هل تهاجم
الولايات المتحدة ايران حقا؟
فريد
كابلان
ترجمة :عادل العامل
عن
مجلة- Slat
هل
نحن على وشك ان نهاجم ايران؟
ذلك هو الانطباع الذي يحمله خبر غلاف مجلة (تايم).. فقد
صدر امر (التهيؤ للانتشار) الى قطع من البحرية الامريكية،
منها غواصات وطرادة، وكاسحات الغام، وسفينتان لصيد
الالغام، وقد امر رئيس العمليات البحرية بالقاء نظرة جديدة
على خطط الطوارئ، لمحاصرة موانئ النفط الايرانية.
وقد
خفف مايكل دوفي، الذي كتب الخبر ، من سبقه الصحفي بتحذيرات
محترسة، ودعا الامر البحارة بأن يكونوا مستعدين للانتشار
يوم 1 تشرين الاول، وليس للمضي قدما والانتشار فعليا وكما
ذكر، "فان القوات العسكرية الامريكية تضع روتينيا خططا
لعشرات السيناريوهات، التي لا يتم تطبيق اغلبها ابداً" كما
قال له مسؤول في البنتاغون "فالمخططون يخططون على الدوام".
ومع هذا يكتب دوفي: فان الامرين، المقترنين بالتوتر
المتصاعد فيما يتعلق ببرنامج ايران النووي "سيوحيان كما
يبدو الى ان الاحتمال الذي نوقش كثيرا الا انه نظري الى حد
كبير حتى الان قد اصبح حقيقيا.
الا ان الولايات المتحدة يمكن ان تكون في خالة تهيؤ لحرب
مع ايران".
بل ان الجملة حاسمة بالكاد (سيوحيان كما يبدو... يمكن ان
تكون في حالة تهيؤ لحرب).. ومع هذا فان شيئا ما يحدث ولا
نعرف تماما ما هو.. وان تعبير (يمكن) هو القصد.
وانا ليست لدي اية فكرة عمن تكون مصادر (دوفي) غير ان هناك
في الاقل احتمالين ان ادارة بوش تتكيف حقا لحرب، وبعض
الضباط الرافضين يريدون التنبيه الى ذلك وتحريك معارضة
له.. او ان الادارة تريد ان تجعل الايرانيين يفكرون بأن
هجوما يختمر من اجل الضغط عليهم لتحقيق حل دبلوماسي.
ويبدو ان السيناريو الثاني هو المعقول من الاثنين ولا يعني
هذا بالضرورة انه الاكثر ترجيحا، لكن دعونا نتأمل فيه من
مختلف جوانبه.
فاذا كان الايرانيون منفتحين لصفقة تتضمن تعليق تخصيب
اليورانيوم، (كما يطلب قرار مجلس الامن 1969) فان ذلك
سيقضي الجمع بين العصي والجزر لاستمالتهم للقيام بذلك، وقد
وضع الرئيس بوش وقادة اوروبيون عديدون حزمة من الجزر على
الطاولة، ولكن العصي اصبحت رخوة، فقد اتفق مجلس الامن على
فرض عقوبات على ايران اذا ما ظلت تخصب اليورانيوم بحلول
يوم 31 آب وقد مر الموعد، واستمر التخصيب. غير ان اللاعبين
الرئيسيين في المجلس، خاصة روسيا التي لديها استثمارات
كبيرة في ايران، والصين، المعتمدة بشكل رئيس على نفط ايران
تراجعتا عن فقرة التنفيذ، معلنتين انهما سترفضان العقوبات
طالما ان المفاوضات ما زالت ممكنة.
وبتعبير آخر، كانتا تقولان: انسوا ما يتعلق بالعقوبات.
وهكذا.. فان الايرانيين يجلسون على نحو مناسب لهم. فمهما
كانت الصفقة المقدمة اليهم بدلا عن وقف التخصيب فانهم
يستطيعون على الدوام انتظار صفقة افضل، ويمكنهم ان ينتظروا
الوقت الذي يشاءون عارفين ان العصيان لم يحمل عقابا.
غير ان هذا الحساب يتغير اذا ما اعتقد الايرانيون - لو
رأوا علامات ملموسة- بان جورج بوش يعد العدة لمهاجتهم وهذه
اشارة استهلالية لـ(دبلوماسية الزامية) والمسألة هي ان ما
اذا كان الايرانيون: (1) يعتقدون بذلك، (2) يغيرون سلوكهم
كنتيجة لهذا.
لقد جرب ريتشارد نيكسون نسخة من هذه الاشارة على
الفيتناميين الشماليين، واستخدم الكلمة التي تدل على انه
مجنون، وهي انه سوف يضرب هانوي بقنبلة نووية اذا لم يحضر
هو شي منه الى مائدة السلام. (ولقبت الخطة بـ(بنظرية الرجل
المجنون) ولم يصدق هو شي منه ذلك، حتى لو اسقط نيكسون
عمليا كل ما هو دون القنابل النووية.
لقد ظل هو شي منه يصارع حربا كولونيالية وحشية لاكثر من 20
عاماً في تلك المرحلة، اولا ضد الفرنسيين، ثم الامريكيين.
وكانت ملاكاته من النوع المخلص الذي صلبته المعارك،
وقيادته متينة، فهل سيصدق الرئيس الايراني محمود احمدي
نجاد ورجال الدين اشارة بوش، اذا كانت هكذا فعلا؟ اننا لا
نعرف الا القليل عن وضع النظام الحاكم في ايران وحتى لا
شيء عن الذين هم في المسؤولية حقا او عمق التأييد (على
مستوى قمة السلطة، والاقل كثيرا وسط السكان) لخطاب احمدي
نجاد العاصف عن (الحق) في تخصيب اليورانيوم.
مع هذا فان كان بوش يبحث الان عن عصي لموازنة الجزر،
فالتهديد بمهاجمة ايران هو العصا الفعالة الوحيدة التي
لديه.
وهناك خطر في لعب هذه اللعبة، فحالما تطلق خطة للتعبئة
للحرب، فان من الصعب ايقافها، او، في الاقل جدا من السهل
تركها تمضي في طريقها.
وهذا يؤدي الى امكانية ثالثة، ذلك: ان ادارة بوش تحاول
الضغط على الايرانيين والتحضير حقا للهجوم، والاثنتان
ليستا استثنائيتين بالتبادل، وبوجه خاص نظرا لان اطرافا
متنوعة داخل الادارة منشقة بشأن القضية، فوزيرة الخارجية
كونداليزا رايس تعمل كما يبدو ما يميل الى عمله وزراء
الخارجية البحث عن حل دبلوماسي. أما نائب الرئيس ديك تشيني
فيبدو انه يعمل ما يميل الى عمله هو- تصعيد المواجهة.
وفي مواجهة نزاعات داخلية من هذا النوع، يتسم الرئيس بوش
بنزعة مدهشة لتجنب اتخاد قرار وترك الاطراف تتصارع بشأن
ذلك.
ومن الممكن، بكلمات اخرى، ان الادارة تلعب الطريقتين معا..
التعبئة كوسيلة للضغط الدبلوماسي والتعبئة كفعل لحرب وشيكة
الحدوث، لا كستراتيجية منسقة وانما كفصلين متوازيين، كل
منهما سيتبع مساره العتيد.
وحالما تكون الاسلحة في الوضع المناسب، فان الضربات الجوية
لن تتبع اوتوماتيكيا، فسيكون على الرئيس ان يعطي الامر
بذلك، لكن اذا كان الهجوم جاهزا للمضي، واذا كان
الايرانيون ما زالوا يتحدون، فهل سيوقف هذا الرئيس ويبدأ
العمل من الاول؟ ان من الافضل عدم مواجهة الموقف والبدء به
فان الهجوم مهما كان مغريا، سيكون غلطة فادحة، لعدة اسباب.
لقد تعلم الايرانيون درسهم من ضربة اسرائيل الخاطفة، عام
1981 ضد مفاعل العراق النووي، وقد وزعوا تسهيلاتهم
النووية، ودفنوا بعضها عميقا تحت الارض، ووفقا لخبر
(تايم)، فان مسؤولي البنتاغون قد حددوا 1500 نقطة هدف في
مركب ايران النووي وان ضربها جميعا او حتى معظمها سيتطلب
مئات ان لم يكن الاف الهجمات، وستقع اخطاء فسيكون من
المتعذر تجنب الاصابات الكبيرة ربما.
والاكثر من ذلك، ان الشعب الايراني سوف يعتبر الهجوم عملا
من اعمال الارهاب، وانتهاكا للسيادة وردا اكثر تدميرا الى
حد بعيد من كابوس 1953 عندما ساعدت
CIA
في اسقاط حكومة محمد
مصدق الديمقراطية واعادة الشاه الى السلطة، وحتى اذا اقتلع
الهجوم بطريقة ما النظام الحاكم الحالي، فان النظام الجديد
يمكن ان لا يكون اقل معاداة لامريكا، ولا اقل عزما على نيل
أسلحة نووية وهو طموح سيؤجله الهجوم لسنوات قليلة بأي حال.
وهناك، بالطبع التأثيرات الجانبية الممكنة التأكيد، في نظر
العالم الاسلامي، بأن لدى الولايات المتحدة نزعة لحرب
صليبية والموجة اللاحقة في ارهاب التشدد الاسلامي واخماد
صوت المسلمين المعتدلين. هذا اضافة الى تنفير آخر لحلفاء
الولايات المتحدة على امتداد العالم الغربي.
|