تحقيقات

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

اين هي المبادرة الشعبية وماسرغيابها؟ مواطنون جائرين: نريد ان نفعل شيئاًَ لكننا لانجد امامنا غير الفراغ!

د.سعد جواد (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق): لن يهزم الارهاب غير الشعب

كاكه فرج (الحزب الديمقراطي الكردستاني): نسيان المواطن ودوره ومبادراته كارثة وطنية

د.قيس العزاوي (الحركة الاشتراكية العربية): كيف نحارب المتسللين بالمواطنين من دون برنامج؟

عامر القيسي

بعد ان رصدوا تحركاً مشبوهاً لبعض العناصر الغريبة في منطقة خضر الياس بادرت مجموعة من المواطنين ورتبت تحركاً جماعياً للقبض على هؤلاء وهم يحاولون زرع الالغام في الطريق المؤدي الى جسر باب المعظم.

وبحركة جماعية جريئة وشجاعة استطاعوا القاء القبض على ستة منهم في حالة تلبس بالجرم الارهاربي، وقاموا من ثم بتسليمهم لاحدى الدوريات.

هذا نموذج لمبادرة شعبية عفوية ظهرت خبراً في عدد من الصحف قبل شهور فمن يسقي هذه النبتة ويطورها من حالتها الفردية الى حالة جماعية عامة يجني ثمارها الجميع امناً وسلاماً، تساؤلات كثيرة، عن المواطن والمبادرة الفردية ودور الاحزاب والحكومة طرحناها على مواطنين ورجال شرطة وسياسيين وعلماء نفس وعلماء اجتماع في محاولة لالقاء الضوء على مساحة معتمة من مساحات العمل الوطني مازالت غائبة او مغيبة في معادلات العمل السياسي العراقي.

برودة ولامبالاة

من لقاءات لنا مع مجموعة من المواطنين، اخذنا هذه الاجابات التي تعبر عن معظم الاراء التي سمعناها.

-يقول المهندس اسماعيل فهد (38 عاماً) بالرغم من جسامة الاحداث التي يمر بها الوطن وخطورتها، الا ان فعاليات الاحزاب ودورها ليس بالمستوى المطلوب فانا اعتقد بان همها هو مصالحها الحزبية الضيقة والاعلان عن نفسها بمناسبة وبدون مناسبة، ان احزاباً حقيقية يهمها مستقبل العراق ينبغي ان تعيد النظر في فعالياتها.

*وماهو دور المواطن؟

-المواطن يااخي، مصاب بالاحباط وبرغم ذلك انا اعرف الكثير من الحالات والمبادرات قام بها مواطنون، للاخبار عن حالات تثير الشبهات وكان يجري التعامل مع هذه المبادرات ببرودة ولامبالاة من قبل اجهزة الشرطة وحتى الاحزاب، مما يقطع طريق تطوير المبادرة الفردية الى جماعية.

لم يحمني أحد!

مواطنة شابة (فضلت عدم ذكر اسمها) خريجة معهد الادارة، قالت:

-انا نفسي انخرطت في قوات الدفاع المدني ودخلت دورة مع مجموعة من زميلاتي، في الاردن لمدة شهرين وتدربنا على فنون كثيرة، وعندما عدت، وضعوني في مكان لااستطيع فيه ان امارس دوري، لقلة الخبرة وعدم التعود على هذه الاجواء، مما دفعني لترك العملن وانا الان اتعرض لضغط من اجل ترك داري مع عائلتي، دون ان اجد اية حماية لا من قبل الحزب الذي انتمي اليه ولا من قبل الشرطة، فكيف يكون شكل المبادرة؟ وكيف يكون التعامل معها!؟

هل يمكننا اعادة التجربة؟

المواطن نبيل (42 عاماًَ) صاحب محل، يقول بعد سقوط النظام وبداية اعمال السلب والنهب، استطعنا ان نحمي محلتنا، بدون احزاب ولا ….. وضعنا الحواجز الحجرية، وحملنا سلاحنا الشخصي، ولم تسرق اي دار ولم تدخل اية عصابة، هل نستطيع فعل ذلك اليوم؟ سنعتبر حتماً ضد القانون! في الفترة الاخيرة تعرضت منطقتنا لتفجير  عبوة ناسفة، ومحاولة اغتيال احد ابناء المنطقة وسرقة دار، ونحن نتفرج!! كل بيت يحمي نفسه ولاثقة لنا باحد، نريد ان نفعل شيئاً لكننا لانجد امامنا غير الفراغ، انني مع مبدأ الحماية الذاتية ولكن بتنسيق مع مراكز الشرطة والمنظمات الحزبية.

نموذج حزبي

مواطنة منتسبة لاحد الاحزاب اخبرت مسؤولها الحزبي عن تحركات مشبوهة لعناصر ارهابية وكانت مفاجأة لها، ان قوبلت مبادرتها هذه بالبرود.. لكنها لم تستسلم فقد عادت مرة ثانية، لتخبر نفس المسؤول عن وجود واحد من الارهابيين الاجانب يقوم بصنع النقود المزورة وطرحها في السوق وبكميات كبيرة، واعطته عنوان الشقة التي يمارس فيها عمله الاجرامي هذا، فما كان من رفيقها (الحريص) الا ان يطلب منها ان تذهب الى الشقة، وتتاكد، ان كانت فيها معدات او مطبعة لهذا الغرض و سيتحرك هو فيما بعد!!

فشل النظرية الامريكية

د.سعد جواد، نائب رئيس المكتب السياسي للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق تحدث عن تصورات المجلس الاعلى وفعالياته في هذا الاطار قائلاً: كمجلس اعلى طرحنا تصوراً كاملاً منذ مؤتمر لندن (2002) حول الوضع الامني بعد سقوط النظام، وقلناان القوى السياسية العراقية ينبغي لها ان تضطلع بهذا الدور كمرحلة اولى وتكون ميليشياتها في خدمة الحكومة التي ستتشكل كمرحلة ثانية والمرحلة الثالثة هي بناء الاجهزة الامنية للدولة اعتماداً على عناصر ميليشيا الاحزاب وقد تمت الموافقة على هذه الخطة بحضور (خليل زاد) المندوب الامريكي للمؤتمر، ولكن بعد 9/4، طبقت النظرية الامريكية التي اعتمدت على مفهوم الحاكم العسكري والجيش الامريكي كجيش محتل تقع على عاتقة مهمة حفظ الامن ومنذ ذلك الحين ابتدأت المشاكل الامنية واثبتت الوقائع فشل التصور الامريكي، وقدمنا خطة اخرى للاستفادة من (ميليشيا) الاحزاب، لكن الاستفادة كانت محدودة ووافقوا على اعداد رمزية فقط، ونقولها صراحة ان الجانب الاسلامي والتثقيفي غير كافيين لردع الارهاب والجريمة المنظمة ان الحكومة تبدو عاجزة عن معالجة بؤر التوتر، وعليها التنسيق مع الاحزاب والتيارات الفاعلة للسيطرة على الوضع الامني، فكيف تجابه ارهاباً مسلحاً دون ان تكون لديك موافقة الظهور المسلح لمقاومته، مراكزنا الحزبية تتعرض للهجوم ونقدم الشهداء ولانستطيع سوى ان ندافع عن انفسنا.

لن يهزم الارهاب غير الشعب

واضاف: على الحكومة ان تبني جسور الثقة مع الاحزاب وتمنحها صلاحية الردع بالتنسيق طبعاً مع الشرطة العراقية والحرس الوطني وبقية الاجهزة ذات الصلة، لن يهزم الارهاب غير الشعب، وهذا يعتمد على شقين العسكري والسياسي، وفي كليهما ينبغي ان يكون المواطن حاضراً لاداء دوره الوطني الذي هو مستعد له لو توفرت له المستلزمات المادية والسياسية لهزم الارهاب صحيح ان قوى الارهاب والجريمة لديها امكانات لزعزعة الامن لكن قوى الشعب ذات المصلحة الحقيقية في بناء العراق الحر الديمقراطية لديها امكانات بما لايقاس لالحاق الهزيمة بمشروع التخلف والهمجية الذي نواجهه الان.

كيف تفعل دور المواطن، في الوقت الذي يكون كيانك السياسي في حالة الدفاع عن النفس؟ من هذا السؤال علينا ان ننطلق لبرنامج عمل اخر نتحول فيه من الدفاع الى الهجوم.

ضد الميليشيات مع الخلايا الامنية

التقينا كاكه فرج، مسؤول العلاقات العامة في الحزب الديمقراطية الكردستاني وحدثنا عن دور الحزب في مجال الوضع الامني وتنشيط دور المبادرة الجماهيرية، قائلاً: اننا نعمل مع الاحزاب الوطنية العراقية الاخرى اولاً وندعم الحكومة الحالية سياسياً واعلامياً وندعو على احترام شرعية الدولة في كل مناطق العراق.

بجب فتح الابواب امام عناصر الاحزاب الفاعلة لتساهم في مؤسسات الجيش والشرطة والامن نحن ضد تشكيل (ميليشيات) حزبية، لانها ستنتج لنا ارهاباً جديداً بشكل اخر، نحن مع تشكيل خلايا امنية في كل منطقة وحي، ومهمتها التعاون مع المواطنين لرصد تحركات الارهابيين وعصابات السرقة والتهريب لدينا امكانات هائلة، وهي تحت تصرف الحكومة متى ارادت ذلك.

*هذه افكار تحتاج الى وقت، نحن نبحث عن حلول امنية وسريعة لجعل المواطن جزءاً من عملية المواجهة ومساعدته في تفعيل مبادرته الفردية والجماعية؟

كي لانستسلم لليأس

-الوضع في العراق معقد وتطبيق فكرة الحماية الذاتية صعبة الان ان مايجري في العراق، عمل منظم ومنهجي ومدعوم من قبل اطراف كثيرة، ان علينا ان نرفع من جاهزية المواطن للدفاع عن وطنه ومستقبله لاننا بدون برنامج واضح لمثل هذا العمل، فان المواطن سيفقد تدريجياً روح المقاومة للارهاب ويستسلم لليأس، وهي خدمة مجانية للقوى التي تريد ان تجهض التجربة السياسية الديمقراطية في العراق هذه المهمة كبيرة لاتشمل الاحزاب فحسب، ولا المواطن فحسب ان نسيان المواطن ودورة ومبادرته كارثة وطنية، الاعلام العراقي والنخب المثقفة التي يهمها مستقبل العراق، مطالبان بتوعية المواطن بحجم الاخطار القادمة ودوره في رد هذه الاخطار نحن جاهزون لاي نوع من التعاون مع الحكومة ومع الاحزاب الوطنية الحقيقية ومع دعم المبادرات الشعبية مهما كانت متواضعة، ان الموقف السلبي للمواطن، هو نتاج المرحلة السابقة، بسبب انعدام الثقة بينه وبين السلطة، ان هذا الموقف يغذيه الان ازلام النظام السابق وبقاياه بمختلف الاشكال واللبوس التي هم عليها الان.

اعادة القراءة السياسية

يقول د.قيس العزاوي نائب امين الحركة الاشتراكية العربية:

لنتحدث عن دور الاحزاب، هناك احزاب خارج السلطة واخرى داخلها، المسؤولية الكبرى تقع على الاحزاب الداخلة في السلطة، وعدم نجاحها في التعبئة السياسية لانها في الحقيقة منشغلة ببرامج طائفية وحزبية، تركت الهم الوطني العام لمن له مصلحة في العبث بالامن  وعدم اعمار العراق، لكن من واجبها مع التي خارج السلطة العمل على اعادة بناء الاجهزة الامنية وتثبيت القانون والقوة ومن مصلحة الاحزاب ان تتفق على برنامج وطني يركز اولاً على المصالحة الوطنية مع كل من لم يستخدم الارهاب ثانياً المصالحة مع دول الجوار الجغرافي ثالثا وضع جدول زمني لانسحاب القوات الاجنبية من العراق بعد المرحلة الانتقالية، رابعاً اعادة تقويم العملية السياسية باسرها والدعوة الى مؤتمر شامل.

*واين المواطن من كل هذا؟

-ان انخراط المواطن في ميليشيات امر غير وارد، والاحزاب الداخلة في السلطة قدمت استقالتها جماهيرياً، علينا اعادة القراءة السياسية، المواطن في هذه الحالة لايستطيع ان يدافع عن وطنه اسألك: كيف تحارب المتسللين بالمواطنين من دون ان يكون لديك برنامج لذلك ووسائل تنفيذ هذا البرنامج، علينا ان نستخدم تحول مزاج الجماهير التي تنتقل من تسمية (المجاهدين) الى تسمية (ارهابيين) وهذا ما لاحظته في احداث شارع حيفا مثلاً، علينا ان نعترف بغياب التعبئة السياسية، وعدم تحويل المبادرات الشعبية على ندرتها الى فعاليات شعبية مؤثرة في نفوس الناس، من جهتنا نعمل مع عدة احزاب ، او منها احزاب كردية لعمل تكون فيه الجماهير الوسيلة والهدف وسنحاول ان ننسق مع الحكومة في مثل هذه الفعاليات.

 

 

 


 

مغادرة العراق..هرباً من الخاطفين!

احمد السعداوي

(لم يتبق معي من اجهزة البيت سوى المكوى، وحتى هذا بعته ايضاً يمكنك ان تصفني بانني جالس على البساط الان) يقول (رافد) ذلك بابتسامة باهتة ومكظومة.

وهذا البساط قد لايعني، في سياق كلامه، سوى بساط الانتظار، فهو، مع اخويه، يجهدون منذ اسابيع في بيع كل مالديهم وتحويل كل ماله قيمة الى نقود، استجابة لفكرة تراودهم دائماً، وعززتها دعوة قريب لهم في هولندا للهجرة اليه.

فكرة الهجرة ومغادرة العراق تراودنا جميعاً من وقت لاخر، كاندفاع حلمي يوازن الضغط النفسي الذي نعانيه جميعاً في ظل الاوضاع الراهنة، ولكن قوة (وفائدة) فكرة المغادرة، هي في كونها فكرة، وليست شيئاً اكثر، مثل تمني الموت، او استعجال الاشياء السيئة، انها الارتدادات السلبية التي لامفر منها لكي نكون بشراً عاديين.

ولكن القضية لدى رافد واخوته ليست بهذه العمومية، فهم لايريدون الهجرة من العراق احتجاجاً على الاوضاع السيئة، او يأساً من تحسنها، انها بالتحديد.. للهرب من الخاطفين لايتسطيع رافد مقاومة الفكرة بانه ربما يختطف، او يحصل الامر مع احد افراد عائلته.. ويعرض نفسه بالنتيجة للابتزاز او القتل، من قبل العصابات المتخصصة في هذا المجالن والتي يبدو ان انشغال الاجهزة الامنية العراقية بقضية الارهاب، جعل نشاطها-هذه العصابات- يبدو باهت الضوء امام سطوع احداث التفجيرات وخطف الاجانب وبيانات وتهديدات الجماعات المسلحة، وعروض الذبح العلني في الفضائيات، وقتل المسؤولين الاداريين والسياسيين في المحافظات، واغتيال مذيعات التلفزيون والصحفيين، والمادة الاعلامية الهائلة حول المدن المضطربة، وقضية الانتخابات التي تسخن يوماً بعد يوم.

رافد واخواه سيضعون كل هذه الدراما الحادة خلفهم وبمجرد اجتياز الحدود، وليكن السبب في هجرتهم، هذه الخلفية العامة من الاحداث ، ولكنها الان، لاتملك الاقناع الكافي امام سبب مباشر واكثر تاثيراً.. فهم لايريدون ان يكونوا الضحية التالية، لعصابات الخطف التي تتحرك بحرية كما يبدو، خصوصاً ان حادثتين او ثلاثاً حصلت في منازل قريبة، العصابات تعرف من تنتقي من الاثرياء والتجار.

في النهاية سيبدو الامر قضية شخصية فانا حر مثلاُ في ان اهاجر او لااهاجر، ولااحد يستطيع خداعي بمنحى الطمأنينة المجانية غير المضمونة، وفي النهاية، ايضاً أحد يملك احصائية دقيقة بعدد من هاجروا من العراق خلال السنة الماضية مثلاً، لاسباب تتعلق بالوضع الامني العام، او الخوف من الخطف والاغتيال.

من قبل، دار كلام كثير حول هجرة الاطباء والكفاءات العلمية، بسبب عصابات الخطف بالتحديد، ولايبدو اننا قادرون على فعل شيء ازاء ذلك، واثناء ذلك وبعده هاجر عدد من العوائل المسيحية من البصرة الى بغداد والموصل وخارج العراق بسبب تهديدات وتفجيرات من قبل متشددين اصوليين.

والشيء الذي لم يكن في بال احد ان تستهدف الكنائس المسيحية بالعبوات الناسفة والسيارات المفخخة ولاكثر من مرة، ولايمكن لاحد ان يعطي تفسيراً منطقياً لهذه الاعمالن سوى اننا نقيس على النتائج فنقول: ان الهدف هو تمزيق وحدة الصف الوطني.. ودفع المسيحيين العراقيين للخوف.. ومن ثم التردد في المساهمة السياسية والاجتماعية والثقافية.. او الهجرة خارج العراق.

ولكن، مالذي يمكن عمله ازاء ذلك؟ فالمسيحيون في اخر المطاف عراقيون، وهذا يعني انهم شاءوا ذلك ام ابوا، سيستجيبون للاحداث من هذا البعد في الهوية، مثلما استجابوا للاحداث التي عايشوها مع باقي العراقيين عبر الحقب الماضية، بل القرون الماضية السحيقة من وجود العراق.

لكن برغم ذلك اتألم لاي مسيحي يغادر العراق، او يغادر مدينته الاصلية الى مدينة اخرى داخل العراق، فهذا الامر يضعف من التاثير السياسي والاجتماعي للمسيحيين، وربما كان من اهداف المفجرين والمفخخين تحييد واقصاء هذا التكوين العراقي المميز من الخريطة العامة للاحداث.

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة