أورهان
باموك أقوى المرشحين لنيل " نوبل " هذا العام
ترجمة
:سلمى حربه
كولونيا /
ألمانيا
أعلنت جريدة " فرانكفورتر
روند شاو " في عدد الجـمعــة 30-9-2006توقعـاتهـا عن أي
الأسمــاء المرشحـة ستـكـون فرصتها للفوز بالجــائزة أقوى
من غيرها ، و قد جـاء ذلك بنـاء على مصادر موثقة قريبة من
لجـنة التحـكـيـم ، فقـد كـتـب محــرر الملــف الثـقـافـي
الموضوع الآتي :
من المتوقع أن تعلن جائزة نوبل للآداب في الثاني عشر من
أكتوبر2006 ، الفترة الزمنية الباقية قصيرة ، عندها سيحسم
الأمر كليا ، لكن من المتوقع أن ينالها الكاتب التركي
الأصل الألماني الجنسية أورهان باموك و الذي تعده
الأكاديمية السويدية التي تمنح الجائزة كاتبا تركيا .
فضلا عن أورهان باموك هناك الشاعر العربي السوري أدونيس
مرشح أيضا لهذه الجائزة العالمية و الكاتب البولوني "
ريتشارد كوبوسنسكي ، و هما أقـوى منافسين لبامـوك لنيل هذه
الجائزة. و قد رشح باموك العام الماضي و لكن لم ينلها و
فاز بها الكاتب المسرحي هارولد بنتر ،و كان آخـر من فاز
بها من الكـتاب الألمان هو" كونتر كراس " عام 1999و
الجائزة قدرها مليون و مائة ألف يورو .
يعتبر باموك المولود في استامبول عام 1952 من أشهر كتاب
الرواية الأتراك و يمكن أن نقول أنه يكتب رواية تاريخية
معاصرة و تباع كتبه بشكل ممتاز جعله ذلك يحصل على جائزة
أكثر الكتاب مبيعا، أبطال رواياته اسلامويون ، ثوريون ،
قوميون ، أتراك و أكراد ، يساريون مخذولون ،أفراد أو
جماعات يبحثون عن الخلاص بأعمال العنف ، فتيات ينتحرن في
مجتمع نظرته محدودة و ضيقة ، مع ذلك هو لا يكتب رواية
سياسية كي يحرض لصالح أي قضية وهو لا ينحاز لأي من الأطراف،
ففي روايته " ثلج "صوّر النزاعات الداخلية للأتراك
المعاصرين و صعوبة حياتهم مع هذه القضايا الكبيرة و
استمرارهم مع ذلك بالعيش معا، كما صور اللهفة للانضمام الى
أوربا ، المتزامنة مع الخوف من ابتلاع أوربا لتركيا، ما
كان يريده في هذه الرواية هو وصف الحالة الروحية لسكان
مدينة اسمها" قارس " في مكان ناء من شمال تركيا البارد ،
وقد كانت بالفعل عالماً مصغراً يعبر عن حالة تركيا بأكملها.
رواياته متعددة الأصوات و لا يعلّق فيها على الأصوات
المختلفة ، كان دستوفسكي رائد هذا الشكل الكتابي ، تحمل
بعض شخصياته أفكارا لا تتماشى مع أفكاره و يكمن التحدي في
أنه يجعل الأصوات التي تمثل رؤى تتناقض مع رؤياه الذاتية
مقنعة أيضا .
أورهان باموك مطّلـع على الرواية الحديثة وهو في ذلك يجـيد
استخدام و تنوع الأشكــال الأدبية لتوصله الى التعــبير
المنـاسب للحدث المعاصر حتى لو كـان الحدث يرتدي لباسا
تاريخيا دون أن يبدو ملفقا، كما في رواية اسمي أحمر، ومن
أعماله : 1-"جودت بيك و أبناؤه " ، و قد شبهت هذه الرواية
برواية توماس مان " بودن بروكس " ، 2- رواية ( البيت
الهادئ ) و هي رواية عائلية متعددة الأصوات ، و قد كان
تأثير فرجينيا وولف و فوكنر واضـحاً في أسلوبها ، 3- اسمي
أحمر،4- القلعة البيضاء و أخيرا رواية " ثلج " و التي
اعتبرتها النيو يورك تايمز أفضل رواية غير أمريكية في عام
2004 .وهذه الروايات الثلاث توضع في مقارنات مع روايات
كالفينو و جويس و كافكا ،و هذه المقارنات مع هؤلاء الكتاب
لا تصدر بالضرورة عن عدم قدرة باموك على التعرف على صوته
المتفرد الأدبي الخاص .
و قد ترجمت أعماله الى 35 لغة ( من ضمنها اللغة العربية،
فقد ترجمت رواية "أسمي أحمر " عدة ترجمات من بينها ترجمة
دار المدى بدمشق ، و قد ترجمت رواية "ثلج " ونشرت من قبل
دار الجمل بكولونيا) .
منحت لباموك جائزة السلام عام 2005 التي يشرف على تنظيمها
اتحاد الناشرين الألمان في فرانكفورت ، وهي تمنح لمن يعمل
من الكتاب على ترسيخ قيم السلام في أعمالهم ، ومن الحاصلين
عليها سابقا كتاب من أمثال الكاتبة الجزائرية آسيا جبار و
ماريو فارغاس يوسا من البيرو .
وقد جاء في أسباب منح جائزة السلام له : بتكريم أورهان
باموك نحتفي بكاتب اقتفى في أعماله آثار الغرب التاريخية
في الشرق و آثار الشرق التاريخية في الغرب ، لقد أنجز ذلك
بشكل لم يستطع غيره في عصرنا أن يفعل ذلك، و كتاباته تمزج
على نحو ممتع الأساليب الشرقية بالغربية .
و قد أشارت لجنة هذه الجائزة الى الموقف الشجاع الذي أبداه
باموك من الماضي التركي عندما صرح بجرأة في مقابلة مع
صحيفة " تاغيس أنتسايكر " السويسرية ، أنه في أثناء الحرب
العالمية الأولى تم قتل 30 ألف كردي و مليون أرمني في
تركيا من قبل الأتراك،مثل هذه التصريحات لابد و أن تثير
حفيظة بعض الاتحادات التركية القومية المتشددة التي مارست
بعد تلك المقابلة أساليب متعددة في تأليب الرأي العام و
النيابة العامة التي وجهت له تهمة " احتقار الأمة التركية
و الإساءة الى هويتها" وهي تهمة تصل عقوبتها الى الحبس
ثلاث سنوات ، و الأكثر من ذلك أمر أحد رؤساء المحافظات أن
تسحب كتبه كافة من المكتبات العامة التابعة للمحافظة ، ثم
عاد ليقول أنه تبين عدم وجود حتى و لو كتاب واحد لهذا
الأديب هناك .
و مثل أمام القضاء في السادس عشر من كانون أول 2005 و
بالفعل غادر ألمانيا ليمثل أمام القضاء و لكن بعد جلسات
عدة أعلنت براءته من التهم المنسوبة اليه.
لقد أثارت كتاباته العلمانيين أيضا لأنه ككاتب وضع نفسه في
موضع من يدافع عن فتيات كن يردن ارتداء الحجاب بمحض
إرادتهن وليس عن طريق الضغط و التهديد و هذا ما يعتبرونه
مخالفا للحقيقة .
و أثار غضب الحركات التي تقع على هامش المجتمع التركي من
الذين يملكون شعورا بأنهم لم يتم تمثيلهم في الحياة
السياسية بشكل جيد ، هؤلاء الذين أدى سقوط الامبراطورية
العثمانية الى خلق حالة حزن شديدة لديهم ، و كانت ردة
فعلهم هي الانطواء على الذات و الميل الى التفكير بأنهم
مختلفون عن أوربا و سيبقون على حالهم و هم فخورون بذلك .
قرأت مرة : أن من يقرأ باموك يتعرف على تركيا ويفهمها كما
يتعرف المرء على روسيا القيصرية لدى قراءة دستويفسكي وكما
يفهم المرء العقلية الفرنسية من خلال بلزاك أو فلوبير .
|