الاخيرة

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

لماذا نطلق الرصاص؟!!

مها عادل العزي

كل حر على طريقته.. هذا مايفهمه الكثيرون في مجتمعنا الجديد، فالكل حر في التعبير عن حزنه وفرحه ولايهم ان كانت حريته على حساب الاخرين، المهم ان يمارس حريته التي حرم منها طيلة عقود كثيرة احد انواع الحرية التي وجدنا أنفسنا مضطرين إلى تحمل كابوسها، هو اطلاق العيارات النارية بدون وازع من عقل أو فهم.. فالرصاص، رمز القتل، ليس ابلغ منه في التعبير عن فرحنا اية مفارقة حزينة؟ حتى افراحنا لانستسيغها بدون دوي النار، فما ان يكون فرح احدهم حتى يشتعل الجو ويتحول في ظرف ثوان لااكثر إلى مهرجان صاخب، مهرجان مزعج وليت الامر يقف عند ذلك فحسب فالامر كثيرا ماتعدى إلى ان ذهب ضحيته احد الابرياء.

احدى السيدات وهي ام لثلاثة اطفال ترى ان يكفينا مانسمع ونمر به من انفجارات فلماذا كل هذا العنف تقول:

-تعرضت نفسيه العراقي للكثير من الضغوط، خاصة بعد الحرب الاخيرة، لذا فان الصوت العالي، وخصوصاً صوت الرصاص.. يستفز الاعصاب ويوترها، ان ظاهرة اطلاق النار تسيطر وللاسف بصورة ملحة في حفلات الاعراس من غير مراعاة للذوق أو حتى الالتزام بالامن.. انها ظاهرة سلبية تصادر حقوق المواطن من غير احساس بالمسؤولية هناك مسالة يجب عدم اغفالها هي ان اطلاق النار يؤثر بشكل سلبي خاصة على الاطفال، فالطفل يخاف الصوت العالي، وبسماع الرصاص يتعلم الخوف ويؤثر ذلك بشكل ما في بناء شخصيته ومن ناحية اخرى يتعلم الصبي أو المراهق العنف، وهذا يظهر جلياً في استعمال المفرقعات النارية ومفرقعات الصوت، حيث تبدو اللعبة الاثيرة لدى الصبية وللاسف يغيب دور العائلة هنا في التوجيه..

بالاضافة إلى الاضرار النفسية.. هناك اضرار صحية لانتوقع حدوثها من جراء هذه الممارسات غير المنضبطة.. عن هذا يحدثنا الدكتور سنان عبد اللطيف، فيقول:

- الصوت القوي المفرد، كالاطلاقات النارية أو الانفجار يكون ضاراً جداً خاصة إذا حدث فجأة دون توقع لانه يؤذي اطراف الاعصاب السمعية في قوقعة الاذن وقد يمزق طبلة الاذن والاجزاء الدقيقة في الاذن الوسطى والداخلية، كما قد يسبب نزفاً في الاوعية الدموية الممزقة وعندما يتوقف وصول الدم إلى تلك الاجزاء تموت خلايا الاعصاب والالياف، ويسبب هذا بمرور الوقت الصمم والصداع والدوخة وكثيراً من الاضطرابات،ومن المؤكد ان مثل هذه الاصوات تضغط على الاعضاء التي تسيطر عليها الجملة العصبية الودية (السمبثاوية) وبالتالي تؤثر على حاسة الابصار، فيقل التحكم فيها في الاماكن المظلمة أو قليلة النور، ومن الدراسات على مثل هذا النوع من الاصوات أتضح ان لها تاثيراتها في جسم الإنسان مما يتسبب في حالات العنف والياس وانحطاط القوى والارهاق، وهذه تدمر المواهب والمهارات والابتكار والحرية العاطفية.

في البداية عندما التقينا به، رفض ابو فراس التحدث في هذا الموضوع بالذات، هذا الرجل فقد ولده الشاب، بعد ان تعرض لطلق ناري تائه في احدى حفلات الزواج.. عن ذلك يقول.

-كانت صدمة كبيرة ان نفقد ابننا لسبب سخيف كهذا، قال الجاني وبكل بساطة ان الحادث وقع عن طريق الخطأ.. فهو لم يقصد ذلك، لذا كان الحل الذي راه الجميع ان نلجأ إلى العشيرة، ومن ثم كان الحل بدفع الفصل.. لكن هل ترجع اموال الدنيا باكملها ابني الي؟.

-يجب ان يكون رفض واع لهذا المبدأ في الحل، فلماذا نلجأ إلى حل الخطأ بدفع المال إلى المتضرر.. هل يعادل روح الإنسان أي مبلغ من المال، يجب ان يكون هناك فهم لحقيقة المشاكل التي نمر بها.

عدنان السوداني.. احد المسؤولين في المجالس البلدية يقول.

-ان الانفلات الامني هو السبب في كل مايحدث، ثم ان المجتمع له مسؤوليته في انتشار هذه الظواهر، والحد منها لايتم الا بالتوعية وقلب المفاهيم الخاطئة، ومن جهة اخرى نحن نطالب الجهات المعنية في وزارة الداخلية بفرض عقوبة صارمة على كل من يطلق الرصاص.

فالخوف من العقاب هو الحل لمثل بمثل هذه الظواهر السلبية.

نقول: دعونا نعيش امنين.. من غير احساس بالرعب.. أو احساس بان الموت قريب منا.... اما حان الوقت لفرصة سلام؟.


على الطريق أبو طبيلة

فؤاد العبودي

عام كامل يدور في فلك الأيام وتقاسيم الحياة تعزف موعد اللقاء مع الشهر الذي يحفر مكانه خالداً في ذاكرة المسلمين في شتى انحاء العالم..

رمضان وكرة الذاكرة تتقافز في محيط الاستقبال القائم لشهر عد من الشهور المقدسة وحمل في ثناياه طقوساً خاصة، ومن بين هذه الطقوس الجميلة يبرز (ابو طبيلة) قارع الطبل الذي اصر هذا العام على قطع المسافات بين منطقة واخرى وبين حي واخر تحدياً لفخاخ الإرهابيين وتجاوزاً لتلك الظلمة التي لايعترف بها شهر النور والبركة.. شهر رمضان المبارك والذي اطل علينا هذا العام وان شاء الله سيزيح ركام المذابح المجانية ومداخن التفجيرات..

ولما كان للذاكرة لسان شاهد.. فان الذين عايشوا (ابو طبيلة) في تجواله الليلي.. أو عند تخوم فجر يوم جديد لهم مايقولونه ومنهم (ابو محمد -70 عاماً): ان -ابو طبيلة- اصبح جزءاً متمماً لصورة رمضان ولايمكن ان ننسى صورته ونحن اطفال نصر على رؤيتة مباشرة مع امهاتنا اللائي يخضعن لالحاحنا بمشاهدة (قارع الطبل) هذا.

ولما كان التجوال يتم تحت غطاء مكثف بالظلمة ومصادفات الطريق اذ يقول الصبي الطبال (عبد الحسين): ان اكثر مايخيفنا في تجوالنا شيئان.. الكلاب والبعض من فاقدي الضمير قلت: حتى في رمضان تخشون هؤلاء الاوغاد؟

اجابني بـ(إذا كان ضمير ماعنده كل شيء يفعل).

تركني عند عتبة بابي وراح يمشي بتأن وهو يقرع الطبل ويصيح(يصبح.. سحور.. سحور) وشيئاً فشيئاً غرق في لجة ظلام الشارع منتقلاً إلى حي اخر.

عرفت الازقة القديمة في سوق حماده والفلاحات في الكرخ وابو سيفين والشواكة والعوينة والصدرية والدهانة والطاطران وازقة اخرى في الكاظمية ومدينة الصدر خطوات هذا (الطبال) الذي كان ورمضان صنوان لايفترقان.

تقول الحاجة (بهية مهدي-55عاماً):

-(يمه صدكني وضعت يدي على قلبي في رمضان العام الحالي)..

*ليش خاله؟

-لان الدنيا ماتتأمن، وتعرف (ابو طبيلة) يسير في الشوارع ومن زقاق إلى زقاق.. قلت الله يحميه.. ومن (شفته) وسمعت (قرع الطبل) قلت مع نفسي (ياصاحب شهر رمضان استر على عبادك).

تنسلخ الليالي العطرة من عمر هذا الشهر مؤكدة روحية رمضان السمحة من خلال طيبة اهل بلدي.

واظل ومعي المتسحرين نصغي لايقاع (ابو طبيلة) الذي يقول فيه السيد (رزاق حسن): ان اطفالي يتنازعون فيما بينهم على فتح باب الدار لكي يروا هيئة (ابو طبيلة) واراهم وانا اقف معهم عندما يمر (قارع الطبل) هذا وهم فرحين واحياناً يصفقون له.

ويختتم حديثه بالقول (انه ممنون لابو طبيلة)..

وعلى معرفتي التفصيلية لمشوار (ابو طبيلة) حيث كنا نسكن في محلة المشاهدة بالكرخ ان هناك توارثاً ابناء عن اباء لهذه المهنة والتي على الرغم من تباعد السقف الزمني بين عام واخر من حيث المردود المادي.. فكان (صالح الطبال) في الشيخ المعروف معروفاً لدى ابناء المنطقة.. وكانما كان الرجل مسؤولاً اولا واخيرا عن ايقاظ الذين ينوون الصيام لليوم الاخر وهكذا في مناطق اخرى من بغداد.

ويبدو ان القوات الامريكية قد تفهمت دور هؤلاء (الطبالون) وارتباط عملهم بروحية وطقوس شهر رمضان لهذا فهم لايوقفوهم ولايخضعون للمساءلة هذا ماصرح به احد اعضاء المجالس البلدية والحراس الليليين.

واحترام شعائر شهر رمضان كان من الاولويات التي يجب احترامها.. وماارتباط (الطبال) بشهر البركة الا تاكيد لتلك الشعائر والعادات والتقاليد التي لن تمحوها بعض الاستثناءات التي تحصل في ظروفنا الحالية.. حيث ظل يلازمنا مع انغام طبله التي تساعد الكثير من الناس على الاستيقاظ والتهيؤ لاعداد وجبة السحور وهو (الطبال) يضيف الى وقت السحور نكهة التقليد الرمضاني الذي لن ينهال عليه غبار النسيان.

 


الليالي السحرية

محمد الحمراني

يفكر الكثير من العشاق او الازواج الجدد برغبتهم في الجلوس في اماكن عامة ليتكلموا عن الحب واشياء اخرى، ولكن هل بالامكان حصول ذلك وسط صراخ الموت الذي ينتشر في كل مكان؟ قال لي احد الاصدقاء.. انه كان ينوي الذهاب الى كافتيريا في شارع السعدون واستعد جيداً لهذه (الطلعة) مع خطيبته ولكن في الطريق تفاجأ بصوت الانفجار وعندما سال سائق التاكسي احد المارة عما جرى.. اجابه ببرود: (ماكوشيء.. انفجار) الخطيب قرر ان يذهب مع خطيبته الى مكان اخر في الباب المعظم ولكن السائق اعتذر وقال : (انا لااذهب الى الجحيم) واضاف: (انها اماكن مزدحمة).. ولكن اين يذهب من يريد ان يتكلم عن الحب؟ الطرقات في الاغلب تخلو من النساء وصمتها في بعض الاحيان.. يولد الخوف.. قال لي احد اقربائي بانه يخاف ان ياخذ زوجته الى السوق العربي، لان ذلك يتطلب منه المشي في شارع الرشيد وفي منطقة الميدان.. وهذه الاماكن يتواجد فيها.. الكثير من المطلوبين للعدالة والمنحرفين. ولان هذا القريب لايمتلك غير هذه الزوجة الجميلة، فهو يخاف عليها من المخاطر وله رغبة لو ينقل السوق العربي، الى شارع حيفا.. حيث يسكن في احدى الشقق ولكنه تراجع عن امنيته..بسبب اشتباكات حيفا الاخيرة، وقال لماذا لانضع السوق العربي على جزرة مائية في دجلة. حتى يتسنى لي ان اصطحب زوجتي بزورق، لانتقاء ثياب شتوية جديدة، الكثير من العوائل لها الرغبة في الخروج من منازلها ولكن الخوف هو العقبة الوحيدة، وفي حالة ان نستسلم الى هذا الخوف.. فسوف نعيش في اوضاع نفسية لانحسد عليها وتصبح الكلمات المتشنجة.. بديلة عن كلمات الحب.. ولايمكننا ان ننتظر الحكومة المنتخبة، لتشجعنا على الذهاب الى الاماكن العامة.. اذن خروج العشاق والمتزوجين الجدد والعوائل الكبيرة وارتيادهم الاماكن العامة، هو العامل الوحيد، الذي سيعيد الى بغداد لياليها السحرية.

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة