تعرف
عليه في (كفر قاسم) ..
المصور
الخاص لعبد الكريم قاسم يروي ذكرياته مع الزعيم
الديوانية - (أصوات العراق)
كلما اقترب يوم الرابع
عشر من رمضان تعود إلى كثير من العراقيين ذكريات حزينة
لفقد زعيم ثار حوله الكثير من الجدل.. هو عبد الكريم
قاسم،وحتى بعد مرور ( 43) عاما على النهاية المأساوية لهذا
القائد.. ظل هناك من يحمل له أجمل الذكريات،ومن هؤلاء
مصوره الخاص العم محمد الركابي .
وعبد
الكريم قاسم (1914 - 1963) هو رئيس الوزراء والقائد العام
للقوات المسلحة ووزير الدفاع في العراق من 14 تموز 1958
ولغاية 9 شباط 1963 وهو أول رئيس حكومة عراقي بعد الحكم
الملكي.. كان عضوا في تنظيم الضباط الأحرار ورشح عام 1957
رئيسا للجنة العليا للتنظيم، وبالتنسيق مع شريكه في الثورة
العقيد الركن عبد السلام محمد عارف قام بالتخطيط وتنفيذ
الثورة التي أنهت الحكم الملكي وأعلنت قيام الجمهورية.
يصر العم محمد الركابي على تذكر إعدام عبد الكريم قاسم في
14 رمضان من كل عام،
يقول العم محمد الركابي،وهو من أهالي الديوانية، " عاصرت
عبد الكريم قاسم لخمس سنوات وعرفته عن قرب منذ سنة 1948 في
قرية كفر قاسم حيث كان آمرا لفوج موسى الكاظم برتبة (مقدم
) ..فقد أرسل مع الجيش العراقي عام 1948 اثناء حرب فلسطين
إلى مدينة كفر قاسم بينما أرسل عبد السلام محمد عارف،الذي
انقلب عليه عام 63 بعد ان قام معه بالثورة على النظام
الملكي، إلى مدينة جنين وهما قريبتان لا تبعد الواحدة عن
الأخرى كثيرا فكانت تتم بينهما لقاءات كثيرة".
ويتابع العم محمد" كان عبد الكريم هاديء الطباع ومحبوبا
وكان يغلق خيمته متناولا بعض الكتب التي حملها معه إلى
فلسطين ليقرأ. وعلاقته مع جنده كانت تقوم على أساس المودة
والاحترام وهو يجمع بين الشجاعة والكرم إذ وصل سخاؤه إلى
أن تبرع براتبه الشهري لمحتاج من عرب فلسطين".
واضاف "وعقب إعلان الهدنة بعد ثلاثة اشهر من حرب 1948 في
فلسطين، بدأ بإعمار وتطوير قرية كفر قاسم من تعديل الشوارع
وإنشاء الساحات ومد خطوط الماء والزراعة فكسب ود أهل
القرية الى الحد الذي عرض عليه مختار القرية الزواج بابنته
فرد بالحرف الواحد (لو تم تحرير فلسطين لقبلنا هذا الزواج)".
واستطرد العم محمد مستذكرا " كان واسع الحلم والشفافية
وأتذكر انه عفا عن ضابط مخمور كان بإمرته وكان الضابط قد
شتمه أمام الجميع فعفا عنه بعد أن حاسبه على انفراد، وبعد
تسلمه السلطة عام 1958 حاول البعض التآمر عليه وإسقاط
حكومته وفي أحدى المحاولات أصيب بجراح لكنه عفا عن من
قاموا بمحاولة الانقلاب ضده على الرغم من صدور أحكام
بالاعدام بحقهم".
وقال العم محمد " لم يكن يتكلم في السياسة وكان كتوما لا
يبوح بأسراره. وعندما سألته مرة عن سبب عدم الحديث في
السياسة قال إن السبب هو كثرة الجواسيس الذين تعتمدهم
الحكومة الملكية في كافة صنوف الجيش".
"ومرت 5 سنوات وهو آمر لفوج موسى الكاظم، والكلام لا يزال
للعم محمد، قبل أن ينتقل إلى زمرة التدريب وهي لجنة تم
تشكيلها في ذلك الوقت...كان ضعيف البنية لا يأكل سوى نصف
ما يقدم له، ولم أجده شاربا للخمر أو مترددا على الملاهي
التي كانت منتشرة وقتها أو محبا لأي نوع من اللهو.. ورغم
طيبته وعلاقته الحميمة بزملائه من اصغر إلى اكبر عسكري
بالفوج، إلا انه كان مهابا يحترمه الجميع ويخشاه الجميع".
وقال العم محمد " ثم انتقل إلى اللواء التاسع مشاة فانقطعت
أخباره عنا، وفي عام 1958 وعند قيام الثورة تفاجأ جميع من
يعرفونه. وأنا واحد منهم بظهور الزعيم عبد الكريم قاسم في
منصب رئيس الوزراء رغم أنه لم يعرب مرة عن رغبته في السلطة
كما لم تسجل عليه عندما كنت بإمرته حالة طمع أو سرقة،ففرحت
كثيرا أن أراه قائدا للعراق لنزاهته وصدقه وشجاعته".
واضاف "وبعد فراق طويل حيث كنت مصورا للفرقة الأولى.ابلغني
ضابط الاستخبارات بالسفر معه إلى البصرة وهناك وقفت أمامه
ثانية بل لامس كتفي كتفه لكني لم استطع الحديث معه فالتقطت
له أجمل الصور، صوراً فيها حب واحترام فجاءت مطابقة لشعوري
واحترامي له، وقضيت ثلاثة أيام معه وكان ذلك في افتتاح
ميناء أم قصر ". ويواصل العم محمد ذكرياته في شجن واضح "ركبت
الباخرة معه لكي التقط له الصور التذكارية،وكان عدد أفراد
حمايته 40 جنديا إلا أنهم لم يمنعوا الناس من السلام عليه،
ولم يستطع أحد منهم منع المواطنين من الوصول إليه..كنت حرا
في اختيار اللقطات، امشي بجانبه طوال الأيام الثلاثة التي
مكثها في بيت مزهر الشاوي مدير الموانيء آنذاك".
وقال العم محمد " كان شديد الثقة بالناس فقد اخبروه قبل
الانقلاب بيوم بان هناك دبابات تتحرك إلى وزارة الدفاع من
جهة أبو غريب فرد عليهم بأن هؤلاء مشاغبون اقبضوا عليهم
وأودعوهم السجن، ثم توجه إلى الإذاعة في الصالحية فأطلقوا
عليه النار فقتلوه، لقد كانت صدمة لي ولكل العراقيين وكنت
أقول وقتها (لو كان ابني قتل لكان أهون علي من أن أسمع خبر
مقتله)".
وفي حادث آخر تذكره الحاج محمد الركابي قائلا " كنا نسير
أنا و(الزعيم) بمدينة الزرقاء في الأردن بسيارة جيب وكان
هناك نهر عميق وكان هو الذي يقود السيارة وأنا بجانبه فلما
وصلنا النهر أوقف السيارة وخاطبني هل نستطيع ان نعبر ؟،
فأجبته لا اعرف يا سيدي، لكنني في الحقيقة كنت خائفا ان
نسقط في النهر، ثم سألني ثانية ..هل أنت خائف ؟ فأجبته كلا
…
وهكذا اتخذ القرار
فرجعنا إلى الخلف قليلا، ثم تــــقدم بالسيارة بسرعة كبيرة
وقفز بالسيارة عاليا عابرا النهر، والتفت الى قائلا أعرف
انك كنت خائفاً لكنك لم تقل ذلك".
|