البطالة في العراق بين الحل
والتعقيد
بغداد –
غازي المنشداوي
تعد
البطالة من المصاعب والتحديات الرئيسة الى تواجه الاقتصاد
العراقي لما لها من انعكاسات عميقة على الاوضاع الاجتماعية
والاقتصادية ومما يزيد من حدة هذه المشكلة استمرارها
ووجودها مدة طويلة مع استمرار ارتفاع معدلاتها في السنوات
الاخيرة وظهورها باشكال وانواع مختلفة فضلا عن ان الاقتصاد
العراقي يعاني بشكل خاص من بطالة هيكلية ناجمة عن ضعف قدرة
القطاعات الاقتصادية المربكة في استيعاب الاعداد المتزايدة
من الايدي العاملة القادرة على العمل والراغبة فيه حيث
تقدر نسبة البطالة ما بين 50-60% من مجموع قوة العمل في
العراق.
(المدى) حاولت من خلال هذا الموضوع تسليط الضوء على ظاهرة
البطالة التي باتت تنتشر بشكل واسع بين فئات المجتمع
العراقي دون ان توجد الدولة لها حلولا ومعالجات جذرية
لاستئصالها وانهائها بشكل تام وتخليص المجتمع من آثارها
الخطيرة.
فكانت البداية مع الباحث الاقتصادي جاسم المندلاوي الذي
حدثنا قائلا: ان من ابرز حصائص سوق العمل العراقية ارتفاع
وتأثير نمو العرض من العمالة نتيجة ارتفاع معدلات نمو
السكان والقوى العاملة مقارنة بتطابق نمو الطلب على
العمالة الناتج عن عدة عوامل منها ضعف معدلات الاستثمار
ومن ثم ضعف القدرة على توليد فرص التشغيل وتواضع مستويات
الانتاج وكفاءة الادارة مما يترتب عليه استفحال مشكلة
البطالة خاصة بين الشباب المتعلمين فقد طالت هذه الظاهرة
في السنوات الاخيرة خريجي الجامعات والمعاهد العليا بشكل
متزايد وكذلك زيادة العاطلين عن العمل في المناطق الحضرية
بسبب تزايد ظاهرة الهجرة من الريف الى المدينة ودخول
المرأة الى سوق العمل اضافة الى عدم توافر البيانات
الكافية والدقيقة حول هذه الظاهرة مما يجعل من الصعب تحديد
حجمها والوقوف على نتائج الجهود المبذولة لحلها.
في حين يقول الاستاذ مجيد الراوي (تدريسي في مادة
الاقتصاد): ينبغي علينا اولا ان نعرف ما معنى البطالة
وانواعها ومعرفة اثرها في اداء الاقتصاد العراقي وانعكاسات
ذلك على سوق العمل ومن ثم معرفة خصائص سوق العمل في
الاقتصاد العراقي ومعرفة البطالة في العراق واسبابها
واثارها الانسانية والاجتماعية واخيرا معرفة سبل الحد من
مشكلة البطالة في العراق وطرق علاجها.
اما السيد كمال محمود جميل احد الخبراء في الشؤون
الاقتصادية فيقول: تمثل البطالة موضوعا مهماً في النقاشات
المتعلقة بسوق العمل ولكن معناها الحقيقي لا يعرف دائما
بوضوح والتعريف الرسمي للبطالة وفقا لمنظمة العمل الدولية
هو حالة الفرد المتعطل عن العمل في الوقت الحالي الذي يبحث
عن عمل نشط لفترة من الزمن يتفق عليها الموظف ورب العمل
وفي هذا الصدد ينبغي ان يراعى التمييز بين البطالة
والعمالة الناقصة وكذلك بين عدد ساعات العمل في اليوم وعدد
ساعات العمل في الاسبوع ويضيف قائلا:
-في ضوء هذا المفهوم انتقل التركيز من البطالة كمشكلة
اجتماعية رئيسة الى خلق فرص للعمل كمهمة اقتصادية رئيسة
وهذا يتطلب قياس عدد الافراد الذين يبحثون في الوقت الراهن
عن عمل بحثاً جدياً وفعلياً وقد ادى ذلك الى وضع ما يعرف
بـ(اطار العمل) والى القياس المشترك للعمالة والبطالة.
ويشير الى ان الهدف الرئيس من التعريف هو الحصول على مؤشر
شامل عن الاداء الاقتصادي واوضاع سوق العمل ذلك ان ارتفاع
مستوى البطالة يعني ان فرص العمل محدودة وان كثيرا من
الافراد لا يجدون عملا.
اما الاستاذ هاشم الدليمي (تدريسي في مادة الاقتصاد)
فيقول: ان هناك انواعا عديدة من البطالة التي يعيشها
الاقتصاد العراقي، فهناك البطالة الدورية، وتسمى بالبطالة
الانكماشية وهي بطالة متجددة ناتجة عن الكساد والانكماش
الاقتصادي وانخفاض الطلب على السلع والخدمات المنتجة ويضيف
قائلا: ان الظروف المستجدة والتغييرات الاقتصادية المحتملة
حيث اداء السياسات الاقتصادية وطول مدة الحصار الاقتصادي
ساهم في ظهور هذا النوع من البطالة اذ توقفت العديد من
المشاريع الحكومية وتعثر اداء المشاريع المختلفة والخاصة
عن العمل بسبب المنافسة الشديدة بين منتجاتها والمنتجات
المستوردة مما ساهم في تسريح العديد من العمال واصبحوا في
عداد العاطلين عن العمل.
وهناك البطالة البيانية او الهيكلية وهي اشد حدة من
البطالة الدورية وتمتد عموما لفترة زمنية اطول وهذا النوع
من البطالة ينتج اساسا بسبب عدم توفر عمل للاشخاص القادرين
على العمل والراغبين فيه بسبب فشل السياسات التشغيلية وعدم
انتظام اسواق العمل وضعف القدرة الاستيعابية للنشاط
الاقتصادي وهي تشكل مجموع الاقتصاد العراقي أي بمعنى ان
هذه البطالة ناتجة عن فيض الايدي العاملة غير الفنية وهناك
البطالة الاحتكاكية وهذا نوع من البطالة ينشأ لعدم التوافق
بين الوظائف الشاغرة والافراد العاطلين عن العمل فقد تكون
فرص العمل الشاغرة بحاجة الى افراد ذوي مؤهلات خاصة وليس
من العاطلين وفي العراق يوجد هذا النوع من البطالة منذ
فترة طويلة والناجمة عن سوء توزيع قوة العمل الذي ينجم عنه
انخفاض انتاجية العامل العراقي مقارنة باقرانه في دول اخرى
أي ان انتاج الفرد ادنى من قدراته وخبراته ومستوى تعليمه.
اما البطالة المقنعة فقد سميت بهذه التسمية على اعتبار
انها غير مكشوفة والبعض يسميها البطالة المستترة وهي
الناتجه عن الترهلات التي تصيب الجسد الاداري وسوء توزيع
العمل وفقا للحاجات الاساسية المطلوبة وهذا النوع من
البطالة موجود بشكل واسع في الدول النامية والعربية ومنها
العراق خاصة في ظل الظروف الحالية التي يمر بها البلد بعد
حل العديد من المؤسسات والمشاريع وتوقف عدد من المشاريع
التابعة للقطاع الخاص.مما اضطر العديد من العاملين الى
التوجه الى مؤسسات القطاع العام التي تعاني اصلا فائضا في
قوة العمل.
للوصول الى فرص خاصة بعد ارتفاع او زيادة مستوى الرواتب
للعاملين في مؤسسات الدولة واخيرا البطالة الموسمية وهذه
البطالة غالبا ما تكون رهن الاحوال المناخية والعادات
الاجتماعية التي تظهر الانشطة الاقتصادية الموسمية التي
يقتصر الانتاج فيها خلال فصل معين في السنة كما هو الحال
في القطاع الزراعي وكذلك في بعض الصناعات الاستهلاكية بحيث
يتعطل الكثير من العمال خلال جزء من السنة بسبب الظروف
السالفة والى جانب انواع البطالة المشار اليها توجد انواع
اخرى للبطالة ومنها البطالة الفنية التي تشير الى ان
التقدم العلمي التكتيكي لا بد وان يترك اثارا جانبية على
المجتمع وبالتالي فان التطور التكنولوجي له تأثير هو الاخر
في نشوء البطالة.
|