مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

هل سيتمكن الفلسطينيون من التحول من البندقية الى صناديق الاقتراع؟

من المقرر ان تجرى الانتخابات في 9 كانون الثاني لاختيار رئيس جديد للسلطة الفلسطينية، بعد رحيل ياسر عرافات.ولكن حادث اطلاق النار الذي استهدف احد ابرز المرشحين، محمود عباس، يعتبر بداية غير واعدة للحملة الانتخابية.

الان وبعد رحيل قائدهم المخضرم ومواراته التراب، ياسر عرفات، فان امام الفلسطينيين فرصة لبداية جديدة في صراعهم الطويل من اجل بناء دولة. تجاهلت اسرائيل و اهم حليف لها، امريكا، عرفات خلال السنتين الماضيتين، متهمين اياه بالاستمرار في اثارة الهجمات الارهابية ضد الاسرائيليين. ان قائدا جديدا يحمل تخويلا من شعبه، ذات عقلية اصلاحية، ملتزم بخطة خارطة الطريق الدولية لاحلال السلام، سيكون في مركز قوة للضغط على اسرائيل للانسحاب من الاراضي المحتلة وللسماح ببناء دولة فلسطينية مستقلة - والتي طبقا للمشروع الاصلي لخارطة الطريق ينبغي ان تقام العام القادم. في يوم الاحد 14 نوفمبر، كانت عملية اختيار ذلك القائد الجديد قد بدأت، بالاعلان من ان الانتخابات لاختيار خليفة عرفات كرئيس للسلطة الفلسطينية، ستجرى في 9 كانون الثاني.

ومع ذلك، فهنالك بعض العقبات الكبيرة التي يجب التغلب عليها قبل ان يتمكن الفلسطينيون من تحقيق الهدف الذي طالما حلموا به. ان الامر الاكثر الحاحا هو تحقيق النظام وحكم القانون في قطاع غزة والضفة الغربية. يجب اقناع معظم المليشيات المسلحة لتعليق الهجمات على اهداف اسرائيلية، كي يمكن اقناع اسرائيل برفع الحواجز الامنية ولسحب قواتها من المدن الفلسطينية، وبهذا يمكن اجراء الانتخابات. ومنذ ان فرضت اسرائيل اجراءات السيطرة المشددة قبل اربعة سنوات ردا على الانتفاضة، اصر عرفات بان الاجراءات الامنية الاسرائيلية قد جعلت من الانتخابات امرا مستحيلا (اخر انتخابات كانت قد اجريت في 1996). اضافة الى الحصول على مساعدة اسرائيل، فان على السلطة الفلسطينية اقناع مجموعات المليشيات الفلسطينية والاحزاب السياسية للسماح للمرشحين بالقيام بالحملات الانتخابية دون الخوف من التعرض لاعمال العنف. لذلك فان حادث اطلاق النار يوم الاحد، الذي استهدف محمود عباس، وهو واحد من اهم المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية، لم يكن بداية واعدة لاجراء الحملة الانتخابية.

كان السيد عباس، رئيس الوزراء السابق والذي خلف عرفات كرئيس لمنظمة التحرير، يقوم بزيارة لخيمة عزاء في غزة عندما قامت مجموعة منشقة من حركة فتح التي ينتمي اليها باطلاق النار، ومرددين هتافات ضده. وكنتيجة للفوضى، اخذ السيد عباس على عجل الى منطقة آمنة من قبل رجال الحماية ولكن اثنين منهم كانا قد قتلا. رفض السيد عباس لاحقا ان تكون تلك الحادثة محاولة لاغتياله. ولكن بما ان موقف اسرائيل منه والقوى الدولية المساندة لخريطة الطريق جيد نوعما، فان له العديد من الاعداء داخل ابناء شعبه. ينظر العديد من الناس الى الشخص البالغ 69 عاما كجزء من الفساد وعدم الكفاءة للحرس القديم الذي كان يحيط بعرفات منذ عدة سنوات. تمقته مجموعات المليشيات الفلسطينية لادانته العلنية للهجمات الانتحارية ولمساندته لاتفاق السلام مع اسرائيل.

لذلك، بالرغم من السيد عباس برز الاول من بين اقرانه في القيادة الفلسطينية التي سيرت الامور منذ مرض عرفات، الا ان فرصته في الفوز في الانتخابات ابعد من ان تكون مضمونة. ليس من الواضح بعد ان كانت حركة فتح ستقدم مرشحا أخرا. وان فعلت، فان المنافس الذي يتمتع بشعبية كبيرة قد يكون مروان البرغوثي، وهو متوقد ولكنه قائد براغماتي من فتح. يمضي الان السيد البرغوثي، 45 سنة، عقوبة السجن مدى الحياة في احدى السجون الاسرائيلية لتورطه بهجمات انتحارية (التهمة التي انكرها). ومن زنزانته، كان قادرا على التأثير على الاحداث في الاراضي الفلسطينية مثله مثل السيد عباس او قادة السلطة الفلسطينية الآخرين. ففي السنة الماضية، على سبيل المثال، لعب دور الوسيط لاعلان هدنة بين مجاميع المليشيات. اشار محامي السيد البرغوثي بأنه قد يرشح للرئاسة. واذا ما رشح نفسه وفاز، فهل ستفرج عنه اسرائيل؟ يرى بعض الاسرائيليون فيه كشخص معتدل، وقال افراهام بوراز، وزير الداخلة الاسرائيلي، بأنه قد ينظر الى مسالة اطلاق سراحه. ولكن رئيس الوزراء الاسرائيلي، اريل شارون، اكد يوم الاحد بأنه لن يكون هناك عفو عن البرغوثي. ومع ذلك، كان هنالك سابقة من هذا النوع؛ ففي عام 1997، اطلقت اسرائيل سراح القائد الروحي لفصيل المليشيا حماس، الشيخ احمد ياسين، بعد ان كان يمضي عقوبة السجن مدى الحياة (رغم انها اغتالته بداية هذا العام). لو فاز السيد البرغوثي في منصب الرئيس، فسيكون هنالك ضغط دولي كبير على اسرائيل لاطلاق سراحه.

هنالك مسالة حاسمة اخرى ان كانت فصائل المقاومة الفلسطينية الرئيسية سوف تشارك في العملية السياسية وتقدم مرشحا للرئاسة- وبشكل خاص حماس، التي ارتفعت شعبيتها في الوقت الذي هبطت فيه شعبية السلطة الفلسطينية. سيتوجب على المرشحين تسجيل اسمائهم خلال اثني عشر يوما ابتداء من 20 نوفمبر، لذلك فمن المتوقع حدوث فترة توترات، في الوقت الذي سيسعى فيه المتبارين لكسب الاصوات. وبوجد مثل هذا العدد الكبير من الفصائل المتنافسة جيدة التسلح الباحثة عن السلطة، فان المزيد من الاحداث مثل حادث يوم الاحد الذي استهدف السيد عباس هي امور محتملة الوقوع. بدأ السيد عباس، يوم الاثنين سلسلة من الاجتماعات مع فصائل المليشيات، لطلب مشاركتهم، ان لم يكن في الانتخابات نفسها، فعلى الاقل في قيادة موحدة فلسطينية خلال فترة الانتخابات. ومن المتوقع ان يثير احتمال وقف اطلاق النار.

يوجد عائق آخر امام اجراء انتخابات عادلة خالية من العنف هي قضية الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الغربية. ان القطاع الشرقي من المدينة المقدسة هو احدى المقاطعات التي احتلتها اسرائيل، اضافة الى الضفة الغربية، وقطاع غزة واراضي اخرى، منذ حرب 1967. يريدها الفلسطينيون كعاصمة لهم ولكن اسرائيل تصر على انها جزء لا يتجزأ من العاصمة الابدية للدولة اليهودية. يطالب القادة الفلسطينيون باجراء الانتخابات الرئاسية هناك ولكن اسرائيل ترفض هذا لغاية هذا الوقت، مشيرة الى انها ستسمح فقط لفلسطينيي القدس الشرقية للتصويت بواسطة البريد، كما جرى في الانتخابات الاخيرة، عام 1996. وعلى اية حال، فان اسرائيل قد تلين اذا ما سلطت امريكا ضغوطا كافية.

بعد ان خرج منتصرا من حملته الانتخابية، فان الرئيس جورج بوش قد وعد بتمضية فترة رئاسته لتشكيل دولة فلسطينية خلال الاربعة سنوات القادمة. ان مشهد وجود رئيس فلسطيني منتخب، منهمك في مباحثات جادة مع الاسرائيليين، سيكون دعما قويا لمشروع السيد بوش لجلب الديمقراطية الى الشرق الاوسط الكبير- تعويضا، الى حد كبير، عن مشاكله في العراق. يقول المسؤولون الامريكان بان السيد بوش يهيأ، بالتعاون مع حلفاء امريكا من الاوربيين، للمساهمة في تقديم عون مالي لمساعدة السلطة الفلسطينية في اقامة الانتخابات واعادة تنظيم فوضى قوات الامن؛ و بأنه مستعد لتسليط الضغوط الضرورية على اسرائيل.

لو سار كل شئ على ما يرام، فان كل من الاسرائيليين والفلسطينيين سرعان ما يعودون الى اجراء تقدم في تطبيق خارطة الطريق. وستكون خطة السيد شارون الاحادية الجانب لسحب القوات الاسرائيلية والمستوطنين من غزة بالتنسيق مع خطة السلام؛ وسيصبح القطاع نواة الدولة الفلسطينية الجديدة. ان امام الفلسطينيين وجيرانهم الاسرائيليين فرصة جديدة للسلام. ولكن مثل هذه الفرص قد جاءت وذهبت مرات عديدة من قبل لهذا علينا ان لا نكون متفائلين جدا

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة