يعدها
تتويجاً لسنوات عديدة قضاها في الكتابة! ..
الروائي
التركي اورهان باموك يفوز بجائزة نوبل للآداب
بغداد/المدى الثقافي
أعرب الروائي التركي
أورهان باموك الفائز بجائزة نوبل للآداب لعام 2006 عن
سعادته بتلك الجائزة الرفيعة، قائلاً إن الفوز بجائزة نوبل
يعد "اعترافاً دولياً باللغة التركية والثقافة التركية،
وبتركيا"، كما أنها تمثل تتويجاً لسنوات عديدة قضاها في
الكتابة.
وقال باموك في مقابلة مع
CNN
في نيويورك: "إنه (الفوز
بنوبل) شرف كبير لي، كما إنني سعيد للغاية بذلك."
باموك، الذي ربما يكون أكثر الروائيين الأتراك المعروفين
في العالم، تحدث أيضاً عن بعض المشكلات السياسية في بلاده،
التي تقع في مفترق طرق بين أوروبا وآسيا، كما أنها تعد
معبراً بين أوروبا والشرق الأوسط.
وفي وقت سابق، "قال باموك لصحيفة سفينسكا داجبلات"
السويدية: "سعدت كثيراً وشرفت بنيل الجائزة، أنا في غاية
السعادة"، وذلك رداً على سؤال عن شعوره بعد الفوز بالجائزة،
التي تبلغ قيمتها عشرة ملايين كرونة سويدية (1.36 مليون
دولار).
وكان باموك قد مثل في وقت سابق أمام محكمة تركية بسبب
ملاحظات له بشأن "مذبحة الأرمن" التي جرت قبل نحو قرن.
ولفت باموك الأنظار العام الماضي عندما صرّح لصحيفة
سويسرية بأن بلاده لا تريد مواجهة حقيقتين هما أنّ "30 ألف
كردي ومليوناً من الأرمن، قتلوا على أراضيها"، وهو ما أدى
به إلى المثول أمام القضاء بتهمة "إهانة التركية."
وتميّز باموك، الذي ترجمت أعماله إلى لغات كثيرة، بكون
كتاباته تعكس الطبيعة المعقّدة لبلاده وحضارتها التي
يتزاوج فيها الشرق بالغرب، فضلاً عن التمازج بين الحداثة
والأصالة.
يذكر أن باموك يعيش في عزلة شبه تامة ويظهر نادرا جدا على
شاشات التليفزيون.
وقد حصل الروائي البالغ من العمر 54 عاماً على جائزة
المكتبات الألمانية للسلام عام 2005، ومن أشهر روايات
باموك المقيم في اسطنبول "ثلوج" و"اسمي أحمر" و"القلعة
البيضاء."
وقالت الأكاديمية السويدية للعلوم التي تمنح الجائزة في
بيانها "وسط بحثه عن الروح الحزينة لمسقط رأسه، اكتشف
باموك صورا روحية جديدة للصراع والتداخل بين الثقافات".
وجاء في بيان لجنة نوبل أيضا "صار باموك معروفا بسبب
موهبته الإبداعية الأدبية والقدرة على التعاطي مع موضوع
الهويات وازدواجية الوجوه". وتابع البيان أن باموك "معروف
في بلاده ككاتب معارض، رغم أنه يعتبر نفسه روائيا مجردا من
أية نيات سياسية".
وهو أول كاتب تركي يفوز بهذه الجائزة. وتدور أحداث روايات
باموك في تركيا، لا سيما في مسقط رأسه إسطنبول حيث يقيم.
ولد باموك في السابع من حزيران 1952 في عائلة ميسورة ذات
ثقافة فرنسية، وأوقف دراسته في الهندسة المعمارية حين كان
في الـ23 من العمر لينصرف إلى الأدب.
وبعد سبعة أعوام نشر أول رواية له "جودت بك وأبناؤه" التي
صدرت عام 1982، تتحدث عن حياة عائلة تركية تابع تطورها عبر
ثلاثة أجيال. وتصاعدت حدة الانتقادات ضده بعد رفضه عام
1998 قبول لقب "فنان الدولة" بعدما أصبح آنذاك الكاتب
الأول في تركيا مع تسجيله مبيعات قياسية.
وروايته السادسة "اسمي أحمر" فتحت أمامه أبواب الشهرة
عالميا. وتتحدث الرواية عن المواجهة بين الشرق والغرب في
ظل الإمبراطورية العثمانية نهاية القرن الـ16. و"الكتاب
الأسود" هي الرواية الأكثر رواجا له في تركيا ويصف فيها
رجلا يبحث بلا هوادة عن امرأة لمدة أسبوع في إسطنبول
المكسوة بالثلج والوحول.
أما روايته "ثلج" (2002) فتتطرق لهوية المجتمع التركي
وطبيعة التعصب الديني. وأصدر أورهان مؤلفات أخرى مثل "منزل
الصمت" (1983) و"القصر الأبيض" (1985) و"الحياة الجديدة"
(1994) و"إسطنبول" (2003).
وفي تركيا هنأ وكيل وزارة الثقافة مصطفى إيسينا الكاتب رغم
الجدل الذي تثيره كتاباته في البلاد. وأورهان باموك -الذي
نال عدة جوائز في الخارج بينها جائزة السلام التي يقدمها
اتحاد الناشرين الألمان في تشرين الأول 2005 وجائزة فرنسية
أخرى للرواية الأجنبية عن السنة نفسها- يعالج في مؤلفاته
التي ترجمت إلى حوالي عشرين لغة، التجاذب في المجتمع بين
الشرق والغرب.
وتتمحور مؤلفاته حول الجهود العلمانية لتركيا من أجل
الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والتجاذب الذي يرافق هذه
الخطوة المفتعلة نحو الغرب والذي يكون مؤلما في غالب
الأحيان بالنسبة للمجتمع والأفراد على حد سواء.
وتواصل الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم سياسة الانفتاح
على الآداب في العالم والتي بدأتها منتصف الثمانينيات بعد
عقود من الهيمنة الكبيرة للأوروبيين الغربيين عليها.
فمنذ إنشائها عام 1901 وحتى عام 1985 كان ثمانية فقط من
حائزي جائزة نوبل للآداب من خارج أوروبا والولايات المتحدة.
ولم يحصل بلد مثل الهند على الجائزة سوى مرة واحدة (طاغور
عام 1913)، وكذلك العالم العربي (المصري نجيب محفوظ عام
1988).
وباستثناء التركي أورهان باموك، حصل على الجائزة 75
أوروبيا بينهم 15 من شمال أوروبا و27 من غير الأوروبيين,
عشرة منهم أميركيون- غير أن أعضاء الهيئة التحكيمية في
الأكاديمية اعترفوا بأن الأكاديمية تعرضت للانتقاد لأنها
جعلت من الجائزة قضية أوروبية، ملمحين بذلك إلى الفائزين
بالجائزة في النصف الأول من القرن العشرين.
لكنه كان من الصعوبة بمكان على أعضاء الهيئة التحكيمية،
وفي المقام الأول الجمهور، أن يحكموا على الأدب غير
الأوروبي. فالترجمات كانت قليلة وانتشار الأفكار لم يكن
متاحا كما هو اليوم.
الفائزون بنوبل سيتسلمون جوائزهم في حفل مهيب نهاية هذا
العام
وعلى سبيل المثال، تمكنت الهيئة التحكيمية من منح الياباني
ياسوناري كاواباتا جائزة نوبل للآداب عام 1968 بعد الاطلاع
على مؤلفاته خلال سبع سنوات بمساعدة خبراء. وتضم
الأكاديمية اليوم متخصصين في الأدب الأجنبي من بضع قارات.
وفي النصف الثاني من القرن العشرين، عندما ظهرت البلدان
النامية، حصل على الجائزة أدباء من غواتيمالا وكولومبيا
ونيجيريا. وحصل الانقطاع الفعلي عام 1984 عندما أعلن أعضاء
الهيئة التحكيمية أن الاهتمام بغير الأوروبيين يزداد في
الأكاديمية.
لذلك حصل على الجائزة أول أفريقي (النيجيري وول سوينكا عام
1986)، وأول صيني (غاو شينجيان عام 2000). وفي فترة
الانفتاح نفسها، حصل على الجائزة أول ناطق باللغة
البرتغالية (جوزيه سارامنغو من البرتغال عام 1998) وأول
مجري (إيمري كيرتيز عام 2002). وتسري منذ سنوات شائعات
مفادها أن كاتبا كالهولندي سيس نوتبوم (لم تكافأ هذه اللغة
أبدا) مؤهل للفوز بالجائزة في المستقبل.
أما النساء فحصلت عشر منهن على الجائزة من بينهن ثلاث بين
عامي 1991 و1996وألفريدي يلنيك عام 2004. أخيرا وتمسكا
منها بالخروج على التقليد المؤيد لأوروبا، كافأت أكاديمية
نوبل عام 1991 الجنوب أفريقية نادين غورديمر، وعام 1992
ديريك ولكوت من جزر الأنتيل، وعام 1993 الأميركية السوداء
توني موريسون.
ولم تخل خيارات الأكاديمية دائما من الأفكار السياسية
المسبقة. ففي إطار الحرب الباردة لم يكن من الممكن اعتبار
سولجنتسين 1970 والبولندي ميلوز 1980 والتشيكي سيفيرت 1984
والروسي برودسكي المنفي في الولايات المتحدة 1987، بمثابة
أسماء أدبية بكل ما للكلمة من معنى.
وباموك طويل القامة وعصبي ويتكلم بسرعة وصوت عال، وهو أول
كاتب في العالم الاسلامي الذي دان علنا الفتوى التي صدرت
عام 1989 في حق الكاتب سلمان رشدي، كما ساند زميله التركي
كمال ياسر حين استدعي للمثول امام القضاء عام 1995.
ويطل منزل الكاتب في عاصمة تركيا الاقتصادية على جسر فوق
البوسفور يربط أوروبا باسيا وهو يتسلم مواضيع رواياته من
المجتمع التركي وصراع الهويات، وهو مطلق وله ابنة، وسيتسلم
الجائزة رسمياً يوم 10 كانون الأول المقبل بستوكهولم في
حفل كبير توزع فيه جميع جوائز نوبل. كما قال ردا على سؤال
عما اذا كان سيحضر حفل تسليم الجوائز في ديسمبر كانون
الاول "سأحضر الى ستوكهولم بالتأكيد. وسيكون ذلك أمرا
مثيرا."
|