه طمعا لزيادة القيمة المضافة والتراكم والرأسمال الضروري لحصول تنمية زراعية شاملة ومستديمة.
وباختصار شديد فان مقومات الاستثمار في الزراعة العراقية متوفرة وذات جدوى اقتصادية للمستثمرين لامور عديدة لعل اهمها الاتي:
1-الاتجاه الحاسم للفلسفة الاقتصادية للدولة بفتح جميع المجالات للاستثمار الخاص مع ابداء جميع التسهيلات والاعفاءات الضريبية والكمركية لا سيما بعد فتح العديد من مصارف القطاع الخاص القادر على القرض الاستثماري بشروط ائتمانية ميسرة ودون عوائق حكومية.
2-توفر عناصر الانتاج الزراعي وبتكاليف رخيصة مقارنة مع البلدان المجاورة لا سيما الاراضي الزراعية الخصبة مقرونة بتوفر مياه الري مع تواجد عمالة ريفية واسعة حيث يعيش اكثر من سبعة ملايين شخص في الريف العراقي، اضف إلى ذلك توفر البيئة الزراعية المتنوعة من حيث المناخ والطقس والطبيعة الجغرافية المختلفة والصالحة لجميع انواع الاستثمار المزرعي.
3-توفر اعداد كبيرة من الملاكات العلمية والفنية والبيطرية القادرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة، التي من الممكن ان تقدم خدماتها للمستثمرين بأجور ورواتب رخيصة مقارنة مع دول الجوار.
قوانين الاستثمار في الزراعة العراقية:
مرت التشريعات القانونية للاستثمار في القطاع الزراعي منذ عام 1986 ولغاية الوقت الحاضر بجملة من القوانين والقرارات نوجزها بالآتي:
*قانون الاستثمار العربي رقم 46 لعام 1988.
قرار رقم 162 لسنة 1962 الخاص بتعامل الشركات الحكومية مع المستثمرين العرب.
*قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 الخاص بالسماح للشركات العربية والاجنبية لاقامة مشاريع استثمارية في البلاد.
*تأسيس المناطق الحرة لسنة 1998 الخاص بالانشطة الاقتصادية والاستثمارية.
*قانون الاستثمار العربي رقم 62 لسنة 2002.
*واخيرا قرار الاستثمار الاجنبي رقم 39 لسنة 2003 (المشرّع بعد تغير النظام السابق).
مما تقدم يتضح ان الرغبة في جذب الاستثمارات العربية والأجنبية في مشاريع زراعية مشتركة كانت موجودة منذ عقدين من الزمن الا ان الادارة المركزية لتخطيط الاقتصاد العراقي حالت دون إطلاق الحرية الكاملة للمستثمرين العرب والاجانب للدخول في الاستثمار الزراعي آنذاك، لكن بعد تغيير النظام في شهر نيسان عام 2003 تغيرت الفلسفة الاقتصادية للدولة نحو اقتصاد السوق والغاء جميع قوانين وقيود الاستثمار تمهيدا لعملية انتقال الاقتصاد نحو السوق الحرة وربطها بالسوق العالمية باسرع وقت ممكن.
وفي الوقت الحاضر ما زال القرار رقم 39 لسنة 2003 نافذا حيث يجيز للافراد والشركات عربية ام اجنبية الدخول في استثمارات زراعية واسعة منفردين او مع القطاع الخاص العراقي وفق تسهيلات تجارية ومصرفية واسعة النطاق (تتعلق بالتسهيلات الكمركية للاستيرادات والصادرات والاعفاءات الضريبية وتوزيع الارباح وغيرها).
الا ان الظروف الامنية الاستثنائية هي المعوق الرئيس في هذا المجال على المدى القصير. وحاليا تقوم وزارتا الزراعة والتجارة بجهود كبيرة لجذب الاستثمار العربي والأجنبي في المجالات المختلفة المتوفرة في القطاع الزراعي العراقي.
مجالات محتملة للاستثمار في الزراعة العراقية حاليا:
أولا: الاستثمار في الانتاج النباتي ويتضمن:
*زراعة محاصيل الحبوب والاعلاف.
*زراعة محاصيل متخصصة كالبطاطة والبنجر السكري والخضراوات.
*الاستثمار في بساتين الفاكهة والكروم وزهور القطف والغابات.
*الاستثمار في بساتين النخيل والتمور وانتاج البذور والتقاوي المصدقة.
ثانيا: الاستثمار في الانتاج الحيواني ويتضمن:
*انشاء محطات التربية الحيوانات المزرعية وتسمين العجول والاغنام والماعز.
*انشاء مشاريع الدواجن (اللحم والبيض).
*الاستثمار في المشاريع السمكية (في البحيرات والاهوار).
*مختلف مجالات الاستثمار الزراعي في الصحراء الغربية.
ثالثا: الاستثمار في الصناعات الزراعية وتتضمن:
*الاسمدة الكيماوية ومبيدات الافات الزراعية.
*المكائن واللآلات والعدد الزراعية والمضخات ومنظومات الري الحديثة.
*الاستثمار في المعدات الزراعية المصنعة مثل الاغطية البلاستيكية، معدات صناعة الدواجن، معدات تربية الاسماك وتربية الابقار والدواجن وغير ذلك من مستلزمات الانتاج.
*الاستثمار في صناعة الحليب والالبان والاجبان والزبد والزيوت وجميع صناعات الاغذية.
*الاستثمار في صناعة التمور كالمكابس والتعبئة والتخزين وما شابه.
*الاستثمار في صناعة الجلود والنواتج العرضية للانتاج الحيواني.


لقطة عابرة  من تداولات البورصة

حسام الساموك

هناك فارق كبير بين ان يكون سوق الأوراق المالية مظهرا صحيا للدورة الاقتصادية يلجأ إليه المستثمرون باطمئنان لتنمية مدخراتهم واستثمار (شقا العمر) بهدف تحقيق ضمانات كفيلة بتأمين مستقبلهم ومستقبل أطفالهم كما يجري في كل اصقاع الدنيا، وبين ان يتحول إلى مصيدة مغفلين تعج بالمضاربين، -ان لم نقل المقامرين- معتمدين (فهلوة) نفر من الوسطاء لتوريط فريقي الباعة والمشترين على السواء في صفقات يدفعون اليها عنوة تحت اجواء مصطنعة، سرعان ما يستثمرها (حيتان السوق) في لعب رفع اسعار اسهم معينة، تعقبها انخفاضات حادة.
ان المتابع لحركة السوق والمواكب لتفاصيل تداولاتها يقف على مفردات اللعبة، حين تصر اطراف شتى، سواء من يتعاطى مع العملية بحسن نية بائن، او من تستهويه اللعبة لثمار يجنيها او مكاسب مباشرة او غير مباشرة من تواصلها.
وبغض النظر عن كل ما سجلناه من ملاحظات وثبتناها في مناسبات شتى، والتي تعد خروجا فاضحا عن ابسط بديهيات التعامل في اوساط البورصة اقليميا وعالميا.
حين تحكم برامج العمل في البورصة اليات مشتركة تنطلق من مبادئ الشفافية ومستلزمات التداولات الامنية، لتتطور إلى تشريعات لاحقة عبر ما عرف بحكومة الشركات، فضلا عن مستلزمات تجنب الصفقات التي تغذّى بعمليات غسيل الاموال إلى الحد الذي نشطت فيه الاجهزة القضائية في مصر والامارات وبلدان مماثلة اخرى بمساءلة المتورطين بأية مخالفة ضمن مفردات وتفاصيل تداولات البورصة.
وحين نحاول تسليط الضوء على واقع تداولاتنا التي تشوبها العديد من الإشكالات، فاننا سرعان ما نواجه بردود فعل قاسية في بعض الاحيان، عندما يساء فهم قصدنا
كصحافة اقتصادية- تتابع أية فعالية ضمن توجهاتها وتتطلع إلى تطوير الياتها وتجاوز التلكؤ في تفاصيلها بعيدا عن أي قصد يستهدف النيل من الاشخاص، فضلا عن ضرورات مواجهة حالات الفساد التي بدت تطغى على العديد من قنوات الدورة الاقتصادية، بما الحق الضرر في ادائها وفاقم من ازماتها.
ولا يمكن ان نستثني هنا الاجهزة الرقابية اذ يفترض ان تبادر لتمارس مسؤولياتها بكل حزم وامانة إلى الحد الذي يعد أي تلكؤ في انشطتها المفترضة حالة فساد مضافة بفعل ما ينعكس تدعيما مباشرا وفاعلا لاليات الفساد في مجمل الأنشطة الاقتصادية.
ولنضرب مثالا مبسطا على اخر ما تم تنفيذه صفقات التداول حين تبنى احد (كبار الوسطاء) طلبية كبيرة على مصرف البصرة خدمة لمصلحة طرف معين، يقفز سعر سهم المصرف من دينار إلى دينارين خلال جلستي تداول، صعدت على اثر ذلك اسعار اسهم معينة اخرى، ولكن ما ان اكتملت اهداف خطة تصعيد سعر السهم وتحققت المصلحة المرتجاة من تنفيذ عشرات الملايين من الأسهم، حتى عاد سهم البصرة إلى التراجع في طريق عودته إلى سعره السابق، وعادت أسعار الأسهم الأخرى إلى أسعارها فعلا.
هذا نمط مبسط جدا لمثل تلك اللعب التي ينبغي ان تتابع، بل ينبغي ان يعاد النظر في تقديرنا بكل آليات التداول ضماناً لسلامة الاداء في بورصتنا على غرار ما تشهده اسواق العالم والجيران من اليات عمل تضمن الامان والشفافية.


تسليف صغار الموظفين... والارتفاع الحاد في الأسعار
 

بغداد- محمد شريف ابو ميسم

التزاحم الكبير من قبل موظفي الدولة على فروع المصارف الحكومية المكلفة بتسليف الموظفين، يعكس صورة حقيقية للواقع المعاشي المتدني لصغار الموظفين على وجه التحديد، فهذه السلف موجهة اصلا لهؤلاء الموظفين، لانها لا تمثل لدى كبار الموظفين اكثر من قيمة الراتب الشهري الذي يتقاضاه أي من هؤلاء.. فالمليون دينار الذي يتزاحم من اجله موظف له من الخدمة اربع سنوات وبضعة اشهر، لا يشكل في خضم ارتفاع الاسعار اكثر من قيمة جهاز تبريد او ثلاجة حديثة او بضع احتياجات حديثة للاطفال.. وهذا المليون لن يصل إلى جيب المستلف سالماً مسلماً بالتمام والكمال، لانه وبعد ان يتسلمه من امين الصندوق سيراجع المصروفات التي انفقت من اجل الحصول عليه، فسيجد ان المبالغ التي انفقت على المواصلات ما بين ذهاب وإياب إلى مقر المصرف الذي تم تحديده لتسليف موظفي وزارة ما دون أي مصرف آخر، بغض النظر عن بعد هذا المصرف عن مكان العمل، والمصاريف التي انفقت على اعداد ملف الطلب، من قبيل استنساخ الاوراق الشخصية للكفيل والاوراق الشخصية للمستلف وعريضة الطلب مع جلب فايل ورقي وابداله في اليوم التالي بفايل من النايلون، ناهيك عن مشكلة احضار الكفيل الذي يفترض ان يصادق بتوقيعه امام مدير المصرف على الكفالة الضامنة، وهذا الكفيل ليس باليسر ان يصل إلى ذلك المدير في اول محاولة، مما يعني العودة به إلى منزله بسيارة تكسي وربما يكون المستلف مجبرا تحت ضغط ذلك الكفيل على الغداء في احد المطاعم، وقد تكرر الحالة في اليوم التالي.. وهذه ليست مبالغات لصورة بعيدة عن الواقع، انما هي واقع يعيشه صغار الموظفين المتهافتين على سلفة الموظفين، اما اذا ادرجنا استقطاع نسبة الفائدة القانونية البالغة 8% لاول قسط مجموع الـ36 قسط الذي قسمت عليه قيمة السلفة، فان صاحبنا المستلف سيجد انه قد تقاضى مبلغا اقل من (900) الف دينار وهو ملزم بتسديد اقساط مليون دينار.. فهل يتسحق مثل هذا المبلغ عناء التعب والانتظار والمزاحمة علما ان الموظف الذي له خدمة تتراوح ما بين خمسة إلى عشرة سنوات يمنح مليوني دينار، أما الذي لديه خدمة تتجاوز العشر سنوات يمنح ثلاثة ملايين دينار.
الموظفة هناء عبد الحسن من وزارة التجارة قالت: ربما يكون مبلغ السلفة الممنوح لمن له خدمة اكثر من عشر سنوات وهي ثلاثة ملايين دينار، مبلغ يمكن ان يستعان به على هذه الظروف الاقتصادية التي نمر بها، ولكن حتى مبلغ السلفة الممنوح لمن له خدمة ما بين 5 إلى 10 سنوات فانه لا يعد مبلغا ذا جدوى اذا ما تم احتساب النفقات المصروفة على عملية الحصول عليه.. ولكن السؤال المهم الذي يتوجب الاجابة عليه، وهو.. لماذا يفتح باب التسليف للموظفين وبهذه المبالغ المتواضعة وفي هذا الوقت بالذات الذي يشهد تصاعدا حادا في اسعار الخدمات والسلع، ربما لتجاوز محنة ارتفاع الاسعار إلى حين تعديل رواتب الموظفين.. أتمنى ذلك.. اما الموظف سامي جميل فقال: لدي خدمة وظيفية تصل إلى اربع سنوات ونصف، ولذلك فانني لا استحق اكثر من مليون دينار، وعلى أية حال، فأنني بحاجة إلى أي مبلغ لان لدي احتياجات كثيرة، وبيتي يفتقر إلى ما موجود في بيوت الاخرين، ولكن مشكلتي الان في هذا الزحام، حيث أنني لم استطع الحصول على استمارة حتى الان بسبب كثافة العدد، وقد جئت بالكفيل في المرة الاولى ولم استطع ان اوقعه على الاستمارة وقد اقتضى الامر ان نتناول الغداء في احد المطاعم ثم عاد إلى منزله بسيارة تكسي على حسابي، وها انا مرة اخرى ولكن دون الكفيل على امل الحصول على موعد حتى لا تتكرر الحالة الاولى وتزداد النفقات.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة