استراحة المدى

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

مصورو الحروب بين الابداع والموت!

كتابة- بت هامل

ترجمة- عمران السعيدي

ان مصوري الحروب في العراق وافغانستان، يمتلكون طموحاً جاداً، وقد تثقفوا بالتجارب التي مرت قبل هذين الحربين، ولا سيما المثال الفيتنامي، واستنجادهم بالكاميرا الرقمية، التي تتيح لهم تصوير اعداد كبيرة من الصور وبتقنية عالية. واصبح عملهم مواكباً لافضل الاعمال التصويرية في حروب سابقة.

لم يكن (أدي ادافر) هاويا. فقد انجز اهم الصور عن فيتنام عام 1968 والتي حاز فيها على جائزة (بوليتزا) من فيتنام الجنوبية وهو يطلق النار على رأس سجين من الفيتكونج في اليوم الثاني لهجوم (Tet). وقد احتلت تلك الصورة الصفحات الاولى من الصحف في جميع انحاء العالم دون ان نشاهد اية نسخة منها على جدران ستوديوهات (إدي).

لا يوجد أي تعليل لتوضيح عدم ظهور صور محددة كتلك التي صورها إدي لدى مصوري الحرب المحترفين هذه الايام. التوضيحات البسيطة هذه هي التي تندرج تحت الخظ الشفاف، فعليك ان تكون هنالك في اللحظة المناسبة، فإذا وقفت في الزاوية او انتصبت عند اشارة المرور واستوقفك الجنود ستختفي اللحظة والى الابد. وان اكثر الاسباب اهمية يمكن ان يكون الطبيعة الحادة للعراق نفسه وهي الحدّة التي اعتقد بأنها تأتي مع المحيط المعروف للحرب.

وقد عاش (إدي ادافر) وعدد من مصوري الحرب احتمال الموت المفاجئ كل يوم والكثيرون منهم القي القبض عليهم واخذوا اسرى ثم اطلق سراحهم فيما بعد.

لكنهم لم يفكروا بالاختطاف في يوم ما او يأخذوا كرهائن وتقطع رؤوسهم وينعتون بالكفار! وفي الحرب في العراق فإن رغبة البقاء على قيد الحياة تخلق تقييداً مفهوماً. لا يمكن ان تصرخ امام العراقي المرادف (Bao chi) (صحافة) وسط المتمردين والبعض من هؤلاء المتمردين يؤمن بأنه يقاتل بمبدأ مقدس بين الاسلام والمسيحية.

وهنالك عوامل اخرى متعددة وهي الرقابة والرقابة الذاتية فبعد الحرب الفيتنامية كانت الصحافة عموماً، والمصورون بصورة خاصة غير حرّة كما هي اليوم لتغطية الحروب الامريكية.

وان نظاماً صارماً للسيطرة على التصوير قد فرض في غرينادا وبنما وفي حرب الخليج. فبالرغم من ان تجربة البنتاغون كانت غير قوية للسيطرة على المصورين المرافقين للوحدات العسكرية فلا تزال هنالك بعض القيود.

لا جنود ينزفون فوق الرمال رجاءً لا اكياس للجثث ولا توابيت.

وان تجار الصور في البنتاغون تعلموا في فيتنام بأن جميع صور الحرب العظيمة هي بالاساس صور مضادة للحرب وان اهدافهم الاعتيادية كانت مدعومة من قبل محررين اصابهم الغثيان مع نوايا شريفة بعيداً  عن ساحات القتال.

قبل مدة طويلة شرح لي احد المحررين الصارمين لمذا لم يتم اختياره لتصوير طفلة ذات عشر سنوات اغتيلت والقيت جثتها من الطابق العلوي. وسأل:

*كيف تشعر لو كانت هذه الطفلة ابنتك؟. وكمحرر اشرت إلى لمحات مشابهة من الرعب المدني ليس بسبب عدم امكانية القارئ الحصول عليها ولكن بسبب وجود خصوصية للموت حين يكون مع الرعب.

لقد أحب (إدي ادافر) الجنود (عندما كان مصور حرب مع المارينز في كوريا) وكره بشدة اللغة الطنانة والمجردة للحرب، اذ قال مرة: "انها ليست عن الاقام والعظمة ولكنها عن الشباب الذين يموتون وقد رأس العديد منهم.


مزالق سفن العشّار

البصرة- المدى

كان في البصرة، سابقاً موضع واحد لتصليح السفن اطلق عليه الداكير، اما الان فهناك العديد من المواقع التي اهلها اصحابها لكي تكون مكاناً لتصليح السفن فموقع الداكير التي تعني بالعربية (حوض التسفين) اقامته السلطات المحتلة عام 1918 عندما احتلت البصرة من اجل اصلاح سفنها في الموقع المعروف في المنطقة الواقعة بين نهري العشار والخندق.. اذ حفرت هذه القوات نهراً على شكل مربع بنتهي عند بداية نهر الخندق.. مكوناً جزيرة مربعة صغيرة.. تم افتتاحه من قبل الجنرال (فرليند) عام 1918 وجهز بآلة بخارية عمودية تستطيع انزال او سحب البواخر.. هذه الجزيرة تستطيع ان تستقبل اكثر من خمسين باخرة سنوياً.. تحتوي على ثلاثة مزالق مائية..

وبعد انتهاء الاحتلال البريطاني تأسست شركة مزالق البصرة المحدودة في 1928 تديرها شركة عريقة لها حضورها في البصرة منذ بداية القرن التاسع عشر.. وهي اقدم شركة للنقل المائي في البصرة وكان لها اسم (شركة بيت الوكيل) قامت هذه الشركة باعمال كبيرة في مجال تطوير المزالق واصلاح السفن وتعتبر الشركة الوحيدة التي كانت تقدم خدماتها للشركات في الخليج العربي من اجل اصلاح سفنها.

مع اقدم العاملين

عن ذلك يقول لنا (سيد محمد السيد حسن الخرساني) وهو من اقدم العاملين في الداكير:

-وجد الانليز آنذاك أن هذه المنطقة انسب مكان لاقامة وحدة لاصلاح السفن خلال الحرب العالمية الاولى حينما كانت الملاحة البحرية والنهرية ممكنة بسبب ارتفاع مناسيب المياه حيث كانت السفن الكبيرة تصل إلى ميناء البصرة عبر الخليج العربي لتفرغ حمولتها ومن ثم يتم نقلها بالسفن والطافيات الصغيرة.. أما الان فان العديد من الغوارق على ضفاف شط العرب.. اشبه ما تكون بمقبرة خاصة لهذه المعدات انها زوارق ولنجات عملاقة خلفتها الحروب وفي هذا الوقت يصنع العمال في الغوارق مراكب جديدة تختلف اختلافاً كبيراً عن السابق.. اذ يصنعون لنجات تستعمل للصيد او الحمولة النفطية مما ساعد على قيام حركة غير اعتيادية في الداكير من اجل صنع لنجات ومراكب جديدة.

ويقول السيد هاشم عبد الامير: ان الداكير القديمة هي اطلال منطقة ليست لها قيمة تذكر اما الداكير الحديثة فهي خينات قديمة متهرئة.. اذ تحولت الداكير مع مرور الزمن إلى مخازن لشتى المواد وبقايا سفن مطمورة في مقر مياه شط العرب.

وبسبب ما مرت به هذه المنطقة المائية خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي فقد عاشت تحت رحمة حرب ضروس لحقها التدمير فهجرها اهلها وغاردتها السفن لكنها نهضت من جديد فتحولت إلى ورشة جديدة اعادت فتحولت إلى ورشة جديدة اعادت اليها بعض ما الفته من اصوات المطارق وصعود السفن فوق مزالقها.. ومن اشهر هذه المزالق مزلق محمد صالح الذي انتهى بوفاة صاحبه ومزلق حنا الشيخ الذي تحول إلى حوض ناشف ولم يبق غير مزلق واحد يسمى (معمل المزلق البحري) الذي كان تابعاً لشركة الموانئ العراقية.. كما ان التجار والموسرين واصحاب النقود يتسابقون إلى شراء الغوارق ومن ثم الاستفادة منها في تضنيع بواخر ومراكب جديدة فأحالت خراب الداكير إلى منطقة تعج بالحركة الصناعية الكبيرة لتصليح القطع البحرية رغم انها تقع ضمن مقترح لجعلها منطقة سياحية لما تتمتع بها من صفات.

رأي التجار

يقول التاجر سلام العلي الذي له عدة مصالح في المنطقة.

ان الحروب تركت العديد من الغوارق من البواخر والجنائب فاستنفرت الهمم وانتشلت من المياه لتعاد إلى بعضها الحياة من جديدها سفناً وجنائب جديدة واستغل ايضاً بهذا الصدد حديد السيارات القديمة والصفائح المعدنية لخزانات المياه المعلقة والتي يتم الغاؤها.. وكانت الجنائب والبواخر الجديدة المصنعة هنا محل اعجاب وتقدير كل من شاهدها من الاختصاصيين.

ويضيف السيد نعمة عبد الحسن المهندس البحري قائلاً:

لقد باشرت الملاكات الوطنية الهندسية بالمساعدة على انتشال الغوارق واعادة تصنيعها من جديد وفق اسس حديثة ضاربين عصفورين بحجر واحد.. انتشال الغوارق ومن ثم الاستفادة منها في تصنيع بواخر جديدة ولنجات حديثة. اذ ان اعادة الحياة إلى هذه المنطقة الحيوية في بناء (الباتونات) واصلاح القوارب والسفن لا سيما قوارب الصيد البحري هو توفير فرص عمل لابناء البصرة.. اذ ان اصلاح وتأهيل الطافيات امتد إلى مناطق اخرى على الرغم من عدم توفر قطع الغيار والمعدات اللازمة لهذه الاعمال.

 


يبيعون الموز لسد الحاجة

حسين الفنهراوي- بابل- المدى

تصوير- اقبال محمد

ما ان توقف سيارتك منتظراً الاشارة الخضراء حتى تفاجأ بأطفال ضغار، او امرأة عجوز، او رجل، يقطع عليك سلسلة افكارك وانت تنتظر الاشارة فيداهمك مستعطياً. وباعة الصحف يطلبون في الساحات رزقهم ويركضون وراءه.. واليوم جاء دور بائعي الموز الذي غزا اسواقنا، على الرغم من انه حافظ على اسعاره العالية. وبدأت مهنة بيع الموز تنتشر وتتسع كثيراً وخصوصاً في ساحات وتقاطع الشوارع تراهم يحملون بايديهم مجموعة من الموز يعرضونها على سائقي المركبات والسيارات التي تقف اضطراراً في بعض الاحيان وترى قرب الاشارة الضوئية صناديق كثيرة من الموز يأخذون منها، كلما نفدت بضاعتهم المعروضة.

تعلم الكبار من الصغار

رأى الكبار هذه المهنة المربحة واقتنعوا بها واخذوا ينافسون الصغار على البيع في هذه الاماكن وتبعتهم النساء.. ووجد الصغار متعة في التنقل السريع بين المركبات وحاولت استدارجهم بالاسئلة فكانوا يهرعون بعرض بضاعتهم وبيعها ولكن بعد انتظار طويل التقيت احد الصبية، (علاء سالم) الذي قال: حيث كانت لدي (بسطية) لبيع سكائر المفرد، لكنها اصبحت مهنة قليلة الربح لان كثيرا ممن كانوا يدخنون يشترون الان بالجملة، بعد ان تحسنت الرواتب واصبحت الحالة المعيشية جيدة للكثير منهم. وعندما سألته عن كيفية حصولهم على الموز تركني راكضاً لان زبوناً قد اخرج رأسه من شباك السيارة يشتري منه. فقلت في نفسي لعلني اقف حجر عثرة في طريق رزقه. فسرت متوجها إلى بائع آخر وهو عبد الامير كريم 31 عاماً حيث قال: ان أي عمل اليوم يحتاج إلى رأس مال كبير اما بيع الموز فهو لا يحتاج إلى راس مال كبير اضافة إلى انه يتحمل ليومين او اكثر ولا يفسد وانا ابيع يومياً ثلاثة صناديق او اكثر احصل من كل صندوق 3-4 آلاف دينار.

اما السيد اسعد عبد الرحمن شاب في مقتبل العمر اجاب عن مكان حصولهم على صناديق الموز انه يأتي  من خارج العراق عن طريق تركيا وسوريا والاردن وايران ويأتي بها تجار الجملة إلى العلوة الرئيسة ونحن بدورنا نبيعه على المستهلك.. وهناك تجار يأتون ببضاعتهم إلى هنا ويبيعونه الينا مباشرة حيث يوفرون علينا ثمن الدلالية والنقل.

شاب صغير آخر بعمر 8 سنوات قلت له لماذا تخاطر بحياتك بين السيارات الا تخاف من سواق الحواسم فيدعسونك؟ فرد عليّ ببراءة نحن نريد ان نعيش.. وفعلاً انه الصراع من اجل البقاء.

بائع آخر قاسم عبيد سألته لماذا اخترتم الموز فأجاب: أولا ان الموز كما معروف عنه فاكهة غير عراقية والطلب عليها كثير وثانياً سهولة تقشيرها واكلها داخل السيارة اضافة إلى عدم الحاجة إلى غسل اليدين بعد الانتهاء من اكلها.

رجل المرور لا حول له ولا قوة فهو يقف قرب صناديق الموز وربما يكون حارساً عليها قال: ان هذه الظاهرة كثرت هذه الايام بشكل كبير فنحن لا نستطيع منعهم ولكننا نخاف عليهم خاصة الصغار منهم اضافة إلى ان هنالك مشاكل فيما بينهم خاصة عندما يريد احد ما ان يشتري فيهرع اليه اكثر من واحد. وهنا تقوم القيامة. اضافة إلى عدم اكتراث البعض بالسيارات المارة في الشارع ولا يحسب الا كم سيبيع ولا يفكر الا بالوصول إلى الزبون وكم من حادثة حدثت هنا دعسوا فيها وخاصة الصغار منهم. وهم يؤثرون على عملنا ولكن ما باليد حيلة فاغلبهم مساكين والعوز اجبرهم على الدخول إلى هذا العالم. والكثير منهم يؤمن صناديقه بالقرب منا وحاولنا منعهم ولكن لم نستطع ذلك.

ان تأخر المرور في الاشارة الضوئية الممل والطويل جداً لكثرة السيارات هذه الايام، يجعل من مستخدمي الطريق بحاجة إلى شيء يلتهون به، والموز هو احد الندماء

الذي اكتشفه هؤلاء  طالبو الرزق في الاشارة الضوئية ولربما في الايام القادمة سنجد مطاعم ومتنزهات يستريح فيها اصحاب المركبات وركابها قرب الاشارة الضوئية لحين صدور امر المرور لشدة الازدحام وهذا مقترح ليس الا..

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة