تحقيقات

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

بموازاة كل سوق يعرض بضائع جديدة في الحلة ثمة سوق للبالات! (الجواريب) والشراشف والملابس الداخلية تباع فيه ايضاً!

بابل- مكتب المدى

ناصر حسين ناصر

تصوير-إقبال محمد

قرب ساحة الاحتفالات وسط مركز مدينة الحلة المزدحم بعروض الكثير من البضائع الجديدة، يكتشف المتبضع ان ثمة سوقاً موازياً للاول تخصص بعرض المستعمل من العاب الاطفال والقمصان والحقائب النسائية والرجالية الكبيرة والصغيرة، وحافظات النقود كانت بأشكال ملفتة للانتباه وذات سعر مناسب وبالامكان ان نقول رخيصة، وكان المعروض من بضائع (البالات) هذه كبيراً و الازدحام شديداً للغاية بحيث يتعذر على من يأتي الى المكان ان يدخل ويختار ما يريد فتظل حركة الجميع قريبة الى الصعوبة واول من وجهنا له السؤال صديق انسحب من الحشد بصعوبة، قلت له:

- حمامة غراب؟

- حمامة.

كانت بيده حقيبة صغيرة، تتسع لكتاب متوسط الحجم وكانت جيدة.

- وكم سعرها؟

- رخيصة.. الف دينار فقط.

اقبال نسوي

وكانت حركة النسوة والفتيات ملفتة للنظر لأنهن يعرفن بالخبرة المتراكمة التقاط حقائب نسائية وحافظات نقود ممتازة وبعد ان تكتمل الجولة في عربات الحقائب ينحرفن قليلاً الى علب الاطفال. (ام رائد) معلمة اشتكت لي حين عرفت بمهنتي الصحفية قائلة:

اللعب ملوثة. على الرغم من كونها جديدة لكنها مستعملة. سمعت من صديقات لي ان اللعب خطرة وناقلة للامراض.

سألت ام رائد:

- لماذا شراء المستعمل؟

- اسعاره مناسبة.

- وخطورة استعماله؟

- اغسله بماء حار جداً.

- وتظل خطر..

عربات في الاسواق، واخرى في المناطق المزدحمة والكراجات والمحلات الشعبية الفقيرة، وعرفت القرى باعة للمستعمل يحملونه على الاكتاف وفي اكياس والبيع بالاقساط احياناً..انتشار واسع للمستعمل.

حتى الشراشف!

اذن في مدينة الحلة وعند شارع الامام علي اكثر من سوق لبيع الملابس المتنوعة: ملابس للاطفال، الشباب، الرجال، النساء، الشراشف، غطاءات للرأس،..الخ

سألت بائعاً لملابس الاطفال عن سبب تخصصه ببيعها

فقال: ربحها وفير.

والسبب؟

- الطلب كثير ومستمر واسعارها رخيصة ومثلما ترى البيع مشجع لنا، بداية موسم دراسي وفصل جديد واقبال من العوائل للتبضع .. ونقدم تسهيلاً لمن نعرف من العوائل، لنا معارف منذ سنوات نبيع لهؤلاء بالتقسيط المريح مع اضافة بسيطة على السعر.

انها البداية!

واشار بائع آخر الى ان سقوط النظام وتعطل عمل الدوائر والمؤسسات فتح الحدود بالكامل لدخول المستعمل ليس من الملابس فقط، وانما الاثاث والمواد الكهربائية وقد انتعش بيع المستعمل، في البصرة مثلاً، ارصفة كاملة لبيع الغرف والكهربائيات، والظاهرة موجودة هنا، لكنها تمثل البداية واعتقد بأنها ستنمو تدريجياً.

وسألت احد الباعة عن الزبائن فقال لي ان العوائل ذات الدخل المحدود والعمال وحتى الموظفين يقبلون عليها، البضاعة جيدة واسعارها مناسبة وحين يتخوف البعض منها بإمكانه ان يعالج مشاكلها الصحية وهذا امر ممكن. ان محلات بيع الازياء المقابلة لنا في شارع الامام علي تعرض المستعمل من الملابس الرجالية، ويقال انها (لنكة) اماراتية.

- ومن أي بلد معروضاتكم؟

- من الاردن.

- ومتى تعرض البضاعة الجديدة الخاصة بالشتاء؟

- عندما يشتد البرد ، ان اقبال العوائل ممتاز على الشراء في فصل الشتاء، الرجال والنساء والشباب، تزاحموا على الملابس الشتوية لانها ممتازة واسعارها رخيصة وخصوصاً الان.

ارباح ممتازة

وقال لي " ابو حسن" بائع جملة ان عدداً من الرجال والنساء يشترون ما تحتاجه العواائل وبكميات كبيرة ونتعامل معهم في احيان على التصريف ونجري لهم عملية استبدال. النسوة اكثر تصريفاً من الرجال، ويتخذن من بيوتهن معارض لبيع ما تحتاجه النسوة والاطفال وتنشط دكاكين المحلات في البيع والشراء في المدن الصغيرة.

وقالت الحاجة زهرة انها تشتري وتبيع الملابس حتى الرجالية وبالتقسيط واحياناً تذهب الى اسواق الكاظمية وتتبضع من هناك وبكميات كبيرة ويقدم لها التاجر تخفيضات في الاسعار.. واكدت ان الارباح ممتازة والايراد يوفر ما يساعدها على العيش والحياة المستورة، اما الاسعار فهي مختلفة وحسب النوعية والجودة والناس تشتري باستمرار والنسوة اكثر اقبالاً من الرجال.

وسيط لنقل الامراض

ولمعرفة الاضرار الصحية الممكن انتقالها من الملابس المستعملة، توجهنا بالسؤال الى الطبيب صبحي فرحان فقال:

الملابس المستعملة وسيط نشط لنقل الامراض وبعض منها امراض خطيرة للغاية تلك المنتشرة في الخارج. وبسبب غياب الرقابة يزداد الخطر  الان وما يضاعف الخطورة انعدام التعفير وغياب المراقبة الحدودية ولهذا كله نتائج غير محسوسة بشكل مباشر لان المواطن لا يدرك اسباب مرضه.

الماء الحار وسيلة وقائية

واكد على ضرورة ان يعي المواطن خطورة تداول الملابس المستعملة وخصوصاً الان وحتى اذا اجرى غسلها بالماء الحار فإنها تظل وسيطاً ناقلاً للامراض لان بعض الجراثيم لا تموت الا في درجة حرارة معينة.

ومن الامراض التي تنتقل بواسطة الملابس المستعملة قال د. صبحي: الامراض التناسلية المنقولة الى الملابس الداخلية المنتشرة بكثرة وايضاً بعض الامراض الجلدية وعلى المواطن الانتباه والحذر من ذلك اذا كان لا بد من اقتناء " اللنكة" بسبب فقر الحال، ونحن نحذر دائماً من تبادل الملابس بين افراد العائلة والاصدقاء لانها عامل مساعد لانتقال المرض فكيف بنا مع ملابس وافدة من اماكن غير معروفة وغير خاضعة للتعفير كلياً في ظرف مثل الان!؟

 

الحلول الممكنة

وعن سؤالنا حول الحلول الممكن الاعتماد عليها للتخلص من الامراض قال د. صبحي فرحان:

بالامكان الاعتماد على ما يلي:

1- منع دخول الملابس المستعملة كإجراء وقائي والعمل على توفير بديل وبأثمان معقولة ومقبولة للناس.

2- تشكيل هيئة متخصصة من مختبريين واطباء لدراسة ما اذا كانت هذه الملابس ملوثة.

واتصلنا هاتفياً بالدكتور منقذ ما شاء الله متخصص بالامراض الجلدية ومسؤول الاعلام في دائرة صحة محافظة بابل وطرحنا عليه سؤالاً واحداً فقط: ما هو المثير في الملابس المستعملة؟

ما اثار انتباهي بسبب خطورته الكبيرة هو بيع الملابس الداخلية للرجال والنساء وكذلك بيع الجواريب وهي وسيط لنقل اخطر الامراض.. وانصح وقائياً غسلها بالماء الحار المغلي او التعقيم بالديتول.

 

 


كان بوابة الدول الخليجية للانفتاح على العراق منذ منتصف السبعينيات مركز دراسات الخليج العربي في البصرة.. متى يشمله الاعمار؟

وثائق ومخطوطات وخرائط وكتب علمية واطاريح اكاديمية تعنى جميعاً بمنطقة الخليج كانت من ضمن الممتلكات المهمة لمركز دراسات الخليج العربي التابع لجامعة البصرة التي لم يبق منها الا اليسير بعد انتهاء حرب الخليج الثالثة وما تلاها من عمليات تخريب ونهب وسلب. اما بناية المركز فقد هدمت وصارت اطلالاً لا غير!

هموم التأسيس

حين تأسست جامعة البصرة عام 1964 كان من مهامها الرئيسة التركيز على دراسة المنطقة الجنوبية للعراق فضلاً عن منطقة الخليج العربي من النواحي الاقتصادية والجغرافية والبيئية والعلمية من خلال استحداث مراكز متخصصة اكاديمياً تمتلك الكفاءات العلمية والبحثية بهدف اعداد الدراسات والبحوث واصدار الدوريات العلمية التي تعني هذه الموضوعات.

ومن المراكز الستراتيجية المهمة التي تأسست في جامعة البصرة مركز دراسات الخليج العربي الذي كان يعد من المراكز العلمية والاكاديمية المعروفة على الصعيدين العربي والعالمي.. فهل ستعاد اليه الحياة مجدداً ليواصل باحثوه دراساتهم وتعود الحركة الى اقسامه العلمية؟

هذا السؤال طرحناه على السيد عبد الجبار الخلف الباحث الاقتصادي في مركز دراسات الخليج العربي ورئيس قسم الدراسات الاقتصادية فيه الذي قال:

اول مركز متخصص

مركز دراسات الخليج العربي بجامعة البصرة اول مركز بحثي مختص بدراسات منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية في الوطن العربي، واذ تأسس سنة 1974 وهو يهدف الى بلورة الاسس الواقعية والقواسم المشتركة للتعاون بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي واقامة علاقات مبنية على الثقة المتبادلة بما يخدم مصالح شؤون المنطقة اضافة الى اقامة المؤتمرات والندوات العلمية . واشار الباحث عبد الجبار الحلفي الى ان دول مجلس التعاون الخليجي الست قد اطلت على العراق من نافذة مركز دراسات الخليج العربي في نهاية السبعينيات بشكل خاص، لان النظام السابق لم يقم علاقات سياسية واقتصادية وثقافية بشكل جيد مع اقطار الخليج العربي وكانت تلك الاقطار مترددة في إقامة العلاقات ولكن المركز استطاع ان يمد جسوراً علمية مع المؤسسات الاكاديمية والبحثية حيث شهد عام 1984 مشاركة الكويت مع المركز في اقامة ندوة، تناولت الانسان والمجتمع في الخليج العربي ثم اقدم المركز على خطوة اخرى عندما شرع بتأسيس الامانة العامة للمراكز والبحوث المختصة بدراسات الخليج العربي والجزيرة العربية. ان اول مقر للامانة العامة كان في مركز دراسات الخليج العربي بجامعة البصرة وكان هذا مؤشراً كبيراً على اهمية المركز، بعد ذلك انتقلت الامانة العامة الى عواصم الدول الخليجية الاخرى.

واجهة البصرة

المركز اصبح واجهة جامعة البصرة لانه استقطب الكثير من الباحثين المعروفين في القارات الخمس واسس علاقات مع مراكز مماثلة وقد ساعد على تأسيس مركز دراسات الخليج العربي بجامعة اكسترا البريطانية واصدر مجلة متخصصة باسم (مركز دراسات الخليج العربي) استقطبت الكثير من الباحثين والمفكرين والخبراء المختصين بدراسة منطقة الخليج العربي ستراتيجياً واقتصادياً واجتماعياً وعلمياً وسياسياً، وكان الاقبال على هذه المجلة المهمة كبيراً.. ويقول السيد رئيس قسم الدراسات: طلبت الاشتراك بها الجامعات الامريكية والاوربية والمركز كما هو معروف ينصب اختصاصه على دول الخليج العربي الست من النواحي العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والاكاديمية والبيئية. ويؤكد الباحث الحلفي:

- لقد كان المركز عامل جذب لابناء الخليج العربي بمختلف تخصصاتهم وتوجهاتهم الفكرية.. ونحن في المركز حريصون على ان تعاد اليه الحياة وتنهض بنايته من دمارها وما اصابها من اضرار جسيمة ويشملها الاعمار ليواصل المركز دوره العلمي. وعن نشاط المركز في الوقت الحاضر قال الباحث عبد الجبار الحلفي:

- نعمل حالياً بالممكن وان اعادة اصدار مجلة مركز دراسات الخليج العربي تحتاج الى امكانية مالية وطباعية وكذلك لدينا مجلة اخرى هي (الاقتصاد الخليجي) كما اننا لا نستطيع عقد اية ندوة او مؤتمر بسبب ضعف الامكانات المالية لكننا نواصل تنفيذ خطتنا العلمية الخاصة بأقسام المركز انطلاقاً من حرصنا ومسؤوليتنا العلمية والاكاديمية ونقوم بإنجازات البحوث والدراسات في مختلف التخصصات العلمية..على امل ان تعاد العافية الى جسد هذا الصرح العلمي المهم ويشمله الاعمار.

 

 

 


 

شفافية مصابة بالصداع!

عامر القيسي

الشفافية واحدة من المفردات الجديدة على اللغة الاعلامية والسياسية والاجتماعية العراقية، جاءتنا بعد سقوط النظام. وهي تمثل الى حد ما تعبيراً عن رؤية الآخر بدون حواجز، بدون التخبط في نظرية الاحتمالات، التي قد تقود الى الخطأ مثلما قد تقود الى الصواب، وهي حسب، المعجم الوسيط تنبثق من ، شفَّ شفوفاً، أي رقَّ حتى يرى ما خلفه، والشفاف الشيء الذي لا يحجب شيئاً. وتربعت هذه المفردة السحرية على قائمة مفردات المخاطبة بين الحكومة والمواطن والصحافة والاعلام عموماً. فهناك من يطالب مديره بالشفافية، والأخر يطالب حبيبته بها، والأحزاب تطالب الحكومة بتبنيها كمبدأ سياسي في تعاملها معها، والصحافة لا تكف عن اعتبارها جزءاً من ديمقراطية الوضع الجديد، والحكومة، تنادي بها صباح مساء. واصبح لسماعها وقع سحري يستفز البعض ويطرب له البعض الآخر.

وهذه الحالة على ما اعتقد، حالة نفسية، مبعثها الخوف من العودة الى سياسة التكتم والتعمية والسير في الطرق المجهولة، التي لم يكن امامنا من بد سوى ان ندفع اثماناً، دون ان نعرف لماذا وكيف والى اين؟

هذه الشفافية التي أصبحنا نطالب بها حتى بائع الخضروات تشكو هذه الايام من صداع خفيف وارتفاع أكثر في درجة الحرارة بالرغم من دخولنا شتاء متأخراً، فحلقات الوصول الى الحقيقة قد ازدادت في وزارات الدولة ولم يعد بالامكان الالتقاء بأي مسؤول الا عبر عدة حلقات واصبح النطق بالحقائق محفوفاً بالخوف. والشفافية تبدو اليوم مصابة بالصداع، لانها الاخرى، بدأت تخضع لقراءة الوجهين، واصبح التعامل معها رغبوياً، ففي هذا الموقع تصبح الشفافية نفسها مُسببة للضرر واصبحنا كمواطنين في حيرة من امرنا، لأننا نفهمها كمبدأ من مبادئ الحياة السياسية والاجتماعية المتحضرة، ويحدونا الامل في ان تدخل حياتنا التفصيلية بوجهها الجميل الذي يساعدنا على تلمس صحة مواقفنا ابتداءً من اداء واجبنا في ابسط مجالات الحياة وانتهاءً بموقفنا السياسي والوطني من الاحداث الساخنة التي تكوي جلودنا.

نريدها شفافية تساعدنا على اخراج المواطن العراقي من حالة التخبط في الرؤية والسلوك الى آفاق الوضع المشبع بالمكاشفات السياسية لما يجري حوله وما ينبغي ان يفعله في اطار احترام وجوده. ومن واجبنا ان نطالب الحكومة بإضاءة المناطق المظلمة من حياتنا السياسية كي نكون قادرين على ان نتلمس خطانا ونتجنب طرق الالغام التي تتوالد يومياً بيننا ونصاب من جرائها بالكثير من الاصابات والخسائر ومع ذلك ما زلنا نمتلك الكثير من الجرأة والمجازفة المشفوعة بالحس الوطني لمواصلة السير في اجواء تناثر الشظايا. نتلمس جرحنا ونشم رائحة الدم. ونسير..ذلك خيارنا الذي لا حياد لنا عنه، فإما ان نكون اولا نكون ولكننا نريد ان نتجاوز الظرف الراهن بأقل ما يمكن من التلف والاندثار. نسير ونجدد دائماً ما اخذته الاحداث منا فنرمم التلف ونجدد اماكن الاندثار.

المواطن العراقي يدرك جيداً ان شيئاً من خفايا السياسة والاعيبها ليس بالامكان اطلاعه عليها لاعتبارات عديدة، ويدرك جيداً ان لا مقارنة بين الامس واليوم، بين عقوبة لسماعه الـ B.B.C وبين اندهاشه وهو يستحضر العالم امامه عبر فضائيات لا حصر لها.

كل ذلك يدركه المواطن ولكنه بالتأكيد يطمح الى شيء كبير وعد به وليس من المستغرب انه يريدها شفافية، تتجاوز حتى تفسير المعجم الوسيط وتدخل في حياته كسلوك يومي مؤثر تنتقل به من سياسة الغمز واللمز الاجتماعية والسياسية الى سياسة الوضوح لتمنح وجودنا بعداً انسانياً حقيقياً.

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة