تحقيقات

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 
ملف الفقر والارهاب

فـــي زمــن الطـــــاغيـــة .. 80% فقراء و18% على خط الفقر و2% من اغنياء السلطة
 

صافي الياسري
الفقر هو ليس القصور عن تلبية الاحتياجات، فبامكانك التخلي عن الكثير منها والابقاء على ما يمدك باستمرار الحياة وحسب، ولكنه اللحظة التي تعجز فيها عن توفير القناعة لمن حولك باوضاعهم كونك مسؤولاً عن حياتهم واحتياجاتهم، الأمر الذي يجعل الألم مضاعفاً وبشدة قال احد الحكماء يوماً.. ان هناك قرية ما في مكان ما وفي زمن ما، كانت بيوتها كلها متشابهة حتى جاء احدهم وشيد قصراً في وسط تلك البيوت التي غدت في لمحة بصر مجرد خرائب وسادت التعاسة بدل السعادة التي كانت قائمة وعلى الفور شعر الجميع بالفقر وفهموا معناه.

يقول الباحث الاجتماعي في جامعة بغداد د.سنان صادق: الفقر كلمة مطاطية تفتقر عملياً الى التحديد وينطبق عليها اصطلاح (وعي التباين) بمعنى ان الفقر لا يكون فقراً الا بمقدار غنى او فقر المحيط كوحدة قياس لابد من توفرها، ففي حين يشعر البعض بالفقر لعدم امتلاكهم سيارة مثلاً فان اخرين لا يجدون لقمة الخبز، وهذا بالطبع ليس تفسيراً مطلقاً فهناك بعض المحددات التي يجدر الحديث عنها، فبالاضافة الى المحيط هناك عامل الزمن، أي لا يمكننا قياس معدلات الفقر مقارنة بمراحل زمنية سابقة، فلكل مرحلة مؤشراتها الخاصة ولكل زمن فقراؤه واغنياؤه المختلفون في التفاصيل عن فقراء واغنياء المراحل الزمنية السابقة.
-الا يذكركم هذا الحديث بشيء؟ الا تذكرون ان (صدام حسين) كان يردد على مسامع العراقيين كلما سنحت الفرصة بأن اباءهم في الخمسينيات والاربعينيات كانوا لا يلبسون الاحذية وان (الثورة) هي التي البستهم تلك الاحذية بعد ان كانوا حفاة؟ والنتيجة ان سنوات حكمه جرت 80% من ابناء شعبنا الى ما تحت مستوى الفقر وبخاصة في سنوات التسعينيات بينما يراوح 18% على خط الفقر ويستأثر 2% او اقل من عائلة الدكتاتور وحاشيته وزبانيته وازلامه بالمال والرفاهية ويزدادون جشعاً كلما زاد شعبنا فقراً- يقول صاحب مقهى عجوز تعليقاً على مقولات صدام- الثورة حولت اغنى شعوب العالم الى اكثرها فقراً فما الفرق ان كنا حفاة ام كنا ننتعل الاحذية؟ وعلينا ان ننتبه جميعاً كي لا نقع مرة اخرى في فخ (الثورة) فنعود اكثر فقراً مما نحن عليه، يقول دكتور رباح حسين استاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة المستنصرية: لا اعرف لماذا تصر بعض الوجوه السياسية التي تتصدر واجهة العمل السياسي العراقي على اعادة طرح (نظرية الحفاة الصدامية) اذا صح التعبير بوسائل اكثر حداثة، والا فما معنى ان يقول احد مسؤولي الحكومة- نجحنا في رفع دخل الفرد العراقي 80 او 90 او 100% والى اخر تلك الارقام التي لا تستند الى القياسات الواقعية ثم يعد ذلك انجازاً شخصياً يستحق عليه الشكر، والمشكلة انه يكرر بطريقة اخرى مخاطبة الجماهير عبر مقارنة لا اساس لها بين مرحلة صدام والمرحلة التي نعيشها اليوم، اعتقد ان هذا الطرح يبسط الواقع ويستغفل العقول وكان الاجدى ان يستذكر الجميع، السياسيون وغيرهم ان المقارنة تصح فقط مع وضع النموذج وليس على ماض لا يصح القياس عليه بكل الاحوال.
ذكرني حديث الدكتور رباح بحوار اجريته مع احد الكتاب الفرنسيين اجمل كل ما حققته حرب اقتلاع صدام بالقول:
-رسخ في ذهني كنتيجة للحرب والتحول في العراق مشهد تهافت الناس على اجهزة (الستلايت) والموبايل وارتياد مقاهي الانترنيت.
واستناداً الى مفهوم (وعي التباين) فاني اشعر بالفقر مقارنة بجاري وكلانا يشعر بالفقر مقارنة بابناء مناطق اخرى مرفهة ومجتمعنا عموماً سيشعر بالفقر مقارنة بالمجتمعات الاوروبية مثلاً.
وعلى مستوى البلد باكمله فان الاحساس بالفقر مصحوب دائماً بتساؤل تاريخي لا مناص من طرحه يومياً، فشعب يمتلك 17% من احتياطي النفط في العالم وامكانيات اقتصادية وزراعية وسياحية هائلة تعادل في مواردها موارد النفط وخبرات وطنية عالية الكفاءة، لماذا يعاني الفقر؟
نماذج انسانية
هم في كل مكان من عراقنا المتعب الموجع الملفوح بسياط الحرمان والقمع والتجهيل والافقار، تجدهم في مقاهي البطالة وفي المدن والقرى الذاوية المرتعدة جوعاً وقلقاً ورعباً، في احلام الصبايا وعيون الأطفال وعلى قارعة الطريق.
ابو علي نموذج مختار منهم في الستين من عمره يقف عند تقاطع ساحة عدن قرب الاشارة الضوئية في يده عدة قطع قماش تستخدم لمسح زجاج السيارات ويتظاهر انه يبيعها للسواق، كانت نظراته الحزينة الدامعة اكثر تعبيراً من كل الكلمات التي يمكن نطقها قال لي معلم يتسول ذات يوم كنت القن تلاميذي، فانا معلم، ان يعملوا او يموتوا قبل ان يمدوا ايديهم الى الناس، ولكن حين يكون لديك طفل مريض يحتاج دواؤه الى اكثر من 220 الف دينار شهرياً وايجار مشتمل في منطقة شعبية يحتاج الى مبلغ 150 الف دينار ومصروف عائلة كبيرة يتطلب سبعة الاف دينار يومياً وتقاعدي لا يكفي وحين لا يمكنني بسبب كبر سني واصابتي بعدة امراض ان اعمل عملاً شاقاً كالشباب فاني سأكون متسامحاً امام مبادئي القديمة بأن لا امد يدي للسؤال.

معاناة ارملة
ام احمد
تركها صدام ارملة منذ اكثر من عشرين عاماً بعد وفاة زوجها في الحرب مع ايران مخلفاً ابنتين وولداً خطفته هو الاخر تداعيات الحرب الاخيرة، ام وابنتان شابتان في هذا الزمن الصعب، الأقارب ابتعدوا واحداً تلو الاخر تاركين النساء الثلاث في لجة مضطربة.
لو كان الفقر رجلاً لقتلته، قول خالد للامام علي بن ابي طالب (ع) شخص عبر التاريخ جرثومة الفقر التي اذلت شعوباً وقضت على امم، يقول استاذ التاريخ في كلية الآداب بجامعة بغداد الدكتور زينل محمد: لم تحظ مفردة على امتداد التاريخ بذلك الاهتمام الذي حظيت به مفردة الفقر، فقد جعلها الفلاسفة مادة غنية للبحث والتنقيب عن الاسباب والدوافع وما وراءها، وانشد فيها الشعراء قصائد حملتها مسؤولية كل الالام والمآسي التي تعصف بهذا العالم مثلما ابتكرت بوحي منها النظريات وكانت سبباً اساساً في اشعال الحروب والثورات.والفقر ايضاً كان على الدوام عنواناً لشعارات وهمية للسياسة الكاذبة انها اشبه بالكوميديا السوداء يكررها التاريخ على مر الزمن.


بائعون ومشترون ووسطاء .. ســوق جـديدة اسمهـا "نفايـات الأحيـــاء الغنيـة"
 

  • غربلة القمامة مهنة ابتكرها المسحوقون وروجها الفقر العام

بغداد/المدى
البعض يشترون نفايات الأحياء البغدادية الراقية من سوق شاحنات امانة بغداد المكلفين بجمع هذه النفايات ونقلها الى خارج العاصمة الى مكبات خاصة وكذلك من قوافل (اللوريات) التابعة للمقاولين المتعاقدين مع الامانة على جمع القمامة من الاسواق والاحياء الاخرى والبعض يلتقط القمامة مباشرة من اماكن تجمعها قبل ان تصلها شاحنات الامانة ولوريات المقاولين واخرون ابتنوا لهم بيوتاً من الصفيح في المكبات التي قامت في ضواحي بغداد وعند مداخلها واصبحت اشبه ببحيرات مترامية الاطراف تموج بالنفايات التي تزداد يوماً بعد آخر من دون ان تجد من يعالجها مسببة تلوثاً بيئياً وبيئة مرضية خطرة تحيط بالعاصمة وتتوغل في احيائها السكنية خطوة خطوة، تنقلها الرياح والحيوانات التي يجد رعاتها في هذه البيئة بؤراً لبقايا الطعام والخضر والفواكه التالفة التي تزفرها اسواق العاصمة وبيوتها. ترى ما هي هذه المهنة ومن يزاولها ومن يتعامل معهم، وكيف ظهرت ولماذا تستمر؟

اطفال ونساء ورجال
مع الصباح الباكر ينتشر العديد من ممارسي هذه المهنة من اطفال ونساء ورجال صغار وكبار في السن على امتداد شوارع العاصمة وفي عقد احيائها ومداخلها وحيث تراكم القمامة والنفايات في الاسواق والاحياء والشوارع، تسبقهم عرباتهم اليدوية او تنحني ظهورهم تحت ثقل اكياس الجنفاص التي يجمعون فيها ما يريدون جمعه، وهم يبكرون كي يسبقوا سيارات جمع القمامة التابعة لامانة بغداد، ولوريات المقاولين المتعاقدين معها، كما يسابقون بعضهم للفوز بكمية او نوعية افضل، وتراهم يذرعون الشوارع ويرودون الاسواق والاحياء بمظاهر هي البؤس بعينه، ولا تدري ما الذي يلتقطونه وما الذي يفعلونه به، انت تراهم يجمعون علب المشروبات الغازية الفارغة وعلب الاغذية والحليب والمواد المعلبة الاخرى، والاحذية المستهلكة، وربما بعض الملابس التي يمكن ان ترتدي ثانية، وهم يستمرون في تجوالهم هذا حتى غروب الشمس، فتعالوا نلج عالمهم الغريب هذا.
برحية وادي مخلف، تبلغ من العمر 47 عاماً، تخرج يومياً الى عملها الذي اعتادته، يرافقها طفلاها، هاشم، ووادي 13 و11سنة، وتفاصيل حياتها اليومية كما تذكر بعد ان تشرح لنا لماذا وكيف اتجهت الى هذا العمل، فتقول: بدأت العمل- البحث في النفايات وغربلتها وجمع المفيد منها قبل بضع سنوات بعد ان دارت بي الدنيا دورتها وفقدت العائلة معيلها، وكانت المرة الاولى التي اضطررت فيها الى ممارسة هذا العمل بمثابة صدمة بالنسبة لي، حيث الشعور بالمهانة والذل، ولكنه في كل الاحوال اهون الشرور التي تنتظرني وعائلتي، اذ من دون هذا العمل سيكون امامنا عدد من الخيارات المرة، فاما الانحراف بسلوك شائن وحرام يبدأ بالتسول والسرقة ولا ينتهي عند حد، واما الموت جوعاً، ولذلك كان اختيارنا للعمل الحلال برغم صعوبته، لدي خمسة اطفال، هذان الصبيان اصطحبهما معي ليعيناني، وثلاثة صغار يبقون في البيت، وقد نصحني بهذا العمل عدد من الجيران، اذ ان معظم سكان المنطقة التي نعيش فيها وهي منطقة المعامل يمارسون هذه المهنة، واقول مهنة تجاوزاً، فهي ليست مهنة وانما عمل متعب يتطلب كل يوم قطع عشرات الكيلو مترات من الشوارع لالتقاط ما ينفع من القمامة والنفايات، وهذا ما افعله انا يومياً، فافحص وادقق كل ما امر به من نفايات في الساحات والازقة والشوارع والاسواق والتقط كل ما له سوق، ويباع، وقد تعلمنا انا واولادي اسرار العمل واصبحوا أفضل مني ويفوق مردودهم المالي ما احصل عليه انا، وهكذا صرنا نتدبر احتياجاتنا البسيطة والضرورية حتى يفرجها الله.
اما عن الية العمل وبعض اعرافه فيحدثنا الشاب كامل عبد الله قائلاً: بدأنا هذا العمل في عمر مبكر جداً بعد ان اضطرتنا الظروف المعيشية الصعبة وزيادة عدد افراد العائلة الى ذلك، ويبدأ الصغار العمل برفقة احد الرجال او النساء الكبار، وبعد معرفة الاسلوب الامثل في اختيار الامكنة والتعود عليها، يتم تقسيم المناطق بين الدوارة المتواجدين في نفس المكان او بين الاقارب، ولا يجوز لاي شخص التجاوز على حق الآخرين، ومناطقهم بعد التقسيم، وعند الفجر نخرج في مجاميع متعددة، تضم دوارة المناطق المتجاورة ويحدد موعد للاجتماع لغرض تصريف الموجودات وبيعها الى المتعهد، وهذا مهمته تسلم ما بحوزتنا من اشياء متفق عليها سلفاً، وشراؤها باسعار منخفضة جداً، فبعض ما نحصل عليه يباع بالعدد والاخر يقاس بالوزن وفي الحالين نحن نتعرض للغبن من قبل المتعهدين.
ويتحدث جليل كريم (16) سنة عن سوق تصريف تلك المخلفات فيقول:- كل شيء نجده امامنا ويقع تحت ايدينا ويمكن بيعه نحمله معنا، كالاواني المكسورة والحاجيات المنزلية باشكالها المختلفة، علب الشامبو الفارغة، قناني المعطرات، الحقائب الجلدية وغير الجلدية، الأحذية والبلاستيك، والملابس في بعض الاحيان، وعلب المشروبات الغازية، ونقوم ببيعتها الى متعهدين متخصصين بشراء تلك المواد، بعد تصنيفها، فالاواني المعدنية تباع بالكيلوات الى المعامل الاهلية لصناعة الفافون في حين تباع العلب البلاستيكية الفارغة الى المعامل الاهلية والشعبية المنتشرة في المنازل، حيث يتم تعبئة تلك العلب بانواع المنتوجات الرخيصة والمغشوشة التي تباع في الاسواق على انها اصلية، وهناك المئات بل الالاف من تلك الاماكن المتخصصة بهذا النوع من الاعمال وفي مناطق عديدة وقد نشطت تلك الصناعات المغشوشة في ظل الظروف السابقة التي عاشها البلد تحت ظلم النظام المباد، ولم تنته مع التغيير وسقوط ذلك النظام، وقد زادت خلال هذا العام مع غياب الرقابة الصحية او قلة فعاليتها، ويمكنني القول ان ما كان يدار في الخفاء صار يدار الان علناً.

اسواق حرة
عبد الرزاق هويش خلف رجل في الاربعين من عمره يعمل هو وولده مسلم في هذا المجال منذ اكثر من عشر سنوات، سألناه عن طبيعة سوق (الدوارة) وما يحمله من صعوبات ومخاطر، فقال اود ان اؤكد اننا لا علاقة لنا بما يجري من غش وتزييف، فعملنا ينتهي عند تسليم ما يحتويه الكيس او العربة الى المتعهد او الوسيط او سوق تصريف تلك المواد، وليس من حقي ان اسأله عن كيفية تصرفه بما ابيعه له، والعملية باكملها هي نوع من البيع والشراء وفيها العرض والطلب الذي يتحكم بقيمتها، وهدفي وهدف هذه الالاف المؤلفة من العاملين في مجال البحث والالتقاط وغربلة القمامة والنفايات، واعني بهم كل من تلوثت ايديهم بها وكل من زكمت انوفهم الروائح النتنة المنبعثة من اكوام القمامة التي نتفحصها بصبر وتحمل ما بعدهما صبر وتحمل، وهدف الجميع هو توفير لقمة العيش وتأمين سبل الحياة لعوائلهم، ليتمكنوا من صد غائلة الجوع والحاجة والمرض الذي خيم علينا سنوات عديدة، وماذا يمكن لمن كان نصيبهم من التعليم النزر اليسير ان يفعلوا وفرص العمل امامهم مغلقة ونادرة؟ ونحن لم نجد طريقاً واحداً يحقق لنا الاماني في حياة كريمة بعيداً عن ذل الاستجداء والانحراف سوى الساحات والازقة والشوارع والاسواق، وليست هذه العملية هينة ولا سهلة، فهي بالاضافة الى النظرة الدونية التي نحسها ونبصرها في عيون الاخرين، فاننا بخطر وعرضة لمشاكل عديدة، فمن مخاطر الاصطدام بعبوة ناسفة زرعت في بؤرة قمامة الى مشاكسات الآخرين، وتعرضنا للاصابة بامراض عديدة بنتيجة تعاملنا مع النفايات المشحونة بالبكتريا من شتى الانواع، اضافة الى مشاكسات ومشاكل من يعملون معنا في نفس المجال من مناطق اخرى بالاضافة الى متاعب تواجهنا عند قيام احدهم بعملية سرقة او سلب لساكني بعض الدور التي تقع في نطاق المناطق التي نرودها، حيث يتهم الدوار دائماً بالمسؤولية ونحن نعرف ان هناك فئة اتخذت من المهنة ستاراً لممارسة اجرامها وباتت عملية البحث في النفايات الطريق الاول لتشخيص اماكن السرقة باقل الخسائر وافضل الارباح وخصوصاً بالنسبة لاولئك الاحداث والاطفال الذين لا يعرفون معنى الكفاح والتعب من اجل الرزق الحلال، وسرعان ما ينحرفون الى دروب الاجرام وبتشجيع من اهاليهم المنحرفين اصلاً.
اما بالنسبة لي، فالحمد لله، انا احمل كيسي فارغاً عند الفجر في الساعة الخامسة وابدأ مسيرتي لاعود عند الساعة الرابعة ظهراً وهو محمول على ظهري مملوء في غالب الاحيان وخلال الفترة الاخيرة لم يعد تصريف الملتقطات بالأمر الصعب، فهناك سوق مفتوح وحر على مدار الساعة لشراء كل ما تجود به اكوام النفايات والقمامة.

مجالات الغش
بعد طول سؤال والحاح وتكرار التعهد بعدم ذكر الاسم قال لنا احد المتعهدين المتعاملين بشراء ما يورده الدوارة من مواد واشياء بسيطة كانت او متميزة ان هناك اسماء معروفة يتم التعامل معها من اجل تصريف ما تحويه اكياس الدوارة من مواد، وقد توسعت ونشطت هذه العملية خلال سنوات الحصار ولم تتوقف حتى الآن، وكانت قد برزت لتوقف استيراد بعض الاساسيات والمواد الاولية الداخلة في كثير من الصناعات المحلية، وقد اطلق العراقيون على المواد المنتجة من هذه المواد الاولية التي نجمعها من النفايات اسم (المعاد) وقد ثبت ضررها الصحي في كثير من الاحيان والانواع المعادة التصنيع وبرغم توفيرها فرص عمل وسدها حاجة اقتصادية الا انها ظلت تعامل من قبل الاغلبية بازدراء.
وقد أسهم بانجاح نشاط مهنة الدوارة هذه، العرض والطلب المتزايد وقدرة السوق على امتصاص المزيد وبحكم سكني في منطقة يمر بها الكثير من العاملين في هذا المجال، تمكنت من التعامل معهم بشراء ما اراه مناسباً واستطيع اعادة بيعه وتصريفه، وبعد سلسلة من المراجعات والعلاقات هنا وهناك تمكنت من تركيز منافذ للتسويق لأصحاب المعامل وبخاصة اصحاب معامل الفافون والنايلون، اذ يتم صهر واذابة تلك المواد واعادة تصنيعها باشكال جديدة، وقد نشطت بقوة في تلك الفترة صناعة المعاد وشملت مجالات كثيرة، الا ان السوق تشهد حالياً ركوداً بسبب الانفتاح على العالم وانتهاء الحصار وتوفر المواد الاولية للصناعة.
-وهل تعد نفسك مشاركاً في الغش الصناعي؟
*لماذا تسمونه غشاً؟ انها حاجة ولدت جراء الشحة والفراغ الذي كان موجوداً في الاسواق انذاك، وارتفاع اسعار كثير من المواد المنزلية والاساسية، فكانت تلك الصناعات المعادة تسد احتياجات الفئة المسحوقة في المجتمع من الفقراء وذوي الدخل البسيط الذين وجدوا في تلك البدائل الحل الامثل لارضاء حاجاتهم، وهل ترون العراق بلداً مثالياً كاملاً لا مجال للغش فيه؟ الم يكن الغش هو سمة حياتنا بكل مفرداتها؟ ونحن اليوم نعاني مخلفات عصر الغش ذاك، الحصة التموينية على سبيل المثال كلها غش، طحين رديء النوعية مخلوط بالحجارة والجص، وعفونته تزكم الانوف وهو مجهول المنشأ، صابون ومساحيق تنظيف اردأ ما يمكن، وشاي وسكر ابتليا بانواع الغش ومنها ان يخلط الشاي بنشارة الخشب، لا اريد ان ادافع عن مجالات الغش وطرق استخدام المواد التي نتعامل بها من قبل المعامل والورش الشعبية التي تتخذ دور السكن مقرات لها، ولكننا نريد ان نؤكد اننا جزء من عملية البيع والشراء ولا علاقة لنا بالطريقة التي يستفيد منها زبوننا من المواد التي نبيعها له.
رأي الاقتصاديين
اكبر اسباب ظهور تلك المهنة وجذورها لخصها لنا الباحث الاقتصادي في الجامعة المستنصرية الدكتور سلوان عبد الحميد بقوله:- تلك المهنة التي صارت مصدر حياة وعيش الكثيرين من العاطلين الذين استطاعوا من خلالها مواجهة شبح الجوع والحاجة، اوجدتها ظروف ومسببات عديدة منها سوء الاحوال الاقتصادية للبلد عامة ولتلك العوائل خاصة مع قلة او انعدام فرص العمل الاكثر احتراماً، ما دفع بالكثيرين الى اتخاذ الساحات والشوارع والاسواق، مصدراً للعيش من خلال البحث والتنقيب والفحص في مكبات النفايات المتوفرة هنا وهناك، وليس العراق هو البلد الوحيد في العالم الذي عرف هذا النشاط، ففي الولايات المتحدة، وهي اغنى دولة في العالم هناك كثيرون لا يجدون عيشهم الا في القمامة والنفايات، وكذلك في العديد من الدول الغربية، وكذلك الدول العربية، وقد وجدت هذا معامل اهلية وورش منزلية تستقبل المواد الملتقطة من القمامة ونستفيد منها في تمرير عمليات الغش، فاصبحت اشبه بالشبكة العنكبوتية واساسها حالة عدم الاستقرار في الاقتصاد العراقي وبرغم انفتاح الاسواق العالمية على الساحة العراقية فان نشاط الدوارة ما زال قائماً ونعترف انها تقلص كثيراً بعد انهيار النظام السابق وتوفر المواد الاولية وثبات سعر صرف الدينار العراقي وارتفاع مستوى المعيشة، الا ان ارتفاع الاسعار من جديد يهدد باتساع هذه (المهنة، الظاهرة) من جديد ايضاً وعلى كل حال فهذه المهنة ترتبط ارتباطاً جدلياً بالوضع الاقتصادي للبلد، فهي تضمر اذا نشطت الفعاليات الاقتصادية والعكس صحيح.


مؤشرات رقمية .. تقريـــر الجهاز المـركـزي للاحصــاء/ آب/2006
 

اعداد/ سها الشيخلي
في تقرير صادر عن الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات حول قياس الفقر في العراق.. يخلص الى ان التعريف العام للفقر (حالة تعبر عن النقص او العجز في الاحتياجات الاساسية والضرورية للانسان واهم هذه الاحتياجات الغذاء، الرعاية الصحية، التعليم، السكن وتوفر الاحتياطي المادي لمواجهة الامور الطارئة او الازمات التي قد تتعرض لها الاسرة او الفرد)..
ان مقاييس الفقر تختلف باختلاف الرؤية في وصف الفقر ضمن مقاييس منفردة بسيطة تركز في حصر المفهوم بالنقص ثم العجز في الاحتياجات الاساسية. ومقاييس مركبة تنأى عن الوصف التقليدي للفقر تعتمد معايير الفقر البشري او فقر القدرات التي تمتد الى متغيرات اخرى عديدة فمقاييس الفقر تتباين بين مقاييس منفردة بدلالة مؤشرات الانفاق او الدخل أو الغذاء وتتثمل بخط الفقر المطلق ونسبته وخطر الفقر المدقع ونسبته ومقياس الامن الغذائي ونمط الانفاق ومستوى الدخل العائلي ومقاييس المرونات والكفاية الاجتماعية.. اما المقاييس المركبة فتتمثل بدليل الحاجات الاساسية غير المشبعة، ومقياس فقر القدرات، ومقاييس المرونات والكفاية الاجتماعية.. اما المقاييس المركبة فتتمثل بدليل الحاجات الاساسية غير المشبعة، ومقياس فقر القدرات، ومقياس الفقر البشري ومقياس التنمية البشرية.

مستوى الفقر في العراق
تعد مسوح ميزانية الاسرة المصدر الرئيس للبيانات التي يعتمد عليها في قياس الفقر في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، ويعد العراق في طليعة الدول في المنطقة العربية التي نفذت مثل هذه المسوح منذ عام 1971 بدورية منظمة (كل اربع سنوات تقريباَ) غير ان العمل بها توقف بعد عام 1993 ونفذ الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات مسحاً سريعاً لميزانية الاسرة عام 2005 بهدف توفير مؤشرات عامة عن نمط الانفاق والدخل العائلي غير ان الهدف الاساس في تنفيذه كان لتقويم سياسة الدعم وبناء شبكة الحماية الاجتماعية وتحديد الفئات المهمشة، وتعكس نسبة الفقر المدقع تدهوراً كبيراً في مستوى المعيشة في العراق فقد كانت منخفضة جداً عام 1998 اذ بلغت 3.9% لعموم العراق وكان المستوى متقارباً بين المناطق الحضرية والريفية اذ كانت نسبة الفقر المدقع فيهما 3.6% و4.7% على التوالي ثم تدهور المستوى المعيشي بشكل كبير بعد ثلاث سنوات من فرض الحصار الاقتصادي على العراق فقد ارتفعت نسبة الفقر المدقع الى 21% وقد انعكس هذا التدهور على سكان الحضر والريف على حد سواء، وتبع ذلك تدهور كبير في مستوى الفقر المطلق اذ قدر بـ72% وهذا يعني ان ثلاثة ارباع سكان العراق كانوا يعانون من نقص او عجز في تأمين الاحتياجات الاساسية كالغذاء والمسكن والملبس والتعليم والصحة والنقل، اما المؤشرات المقدرة عام 2005 فقد عكست تحسناً نسبياً في نسبتي الفقر المدقع والفقر المطلق اذ انخفضت الى 9% و40% على التوالي أي انها حققت تحسناً نسبته 50% تقريباً عما كان عليه الحال اثناء فترة الحصار الاقتصادي غير ان هذا التحسن وان كان يبدو كبيراً إلا انه يعكس ان تلك النسب ما زالت تزيد على ما كان عليه الحال قبل فرض الحصار بنسبة 100% تقريباً..

خط الفقر سابقاً.. وحالياً
ان خط الفقر المقدر للسنوات 1998، 1993، 2005 يعكس الحد الفاصل بين مستوى الفقراء وغير الفقراء، ويستدل من مؤشراته الارتفاع الكبير في مستوى هذا الخط غير ان تلك الزيادات انما تعود اساساً الى الارتفاع الكبير في مستوى التضخم فقد ارتفع مستوى التضخم الى 2511% عام 1993 مقارنة بسنة 1988 والى 315159% عام 2005 مقارنة لسنة 1988 ايضاً.. في حين كان يشكل دخل الفرد الشهري البالغ 19 ديناراً الحد الفاصل بين الفقراء وغير الفقراء عام 1988 فان مستوى 649 ديناراً كان الحد الفاصل عام 1993 وان 21631 ديناراً هو الحد الذي يفصل حالياً بين الفقراء وغير الفقراء وهكذا يمكن تفسير الزيادة في خط الفقر المطلق الذي يمثل مستوى الدخل في حده الادنى الذي يكفي لتأمين المستلزمات الاساسية من غذاء ومسكن وملبس وتعليم وصحة ونقل.

ميزانية الاسرة لعام 2005م
اشارت النتائج الى ان متوسط حجم الاسرة قد بلغ (6.8) فرد كما بلغ (6.3) في الحضر و(7.8) في الريف، كما اظهرت النتائج ان وسيط انفاق الفرد الشهري على السلع والخدمات الاستهلاكية هو 52213 ديناراً و57971 ديناراً في الحضر و41762 ديناراً في الريف، وعند مقارنة الوسيط العام بمؤشر خط الفقر المطلق والمقدر بـ46496 دينار شهرياً يستنتج ان نسبة الفقر المطلق البالغة 40% تدعم اقتراب مستوى خط الفقر المطلق من القيمة الوسيطة للانفاق واحتلت نسبة الانفاق على المواد الغذائية المرتبة الاولى حيث بلغت 46.8% من مجموع الانفاق الاستهلاكي وبلغت النسبة في الحضر 42.5% بينما بلغت في الريف 58.7% واحتلت نسبة الانفاق على النقل المرتبة الثانية اذ بلغت 18.5% وهي مرتفعة مقارنة بنسبتها للاعوام 1993/2002 التي كانت 5% و4% على التوالي، وشكلت نسبة الانفاق على التجهيزات والمعدات المنزلية 9.6% من مجموع الانفاق الاستهلاكي وهي مرتفعة مقارنة بنسبتها في عام 1993 البالغة 4%.
تفاوت توزيع الدخل
نتائج المسح اشارت الى ان الفئات الثلاث تحصل على متوسط دخل شهري عن 120 الف دينار تشكل الاسر فيها نسبة 7.6% من مجموع عدد الاسر لكنها تتسلم 1.3% من اجمال دخول الاسرة في حين ان الفئات الثلاث (الحضر، الريف، المدينة) يتراوح متوسط دخلها الشهري ما بين 1.1-1.8 مليون دينار فاكثر تشكل 3.9% من مجموع عدد الاسر لكنها تتسلم 21.5% من اجمالي دخول الاسر في الحضر والريف او يشير نتائج المسح بان ادنى 10% من الاسر تتسلم 1.9% فقط من اجمالي دخول الاسر في الحضر والريف وان اعلى 10% من الاسر تتسلم 32% من اجمالي دخول الاسر في الحضر والريف وان ادنى 50% من الاسر تتسلم 22.4% من اجمالي دخول الأسر في حين ان اعلى 50% من الاسر تتسلم 77.6% من الحضر والريف.
ويتميز توزيع الدخول في العراق بصورة عامة بانه منخفضاً نسبياً وبمقارنة نتائج مسح 2005 مع المسوح الاخرى تبين بان هناك ارتفاعاً عن فترة السبعينيات والثمانينيات في القرن الماضي.


أحلام الفقــراء لا تحققها عصـابــات الجـــريمة
 

بغداد/المدى
رأيت كل الذين كانوا يدفعون السيارة ليغيروا مكانها، لم أر وجوههم، لكنني تخيلتها، تخيلت عراقيتها، حتى ذلك الطفل الرجولي السلوك، رأيته، ومع ذلك ضغطت زر التفجير في الريمونت كونترول، فقد أعماني منظر (الأوراق الخضر) وصم أذني عن رؤية أو سماع أي شيء آخر.

اعترافات
هذه بعض أقوال مرتكب جريمة تفجير سيارة مفخخة في مدينة الشعلة مساء الجمعة 22/4/2006 التي راح ضحيتها 15 شهيداً وعدداًَ كبيراً من الجرحى بين أطفال ونساء ورجال من مختلف الأعمار، وقد نقلتها عنه والدته بعد أن واجهته في معتقله، حيث ألقي القبض عليه وعلى زمرة تعمل معه من المجرمين في أثناء محاولتهم ارتكاب جريمة أخرى في حي القاهرة ببغداد.
والسيدة (...) وقد رجتنا عدم ذكر اسمها، في الستين من عمرها وأم لثلاثة أولاد وأربع بنات الأولاد الآخرون معاقون، والفتيات فقيدات البيت أو يمارسن حرفاً منزلية لا تغني ولا تسمن من جوع، و(...)، الولد الوحيد القادر على العمل، لكنه لم يجد فرصته حيث ذهب، ولذا حين جاءه أحدهم باقتراح العمل مع الزمر الضالة لقاء مكافآت مغرية، سارع بالموافقة، دون أن يسأل نفسه أو من عرض عليه المشاركة في ارتكاب الجرائم أي سؤال، ودون أن يتحقق ما إذا كانت هذه الجرائم ستشمل أهله وأصحابه ومعارفه ومن يخصونه من أبناء بلدته وابناء بلده عموماً، وهل تستحق هذه الدريهمات القذرة قطرة دم عراقية واحدة تسفك دون وجه حق؟
تقول أمه (لم يكن (...) منضماً إلى حزب سياسي، وليست لديه أفكار دينية متشددة، حتى أنه لا يصلي، لكننا عائلة فقيرة ومنذ طفولته كان محروماً من الملبس والأحذية والألعاب البسيطة وأحياناً لا تكفينا وجبات الطعام، فنحن عائلة كبيرة والأب توفي مبكراً، وحملت العبء وحدي فأنا أعمل في قطاع البناء (عمالة) ويوماً أجد عملاً وأسبوعاً.. لا.. فنقتات بما أكسبه وهو قليل، وكان (...) دائم الشكوى، وحين أصبح في الثامنة عشرة ذهب معي إلى المسطر، لكنه لم يصمد يومين، ورافق أصدقاء سوء، ولا أدري من أين كانوا يجلبون النقود والملابس.. ولكن من المؤكد أنهم كانوا (حرامية) حين كنت أسأله كان يسكتني بالقول إنه (رزق الله) ولكن قلبي لم يكن مطمئناً، وقبل مدة حين رأيت في يده (موبايل) وأعطاني بعض المال، رفضت أن آخذه منه وقلت له عليك أن تخبرني بمصدره أولاً، ولكنه انفجر بوجهي وقال إنه رزق حلال وإنه يعمل مع الـ(...) فارتعش قلبي، لم أصدقه ومع ذلك حاولت أن أقنعه بأنه مخطئ، ولكن القدح كان قد انكسر ولم يعد ممكناً إعادته إلى وضعه السابق، وقع الفاس بالراس وما ثمة من خلاص، حتى أخبروني أنه ألقي القبض عليه وواجهته واعترف لي، وما زلت غير مصدقة أن ابني (الفقير) يمكن أن يقتل.
مع أصدقاء (...)
أشار لي بعضهم إلى أحد المقاهي الشعبية (مقهى الطرف) حيث تلتقي هناك مجموعة من أصدقاء (...).
كان لقاء هؤلاء الأصدقاء والحديث معهم في أحد المقاهي وملامحهم طغى عليها الحزن والأسى حين ذكرتهم بصديقهم (...) كانوا أربعة (...) و(...) و(...) و(...) لا تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة، ويتشاركون حالاً متشابهاً فهم جميعاً أميون، ويرتادون المقهى للعب الدومينو فهم لا يجيدون بل لا يعرفون التعامل مع ألعاب (البلي ستيشن) ولا مع الحاسوب ليرتادوا مقاهي الانترنت، وهم أربعتهم يعملون في ورش لتصليح السيارات، وتجمعهم الأماسي في هذا المقهى حيث يلعبون الدومينو لقضاء الوقت.
فاجأني (...) ويبدو أنه أكثر المجموعة جرأة، وقربا من (...) بسؤاله!
- ما الذي تريد أن تعرفه عن (..)؟
- ما يمكنك إخباري عنه، براحتك.
- حسناً، (..) صديقنا نحن الأربعة، وهو لا يقرأ ولا يكتب مثلنا، فلم تتوفر له فرصة الذهاب إلى المدرسة، وهو يتيم مثلنا، عدا (...) فوالده على قيد الحياة لكنه (مشلول) ولا يمارس أي عمل وليس لديه أي مورد، ومعاملة الرعاية الاجتماعية التي تركض خلفها عوائلنا ما زالت تمشي كالسلحفاة برغم إنها قدمت قبل سنوات، أما أجورنا القليلة، فليس لنا منها سوى ما ننفقه في العمل على وجبة الغداء (لفة الفلافل والببسي) والقليل الذي ننفقه في المقهى على (الشاي أو الببسي) والباقي ندفعه للمساهمة في سداد احتياجات الطعام والسكن، فنحن نقيم في غرف مستأجرة، وليس في بيوت، وهذه الغرف تتكدس فيها عوائلنا، الأطفال مع الرجال والنساء و.. (..) واحد منا، ولكنه كان دائم الشكوى، ولم يكن يعرف الصبر، ويكره العمل، كم من مرة حاولنا أخذه معنا للعمل، ولكنه لا يحتمل أكثر من يومين ثم يفر، وحين يرى أحدهم (من الشباب) في سننا يتحدثون في الموبايل في الشارع أو في المقهى (كانت الدمعة) هي رد فعله.
ويكمل صديقه (...) لم يكن لديه خصوم وإن كان أصدقاؤه قليلين، لهذا سماه بعضهم بـ(المعقد) وهؤلاء لم يفهموا أسباب انعزاله، وكان في مقدمتها (فقره) وإحساسه الشديد بهذا الفقر.
ويضيف (...) كنت أحاول مساعدته في نهاية الأسبوع حين اتسلم أسبوعيتي، فكان (يزعل) مني، ويقول لي إنه يكره ان (يتصدق) عليه أحد، وحين كنت أقول له إني لا اتصدق عليه، وإنما أقوم بحق (الصداقة) كان يرد علي قائلاً: إذن فهي شفقة أو تذكير لي بفقري وهذا ما أرفضه
كان شديد الحساسية، وكنت أتألم لوضعه كثيراً، وإذا كان فخ (الإرهابيين) قد اصطاده، فأنا على يقين إنه استغل فقره وحاجته، وأغراه بالمال، وإلا من يصدق أن (...) يمكن أن (يقتل) أو يجرح شعور أحد حتى، أنا أعرف إنه لا يستطيع ذبح دجاجة، فمنظر الدم يرعبه، وما زلت أعجب لأمره.
لم يقبل أصدقاء (...) الواقع الذي تحدث عنه بخصوص صديقهم (..) فهم على يقين أن ثمة خطأ ما، وحين أخبرتهم إن (..) اعترف لأمه بالحقيقة، وبأنه قام بتفجير إحدى السيارات المفخخة في سوق شعبي وعبوة ناسفة في أحد الشوارع، و.. ران عليهم السكون وخيم بيننا صمت مطبق خشيت انفجاره بطريقة مراهقة برغم هدوء الفتيان الأربعة، فنهضت مسرعاً بعد أن لملمت أوراقي وشكرت الجميع.


الفقر والإرهاب
 

عامر القيسي
عادة ما تلازم ظاهرة ما في المجتمع ظاهرة اخرى ترتبط بها وتتفاعل معها بتناسب طردي . ولانريد هنا ان نغرق او نسترسل في التنظير ونقول باختصار شديد ومباشرة ، ان ظاهرة الارهاب بمساحتها الواسعة هذه في بلدنا ، ملازمة بطريقة عضوية لظاهرة الفقر فمن الظاهرة الثانية تتوالد الكثير من انشطة الظاهرة الاولى واستمرارها ونموها وقوتها ، وبذلك ينبغي ان تكون ظاهرة الفقر بكل تجلياتها (البطالة ،العمل المؤقت،البطالة المقنعة، القوى غير المنتجة ... الخ) امام طاولة السادة في مجلسي النواب والوزراء باعتبارها ظاهرة يقع علاجها في صميم برامج وخطط مكافحة الارهاب وتجفيف منابعه وتيبيس جذوره، فمكافحة الارهاب لاتتم من خلال الخطط الامنية والمصالحة الوطنية فقط بل ينبغي ان يضاف الى جدول اعمالهما مكافحة هذه الظاهرة المدمرة التي بدأت تتسع افقيا باتساع مساحة من يعيشون دون حدود خط الفقر المقرردوليا، وعموديا من خلال تلاشي الطبقة الوسطى تقريبا وانحدارها بفعل الركود الاقتصادي الى الخطو ط الحمر التي كانت بعيدة عنها حتى فترة قريبة.
ان اكثرالابواب اصغاءً لطرقات الارهاب هي ابوا ب الفقر وهذه الاستجابة غير المحدودة ناتجة عن (الكفاح)من اجل الحياة وغياب الوعي وضعف الدفاعات الاخلاقية والوطنية والاجتماعية ، وعليه فان تجفيف مستنقع للمياه الملوثة يتطلب اولا ردم المجاري التي تعيد انتاجه باستمرار وتبقيه مصدرا مستمرا للتلوث .
ان الفقر في العراق قضية خطرة شانها شان القضايا الساخنة على ساحتنا ولا ينبغي النظر اليها باعتبارها اشكالية ذائبة في حلول متانية وتراكمية ومستقبلية وان كانت هذه الطروحات صحيحة من ناحية المبدأ والنظرية .
اننا بحاجة فعلية لمعالجات خارج دائرة التفكير النمطي التقليدي وخارج اطار المنح البائسة التي لاتسد غائلة جوع العائلة وعوزها وهدر كرامتها .
فهل هذا ممكن؟
طبعا ممكن وان كان صعبا وشاقا ومكلفا وهناك الكثير من الافكار التي لايستمع اليها احد وان استمع اليها فانها لاتجد من يتوقف عندها بجدية ،وما زالت معالجات الحكومة لقضية الفقر دون المستوى المطلوب بل نستطيع القول دون مستوى الاحساس بحجم خطورتها وتاثيراتها السياسية والاجتماعية والامنية .
ظاهرتان متلازمتان احداهما تغذي الاخرى باشكال متنوعة فايتام ضحايا الاعما ل الارهابية سيكونون ضحايا مرة ثانية من خلال استدراجهم لمسرح الجريمة الارهابية بسبب العوز والفاقة ، ودروب الفقر تغذي خلايا الارهاب فلنحاربهما معا بنفس الجدية والقوة لنحصل في النتيجة على شعب آمن ومستقبل تحميه الكرامة الانسانية.


الفقـراء يختــرعـون المــهــن
 

  • الأطفال في العراق يبحثون عن الرغيف في غبار ورش الصاغة ونفاياتهم
  • أطفال بعمر الزهور تركوا مدارسهم من اجل لقمة العيش

بغداد/المدى
كل قوانين العالم تتحدث عن رعاية الطفولة وتوفير كل ما من شأنه أن يجعلها تنمو بصورة سوية وكل ما من شأنه أن يوفر لها التمتع بحقوقها في الحياة الكريمة والتعليم والتسلية وعيش براءة الطفولة على أكمل وجه، وتجهد الأمم المتحدة عبر برامج (اليونيسيف) لإنقاذ الطفولة وحمايتها ومنع استغلالها، أما في بلادنا، فقد انتهك النظام المقبور والفقر الذي أشاعه أبهى سني عمر الإنسان (طفولته) ليمسخه شبحاً يركض في دروب المجهول بحثاً عن الرغيف.
والباحثون عن ذرات الذهب في غبار ورش الصاغة ونفاياتهم، بضعة مشاهد للطفولة المنتهكة في العراق حيث يمارس الأطفال والصبيان بحثهم عن ذرات الذهب في مخلفات محال وورش الصاغة ومجاري المياه الواصلة إلى ضفة دجلة القريبة من شارع النهر حيث تكثر ورش تصفية النحاس وإصلاح الحلي الذهبية.
شروط العمل
أول اشتراطات هذا العمل هو النهوض قبل شروق الشمس وقبل أن تفتح المحال والورش أبوابها وقبل أن تدب الأقدام على الأرصفة والشوارع، ثم حمل العدة المكونة من فرش الكنس، وهي على نوعين فرشاة كبيرة لكنس الأرض والأخرى صغيرة وناعمة ودقيقة وقوية لنبش الشقوق والحفر واستخراج الغبار المتجمع فيها و(نجانة) وعاء بلاستيكي يغسل فيه الغبار المتجمع بالماء، وكيس من الجنفاص يجمع فيه الغبار، ثم تستخرج ذرات الذهب بعد غسل التراب بملاقط خاصة وتجمع في علبة، ثم تباع على ورش الصاغة أو على مختصين في التعامل مع هذه (المهنة).
أقدم باحث
السيد سلام عمران الجواهري / الكاظمية باب الدروازه شارع الشريف الرضي صياغة الزهراء / 62 عاماً يقول: إنه واحد من أقدم العاملين في هذه المهنة، وإنه من عائلة اختصت بصياغة الذهب، وحين كان طفلاً كان يقوم بجمع غبار الذهب في ورشة صياغة تعود لأحد أقاربه بعد انتهاء العمل ويضيف أن هذه المهنة قديمة قدم الصياغة، كما إن مجاري المياه الممتدة من الورش المختصة بالصياغة في شارع النهر والواصلة إلى نهر دجلة، تصب محتوياتها من دقائق وغبار الذهب على ضفة النهر، وفي أوائل السبعينيات اندفع إلى هذه الأماكن عدد كبير من المواطنين للعمل على جمع ذرات الذهب وكانت توفر رزقاً، لكنه اليوم رزق شحيح بعد ان اتسع نطاق الأعداد العاملة في هذه المهنة وبخاصة من الأطفال، وهكذا خرج العمل من داخل الورش إلى خارجها، والأطفال دخلوا هذا المعترك في التسعينيات بعد أن زاد ضغط الظروف المعيشية وتدهور الأجور وقيمة العملة، وصارت العائلة العراقية مضطرة لتشغيل أطفالها في مختلف المهن والحرف.
- أحمد صابر حسين
من سكنة الشعلة طفل في الثامنة من عمره، انكب على باب أحد محال الصاغة في الكاظمية يجمع الغبار من شقوق الرصيف الموازي للمحل بفرشة صغيرة وإلى جانبه عدته، نسأله:
*ماذا تفعل هنا؟
- يبتسم ويجيبنا ببراءة، لست حرامياً، أنا أعمل، أجمع غبار الذهب.
*ولكنك مبكر جداً لماذا؟
- هذا هو الوقت المناسب قبل أن يكثر المارة ويعلق الغبار بأحذيتهم، وتفتح المحال فلا يعود بإمكاننا العمل.
*هل تأتي وحدك؟
- كلا.. نأتي أنا وأخوتي وهم هناك.. طارق وحسام وكذلك أطفال الجيران أصدقاؤنا.
ويقول أخوه طارق
– 10 سنوات - : نحن نجمع الغبار ونصفيه ونستخرج ذرات الذهب ونبيعها إلى محال وورش الصياغة لتنقية الذهب ولنا متعاملون مختصون معنا في خان الشاهبندر في شارع النهر.
*انتم تصفونه وآخرون بعدكم يصفونه ماذا تعني؟
- نحن نجمع ذرات الذهب وهي من عيارات مختلفة، من 6 إلى 24، ونبيع عيار 6 كل 100 سنت بـ250 ديناراً فقط، أما عيار 18 فبـ1250 ديناراً وعيار 24 وهو الذي نسميه الرمل هو بـ2000 دينار ويزن المشتري ما جمعناه أولاً ثم يصفيه بواسطة (كلاص)
الطابوق الناري، وبعد ذلك يحدد القيمة.
*وما معدل ما تحصلون عليه؟
- ليس هناك معدل ثابت، ففي هذه الأيام قل نشاط الصاغة، ولذلك فإن الحصول على 100 سنت يعد أمراً جيداً، وهو وإن كان رزقاً شحيحاً لا يوازي تعبنا ونهوضنا المبكر إلا إننا بحاجة إلى هذا الرزق لمساعدة عوائلنا التي تعاني اليوم ارتفاع أسعار المواد الغذائية وبقية الاحتياجات وبدلات الإيجار.
الصائغ محسن كاظم دروش / صاحب ورشة صياغة في الكاظمية / شارع الشريف الرضي / سوق الذهب يقول:
- في ورشتنا نقوم بإذابة الحلي التي يشتريها الصاغة من المواطنين وهي ما نسميه (المكسور) ويطلبون إعادة صياغتها وفق مواصفات خاصة يضعونها استجابة لحجم الطلب لديهم، ونحن نقوم بذلك فنصبها في قوالب معدة لهذا الغرض، واثناء هذه العملية وبخاصة بعد (برد) الزوائد، تتطاير ذرات من الذهب على أرضية الورشة ونحن نقوم بجمعها بعد نهاية العمل، لدينا (صبيان) يقومون بذلك لنعيد تصفيتها والاستفادة منها، ومع ذلك تبقى ذرات قليلة شديدة النعومة تكنس وتتسرب إلى خارج الورشة أو تذهب إلى المجاري وهي ما يبحث عنه هؤلاء الصغار.
*أراهم يعملون عند أبواب محال الصاغة أيضاً؟
- بعض محال الصاغة تعمل إلى جانب بيع المصوغات بإصلاح المكسور منها وإعادة لحمه وبرده حتى لا تظهر عملية اللحم وهنا أيضاً تتطاير الذرات ولكن الصاغة لا يهتمون بجمعها مثلنا في الأغلب فتتسرب عند تنظيف أرضية المحل إلى الرصيف المقابل وهنا يأتي دور الأطفال الباحثين عن ذرات الذهب بين الغبار لجمعها.
- هاشم محمد طالب في الثانية عشرة من عمره
من مدينة الصدر يقول جمعت دون خبرة وفي بداية عملي في هذه المهنة 30 كيلوغراماً من الغبار وتعبت في نقلها إلى بيتنا وحين غسلتها ظهر إنها (فاشوشي) بعد ذلك جمعت من باب إحدى الورش كمية قليلة كانت حصيلتها عند التصفية غراماً واحداً من عيارات مختلفة بعته بـ25 ألف دينار، الآن أنا أعرف أين أعمل ولكن الرزق شحيح بسبب قلة فعاليات ونشاط الصاغة والورش.
*وما الصعوبات التي تواجهها أثناء عملك؟
- البعض يظننا لصوصاً، ومن هنا تأتي المشكلات، تقبض علينا الشرطة وتسوقنا إلى (النظارة) وحتى نثبت لهم حقيقتنا وإننا لسنا لصوصاً نكون قد شاهدنا الويل وضاع علينا يوم أو يومان دون عمل ناهيك عن الازدراء والمعاملة المهينة من قبل الشرطة.


حقائـق وأرقام: المطلوب دعم مليون عائلة في عموم البلاد بلا مورد
 

بغداد/المدى
تفيد احصاءات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية المعلنة ان نسبة الفقر في العراق بلغت حوالي 20% من اجمالي عدد سكان العراق، وتقول (ليلى كاظم عزيز) المديرة العامة في دائرة الرعاية الاجتماعية التابعة للوزارة ذاتها ان حوالي (مليوني عائلة عراقية تعيش دون مستوى خط الفقر، على اساس المقاييس وفي ضوء المؤشرات التي تحددت بدولار واحد للفرد الواحد)، وكانت المديرة العامة المذكورة قد صرحت لوكالة الصحافة الفرنسية انه (بعد الحرب برزت ظاهرة خطرة في المجتمع العراقي وهي ظاهرة صعود الخط البياني للفقر الذي تعد البطالة اهم اسبابه، وحوادث العنف والغاء الكثير من الدوائر والوزارات وحلها) مشيرة الى ان (رؤية الوزارة لعدد المشمولين برعاية الاسرة، يكاد يكون قطرة في بحر قياساً مع الاعداد الهائلة من الفقر) واضافت- ان عدد المشمولين حتى هذه اللحظة، هو 171 الف اسرة على مستوى العراق كله، براتب 40 الى 50 الف دينار عراقي (حوالي 30 دولاراً اميركياً) وهو ضئيل قياساً بالحالة الاقتصادية والمعيشية السائدة في العراق.
ويذكر ان من اهم اهداف قانون الرعاية الاجتماعية المرقم 126 الصادر في سنة 1980 كان منح راتب حكومي الى الاسر المتدنية الدخل او المعدومة، والمقسمة الى ثماني فئات، واستمر العمل بهذا القانون حتى سقوط النظام العراقي عام 2003 وكان يشمل ما بين 50 الى 60 الف عائلة براتب قدره 5 الى 7 الاف دينار عراقي، في ظل ظروف الحصار وفيما يتعلق بتعديل الوزارة لقانون الرعاية الاجتماعية بموجب قانون جديد تحت اسم (شبكة الحماية الاجتماعية) قالت ليلى كاظم: (ان السبب المستجدات التي ظهرت في المجتمع العراقي بعد انتهاء العمليات العسكرية عام 2003، حيث ظهرت فئات جديدة ادت الى استشراء الفقر في العراق، فكان لابد من التغيير)، واوضحت ان (القانون الحالي اصبح يشمل فئات اكثر، وان الرواتب تتراوح بين 70 الف دينار في الشهر للعائلة المكونة من فردين الى 90 الف دينار للعائلة المكونة من ثلاثة افراد وهكذا، بزيادة قدرها 10 الاف دينار للفرد الواحد الى حد 120 الفاً للعائلة المؤلفة من 6 افراد او اكثر) واشارت المديرة العامة الى انه ستكون هناك عملية تقييم لتطبيق النظام الجديد كل ستة اشهر لدراسة الاسعار والتضخم، حيث من الممكن ان يزداد سقف الاعانة والا يتوقف عند هذا الحد، وبينت ان الفئات الجديدة الوافدة الى قانون شبكة الحماية الاجتماعية الجديد هي فئة العاطلين عن العمل، فئة العاجزين من المعوقين وكبار السن وفئة ذوي الدخل المنخفض، واختتمت حديثها بالقول: من المفترض ان يشمل القانون الجديد مليون عائلة فقيرة، أي بمعدل خمسة ملايين فرد، حيث اعطيت لكل محافظة حصتها قياساً للكثافة السكانية فيها، واصبحت مهنة الاستجداء من الفنون الرائجة هذه الايام في شوارع بغداد والمدن الاخرى، واتسعت بشكل كبير في الاونة الاخيرة ويمارسها اناس من مختلف الاعمار وربما من مختلف الشرائح.
لم تشغل الغربة، العراقيين، عن استحضار واقع بلدهم ومجتمعهم وهمومه ومعاناته، ومناقشتها، فقد تجمع عدد كبير منهم (كما تفيد رسالة الجمعية التي وصلتنا نسخة منها) في السابع من حزيران الماضي على قاعة الجمعية ذاتها، دعماً للنداء الذي وجهه المركز العراقي للثقافة العمالية، ضمن الحملة الدولية لمكافحة الفقر، وعقدوا ندوة تناولت عموم الاوضاع المتردية على الساحة العراقية، وفي مقدمتها معطيات الاحصاءات والبيانات الرقمية لواقع الفقر في العراق.
وتحدث في الندوة احد اعضاء الجمعية مورداً بعض الاحصاءات والارقام المثبتة بعد ان توقف عند ظاهرة البطالة باعتبارها بؤرة تساعد الارهابيين في استغلالها المزيد من الاعمال الاجرامية والتخريبية بحق المواطن والمجتمع، كما جرى التوقف عند الاحصائيات المقدمة من قبل المركز العراقي للثقافة العمالية حيث هناك: مليون عراقي تحت خط الفقر المدقع، وستة ملايين عراقي يحصلون على دخل يومي لا يزيد على دولارين،وتبلغ حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالية الى حوالي (130) دولاراً سنوياً.
ويبلغ عدد العاطلين عن العمل اربعة ملايين مواطناً وتبلغ مساهمة المرأة في سوق العمل 19% من مجموع النساء العراقيات.
وهناك ستة عشر مليون عراقي يعتمدون على البطاقة التموينية الغذائية.
ويتوفى اكثر من مئة وثلاثة وثلاثين طفلاً من كل الف مولود في العراق سنوياً.
ويعاني ستة عشر طفلاً من كل مئة طفل سوء التغذية وهناك 107 حالات وفاة للاطفال الرضع من كل الف حالة ولادة، ويبلغ معدل وفيات الامهات في اثناء الولادة بحدود 139 لكل مئة الف حالة ولادة.
وقد ارتفعت نسبة الامية في العراق الى 42% من مجموع السكان.
وفي بلاد الرافدين بلاد (دجلة والفرات) هناك 20% فقط من الاسر تحصل على مياه شرب صالحة.
وقد قدمت خلال الندوة مداخلات عديدة تركزت على اهمية تنشيط حملة التضامن مع شعبنا، وتنشيط دور منظمات المجتمع المدني الفعلية والتي تعمل بكل تفان واخلاص وطني كما طالبت المداخلات بضرورة تنشيط جميع الجهود وفي مقدمتها الجهود الاعلامية لمكافحة الفقر، وضرورة الانتباه الى انه اهم منابع الارهاب وان مهمة مكافحته هي احدى الاولويات اللازمة لمكافحة الارهاب.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة