يسمى أيضا
علم قيافة الجثث ..
العلم العدلي .. شيء من
تطبيقاته وبداياته
ترجمة/ خالد جمعة
عن مجلة العلوم
الطبية
ان
العلم العدلي هو تطبيقات متعددة لعلوم مختلفة سخرت للاجابة
عن اسئلة متعلقة بالجريمة والدعاوى المدنية، اسئلة مرتبطة
بالنظام القضائي حصرا، ان مصطلح (Forensic)
الذي يعني
بالعربية (عدلي) مرادف لكلمة (قانون) أو (ما يتعلق
بالمحكمة) اما في اللاتينية فيعني (قبل المداولة).
ان كل تلك العلوم المختلفة التي يتكون منها العلم العدلي
تشترك جميعها في وظيفة فحص ومقارنة الادلة، جميع الادلة
الموجودة في محيط الواقعة، كالادلة الجسدية (الجروح مثلا)
والبصمات (كبصمات، الاصابع، وبصمة، الاخذية، وبصمة
الاطارات، والاسلحة النارية.. وغيرها.
اما العلوم التي يتكون منها العلم العدلي فهي عديدة منها:
علم الاسنان العدلي الذي يعنى بدراسة الاسنان، وعلم السموم
العدلي الذي يهتم بدرجة تأثير الادوية والسموم على الجسم
البشري، وعلم الهندسة العدلي الذي يبحث في فشل الادوات
والابنية، وطب الامراض النفسية والعقلية العدلي، الذي يهتم
بدراسة الانحرافات النفسية والعقلية وعلم الاقتصاد العدلي
الذي يبحث في اسباب الاضرار الاقتصادية من خلال حساب
الواردات المفقودة او الصادرات الزائدة وعلم الحشرات
العدلي الذي يهتم بدراسة الحشرات المحيطة بالجثة او
البقايا البشرية (الاشلاء) من اجل تحديد زمن الموت او
مكانه.
وعلم الاناسة العدلي وهو علم قيافة الجثث حيث يتم من خلاله
التعرف على البقايا البشرية وتحديد اعمارها وجنسها وعرقها
و.. غيرها من العلوم العدلية الاخرى.
من تاريخ العلم
العدلي:
(وجدتها) صرخة ارخميدس (287-212ق.م) التي تأسطرت، تعد
الاشارة المبكرة الاولى لاستخدام العلم العدلي، في تلك
القضية برهن ارخميدس على ان التاج لم يصنع من الذهب الخالص
بعد ان حسب الماء المزاح.
اما الاشارة المبكرة لاستعمال بصمات الاصابع في حسم قضية
قانونية فيعود تاريخها إلى القرن السابع الميلادي لتا جر
عربي اسمه (سليمان) فقد كانت هنالك فاتورة مطبوع عليها
بصمات اصابع المدين، احتفظ بها الدائن لحين التسديد، ان
تلك البصمات عُدت في القانون دليلا جازما على وجود الدين.
أما استخدام الطب وعلم الحشرات في حل قضايا جرمية منفصلة
فموجودة في كتاب (قضايا عدة لظلم صُحح) كبته الصيني (سونغ
سي) سنة (1186-1249م) وفي واحدة من هذه القضايا العدلية
التي يستعرضها الكتاب: جريمة قُتِل فيها احد الاشخاص في
قرية بواسطة منجل، المحقق طلب من جميع افراد القرية جلب
مناجلهم معهم، ان رائحة الدم الموجودة على المنجل ستكون
سببا لجذب الذباب صوبه، في ضوء ذلك اعترف القاتل بجريمته،
في الكتاب ايضا معلومات دقيقة للتمييز بين الموت غرقا (ماء
في الرئتين) والموت خنقا (كسور في الرقبة). في القرن
السادس عشر، في اوروبا ممارسون طبيون، جامعيون وعسكريون
قاموا بجمع وتدوين معلومات عن اسباب الموت وآلياته، (امبروز
بازي) جراح عسكري فرنسي درس تأثيرات موت الشدة او العنف
على الاحشاء الداخلية جراحان ايطاليان (فورتناتو فيدلس)
و(باولو انزاكي) وضعا الاساس لعلم الامراض الحديث الذي
يُعنى بدارسة التغييرات التي تطرأ على الجسم نتيجة الاصابة
بالامراض، في أواخر عام 1700م بدأت بالظهور كتابات جديدة
في هذا المجال مثل (اطروحة الطب العدلي والصحة العامة)
للفرنسي فودرية و(الكامل في طب الشرطة) للخبير الطبي
الالماني جوهان بيتر فرانك).
في عام 1775م توصل الصيدلاني كارل ويلهيلم إلى طريقة للكشف
عن الزرنيخ في الجثث، سنة 1806م طورت هذه الطريقة من قبل
الصيدلاني فالنتاين روز (ليتوصل إلى الكشف عن السم في
جدران معدة الضحية اما الانكليزي جيمس مارس فقد استخدم
التحليلات الكيميائية لاثبات ان الزرنيخ كان اداة للقتل في
جريمة وقعت سنة 1816م.
هنالك مثال انكليزي مبكر يشير إلى الاهتمام المتزايد في
استخدام العلم العدلي في الكشف عن هوية الجاني في جريمة
وقعت، ففي سنة 1836م وجدت جثة لخادمه في بركة ماء، الشرطة
وجدت آثار اقدام حول البركة مطبوعة على الطين، ووجدت أيضا
بقايا حبوب حنطة بعد التحقيق امسكوا بالجاني، الذي كان
مزارعا بعد ان تمت المقارنة بين الادلة التي جمعت، فقد
تبين ان ذلك المزارع كان يدرس الحنطة فعلق بعض منها في
ملابسه وحينما قام بالجريمة سقط قسم منها في مكان الجريمة
آثار بصمة حذائه كانت مطابقة لما موجود على الطين.
اما الاشارة المبكرة الاولى في استخدام العلم العدلي في
وسائل الاتصال فتتجسد في شرلوك هولمز الشخصية الخيالية
التي ابتدعها السير آرثر كونان دويل سنة (1887-1915م) فقد
استثمر دويل العلم العدلي بوصفه الاداة الاولى في تتبع
هولمز لخيوط الجريمة وكشفها. في العقود اللاحقة ظهرت قصص
كارتون مصورة تبحث في الجريمة ومستثمرة العلم العدلي ايضا.
لكنها في مرات كثيرة تسلك طرقا خيالية وغير علمية في عملية
الكشف.
|