الحدث الاقتصادي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

انتفاضة اسعار النفط الواقع والأسباب القسم الأول

إعداد: جرجيس كوليزادة

سجلت اسعار النفط سعراً قياسياً في الأسواق العالمية للنفط، بعد أن وصلت إلى ارتفاع قياسي منذ ربع قرن بتخطي سقف الخمسين دولاراً للبرميل. وكان سعر النفط قد قفز إلى 50.47 دولار للبرميل في تعاملات الأسبوع الأخير من أيلول والاسبوع الأول من شهر تشرين الأول مع زيادة المخاوف من اضطراب الإمدادات، لكنه عاد ليرتفع من جديد عند 51.90 دولار للبرميل في بورصة نيويورك. وقفز سعر خام برنت إلى مستوى قياسي جديد في لندن ليصل إلى 46.80 دولار قبل ان يستقر عند 48.45 دولار للبرميل ثم بدأ الارتفاع مرة أخرى ليصل إلى عتبة (57) دولاراً للبرميل في بورصة نيويورك، وقال احد مستشاري الحكومة السعودية إنه يعتقد أن اسعار النفط الحالية مرتفعة للغاية.

وللتعرف عن كثب على مسار ارتفاع الأسعار خلال الفترة الوجيزة الماضية، نعرج إلى أهم تقارير المتابعة الخبرية التي كانت تراقب العملية في اسواق النفط. وحسب تقارير وكالات الانباء فان بداية صعود الأسعار بدأت في الأسبوع الثاني من شهر آب، حيث جاء في تقرير هيئة الاذاعة البريطانية ليوم 20 / 8 / 2004، أن اعمال العنف التي اندلعت مؤخراً في مدينة النجف العراقية وحولها أدت إلى ارتفاع قياسي لأسعار النفط يكاد يصل بسعر البرميل إلى خمسين دولاراً في القريب العاجل. حيث ارتفع سعر البرميل من الخام الاميركية إلى 49.27 دولار للبرميل لأول مرة في تاريخ التداول في أوروبا وسط انباء عن تعرض أنابيب النفط في الجنوب العراقي لهجمات تخريبية. وأعرب برونومو يوسجيانتورو، رئيس منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) عن قلقه من ارتفاع اسعار النفط. وأضاف إنه على الرغم من القلق السائد في اسواق النفط العالمية، إلا ان منظمة أوبك لن تتخذ أية إجراءات قبل اجتماعها المقرر في أيلول. وقال يوسجيانتورو: "أنا قلق من استمرار الارتفاع في اسعار النفط، ولكنه حتى الآن لم يحدث تضخم بسبب ارتفاع الأسعار". كما سجل خام برنت البريطاني ارتفاعاً جديداً حيث وصل سعر البرميل منه إلى 45.15 دولار. ويحذر المحللون من احتمال استمرار موجة الارتفاع في سعر النفط. قال بروس إيفرز، خبير النفط: "من المحتمل أن يصل سعر برميل النفط إلى السبعين دولاراً، فهناك مشكلة كبرى في الامدادات، فقد خرج النفط العراقي والفنزويلي من الأسواق".

وجاء في التقرير أيضاً أن الزيادة الأخيرة في سعر النفط حدثت على خلفية الانباء التي تقول إن "مقاتلين" قاموا باحتلال المقر الرئيس لشركة نفط الجنوب. وفقاً لما ذكره شهود عيان، فقد اشتعلت النيران في مقر شركة النفط العراقية ومخازنها. كما اهتزت الأسواق أيضاً لأنباء عن الهجوم على احد أنابيب النفط في شمال العراق. وأغلقت اسواق نيويروك على مستوى 48.70 دولار للبرميل، وهو أعلى رقم يسجله النفط الأمريكي منذ واحد وعشرين عاماً من تداول العقود الآجلة في نيويورك. وهذه هي المرة الرابعة عشرة التي يسجل فيها رقم قياسي على مدار دورات التداول الخمس عشرة الماضية. وقد ارتفعت العقود النفطية الآجلة في الولايات المتحدة بنسبة 30% منذ حزيران الماضي. غير ان هذا الارتفاع في الأسعار، إذا ما وضع في الاعتبار فارق الأسعار عن الماضي بسبب التضخم، ما زال يقل كثيراً عن الارتفاع القياسي الذي حدث حين وقعت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. فإذا قيست الزيادة التي حدثت حينها بحسابات اليوم، لكان سعر البرميل يوازي ثمانين دولاراً وقد عكست القفزات الأخيرة في اسعار النفط مخاوف المستثمرين من العنف الذي يهدد إمدادات النفط العراقية، من بلد يحتفض بثاني احتياطي عالمي مؤكد بعد السعودية.

ويتوقع اغلب المحللين ان يستمر الارتفاع في الأسعار، مما قد يؤثر سلباً على مستويات النمو الاقتصادي العالمي حيث ستعاني الشركات والمستهلكين من ارتفاع تكاليف الانتاج والمواد الاولية. وفقاً لبعض الخبراء، فقد يصل سعر برميل النفط إلى ستين دولاراً خلال  وقت قصير. والسبب الأساس الذي يقف وراء الارتفاع في اسعار النفط، هو ازدياد الطلب العالمي عليه، الذي جاء نتيجة لتعافي الاقتصاد الأمريكي إلى جانب النمو الفائق للاقتصاد الصيني. ووفقاً لآخر الاحصائيات، فقد ارتفعت واردات النفط الخام الصينية خلال الشهور السبعة الاولى لعام 2004 بنسبة اربعين في المئة، مقارنة بالواردات في الفترة نفسها عام 2003. ونظراً لهذه الزيادة في الطلب العالمي، فقد اندفعت الدول المنتجة في ضخ النفط من اراضيها لتصل إلى الحدود القصوى للانتاج. وفي الوقت نفسه، فقد ادى العنف المتفجر في العراق خلال الفترة الأخيرة والهجمات الارهابية في السعودية إلى اذكاء المخاوف بشأن إمدادات النفط الوارد من منطقة الشرق الأوسط، المنطقة الرئيسة لإنتاج النفط في العالم. وكان المسلحون العراقيون والسعوديون قد شنوا هجمات على المنشآت النفطية في البلدين خلال الشهور الأخيرة.

كما ساهم الخلاف حول مستحقات الضرائب بين الحكومة الروسية وشركة يوكوس التي تضخ ما يقرب من 2% من إجمالي الانتاج العالمي من النفط في ارتفاع اسعار النفط. وكانت شركة يوكوس قد حذرت من أن تؤدي خلافاتها مع الحكومة الروسية إلى توقفها عن ضخ النفط. كما كان لعدم الاستقرار السياسي في فنزويلا، خامس منتج للنفط في العالم، خلال تلك الفترة الذي شهد الاستفتاء على رئاسة هونجو تشافيز، دوراً في الارتفاع الأخير في سعر النفط.

بينما في الأسبوع الأول من شهر آب بلغت اسعار النفط الاميركية مستوى قياسياً لها كما جاء في التقرير الخبري الاقتصادي لبي بي سي، إذ تخطى سعر البرميل الواحد للمرة الاولى 44 دولاراً، أكدت منظمة أوبك عدم قدرتها على رفع إنتاجها بصورة اكبر في ذلك الوقت، حيث أعلن رئيس الاوبك بورنومو بوسجيانتور أن المنظمة ليس لديها نفط إضافي لعرضه فوراً في السوق العالمية من اجل تهدئة اسعار النفط الملتهبة. وقال للصحفيين إن السعودية يمكنها زيادة الانتاج لكن ذلك يحتاج إلى وقت لتهدئة الأسعار التي اعتبرها مرتفعة جداً، وبلغت حداً جنونياً. وقال محللون إن الارتفاع في اسعار النفط التي بلغت مستويات قياسية يمثل لغزاً بالغ الأهمية يصعب توقع مضاعفاته على الاقتصاد الاميركي.

وأوضح المحلل في "أي. أف. آر" لخدمات الطاقة تيموثي إيفانس أن سوق النفط ما زال غير مقتنع باستمرار إمدادات النفط في شركة يوكوس، بعد الجدل الذي صدر بشأن قرار حكومي يتعلق بوقف بعض الوحدات الإنتاجية للشركة، إضافة إلى الشكوك بشأن الامدادات من العراق. وكانت وزارة العدل الروسية قد اكدت أن بامكان شركة يوكوس النفطية العملاقة الاستمرار في عملها بانتاج وتصدير النفط الخام، معدلة بذلك امراً اصدره معانون قضائيون أثار جدلاً ومخاوف بشأن وقف الانتاج. ومن ناحيته قال وزير النفط العراقي ثامر الغضبان إن صادرات العراق من النفط ستتراوح في شهر آب بين 1.7 إلى 1.8 مليون برميل يومياً ارتفاعاً من 1.5 مليون في تموز. على صعيد آخر انتجت منظمة أوبك نحو 95% من طاقتها الإنتاجية، ويقول محللون إن المنظمة بذلك لا تملك سوى حيز بسيط لدعم الانتاج عند الطوارئ.

وجرياً على سلم الارتفاع، أيضاً سجلت اسعار النفط الخام ارتفاعاً قياسياً في الأسبوع الثاني لشهر آب 2004، على خلفية القلق من الموقف السياسي لفنزويلا، والخوف من أي أعمال تخريبية ضد المنشآت النفطية العراقية. كما أثار انفجار اسفر عن حريق في مصفاة للنفط تابعة لشركة النفط البريطانية في الولايات المتحدة القلق بشأن إمدادات النفط في السوق العالمية.

ويأتي ارتفاع الطلب على النفط في السوق الدولية نتيجة للنمو الاقتصادي الكبير الذي تشهده الصين والهند، إضافة إلى تعافي الاقتصاد الأمريكي.

فبنهاية تموز الماضي، سجلت واردات الصين من النفط ارتفاعاً قدره 40% عن نفس الفترة من العام الماضي، وتأتي الصين في المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة من حيث حجم الاستهلاك للنفط. وتقوم الدول المنتجة للنفط حالياً بضخ النفط بالقدرات القصوى، ويخشى المحللون ان يؤدي أي اضطراب في الامدادات إلى ارتفاع اسعار النفط اكثر حتى مما تشهده الاسواق حالياً.فقد اعربت السعودية عن استعدادها لزيادة انتاجها إلى ما يقرب من 1.3 مليون برميل يومياً، غير أن التصريح السعودي لم ينجح في السيطرة على اسعار النفط التي واصلت ارتفاعها. ومال المستثمرون في اسواق النفط العالمية إلى الاعتقاد بان اسعار النفط ستواصل ارتفاعها. وقد أدى الاستفتاء الرئاسي في فنزويلا، خامس منتج للنفط في العالم إلى زيادة مخاوف المستثمرين من اضطراب إمدادات النفط في السوق. فكان من المتوقع أن يصوت الناخبون في فنزويلا على بقاء الرئيس الحالي، هونجو شافيز، على رأس السلطة في البلاد، وتوقع المراقبون أن يندلع العنف في فنزويلا في حالة تصويت الناخبين ضد استمرار شافيز في مقعد الرئاسة. كما ظل الخوف قائماً من احتمالات تعرض أنابيب النفط في العراق لأعمال تخريبية، على الرغم من قرار المسؤولين العراقيين بوقف انتاج النفط من الحقول الجنوبية العراقية في حينه. كما تدخل عوامل أخرى في إثارة المزيد من قلق المستثمرين، من بينها المشكلة بين عملاق النفط الروسي، يوكوس، والحكومة الروسية، والعاصفة الاستوائية التي ادت إلى وقف ضخ النفط من الحقول الأمريكية بخليج المكسيك.


النفط والجيوستراتيجية المعاصرة معركة على خطوط الأنابيب الحلقة السادسة

منذ استقلال الدول النفطية وسط آسيا وانفتاح المعلومات عن الثروة النفطية فيها على العالم، بدأت معركة حامية الوطيس بين الشركات الغربية والقوى الدولية والاقليمية على ذلك الكنز المكتشف.

ويبدو واضحا ان هناك مستويين من التنافسات: احدهما مواقف الشركات العالمية غير المعنية كثيرا في المدلولات السياسية لمد الخطوط في اتجاه او آخر، والاخر هو المواقف السياسية والاستراتيجية للقوى الدولية ، التي تؤثر بدورها على مواقف الشركات، هذا اضافة الى مواقف الدول الاقليمية التي تتخوف من ارتهان نفطها لهذه القوة او تلك بدرجة او بأخرى.

ان كميات النفط والغاز التي بوشر بتصديرها من اذربيجان وكزاخستان وتركمانستان ما زالت قليلة. فبالنسبة لاذربيجان، تم في عام 1997 الاتفاق مع روسيا على ترميم جزء من خط قديم ينقل النفط من باكو الى ميناء نوفوروسيك على البحر الاسود عبر اراضي الشيشان. ولكنه خط مؤقت ، ولا تحبذ اذربيجان ولا روسيا استمراره وتقويته لعدة اسباب، في مقدمتها ان عدم الاستقرار السياسي في الشيشان قد يشكل تهديداً للخط بالنسبة لاذربيجان، بينما لا تحبذ روسيا مرور الخط عبر الشيشان بسبب مطالب الاخيرة بالاستقلال، وتقترح خطاً اخر يلتف على الاراضي الشيشانية الى ميناء نوفوروسيك على البحر الاسود. كما يجري ترميم خط من باكو الى ميناء سويسا الجورجي على البحر الاسود. اما كزاخستان، فقد باشرت بنقل كميات من النفط بالقطارات والشاحنات، وذلك باتجاهين: اتجاه نحو الصين، واتجاه اخر نحو دول البلطيق بعد نقل النفط في المراكب عبر بحر قزوين. وهذه حلول مؤقتة ريثما يتم الاتفاق على خطوط الانابيب الارضية الدائمة. كذلك تم مد خط صغير لنقل الغاز من تركمانستان الى شمال ايران وذلك للاستهلاك الداخلي.

اما بالنسبة للخطوط الدائمة، ففي الوقت الذي تطرح فيه بعض الشركات اقامة خطوط في مختلف الاتجاهات، فان التنافس ما زال حاميا حول اربعة اتجاهات:

1-خطوط شمالية: تربط نفط دول بحر قزوين بشبكة الخطوط الروسية القديمة وتتجه اما براً الى اوروبا او نحو ميناء نوفوروسيك على البحر الاسود، وهي الخطوط التي تريدها روسيا.

2-خطوط غربية: تنقل نفط اذربيجان ، ونفط كزاخستان بعد مد انابيب تحت البحر الى باكو ثم الى البحر الاسود عبر ميناء سويسا الجورجي. وهي خطوط تؤيدها اذربيجان وجورجيا . ولكن المشكلة في هذه الخطوط تتمثل في الموقف التركي الرافض لمرور النفط عبر البوسفور والداعي الى مد خطوط من ميناء باكو الاذربيجاني الى ميناء سيحان (الاسكندرون) التركي على الشاطيء الشرقي للبحر المتوسط، عبر الاراضي التركية اليابسة في الشمال الشرقي.

وينبع الاعتراض التركي على مرور النفط عبر اليوسفور من ادعائها بان البوسفور لم يعد يتحمل ما يتعرض له من تلوث بيئي بسبب مرور النفط فيه. غير ان سبباً اخر يكمن وراء المعارضة التركية، ويتمثل في حقيقة ان البوسفور يعتبر ممراً مائياً دولياً وفقاً لمعاهدة مونترو الموقعة في عام 1936، ولا يتيح ذلك لتركيا التحكم فيه او جباية رسوم مرور او اية مكوس اخرى، وذلك على العكس من مرور الانابيب عبر اليابسة التركية. مقابل ذلك ، ثمة اعتراضات كبيرة على مثل هذه الخطوط من قبل ارمينيا، التي تعتبر المناطق الشمالية الشرقية من تركيا اراضي ارمنية مغتصبة ، وترى ان مرور الانابيب منها يعني اعترافاً دولياً بالاغتصاب التركي. الى جانب ذلك، فمن شأن هذه الانابيب ان تمر من اراض اخرى يعتبرها الاكراد اراضيهم ، وثمة خشية من ان يهدد الاكراد هذه الخطوط.

3- خطوط شرقية: كزاخستان تتطلع الى تصدير نفطها بأي اتجاه طالما ان ذلك سيدر عليها اموالا طائلة. وتكافح الصين بقوة من اجل مد خطوط باتجاه الشرق، حيث وقعت مؤخراً اتفاقاً اولياً مع كزاخستان على بناء خط تقدر تكاليفه بنحو 3.5 مليار دولار، وتعرض كذلك شراءها عدداً من الحقول النفطية الكازاخية.

وهناك حديث عن خط للغاز من تركمانستان عبر افغانستان الى باكستان والهند. غير ان عدم الاستقرار في افغانستان يعطل البحث فيه.

4- الخطوط الجنوبية: يكثر الحديث حالياً عن افضلية الخطوط النفطية الجنوبية، أي نحو ايران وعبر اراضيها الى الخليج العربي. وهناك عملية دعاية واسعة لهذا الخيار، الذي يقول انصاره بانه اقصر الخطوط وارخصها تكلفة، وبخاصة بالنسبة لغاز تركمانستان المحاذية لايران. غير ان الاعتراضات على هذا الاتجاه، وفي مقدمتها اعتراضات امريكية، تنقسم الى شقين، اولهما اعتراض امريكي تكتيكي يسعى الى الضغط باتجاه اجراء تحولات جذرية في السياسة الايرانية، والثاني اعتراض امريكي استراتيجي ينبع من التردد الكبير في حصر كل ثروة المستطيل النفطي في الخليج العربي، حيث ان هذا الخيار يفترض عودة ايران الى الحضن الامريكي والى استعادة دورها كشرطي الخليج، او ان يلزم الولايات المتحدة بالوجود العسكري الدائم في الخليج، وبمعنى آخر، احتلاله. وامام هذه الاحتمالات الكثيرة ، يبدو ان الاتجاه الحالي المدعوم امريكيا يميل الى تدعيم فكرة الخطوط الغربية، وبخاصة في شقها الجورجي حيث تروج الولايات المتحدة لفكرة نقل غاز تركمانستان بانابيب من تحت مياه بحر الخزر عبر اذربيجان الى تركيا.

غير ان التركيز على هذا الاتجاه يتطلب حل معضلات فنية وسياسية هائلة، في مقدمتها حل مشكلة البوسفور فنياً، وحل المعضلة الكردية في تركيا واجراء مصالحه ارمينية - تركية سياسياً. وهذا يعني منح تركيا اهمية سياسية واستراتيجية اكبر مما تتمتع به الان.


مفاجأة المـخزون النفطي (السارة) وتراجع التضخم يتقدمان الأخبار الـجيدة 

 لفت بنك الكويت الوطني النظر الى استمرار المخاوف المألوفة، على اداء الاقتصاد الاميركي، وقال في تقريره الاسبوعي: لم يحظ مراقبو الأوضاع الاقتصادية الاميركية بما ليس متوقعا الأسبوع الماضي فقد تواصلت المخاوف المألوفة تتخللها بعض الأخبار الجيدة.

وذكر ان مجلس المؤتمر وهو مجموعة أبحاث خاصة، كان قد أعلن أن مؤشره لثقة المستهلك في شهر تشرين الاول قد انخفض للشهر الثالث على التوالي إلى 92.8 بعد مراجعة قراءة الشهر السابق إلى 96.7 وكان السبب الأساسي لهذا الهبوط ضعف التوقعات أكثر منه تآكل الأوضاع الحالية. وبينما تحسنت قليلا تقديرات المستهلكين لأوضاع سوق العمل في شهر تشرين الاول فإن التحسن لم يكن بالقدر الكافي ليخفف قلق المستهلكين حول أوضاع سوق العمل في الأشهر القادمة إذ هبط مؤشر التوقعات إلى 92 مقارنة مع 97.7 بعد تعديله الشهر السابق. لكن لم ينته الأسبوع الماضي إلا وقد ارتفع مؤشر جامعة ميتشيغان لثقة المستهلك إلى 91.7 في شهر تشرين الاول من 87.5 الشهر الماضي.

مفاجأة سارة

واضاف: كانت الأسواق تلقت مفاجأة سارة بعد تقرير وزارة الطاقة الذي أظهر أن مخزون النفط الخام ارتفع بمقدار أربعة ملايين برميل الأسبوع الماضي وهو أكثر بكثير مما كان متوقعا. وقد هبطت أسعار النفط نتيجة لذلك بمقدار 2.71 دولار اميركي (4.9%) للبرميل في يوم واحد، وهو أكبر هبوط لاسعار النفط الخام منذ الهبوط بنسبة 5.6% الذي شهدناه في الثاني من يونيو. وكان رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي (آلان غرينسبان) قدر أن تكلفة الطاقة حولت نحو 85 مليار دولار أميركي من الولايات المتحدة للمنتجين الخارجيين هذا العام، ويعتقد معظم الاقتصاديين أن هذا الأمر سينقص من نسبة النمو الاقتصادي في الربع الرابع وما بعده. حتى في الربع الثالث، حسب ما أعلنته وزارة التجارة فإن أول قراءة لها من بين ثلاث قراءات لإجمالي الناتج المحلي - (وهو مؤشر لكافة السلع والخدمات المنتجة في الولايات المتحدة )- جاءت مخيبة، إذ نما الاقتصاد الاميركي بمعدل 3.7% سنويا. ومع أن هذا المعدل أعلى من معدل 3.3% المسجل في الربع الثاني إلا أنه أقل مما كان متوقعا عند 43%. ومع هذا، فإن تقرير بيج Beige وهو ملخص للنشاط الاقتصادي يعد لاستخدامه من قبل مجلس الاحتياط الاتحادي عند اجتماع لجنة السوق المفتوح الاتحادية في العاشر من نوفمبر، أظهر أن الاقتصاد الاميركي توسع في شهر أيلول وتشرين الاول، برغم أن نمو بعض المناطق قد تباطأ على خلفية ارتفاع تكلفة الطاقة. وبرغم ارتفاع أسعار النفط فإن الأسواق تتوقع أن يقوم مجلس الاحتياط الاتحادي برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتصل إلى 2% في العاشر من نوفمبر.

انخفاض التضخم

ونوه «الوطني» بانخفاض معدل التضخم بشكل كبير خلال الربع الثالث، إذ أظهر مؤشر الحكومة السعري للإنفاق الشخصي، وهو مؤشر للتضخم يراقب عن كثب، ارتفاعا بنسبة 1.1% خلال الربع الثالث بعد ارتفاعه بنسبة 1.3% في الربع الثاني. وارتفع الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل ثلثي النشاط الاقتصادي بنسبة 6.4% خلال الفترة مرتفعا عن نسبة 6.1% المسجلة في الربع الذي قبله كما ارتفعت طلبات السلع المعمرة في شهر ايلول بمقدار 0.2% فيما عوض الإنفاق القوي على السلع الرأسمالية الضعف في طلبات المعادن والطائرات. وكانت مبيعات المنازل الجديدة قفزت بمعدل 5.3% إلى 206.1 مليون سنويا في شهر ايلول ولم يكن هذا التحسن متوقعا كما لم يكن متوقعا أيضا ارتفاع مبيعات المنازل الحالية مما يدل على أن سوق الإسكان الذي وقع على عاتقه عبء الاقتصاد ككل في عدة مفارق في السنوات الأخيرة ما زال مساهما أساسيا في النمو.

منطقة اليورو

وفي ما يخص منطقة اليورو (اليورولاند)، قال الوطني ان الاقتصاديات الأوروبية بدأت تشعر بآثار أسعار النفط المرتفعة إذ خفض الاقتصاديون في القطاع الخاص والحكومة من توقعاتهم حول النمو الاقتصادي وكان وزير الاقتصاد والعمل الألماني قال ان الحكومة خفضت من توقعات النمو للعام المقبل إلى 1.7% من 1.8%، فيما أعلن معهد ايفو أن مؤشر استطلاعه لرجال الأعمال الألمان حول نظرتهم للأوضاع الحالية والأوضاع خلال الاشهر الستة عشر المقبلة بالكاد ارتفع في شهر تشرين الاول، حيث أظهر المؤشر قراءة في شهر تشرين الاول بمقدار 95.3 مرتفعا عن 95.2 في شهر سبتمبر. وبالرغم من هذا التحسن فإن التوقعات ما زالت سيئة. أما مؤشر أوضاع قطاع الأعمال الحالي فقد انخفض إلى 94.7 في شهر تشرين الاول من 94.8 الشهر الماضي وذلك بعد أربعة ارتفاعات شهرية متتالية.

وقال: أقلق ارتفاع اليورو الكثير من المراقبين حيث أملت أوروبا حتى وقت غير بعيد أن يكون باستطاعتها أن تتحمل أية صدمة نفط عن طريق ارتفاع اليورو الذي يجعل النفط المسعر بالدولار الأميركي أرخص لأوروبا لكن مخاطر ارتفاع اليورو بدأت تزداد، فإذا ما ارتفع اليورو بشكل كبير سيؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بالصادرات الأوروبية، وقد صرح المستشار الألماني غيرهارد شرويدر أن ارتفاع اليورو يسبب قلقا بالنسبة الى تطور الأوضاع الاقتصادية الألمانية.

على صعيد آخر، أظهر استطلاع قامت به مجموعة GFK للأبحاث أن توقعات المستهلكين حول مدخولهم وتوقعاتهم حول الأوضاع الاقتصادية العامة واستعدادهم للإنفاق على الشراء كلها تدهورت ما بين شهري أيلول وتشرين الاول. وعندما يكون الطلب المحلي على المحك خاصة وأن النمو الاقتصادي الأوروبي اعتمد في السابق بشكل كلي على الصادرات، ومع توقعات تباطؤ الطلب الخارجي، فإن ذلك لا يبشر بالخير.

بريطانيا: مزيد من البيانات الضعيفة

قال الوطني: بالرغم من شح البيانات الاقتصادية الأسبوع الماضي فإن المعلن منها استمر في إظهار التباطؤ الاقتصادي في بريطانيا، حيث كانت بيانات الإقراض الإسكاني في المملكة المتحدة قد أكدت على تباطؤ سوق الإسكان إذ تمت مراجعة مبالغ الإقراض الإسكاني في شهر سبتمبر إلى 4.4 مليارات جنيه من 4.5 مليارات جنيه كما انخفض بشدة عدد موافقات شراء المنازل مقارنة بمستويات العام الماضي.

وكان استطلاع مجموعة GFK مارتن همبلن لثقة المستهلك أظهر أن مؤشره الرئيسي ارتفع من 6- إلى 7- في شهر ايلول. وبالرغم من هذا الارتفاع بمقدار نقطة واحدة والذي يعتبر مفاجئا بحد ذاته فإن مستوى الثقة في الوضع الاقتصادي أصبح اليوم أضعف نسبيا مقارنة مع السندات الأخيرة. ومع بقاء الثقة ضعيفة وتباطؤ الوضع الاقتصادي، فإن احتمالات المزيد من رفع أسعار الفائدة أصبحت أقل. وستجتمع لجنة السياسة النقدية التابعة لبنك إنكلترا المركزي في الرابع من تشرين الثاني حيث من المتوقع أن تبقي على أسعار الفائدة دون تغيير للشهر الثالث على التوالي.

اليابان: قوة الين .. من ضعف الدولار

لفت «الوطني» الى استمرار ارتفاع الين بثبات على مدى الأيام الأخيرة. حتى أن هزة أرضية قوية على بعد 250 كليومترا شمال غرب طوكيو مسجلة ما يفوق نسبة 6 درجات على مقياس ريختر لم تثن ِالمتفائلين بالنسبة للين الياباني. وبالنهاية لم يكن لدى نائب وزير المالية اليابانية للشؤون الدولية هيروشي واتانابي إلا أن يسجل احتجاجا قويا على هذا الأمر، عندما قال " إننا نراقب الأسواق باهتمام شديد وسنتخذ إجراءاً حاسما إذا كان ذلك ضروريا".

وكان وزير المالية الياباني تانيغاكي قد قال أنه يفضل أن يعتبر أن الحركة الأخيرة في أسواق العملات كانعكاس لضعف الدولار على أن ينظر إليها على أنها تعبر عن قوة الين. وبغض النظر عن هذه التعليقات الرسمية حول ارتفاع الين يبدو أن الأسواق تعتقد أن اليابان ستتردد في التدخل في الأسواق قبيل الانتخابات الاميركية.

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة