الانتخابات
الاوكرانية- نتيجة مشكوك فيها
ترجمة فاروق السعد عن الايكونومست
خرج ما يزيد على 200000 اوكراني في مسيرات عارمة في
العاصمة الاوكرانية وسط دلائل تشير ان الفائز المتوقع في
الانتخابات الرئاسية،
فكتور يوشجنكو، كان قد سرق منه النصر عن طريق الخداع. هل
تسحق السلطات هذه
الاحتجاجات او تندلع ثورة بيضاء ام تسفك الدماء؟
طبقا
لنتائج الانتخابات، فان قائد المعارضة الاوكرانية
المؤيد للغرب، فكتور يوشنكوف، كان متقدما في الجولة النهائية
لانتخابات رئيس
للجمهورية، التي اجريت يوم الاحد 21 تشرين الثاني. فقد كانت
النتيجة 54% لصالح السيد
يوشجنكو مقابل 43% الى فكتور يانوكوفيش، رئيس وزراء اوكرانيا
الحالي، الذي يحظى
سعيه للحصول على الرئاسة دعما من الرئيس السابق، ليونيد
كوجما، والرئيس الروسي،
فلاديمير بوتن. على الرغم من استمرار فرز الاصوات مؤخراً،
تحول تفوق قائد
المعارضة الواضح الى فوز هامشي لمصلحة المرشح الرسمي. وفي
يوم الاثنين، قالت اللجنة
الانتخابية ان، وبعد فرز 99% من الاصوات، السيد يانوكوفيش قد
حصل على فارق لا يمكن
تجاوزه يبلغ ثلاث نقاط.
خشية
تكرار المخالفات الواسعة الانتشار التي لوحظت في
الجولة الاولى من انتخابات الشهر الماضي، احتشد آلاف من
المؤيدين للسيد يوشجنكو،
مرتدين البرتقالي، لون حملته الانتخابية، في درجة حرارة ما
دون الصفر في الساحة
الرئيسة للعاصمة، كييف، ليلة يوم الاحد. طالبوا الحكومة
بالاعتراف بفوزه، و في
صباح يوم الاثنين، عندما بدأت اللجنة الانتخابية باعلان
بيانات تظهر تقدم السيد
يانوكوفيش، ازدادت اعدادهم الى ما يقارب 50000. " الزموا
اماكنكم" هكذا طلب قائد
المعارضة من اتباعه، واعدا اياهم بان عشرات الآلاف هم في
الطريق اليهم، "بالعربات،
والسيارات، والقطارات، والطائرات"، للتظاهر احتجاجا على
تزييف الانتخابات. بدأ
الكثير من المحتجين بنصب الخيم على امتداد الشارع الرئيسي
لكييف. "انها ليست الا
البداية" ، هكذا قال السيد يوشجنكو. وفي المساء، قيل بان
اعدادهم ارتفعت الى ما
يزيد على 200000.
ادان
المراقبون الغربيون الانتخابات مباشرة.
فالسيناتور ريجارد لوكار، الذي ارسل من قبل الرئيس جورج بوش
لمراقبة عمليات
التصويت، اتهم الحكومة الاوكرانية بتبني" برنامج منسق وفعال
من التزييف والمخالفات
الانتخابية"، في حين قال مراقب رسمي روسي بان الانتخابات
شرعية. وقال الاتحاد
الاوربي ان كل البلدان الاعضاء الـ(25) سيستدعون سفراءهم في
أوكرانيا ليسجلوا
احتجاجا رسميا. ولكن مدير حملة السيد يوشجنكو الانتخابية ،
سيرهي تاهابكو اصر على
ان السيد يوشجنكو قد فاز، موضحا بان نتائج صناديق الاقتراع
ليست مضمونة. هنأ السيد
بوتين السيد يوشجنكو بمناسبة نصره.
كانت
جميع وسائل الاعلام الاوكرانية تميل كثيرا لمصلحة السيد
يوشجنكو، وقلما تتطرق الى قائد المعارضة. و قبيل الجولة
الاولى من
الانتخابات، اتهم مؤيدو المرشح الرسمي بارعاب موظفي اللجنة
الانتخابية في محاولة
لتوجيه الانتخابات لمصلحته. حتى ان السيد يوشجنكو اتهمهم
بأنهم كانوا وراء محاولة
تسميمه، مما احال وجهه منتفخا ومتقرحا. وفي الجولة الثانية
التي جرت يوم الاحد،
تركزت الشكوك على احتمال حدوث خداع في التصويت عن طريق
الادلاء بالاصوات لعدة مرات
في الجزء الشرقي من البلاد الذي يتحدث الروسية، حيث يكون
مساندو يانوكوفيش الاقوى.
وطبقا لما ذكره مسؤلو اللجنة الانتخابية، فان النتائج هناك
كانت عالية بشكل لا
يصدق، الى نسبة 96%.
يمتلك
السيد يانوكوفيش اوراقا رابحة في الحملة
الانتخابية: فقد منح المتقاعدين والقطاع العام زيادة كبيرة
في الرواتب؛ كما ان
الاقتصاد الاوكراني في حالة من الانتعاش، بوجود محصول حبوب
جيد و ارتفاع في حجم
صادرات الفولاذ والمواد الكيماوية. ومع ذلك، فقد عبر حتى
اصدقاؤه الغربيون عن
امتعاضهم من نظامه وطريقة ادارة الاعمال المستندة الى طغمة
عشائرية تقدم له
الدعم.
اهتم
المراقبون الاجانب كثيرا في الانتخابات
الاوكرانية، ليس بسبب كونها واحدة من اكبر بلدان اوربا
الشرقية فحسب، بعدد سكانها
البالغ 49 مليون نسمة، بل لان النتيجة قد يكون لها تبعات
مهمة على المنطقة برمتها.
قدم السيد يوشجنكو نفسه كمساند للغرب، وكمصلح للسوق الحر
والذي سيحاول الحصول على
عضوية الاتحاد الاوربي وحلف الناتو الذي تقوده امريكا، في
الوقت الذي يكافح فيه
الفساد ويفرض سلطة القانون. لقد كسب السيد يوشجنكو الرئاسة
وقاد اوكرانيا الى ان
تصبح ديمقراطية غربية بافاق اوربية الطابع، ربما يكون
الناخبون الروس وفي اماكن
اخرى قد بدءوا يطالبون بنفس الشيء.
قد
يشكل فوز السيد يوشجنكو صفعة قوية الى السيد بوتين،
الذي زار اوكرانيا مرتين خلال الحملة الانتخابية لدعم السيد
يانوكوفيش ( برغم انكاره
من ان يكون هذا هو سبب الزيارتين). ان محاولات الرئيس الروسي
للسيطرة على دول
الاتحاد السوفيتي السابق قد تتقلص لو ان ثاني اكبر بلد منها
تخلص من قبضته و انضم
الى الغرب.
ثم ما
ذا الان؟ القسم الاكبر يعتمد على تصميم انصار
يوشجنكو. يدور حديث الآن عن اضراب عام. ورفض مجلس مدينة كييف
والمدينة الكبيرة
الاخرى ، لفيف الاعتراف بالنتيجة الرسمية للانتخابات. هل
يكون هناك تصاعد في
الاحتجاجات وعصيانات مدنية الى ان تصل الامور الى مرحلة لا
يملك معها السيد
يانوكوفيش الا ان يستقيل؟ ومع ذلك، فلقد حدث شيء مشابه
تقريبا لهذه الحالة السنة
الماضية في احدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، جورجيا،
عندما اجبرت القوة
الشعبية الرئيس السابق، ادوارد شيفاردنازدة، على الاستقالة
بعد انتخابات برلمانية
مشكوك بنزاهتها.
كان
السيد شيفاردنازدة قد اجبر على الاستقالة بعد ان
اصبح من المشكوك فيه ان تقوم القوات المسلحة بتنفيذ اية
اوامر لسحق المتظاهرين.المسالة الان هو هل قوات الامن
الاوكرانية تتصرف بنفس الطريقة: ففي مساء يوم
الاثنين، اصدروا بيانا يعد بقمع أي تصرف خارج عن القانون
"بسرعة وحزم".
رغم
ان السيد يوشجنكو يأمل الان بثورة بيضاء على
الطريقة الجورجية، الا انه يوجد هنالك ايضا سابقة غير واعدة
في دول الاتحاد
السوفيتي السابق: فقبل شهرين فقط، "فاز" رئيس بيلوروسيا،
الاسكندر لوكاشنكا في
استفتاء مزيف يسمح له في انتخابات المرحلة الثانية. قال
الاتحاد الاوربي بأنه يخطط
لتشديد المقاطعة ضد حكومته و لكن لا يوجد ما يشير، لغاية هذا
التاريخ، على انه
سيزاح من السلطة. اجريت انتخابات غير نزيهة في كل من
اذربيجان و ارمينيا السنة
الماضية: في اذربيجان، كان هنالك اعمال شغب بعد ان فاز ابن
الرئيس المفروض في ضل
انتشار واسع للتهديد والرشوة ولكنها قمعت بقسوة: وفي
ارمينيا، كان رد الناخبين
يائسا تماما على اعادة انتخاب رئيسهم في ضل عمليات تزوير في
صناديق الاقتراع. لو ان
اوكرانيا اتبعت هاتين الدولتين السابقتين، فان امل التغيير
سينهار
|