مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

لم يكن فوز الجمهوريين قدرا

بقلم ديفيد ارانوفيج

لقد فاز الديمقراطيون لانهم كانوا يملكون فكرة واضحة جدا عما كانوا يتصدون اليه، اما الجمهوريون فلم يكونوا كذلك.

في الماضي كان المراهقون يحصلون على ما يثيرهم من مجلات كناشيونال جوكرفيك، هذا قبل ان تصبح الصور الخليعة شيئا مشاعا .فبين صور الحياة فوق قطع الجليد العائمة ونباتات مدغشقر،  هنالك صور ملونة لنساء قبليات وهن بصدور وخلفيات عارية، هذه الملامح المثيرة كانت تعتبر بالنسبة للمراهقين اقل بذاءة واقل اثارة  للجنس فيما لو كانت ملامح تلك النساء اوربية.

نفس الشيء يبدو حقيقيا في العلاقة بين السياسة والدين، فان اية الله السيستاني الذي يمثل شيعة العراق، وهو شخصية محترمة وتتمتع بقدر كبير من الحكمة، كما ان القس جيسي جاكسن، الذي يعتبر خير مثال لرجل الدين. وكل تلك الموشحات الدينية الجميلة وكل التسبيحات! ان المظاهر وخاصة بين البيض المتشددين دينيا في اميركا او هنا،  الذين اطلقوا ناقوس الخطر باعلى صوته، كما حدث في ظهور الامير الكسندر المخلوع في مجلة السفر عام 1937، مالذي يمكن ان يسمح به  لاولئك الذين يمتلكون ثقافة اخرى ، لتكون بداية النهاية اذا ما اظهر أي مجتمع من مواطنينا ميولا دينية متشابهة.

انا افضل العلمانية اكثر من الحكومة الدينية كثيرا،  مالذي قام به الاميركيون؟،  في الاشارة الى الانتخابات الاخيرة، كما انا امل لاثبات ذلك هنا. مع ذلك فأن الحكمة التقليدية والجديدة التي تقفز دائما بصورة تلقائية( حكمة تصف اميركا كأثنين)-احداهما لاعقلانية ومتعصبة،  والاخرى عقلية ومتفتحة) محصورة في نزاع كبير،  والتي ربحت عبر "  كتائب من الجنود المسيحين"(كما يصف احد اكثر مؤرخينا تميزا ذلك).

كتب احد كتاب الاعمدة المشهورين" اننا نجاهد في اميركا"  وقال اخر"ان المخلصين قد ارسلوا الى الانتخابات كما لو كانوا في حالة من الانتشاء ".اتوقع اختفاء صورة ذلك تماما من اية تغطية اراها في هذه الايام.ان الاحصاءات الرئيسة التي ذكرت الجميع،  بينت ان القضية التي تحتل المرتبة الاولى لم تكن المسألة الاقتصادية ولم يكن العراق بل كانت حول شيء يسمى"القيم الاخلاقية".

ان هذا الحسابات تتطابق مع نظرية  الكتاب الاخير  لتوماس فرانك والذي كان له اثر طيب ،  طرح فيه مسألة كون الفقراء الاميركيين قد خدعوا من قبل الاغنياء عن طريق الدين والتحيز  للانتخاب،  في سبيل راسمالية قاسية لم تكن مخلصة لاهتماماتها الحقيقية .وبكلمات اخرى انهم كانوا مسلوبين فكريا،  لقد سرقنا من جديد ، ليس عبر الانتخابات  غير المنظمة،  بل عن طريق تحريك السذج او (المغفلين) كما تقولها الديلي ميرار والتي تدعي بعض الخبرة في هذا المجال.

ولكن تدقيقا لهذا الامر يظهر ان المخاوف ليست في محلها، وبدا كانه يجب ان نذكر انفسنا بانه على الرغم من فوز الرئيس كان واضحا الا انه كان فوزا متقاربا، لقد ادى الجمهوريون عملهم بطريقة تجاوزت توقعاتي ، متتبعا العرف الجمهوري.وليس ذلك فقط ، ولكن بعيد جدا عن ان تكون هنالك امريكتان،  يزداد انفصالهما.

ان بعض الاصوات تميل الى تأكيد عكس ذلك، خاصة ان بعض الولايات اظهرت  نتائج متقاربة(مينسوتا، ويسكونسين،  نيو همشاير، نيومكسيكو، وكذلك اوهايو) وجميع تلك الولايات متقاربة جدا اكثر مما حدث في بريطانيا(مقعد امن) حينما حصل الحزب الفائز على اكثر من 60% من الاصوات.

نعم ان المدن الكبيرة قد صوتت لمصلحة كيري ، اما المناطق الريفية فقد صوتت لمصلحة بوش، وكانت المدن الصغيرة منقسمة على نفسها بشكل متعادل،  وبقى شبح بوش مخيماً على الضواحي، كما ان اغلب سكان المدن،  او الناطقين بالاسبانية، او السود، او الكاثيلوك، او اليهود قد صوتوا  لمصلحة بوش اكثر من ذي قبل، وكذلك النساء البيض، ان 45% من الذين صوتوا لمصلحة بوش قد اتت من ناخبين يصنفون انفسهم"كمعتدلين" او "ليبراليين".

ولكن ماذا عن الدين ؟ان الثورة الشعبية في الولايات (الحمراء ) التي اشار اليها ثوماس فرانك، بعد التدقيق،  لاتعدو عن ان تكون مجرد سراب اكثر او اقل، او كابوساً ليبرالياً معذباً للنفس.ان 22% من المصوتين قد جعلت "القيم الاخلاقية" في المحطة الاولى لتصويتهم .

ان اكثر المصوتين الذين يصفون انفسهم كمتدينين، كما حدث في عام 2000.ان التصويت ضد او لمصلحة الاجهاض لم تكن مختلفة-ان 55  % كانوا بشكل كامل مع الاجهاض ضد 42% كانوا ضده. ان الغالبية قد دعمت اما زواج الشاذين( وهذا غير موجود عندنا في بريطانيا او اغلب الدول الاوربية) او اتحادات لزواج الشاذين. واقعا انه بين اولئك 5% كانوا مع بوش.( وبشكل غير متوقع تماما ان الخائفين من الارهاب قد صوتوا لمصلحة كيري).

انك اذا نظرت الى بعض المؤشرات الرئيسة  في الفوز بتلك الانتخابات، سوف تجد تفسيرا كالتالي، وهي ان المواطنين الذين فقدوا عملهم قد صوتوا لمصلحة كيري، اما اولئك الذين لم يفقدوا عملهم فكانوا مع بوش- وان اغلبهم كانوا مع بوش.ان اغلب المواطنين قد شعروا ان سنوات بوش قد حسنت من وضعهم المالي او قد اكدته اكثر مما قد خسروه.

ان هذا التحليل يشكل اهمية كبيرة، لانه في جزء منه، لانه قد دفع الى خسارة الديمقراطيين  ، لقد لعبوها بطريقة صحيحة،  وفي الجزء الاخر، فان العالم قد احتاج الى ان يعرف كيف يفهم اميركا.مثال ذلك ان بعض المواطنين يدفعون الان للاقتراب من "القيم الروحية" على شكل الاعتراف بزواج الشاذين او الاجهاض .

ان المشكلة مع الاخير واضحة وهي ان الجميع ضد الاجهاض المتاخر، وحينما تشعرالمرأة ان الجنين قد اخذ يتحرك في احشائها- وان افضل الحلول هو في التخلص من الجنين مبكرا، تشخيص ، وايجاد وسيلة منع مبكرة،  اومانع حمل افضل، وتعليم افضل.ان تمنعهن يعني ببساطة ان تجعلهن اكثر خطورة لان النساء سوف تبحث –مهما فكرنا في ذلك-للسيطرة على اوضاعهن.

يمكن ان نضع جوابا تقدميا لموضوع الاجهاض المبكر ، ويمكنك ان تكون حساسا في الاعتراض على ذلك، ان عليكم ان تفهموا هذا الانفجار المفاجيء لزواج الشاذين قد سبب كل هذا الاساءات بينما نحن نناقش المسالة هذه. ان تجبر على تحليل قضيتك هي ليست نموذجا للفاشية الدينية الاولية ولكنها مسالة احترام اراء الاخرين،  وليس عليك ان تكون (المر كنتري) جديد لتعجب كم هو جميل ان تملك  بحوث عبر الكمبيوتر (كما حدث لي البارحة) عن المقالات حول محاكم ستالين ثم تتفاجأ بوجود صور فاحشة لنساء فيه.

انك اذا لم ترغب بفوز الجمهوريين فعليك ان تقترح حلولا افضل.في مقالة نشرت في النيورك تايمز يوم الجمعة كتب اندري جاونز ، وهو الذي يكتب خطب جون كيري" ان مشكلة الديمقراطيين الشاملة اليوم ان الحاجة الى فهم اكثر عما يتصدون اليه" ان هنالك اسئلة طرحت على كيري للاجابة عليها فقال"ماهي رؤيتنا الاقتصادية في عالم العولمة هذا؟ كيف نستجيب الى رغبة الكثير من الاميركيين في انتهاز الفرص وقوة اتخاذ القرار بانفسهم؟ كيف نتحدث عن الميول الروحية والاخلاقية للاميركيين؟ كيفية توسيع رؤيتنا للامن القومي ليكون اكبر من مجرد نقد السياسة الخارجية للجمهوريين.

وطوال اربعين عاما ومنذ هزيمتهم بانتخابات 1964 كان الجمهوريون ومازالوا منشغلين بمناقشة سياسة انشاء المؤسسات او قيادة حوار وطني في الاقتصاد والشؤون الخارجية – ثم تقديم تلك المعلومات الى الحزب – اكثر من أي تحالف اخر – انهم يربطون انفسهم مع الحداثة والوضوح والتفاؤل.ان تحدي ذلك الموقف هو المهمة الطويلة الامد لليسار الرئيس في اميركا.لانه ليس سؤالا موجها الى الديمقراطيين فحسب بل الى البريطانيين ايضا

ما الحل لمشكلة ايران؟ وهل نستمر بالنظر الى مايفعله الاميركان ثم نعارضهم؟ وفوق كل هذا علينا ان نتجنب اولا خطأ مصيريا اوليا وقد سقط فيه الكثير ، ان جورج بوش ومنتخبيه ليسوا حمقى وان الذين يفكرون بذلك هم الحمقى حقا.

ترجمة :مفيد وحيد الصافي

عن  :الكارديان

 

 


بوش،  من وجهة نظر متفائلة

بقلم فيليب بوبيت

انتهت الانتخابات الرئاسية الاكثر اهمية في حياتي،  ما عدا بالطبع انها لم تكن الاكثر اهمية في التاريخ الامريكي الحديث،  ذلك الامتياز يعود إلى انتخابات عام 1964،  عندما كان المرشحان جونسون وغولدوتر،  في تلك الانتخابات تواجهت نظرتان متعارضتان للسياسة الامريكية في نقطة تحول في التاريخ الامريكي، كان السناتور باري غولدوتر واحداً من ستة اعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ عارضوا قانون الحقوق المدنية الذي شرع في ذلك العام،  عارض مشروع ليندون جونسون للمصادقة على معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية واقترح امكانية استعمال الاسلحة النووية في فيتنام وشجب برنامج جونسون للرعاية الصحية كبرنامج اشتراكي،  كانت انتخابات حاسمة إلى حد انه بعد تولي ستة رؤساء جمهوريين الحكم، لم ينقض اي منهم برامج جونسون.

لكن على النقيض من ذلك كان سباق بوش-كيري اختلافاً حول الاساليب والامزجة،  ساند كلا الرجلين غزو العراق،  بالرغم من انهما على مدى النجاح المتحقق في العراق. ساند كلاهما تخفيضاً اضافياً للضرائب بالرغم من العجز القياسي في الميزانية. وتحيز كلاهما لمصلحة تجارة دولية اكثر حيوية،  ووادراكاً معاً الحاجة إلى اصلاح نظام الضمان الاجتماعي ولكن لم يقدم احدهما أي اقتراح بحلول متكافئة مع المشكلة،  أيد كلاهما قيام اسرائيل ببناء جدار عازل يشمل اراضي تم الاستيلاء عليها في عام 1967.

انقسم الشعب على نفسه بحدة حول اختلافات مبالغ بها من دون أي ريب،  اختلافات تفضي إلى ابراز شخصية المرشحين بالرغم من انه هنا ايضاً هنالك مغالاة في تشويه الفروقات. يقال ان كيري في حياته الخاصة شخصية حميمة وجذابة،  بينما يوصف الرئيس بوش بانه يملك لساناً جارحاً ومؤنباً  يستعمله داخل البيت الابيض. يكمن الفرق الاعظم في السجية الوحيدة التي قال الرئيس كنيدي انها اعظم منحة للسياسيين القدرة على جعل الناس يتسامحون معه.

ما زال الامريكان،  بالرغم من السنوات الاربع الماضية يؤمنون ان بوش سوف يتصرف طبقاً لكلماته في عام 2000 (موحداً للشعب وليس موقعاً للشقاق). لا يزال الرئيس يؤمن ظاهرياً،  قال في خطابه بعد اعلان انتصاره (دورة جديدة هي فرصة جديدة لمحاولة مد الايادي للامة كلها)،  وربما يمكن ان يكون مخلصاً في قوله هذا،  من دون الخوف من خسارة الانتخابات،  سوف يتخذ بوش عدداً من القرارات التي هي اكثر انسجاماً مع سياساته المعلنة،  سياسات المحافظين ذوي القلوب الرحيمة اضافة إلى الحرب العالمية على الارهاب وتعزيز القيم العائلية اكثر مما كان ممكناً خلال دورته الاولى،  وبامكانك ان تتأمل على سبيل المثال طبيعة التدابير الملائمة التي يمكن ان تتخذ من قبل ادارة تعهدت بجدية بمحاربة الارهاب.

اذا كانت الولايات المتحدة في حالة حرب،  فان حجم القوات المسلحة سوف يزداد،  في الوقت الحاضر،  وهذه القوات ليست اكبر حجماً مما كانت عليه قبل الحادي عشر من ايلول ولم تقدم حكومة الولايات المتحدة على الذهاب إلى حرب من دون زيادة في هيكل قواتها،  تجتذب الحكومات في زمن الحرب الاعضاء البارزين من الحزب المقابل إلى المجلس الاستشاري للامن القومي،  وهذا ما فعله،  روزفلت،  ترومان،  آيزنهاور،  نكسون وكلينتون ايضاً.

اذا كانت الولايات المتحدة قد دخلت في عهد جديد في الصراع في العراق،  كما اوضح الرئيس فان عدد ونوعية القوات يجب ان تعكس طبيعة الحرب التي شنتها هذه القوات ضد العدو. وكان من الامور التي اخذت بنظر الاعتبار،  ان اقحام عدد اكبر من القوات في العراق قبل الانتخابات كان يعتبر تهوراً سياسياً،  ولكن ليس هنالك سبب يستطيع منع زيادة العدد الان.

تتطلب الحرب على الارهاب الثقة القصوى والاعتماد على نظام الحكم الوطني،  ولهذا فليس من الحكمة استمرار سياسيين جمهوريين من دون جذور في شؤون الاستخبارات والامن باشغال منصبي المدعي العام ورئاسة ادارة الامن الداخلي،  تتطلب الحرب التعاون الاقصى مع الدول الاجنبية،  ولهذا فأن تعيين جون دانفورت في وزارة الخارجية سوف يكون امراً مرحباباً،  به اذا قدم كولن باول استقالته من الوزارة. فقد حصل دانفورث على سمعة جيدة في الامم المتحدة ولكونه محامياً وهي حقيقة مهمة في هذا الوقت الذي يقضي اصلاح القانون الدولي ويجب ان يكون جزءاً من برنامج بوش في عهده الثاني،  يجب ان تعطى الاولوية في العلاقات الدولية إلى المشاريع التي تظهر السمات البارزة للمصالح المشتركة بين الحلفاء كما في امثلة تغيير المناخ والتدخل الانساني في السودان.

اذا كانت الولايات المتحدة فعلياً في حالة حرب،  فيجب عليها زيادة الضرائب بدلاً من ان تكون عالة بدرجة اكبر على القروض الاجنبية لتمويل الدفاع،  ويجب عليها تشجيع سياسات لتوفير الطاقة من اجل التقليل من الاعتماد على النفط الاجنبي،  ويجب عليها ان تبذل نشاطاً اكبر لانهاء العنف في فلسطين مع كل السموم التي ينشرها هذا النزاع في المجتمعات الاسلامية في كل مكان.

صوّت اكثر من 40% من اللاتينيين واكثر من 36% من الاسر النقابية لمصلحة بوش،  كما صوت اكثر من 40% من الاسر التي يقل دخلها السنوي عن 30.000 دولاراً لمصلحة الرئيس، اذا فقد بوش التصويت الشعبي في عام 2000 بفارق نصف مليون صوت،  فانه فاز في هذه المرة بفارق 3.5 مليون صوت،  انني اشك نوعاً ما،  بأن بوش لديه،  تفويض لاتباع الجناح اليميني من الحزب الجمهوري (فاز الجمهوريون بأربعة مقاعد اضافية في مجلس النواب المكون من 435 عضواً)،  على العكس من ذلك فأن التفويض الممنوح لجورج بوش والذي يعتقد انه قائد فوق الاحزاب،  دعته الاحداث التي لم يكن يتوقعها إلى شن حرب ذات تعقيدات غريبة،  مكر واحتمالات مهلكة، .

ترجمة- احسان عبد الهادي

عن- الغارديان

 


صراع القيم في الاتحاد الاوربي

ترجمة فاروق السعد عن الايكونومست

من بين اسباب احتراس بريطانيا من الاتحاد الاوربي، كما يشير آخر تقرير لهوكو يونك، هي الشكوك من انها كانت كلها عبارة عن " مؤامرة كاثوليكية، دبرت من قبل الفاتيكان". ويضيف الكاتب أن هذا الرأي، كان يعبر عن العديد من الساسة البريطانيين البارزين، منهم ماركريت تاتجر.

صحيح ان العديد من الارواح المحركة للتكامل الاوربي لفترة ما بعد الحرب- كونراد اديناور، جاكس ديلورز، السدة دي كاسبيري و روبرت شومان- كانوا كاثوليك ورعين.ولقد امدهم ايمانهم باحساس قوي عن العلاقات الثقافية والدينية بين الاوربيين تتخطى الحدود الوطنية. يدين علم الاتحاد الاوربي ذو النجوم الصفر الأثني عشر على خلفية زرقاء ايضا الى شئ من الكاثوليكية. فقد ذكر مؤخرا آرسنه هاتس، مصمم العلم عام 1955، الى مجلة لوردز أن ايحاءه جاء من اشارة في كتاب الوحي، العهد الجديد، الفصل الاخير الى امرأة متشحة بالشمس" وبتاج ذي اثنى عشر نجماً في رأسها". ولكن الكاثوليك والقيم الاوربية معرضة لخطر اعلان طلاق فوضوي. ان الازمة الحالية قد اثيرت من قبل المعارضة في البرلمان الاوربي على ترشيح روكو بوتكليوني ، سياسي ايطالي وكاثوليكي متزمت، كمفوض اوربي للعدل وللشؤون الداخلية. ففي كلمة الاستماع، قال بأنه يعتبر الشذوذ الجنسي خطيئة. ورسم خطوطا واضحة تميز بين الخطيئة والجريمة، واضاف أنه لا يواجه مشاكل في فرض الاتفاقية الاوربية للحقوق الاساسية. ولكن ملاحظاته، المشفوعة بتعليقات مزعومة اخرى تمتهن من الامهات غير المتزوجات والنساء العاملات، قد اثارت هياجا من قبل بعض اعضاء البرلمان، حتى قالوا بان مثل هذا الرجل لا ينبغي ان يتسلم منصبا وزاريا مثل وزارة العدل، في اتحاد اوربي يعتبر نفسه"اتحاد قيم". ان نقد بوتكليوني السلبي قد اثار نقدا سلبيا مضادا من قبل كبار رجال الدين . فقد اشتكى الكاردنال ريناكو مارينو، رئيس مجلس الفاتيكان للعدل من عملية "تفتيش" ضد الكاثوليكية في انحاء اوربا. واشار جون ويلز، معلق من بروكسل الى وجود محاولة سرية لادخال ما يماثل فصل من كتاب عام 1673 الذي يمنع الكاثوليكية من الحياة العامة في بريطانيا. وفي محاولة لتهدئة الخواطر، صرح رئيس المفوضية المنتخب خوزيه باروسو بان" الحرب المقدسة هي آخر ما تحتاجه اوربا".

ان نزاعا كهذا ليس وشيكا. ولكن وضع بوتكليوني المعقد لم يكن مجرد حادثة. بل كان تعبيرا عن توترات، بين وجهات النظر الدينية والدنيوية "للقيم الاوربية"، التي تتراكم منذ مدة من الزمن. فخلال محاولات دامت سنتين لكتابة دستور للاتحاد الاوربي، كان من المواضيع المهمة هو امكانية ادخال اشارة عن الاسس المسيحية لاوربا الى عبارة القيم الاوربية التي تخدم كديباجة للدستور. ورغم محاولات الفاتيكان الجادة لم يتم ذكر المسيحية في النسخة النهائية للدستور الذي اتفق عليه في يونيو الماضي. ومن ثم هناك القضايا الاجتماعية. جاءت ملاحظات بوتكليوني حول الشذوذ الجنسي ايضا في لحظة حساسة، تعج بالنقاشات في العديد من اجزاء اوربا حول زواج المثليين. فقد اعلنت الحكومة الاشتراكية الاسبانية عن خطط لاعتبار هذا الزواج شرعيا، وصادفت معارضة شديدة من قبل رجال الدين. وقالت هذا الاسبوع صحيفة ABC ، صحيفة اسبانية محافظة، أن الكنيسة شعرت بأنها "عرضة لهجوم" من قبل "مليشيا دنيوية" للحكومة الجديدة. بالتأكيد هنالك شعور بان المد الاجتماعي في اوربا هو ضد القيم المحافظة التي يتصدرها البابا جون باول الثاني – ومن قبل السيد بوتكليوني، صديق البابا وكاتب سيرته. اظهرت استطلاعات الرأي في اسبانيا أن 60% يؤيدون مشروع زواج المثليين. ان اوربا بصورة عامة مكان دنيوي، مقارنة بامريكا. فهندسة الحدائق، البناء المعماري، العادات واسماء الاماكن تعود الى تاريخ المسيحية، ولكن القليل من الاوربيين يذهب الى الكنيسة. ففي المسح الذي اجراه "PEW"، شركة لاستطلاعات الرأي، في 2002، ظهر أن 59% من الامريكان يقولون بان الدين كان "مهما جدا" بالنسبة اليهم. في حين لم يقل هذا سوى 27% في ايطاليا، 21% في المانيا و 11% من فرنسا. وحول الاجهاض فان الفجوة عبر الاطلسي كبيرة وهي في حالة اتساع. في امريكا، تكون المبادرة السياسية عند اولئك الذين يريدون مزيدا من الكبح؛ وفي معظم اجزاء اوربا العكس هو الصحيح.

في الوقت الذي يقلق بعض مؤيدي "المزيد من التقارب" في اوربا من فقدان مساندة الكنيسة الكاثوليكية، يرحب آخرون بمعركة بوتكليوني. ويقولون أن الوقت قد حان لادخال بعض السياسات الحقيقية الى الاتحاد الاوربي. عن طريق مناقشة القيم، اكثر من الاقتصاد-هكذا تذهب النظرية- يمكن لسياسيي الاتحاد الاوربي جذب المواطنين العاديين، واقناعهم بان الاتحاد يعمل اكثر من مجرد تعديل اعوجاج الموز. يامل الفيدراليون بان معركة بوتكليوني سوف تحدد سن الرشد للبرلمان الاوربي. ان البرلمان، كما يعتقدون، قد فعل ما يتوجب على البرلمان القيام به- محاسبة السلطة التنفيذية.ولم يفعل البرلمان الاوربي شرخا على امتداد الحدود الوطنية. بل، الشرخ كان ايديولوجيا،المحافظون يساندون بوتكليوني والمفوضية، والاشتراكيون والخضر ومعظم الليبراليون يقفون على الضد. وهذا يبدو ما يشبه سياسات مؤيدة للاتحاد الاوربي، اكثر من مجرد محفل آخر لتجارة الخيول الدولية. وكما يراها الفيدراليون، فان الساسة المنتخبين يدافعون عن انفسهم ضد البيروقراطيين، لقد بدأت الديمقراطية الاوربية ، ليس قبل وقتها، في ازاحة النخب التكنوقراطية. قد يكون الامر هكذا. ولكن بالنسبة للاتحاد، هنالك مخاطر اضافة الى وجود فرص في هذا الاسبوع الحافل بالنقاشات الغاضبة.

ان احد اسباب نجاح التكامل الاوربي خلال السنوات الستين الماضية هو حقيقة انه لم يوقظ كثيرا من المشاعر بين الناس العاديين. وهذا قد لا يتحقق بعد الان. ربما كسب البرلمان الاوربي معجبين جدداً هذا الاسبوع. ولكن عن طريق هز القارب، وازعاج احد مؤيدي التكامل الاوربي التقليديين وهي الكنيسة الكاثوليكية، فقد خسرت منافع هدوء الظلمة.

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة