اراء وافكار

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

دعما لمشروع الحوار والمصالحة الوطنية: مـؤسـسـة (المدى) تقيـم نــدوة لعدد من المثقفـين
 

  • الشاعر كريم شغيدل: السياسي مازال شمولياً في تفكيره
  • د. عقيل مهدي: أدعو السياسيين ان يضعوا فكرة الوطن أمامهم
  • الروائي ناظم العبيدي: على السياسي ان يتخلى عن اطره الضيقة
  • د. علي المرهج: الديمقراطية كنظام لاتستورد
  • التشكيلي كامل حسين: معاناة المواطن اليومية افضل رسالة الى السياسيين

بغداد - المدى

2-2
كنا في العدد الماضي قد نشرنا القسم الأول من هذه الندوة التي ننشر هنا القسم الثاني والأخير منها ونستهله بمناقشة حول النوايا والشعارات والتوصيات التي يخرج بها المؤتمرون والمتحاورون، بل حتى الجالسون في هذه الندوة أو تلك، والتي كما يعتقد المتابعون لها انها أصبحت "أضغاث احلام" بالنسبة الى المواطن الذي يعيش محنه ونكباته اليومية، منتظراً ان تتحول تلك الشعارات والنوايا الحسنة والطيبة الى واقع ملموس، ثم لتبدأ عمليات معالجة الأزمات المتصلة ببعضها البعض، بدءاً من أولوية الملف الأمني وملف الخدمات العامة وحتى ملف البطالة والى آخر قائمة الملفات الاخرى، التي مازالت تنتظر معالجات وحلولاً ناجعة.
الشاعر والباحث كريم شغيدل تداخل معللاً:
هناك مصالح مشتركة بين مختلف اطياف المجتمع العراقي.
ان المواطن العراقي، يعقد الآمال العريضة على مبادرة المصالحة، وقد قلت في أكثر من مناسبة انها ليست مبادرة عابرة، هي ليست حلاً لازمة بسيطة، في الحقيقة لو قرأناها بشكل جيد ونحاول ان نفكك بنية المشكل العراقي، وبالتأكيد هو ليس آنياً، بل هو مرتبط بتشعبات تأريخية، لذلك اقول ان التوصيات والأحلام العريضة ربما تعيد بعضاً مما يرمم الناحية النفسية للمواطن كان تعيد له ثقته بنفسه، وبحكومته، لكن لنكن واقعيين من الذي يلعب الدور الأساس الآن، خاصة واننا بازاء بنية اجتماعية قلقة ومتوترة، وتبتعد كثيراً عن منطق ونظام الدولة الحديثة، مثلاً نحن في التسعينيات وبسبب انسحاب المدينة وانهيار قيمها، زحفت على قيم المدينة، قيم العشيرة، هذه الروح العشائرية تجذرت الآن أكثر في مجتمع المدينة وأصبح المواطن لا يجد من يسترد له حقه في ظل قيام القانون والنظام في غياب مؤسسات المجتمع التي من الممكن ان تحل النزاعات البسيطة بين الناس لذلك سيلجأ المواطن أو الفرد الى العشيرة كحام له بدلاً من ان يلجأ الى حضن القانون والدولة، يلجأ الى حضن القبيلة، في الرمادي مثلاً هناك نهضة، صحوة، قامت بها القبيلة، لم يقم بها المثقف، ولم يقم الأستاذ الجامعي، لذلك لو ننظر الى بنية المجتمع العراقي الان، سنجد هناك أكثرية ساحقة صامتة ومسالمة تريد ان تحيا بسلام وامان، وليس لديها مشكلة، لا مع السلطة ولا مع الأحزاب، ولا حتى فيما بينها، يعني من الناحية الاجتماعية وكما هو معروف، هناك تزاوج بين الشيعة والسنة وهناك تزاوج بين أفراد من العرب والتركمان والكرد، كما ان هناك مصالح تجارية ومالية ومصالح اجتماعية وثقافية مشتركة بين مختلف أطياف المجتمع العراقي، إذن أين المشكلة؟
هل المشكلة في ما يسمى بـ (المقاتلين العرب) الوافدين والمتطرفين والتكفيريين، ام ان المشكلة مع بقايا النظام السابق؟ هل هي مع المتضررين ؟ هل هي مع الأحزاب فيما بينها؟
بالتأكيد، هي كل ذلك مجتمعاً بالتأكيد هناك مشكلة فيما وفد الينا من نزعات أصولية ومتطرفين، بسبب وجود متضررين، بسبب وجود أيتام النظام السابق، بسبب وجود أموال البلد بايدي اناس كانوا يعملون مع النظام السابق، ومازالوا يكنون له الولاء، فمثلاً للأسف الشديد، بعض عشائر كركوك وبعدها بعض عشائر صلاح الدين تطالب صراحة بإخراج صدام حسين، هذا من وجهة نظرها، لكنه شيء غير معقول بعد هذا الصراع وبعد كل هذه المراحل الدموية التي وصل اليها البلد، يأتي من يطالب بإخراج أو إطلاق صدام حسين وأعوانه بل الاعتذار منه!!
هذا شيء مضحك وخرافي، إذن اين المشكلة؟ وأعود الى السؤال الذي طرح، نتصالح مع من ؟
وفعلاً نتصالح مع من؟ الآن مثلاً نحن جالسون ومن أطياف مختلفة، ولكن لم يدر بخلد احدنا يوماً سؤال، أنت من أية طائفة، كما لا توجد مشكلة بيننا، إذن أين مشكلتنا؟ في الحقيقة إن مشكلتنا كامنة في السياسيين اولاً، الأحزاب السياسية، الكتل السياسية، المصالح السياسية والارتباطات الخارجية، يعني هناك دول إقليمية، ويعرف السياسيون أكثر من غيرهم، ان هناك دولاً عليها وثائق ادانة لدعم تهجير العراقيين من بعض المناطق وهي موثقة، ومع ذلك لم يتخذ أي اجراء، مما يتضح ان ليس هناك حلول مع الآخر، هناك دول، ايضاً عليها اثباتات، وان كان بعض السياسيين يقول ليس لدينا دليل، ولكننا نعلم بان الدولة الفلانية تدعم، هنا اتساءل ما هو الاجراء تجاه هذه الدول؟ لان هناك من يغذي هذه الحرب الطائفية، هناك من يغذي التهجير وهناك من يرصد اموالاً طائلة لكل ذلك فضلاً عن عرقلة مسيرة الديمقراطية كمشروع في العراق، طيب انا كمثقف ماذا يمكن ان اقدم لمشروع المصالحة؟ المصالحة التي هي مشروع حقيقي، هي مشروع وطن، بغض النظر عمن قدمه، مشروع وطن للمستقبل، هي أرضية لايجاد ما يصطلح عليه المجتمع من قوانين اجتماعية من عقد اجتماعي من عرف اجتماعي وهي بالنتيجة تصب في مصلحة الوطن والمجتمع، لكن من يستطع ان يقدم أكثر مما قدمته قبائل الرمادي في القضاء على الإرهابيين ومطاردتهم؟ إذن نحن كمثقفين لا نملك سوى الكلمة، هذه الكلمة ضعيفة ازاء المسلحين، المسلح لا يقرأ صحيفة ولا يقرأ مجلة أو كتاباً، اما السياسي فهو الآخر مازال يعتقد انه صاحب مبدأ ولا يتنازل عنه، السياسي مازال شمولياً في تفكيره، ومازال يعتقد انه هو المطلق إذن من هذا المنظور، ما الذي استطيع ان اقدمه للسياسي؟
وحول هذا التساؤل عقب الزميل علي ياسين معلقاً نحن نعتقد ان الكيانات السياسية، الكتل السياسية المؤتلفة والتي شكلت الحكومة والتي تجلس تحت قبة البرلمان، علينا نحن المثقفين إذا مافكرنا أو اعتقدنا ان هناك سياسياً مازال شمولياً في تفكيره، علينا ان نذكره ان لدينا مرجعية قانونية، اعني مرجعية الدستور، فهو القانون العام الذي ينظم حياتنا سياسياً واقتصادياً وفيما يتعلق بالحقوق وما الى ذلك إذن ما الذي يمنع مثل هؤلاء السياسيين ان يعودوا الى مرجعية الدستور وما تضمن من بنود وفقرات؟ هل هو الفكر الشمولي الذي يحملونه انا اعتقد ان لا وجود لأي فكر شمولي في أية تجربة ديمقراطية.
المشكلة تكمن في الصراعات الايديولوجية
د. علي المرهج داخلنا مبدياً رأيه: في الحقيقة اعتقد ان العراق لا يعيش، الآن التجربة الديمقراطية، بقدر ما هي محاولة لان يكون ضمن الاطار الديمقراطي والمشكلة تكمن في الصراعات الايديولوجية، وهذا ما نجده لدى جميع الأحزاب السياسية، فهي تعيش في اطار مغلق، أو بعبارة ادق، تعيش داخل سياج دوغمائي، هذا السياج لا يسمح للحزب الموجود على الساحة السياسية العراقية، أي حزب، ان يفكر الا ان يحتوي الآخرين وهذا هو الاطار الشمولي، اضف الى ذلك ان الأحزاب السياسية التي يتكون منها البرلمان العراقي، هي احزاب ذات نظرة واحدة، بمعنى انها لا تقبل الاخر، ولا تقبل الحوار، لأن بنيتها التنظيمية ليست من الديمقراطية، واذا كان ثمة قبول للاخر، فهو على مضض، لأن الاخر يمتلك الفعل نفسه، الذي يمتلكه حزب الاخر وبالتالي، فان المنظومة التي تسير بها اغلب الأحزاب الممثلة بالبرلمان، أو الأحزاب التي لها اغلبية تأثير في البرلمان، قد استفادت كما قلت، من عقد الجماهير، هي وظفت عقد الجماهير تجاه اندفاعات، طائفية أو قبلية أو عرقية، وبالتالي فان المنظومة المكونة لهذا الحزب أو ذاك هي ليست بطبيعتها ديمقراطية وهي لا تقبل الآخر ولكن القبول حصل مثلما نوهنا، ولكن التهديد نفسه والقوة وعلى هذا الاساس حصل قبول الاخر في العراق، إذن دور المثقف، اعود مرة أخرى لأوكد ان دوره في خضم الصراع الدموي في العراق، ليس أكثر من ان يكون محايداً واقصد بالمحايدة ان يكون موضوعياً لا متفرجاً.
وفي محور آخر عن دور الأحزاب العلمانية في المؤتمر القادم للأحزاب والكيانات السياسية. علي ياسين: ان المتابع للمشهد السياسي العراقي من خلال المؤتمرات لتي تدعو الى معالجة الأزمات وبخاصة الأزمة الأمنية التي تعصف بالبلاد والتي تتصل بازمات أخرى وتفاقمها، نقول ان من مظاهر الإشكالية الاحتقانية في الفكر الطائفي انها، افرزت تأسيس أو نشوء احزاب سياسية دينية، هذه الأحزاب، تأسست داخل حاضنتها المذهبية أو الطائفية، أو لنقل حتى القومية في جانب آخر، كان هنك رهان في مجتمع عراقي، متعدد في تكوينه الاجتماعي والديني والمذهبي والعرقي، على الأحزاب العلمانية التي كان بامكانها ان تعالج اشكالية الاحتقانات أو العصبيات والمذهبيات طبعاً تعالجها وفق فكرها العلماني وافكارها السياسية، ونحن مقبلون على انعقاد مؤتمر للأحزاب والكيانات السياسية لدعم مشروع الحوار والمصالحة الوطنية هل لهذه الأحزاب من دور تجاه الأحزاب الكبيرة والمؤتلفة بل المتصارعة .

بعض الأحزاب الليبرالية يسودها السوء
المسرحي والأكاديمي د. عقيل مهدي
لا يمكن إذا تحدثنا بالمطلق ان نجعل من كل الأحزاب طائفية وبالتالي هناك اصطفاف محدد داخل خيمة طائفية، والآخر هو التقدمي واللبرالي والحر والذي خرج من الظاهرة من دون حصيلة تذكر الا بالقليل، انا اعتقد ان السبب هو حصول رجة كبيرة عالية في الطاقة، اصطدم فيها الفرد العراقي، ولذلك حاول ان يرجع الى الغريزة، وهو نوع من الانتماء الغرائزي، يعني من هم اهله، ليصطف في اصطفافهم، مع انني لست بصدد تقييم الأحزاب الدينية، لأن لكل منها أجندتها وافكارها ونظرتها التقدمية احياناً والتنويرية والعلمانية احياناً أخرى.
لانه مثلما قال الامام علي (ع) ان المصحف هو في عقول الرجال فهناك من يفسره بطريقة غارودي، وهذا الرجل الماركسي فسره بطريقة تقدمية وكثير من الناس ينظرون الى مرجعية القرآن من وجهة نظر أخرى، المسألة الأخرى، أنني الاحظ ان هناك طلاءً يختلف من حيث اللون بين الآخرين، حتى اننا نجد ان هناك صراعاً بين السني والشيعي كاحزاب، هي من حيث الحقيقة واحدة، يعني ثوابتها واحدة، منطلقاتها واحدة، افقها واحد، مرجعياتها واحدة وحتى بما يسمى بالوسطية في الاسلام، حتى انك ابتعدت عن ذكر ان بعض الأحزاب الليبرالية، يسودها السوء، يعني ليس بالضرورة، ان يكون الحزب تقدمياً، اعتقد ان الظاهرة الناقصة وكأنها تعبر عن العموم، انا أرى، انها مثل الفسيفساء التي تكون اللوحة يعني لا يمكن ان أخذ قطعة واكبرها واقول هذا البديل عن اللوحة فاللوحة كلنا مشتركون فيها وكلنا لدينا مقاربات الى الحقيقة، وليس هناك من يدعي انه يمتلك الحقيقة لوحده فالحقيقة هي من خلال النسق، والآن اعتقد ان المثقف يستطيع ان يخصبه في الجو العام، لانه كما يقال انه مهما كانت مهاراتك كقائد، لا تؤثر الا على النتائج وعلى شبه تأثير في الظاهرة، لكن امتداد الظاهرة لا يصنعه إلا مزاج عام، رأي عام والرأي كلنا مشتركون فيه، ولكن هناك نوع من أنواع النوايا المبيتة، المؤامرات القذرة، السفالة السياسية، صراع المصالح، دوتشر يقول: "ان المعدات الخاوية عندما تعطيها الحرية، كأنما وضعت فيها التيزاب أو الخل" يعني انها تتهيج، في ظل غياب البدائل، فالمفروض ان نطرح البدائل، من هنا اعتقد ان المثقف هو الذي يخلق المناخ العام، يثقف الإنسان لكي يختار رأيه، لا ان يذهب الى صندوق الاقتراع وهو مغيب الوعي، وكثير من المثقفين نزعوا وجوههم التقدمية ليدخلوا الى محراب الطائفة أو العرق..
وعن جدوى المؤتمرات الهادفة الى دعم مبادرة مشروع الحوار والمصالحة الوطنية، أو فيما اذا تخلخلت الثقة بين الكيانات السياسية أو غير السياسية التي تجتمع وتأمر وتناقش، لانجاح مشروع المصالحة الوطنية، من جانب آخر هناك حالة يأس واحباط لدى المواطن، بل احياناً نفاد صبر، وشعور باللا جدوى فضلاً عن ذلك بعض المثقفين حاصرهم الاحباط واليأس فلاذوا بالمهاجر ثانية.
عن كل ذلك اوضح الروائي ناظم العبيدي متحدثاً:
- حتى نكون صريحين وواقعيين ولاتذهب بنا الاوهام بعيداً كان العنصر الحاسم والعامل في تغيير الوضع في العراق هم الامريكان.
لذلك اعتقد ان مشروع المصالحة، بما ينطوي عليه الوضع العراقي من تعقيدات، دون ان ننسى تأثير القوى الخارجية الاقليمية تحديداً، التي لعبت دوراً سلبياً كبيراً، في تدهور الوضع في البلاد.
البوصلة السياسية لم تخطئ في تحديد الاتجاه، ومشروع المصالحة واضح الاهداف، والنوايا، فضلاً عن ذلك هو مطلب حيوي، لكنه يحتاج الى جدية من الجانب الاميركي، أو على الاقل الدولي، فاذا لم تتوفر اطراف خارجية تساعد على دعم المصالحة والاشراف عليها، واعتقد هذا ما يحصل.
فلن يكون هناك تقدم سريع منتظر في هذا الاتجاه، اما انعدام الثقة فقد تجد هناك ما يبرره، لأن بعض السياسيين في العراق منذ انهيار النظام السابق والى الآن، لم يساعدوا على انضاج الديمقراطية بما يكفي.
ففي الغالب نجد هناك تجاذبات بين الأطراف السياسية، مرة أخرى اؤكد ان الاميركان لو كانوا جادين ولعبوا دوراً حاسماً في الموضوع لتحقق الكثير من التقدم في العراق.
علي ياسين: لكن القضية وطنية بالدرجة الأساس، والشأن شأن محلي، ويخص الأحزاب والكيانات السياسية العراقية قبل ان يخص أية دولة أو جهة أخرى، كما ان المشكل عراقي، والأزمات والعقد عراقية.
ناظم العبيدي عقبَ : حتى لا يساء فهمي، أقول عندما أشير الى دور الاميركان، ليس لان العراقيين لا يمتلكون مشروعاً، فالمشروع موجود وهذا أمر مفروغ منه، غير ان الذي أقصده، هو علينا ان نجيب على سؤال جوهري والاجابة عليه تحل الكثير من المشكلات العراقية.
ماذا يريد الاميركان من وجودهم في العراق؟ ولماذا يحددون صلاحيات لأية حكومة عراقية؟! ونحن نعلم ان الكثير من الامور التي تلعب دوراً بالغاً في المشهد السياسي العراقي، هي معطلة بسبب الوجود الاميركي وهذا ليس كلامي فحسب، بل كلام الساسة انفسهم مع ذلك لا أود ان القي بكل مشاكلنا على الجانب الاميركي، فهي تراكمت عبر عقود كثيرة، قطعاً لا أقصد ذلك باختصار استطيع ان استعير كلمة الامام علي بن ابي طالب (ع) التي رددها قبل قرون طويلة (لا رأي لمن لا يطاع) ثم لاقول ان المشكلة العراقية في كثير من جوانبها لا تحتاج الى تنظير، هي ليست لغزاً عصياً على الفهم والتحليل أو المعالجة، لذلك اقول ان العراق يحتاج اولاً الى تطبيق العدالة، ويحتاج الى وجود أمن وقوة تحمي دولة لها هيبة، وهذا كله لا يحتاج الى تنظير، فالفنان والأديب والمثقف والمتدين، يجب ان يسود بينهم الوئام ولغة الحوار مع بعضهم البعض، وهذا، ايضاً لا يحتاج الى تنظير.. إذن المشكلة في العراق ليست فلسفة، بل هي انهيار وغياب المواطنة، وتجد في المقابل عنصراً يجلس في الوسط لا تعرف ماذا يريد.. وقبل قليل طرحت تساؤلاً مهماً، لماذا غيبت القوى العلمانية الحرة في العراق؟ الم يعلم الاميركان- الحديث مازال للعبيدي- ان الظرف لم ينضج بعد لممارسة الديمقراطية في العراق؟ وهل هي غاية أم وسيلة؟ فان كانت غاية فتلك مغالطة كبيرة، فهي ليست غاية، هي وسيلة لتحقيق عدالات اجتماعية واقتصادية وسياسية في البلد.
وقبل ختام الندوة سأل الزميل على ياسيين المشاركين في الندوة عن الرسالة التي يحرصون ان تصل معبرة عن صوتهم الى الأحزاب والكيانات السياسية التي ستأتمر في الحادي والعشرين من الشهر الجاري بهدف دعم مشروع الحوار والمصالحة الوطنية.
الفنان التشكيلي كامل حسين: ان وجود المواطن العراقي بمعاناته اليومية أفضل رسالة تبعث اليهم في كل لحظة ضمن هذا الوضع الساخن، أما في رسالتي هذه فاكاتب الجميع، لقول ان المواطن العراقي مسالم ومتصالح مع نفسه وهذا تكوينه الذي جبل عليه، لكن على حين غرة وجد نفسه في تنافر مع آخر يختلف عنه في الانتماء الاجتماعي أو الديني أو الفكري وان كان هذا التمايز والاختلاف طبيعياً في مجتمع (قوس قزحي) في بنيته المعروفة، إذن حصل هذا، وكأن هناك قوى خفية وسرية خارجية وصلت اليه وجعلته يتجرع بمرارة معاناة ومآسٍ لم يألفها من قبل، وتقبل ما ليس في تكوينه الاجتماعي ولا الأخلاقي، لكن كيف وصل الى ذلك؟ بالتأكيد هناك أسباب كثيرة من ضمنها، ان التمثيل الدوبلوماسي للمواطنة العراقية ما كان تمثيلاً دقيقاً، فانا اجد احتراباً داخل المؤسسة السياسية، أكثر من الاحتراب الموجود داخل الواقع العراقي، بل هو الذي يؤججه، والملاحظ لما يجري تحت قبة البرلمان سيراه أكثر سخونة مما يجري في الواقع، لأن هناك صراع مصالح، وهذا معروف كما ان هناك اسباباً مجهولة، وهي ان هناك مصالح مبطنة لم يفصح السياسيون عنها..
د. علي المرهج: ان مفهوم المصالحة يحتاج تساؤلاً؟ ان نتساءل ما هي المصالحة؟ وتتصالح مع من ؟..
وكيف أصبحت المصالحة اليوم واقعاً طبيعياً وقبل فترة كانت بعض الأحزاب ترفضها، وربما أؤيد الزميل الروائي ناظم العبيدي، من ان أمريكا لها دور بقضية طرح مفهوم مصالحة، ومازال الموضوع يشوبه الغموض، فهل المصالحة مع أعضاء البرلمان بعضهم مع البعض الآخر؟ ام المصالحة مع الأحزاب السياسية؟ ام مع اطراف أخرى؟ إذن حينما تدعي الدولة الشفافية، فلتبين لنا من هي الأطراف التي ظهرت على الساحة والتي تمثل قوى (جهاد أو مقاومة) أو قوى إرهاب، فاذا كانت الدولة تقول نحن لا نتحاوز مع الإرهابيين لا نتحاور مع المجرمين، لا نتحاور مع البعثيين الصداميين، إذن المشكل مع من؟ أنا لا اعتقد ان المشكل مع شخص يجلس تحت قبة البرلمان، ثم ليس هناك اشتراط يدعو البرلمانين ان يتفقوا، لان من طبيعة الكيانات البرلمانية ان تختلف اوقد تتصارع حول جملة من القضايا الوطنية، في الرأي والفكر.
نحن عراقيون ونندفع باتجاه السلام والتسامح، ولتحقيق ذلك على الصعيد التربوي نحن نحتاج الى وعي تربوي وتثقيفي عاليين، انا اعتقد اننا نحتاج الى معالجة في الكيان التربوي، وهو قطاع حيوي وفاعل في المجتمع باتجاه الوعي الديمقراطي، فالديمقراطية كنظام لا تستورد، لا يعني لا يمكن ان تأتي أمريكا واتت امريكا، لكنها لم تستطع ان تجعل ممارسة الديمقراطية نظاماً طبيعياً في المجتمع العراقي، فضلاً عن ذلك، أن الشخصية العراقية نمت وترعرعت على أسلوب الاستبداد، فتجد دائماً المستبد يجلد الضحية و الضحية تتحول مرة أخرى الى جلاد الضحية ، كأنها تريد ان تمارس ما مارسه الجلاد ضدها في يوم ما، ويتناوب الاثنان والدليل على ذلك ان كل الأحزاب التي تمثل الحكومة الآن كانت معارضة وكانت تعاني من الاستبداد، وحينما جاءت الى السلطة هي أكثر من مارس الاستبداد، بمعنى، ان الاستبداد قد تعدد، ففيما مضى كان الاستبداد ممثل في أحزاب متعددة، وطالما ان للحزب رؤية أحادية لا يقبل بوجود الآخر، تجده يقصيه إذن هناك ممارسة اقصائية، بشكل أو بآخر.
كما ان هناك ممارسة للفعل الديني وتستغل بشكل عالٍ تجاه الجماهير، لذلك هناك الكثير من السذج يندفعون باندفاعات يعتقدون انها وطنية، وهذه الفئة موجودة في كل مكونات المجتمع العراقي، فهي تندفع ولا تدري ماذا تفعل، هي تحاول ان تدافع عن الوطنية، وتعمل على اخراج المحتل، وتعمل على محاربة الفئة الكافرة، في الحقيقة ان هذه المفاهيم من بنية المجتمع العراقي والإسلامي تحديداً.
د. عقيل مهدي: أقول لمن يمتلك القرار في هذا المنحى ولم يفهم فقه المناخ الديمقراطي الذي ينبغي ان يكون ضالتنا، انه من دون ديمقراطية سيؤجل السؤال، وستؤل الحلول وسيركب الموجة من هو الأقوى والأعنف والاشرس في فرض ارادته وكأنها أمر واقع، بينما يفترض ان نستثمر ثقافة نضجت، وكان العراق قد امتلك خصوبة في الفكر والمعرفة وعلينا ان نشيعها بين جيلنا، وهذا لن يحصل إذا ما أغلقنا البنية، إذن علينا ان نفتحها للمستقبل، من هنا نقترح على المؤتمرين، ألا تعتقد كل عصبة وكل فئة وكل حزب (بما لديهم فرحون) انهم يمثلون الإرادة الجمعية، كما ان تجريدهم على مقاس حزبهم ينبغي الا يقص أطراف الشعب العراقي ككل.
كما ادعوهم ان يضعوا فكرة الوطن أمامهم وألا يقول البعض منهم ان أطروحتي هي الأصح، فانا اعتقد ان الدعوة ونقيضها، ستأتي بتركيب "أجمل وأرقى من خلال الحوار بين كل التكتلات، وعلينا الا نقول بمعصومية الحزب، فليس هناك تكتل في العراق معصوم، لان حتى الأحزاب الثورية والنقية النبيلة التي ترتبط مع تحولات المجتمعات نجدها بعد خمس أو عشر سنين عندما تراجع مسيرتها تنتقدها وتقومها. الروائي ناظم العبيدي: أعتقد ان هناك قضية بديهية موجودة في نفس كل مواطن عراقي، وهي ان يتخلى كل سياسي عن أطره الضيقة لحزبه أو لرؤاه السياسية والإيديولوجية، وان ينظر الى وطنه ومصالح شعبه، نظرة واسعة، لأن ما سيترتب على هذه المبادرة من خير وسلام للعراق، ينقذانه مما يعيش الآن. وفي ختام الندوة تحدث الزميل علي ياسين: اننا من خلال هذه الندوة، لم نكن نحاول ان نبحث عن الممكنات السحرية أو التوصيات الجاهزة، بقدر ما كنا نطمح الى طرح مجموعة من الإشكاليات التي تقف عائقاً على طريق إنجاح مبادرة مشروع الحوار والمصالحة الوطنية، وثم طرح المعالجات رؤية المثقف العراقي العضوي، أو لاقل النقدي، لا المثقف المتكيف! لا يسعني في نهاية الندوة الا ان اشكر زملائي الذين شاركوا في اغناء الندوة وعلى ما تحملوا من عناء المجيء ومخاطر الطريق.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة