الاخيرة

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

الشتاء والانتظار والمطر

محمد درويش علي

جاء الشتاء بعد انتظار سقيم كان محملا بالحر، وعبء التفجيرات واخبار الانتخابات، وتسليم الاسلحة في مدينة الصدر، وازمة البنزين، وانقطاع الكهرباء، ووعود زيادة رواتب المتقاعدين، وتحسين مفردات البطاقة التموينية، واعادة النظر في برامج تلفزيون العراقية، والحسرة التي تلازم النظر الى الحواجز الكونكريتية، ومظلات مصلحة نقل الركاب، والخوف من النكَرية في شارع المتنبي ايام الجمع، وفي سوق الشورجة، والباب الشرقي، وسوق بغداد الجديدة في كل يوم.

جاء الشتاء وبلل سواقي القلب، وانبت خيالاً وطيفاً جميلاً، كما تقول احدى اغنيات ياس خضر، وبلل ملابسنا، وحرمنا من الوقوف على راحتنا في انتظار سيارات (الكيا)، وعبور كل الجسور بـ (لشافعات) في الصباحات الندية والصباحات اليابسة ، جاء الشتاء ومعه تغيّرات الطقس، بدءاً بالرشح وانتهاءً بالانفلونزا، وكانت دعوات المضمدين لا حدود لها ، لهذا القادم الجميل الذي هو اجمل من كل ربيع العالم، الذي وفر رزقاً لهذه الشريحة التي تعيش على (معثرات) الطقس.

جاء الشتاء وجاءت معه التأكيدات المستمرة على احلال الامن والنظام في العراق، واجراء انتخابات حرة ونزيهة لاغش فيها ولا تزوير، ولا معدل او نتيجة فاز فلان الفلاني بـ 99%، او نسبة اعلى بدرجة شبه بسيطة بـ 100%.

جاء الشتاء وفاز فيه جورج بوش الجمهوري، على جون كيري الديمقراطي بفارق كبير من النقاط، على الرغم من  المناظرات والمجادلات يقال والعهدة على القائل ان زمن (الديمقراطيين) قد ولى والى الابد، لأن فيهم بقايا من رائحة اليسارية واليسارية في عهد العولمة والقطب الواحد غير مرغوب فيهما. لا ادري انا هكذا يقال عهد جديد في العراق سيبدأ لا علاقة له بالنظام السابق، ولا بأية اجراءات اخرى او قرارات اتخذت  آنذاك، وانما انطلاقاً من مبدأ جديد هو ان مرحلة جديدة بدأت في امريكا ولا بد ان تكون في العراق مرحلة مماثلة.

ولكن انا ما زلت اعيش يومياً تحت المطر، بإنتظار الـ(كيات)، والنظر الى وجوه الصبايا الذاهبات الى الجامعة المستنصرية، ورمي كل ما في جيبي في بئر المصروف اليومي، والخروج من البيت في اعلى درجات الكآبة على مقياس العمر الذي يجري في نواعير معطلة.


حبيبتي الشهيدة

 

 

الى حبيبتي و رفيقة دربي امال...

 كنت ممتلئة بالحياة، املك العراق و بيتك، ستتخرج ابنتك هذه السنة فهل ستكون روحك مرفرفة بيننا! اما الثانية فستدخل الكلية لوحدها، انظري اليها فهي لا تزال صغيرة تحتاج اليك!

مازلت لا اصدق، كان وجهك الجميل كله ضحكة و امل في ان ينعم العراق بالسلم. كانت قوتك في حبك للناس، مندفعة في اعادة اعمار النجف، في ارسال المياه الى الكرد الفيليين في ديالى. كنت تسعين لجمع الدواء و الدم و الماء لاهالي الفلوجة وتقولين انهم جميعاً ابناء العراق

احس ان الدنيا فارغة، انني وحيد... وحيد، مع من اناقش و آخذ رأيه، مع من اتخاصم؟ و يبقى السؤال الذي لا اعرف رأيك فيه أاهرب من العراق ؟ اجيبيني يا حبيبتي.

هل هذا قدرك المحتوم، ام فعل اشرار البشر، من انتم لتقرروا مصائر الناس.؟

نحن بحاجة اليها، سليمانية، بغداد، نجف، بصرة،الانبار، مدينة الثورة كلها نقاطك لخدمة الناس. عندما عدنا من الخارج و عملت في الجامعة قلت لي انني فرحة جدا" لانني اخدم شباب العراق، و ليس كما كنت في الخارج.

رباه... لقد صامت رمضان كله و ختمت القران. و عندما اغتالوها رفعت يدها للشهادة، و لكن فوهات النار اكلت يدها اليمنى، فهل اكلت الشهادة. انني متأكد بانها حتى ان لم تكمل الشهادة فانك ارحم الراحمين.

رباه... ما هذا الرعب ؟ عندما كانت تجد في الطرق الشرطة و الحرس الوطني العراقي كانت تدعو لهم و تقول احسن من وجود الامريكان.

و الى قتلتها اقول و اخبر  جميع العراقيين اسألوا الامريكان ماذا كانت تقول لهم من صغيرهم الى كبيرهم. سيخبرونك ان نخرج من العراق.

فلماذا هذا الرعب ؟

هل تسمعني روحك الطاهرة ؟

الفاتحة على روحها....

 زوجك و حبيبك

   اثير حداد

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة