كتابة وتصوير
آمنة عبد العزيز
سوق شارع النهر كان من الاسواق المهمة الذي يرتادها الناس من
مختلف الشرائح الاجتماعية ولاسيما الشباب من كلا الجنسين،
فضلاً عن ارتياد العرسان لهذا السوق.
وهو سوق ممتد ما بين جسر الشهداء والاحرار.
وعلى الضفة المحاذية للسوق تقع اشهر جامعة إسلامية في العالم
هي المدرسة المستنصرية، تتقاطع وتتفرع منه اسواق تخصصية
كثيرة نذكر منها سوق (دانيال) المتخصص في بيع الاقمشة وقد
أخذ اسمه من التاجر اليهودي العراقي المعروف.
وعد سوق شارع النهر مركزاً تجارياً مهماً لبورصة الذهب وخاصة
في مدة السبعينيات من القرن المنصرم، اضافة لارتياد السياح
الاجانب له والتبضع من المحال التراثية والانتيكات التي
تنتشر في بداية هذا السوق.
كان لا بد من تسليط الضوء اكثر على هذا السوق الذي انحسرت
حركته التجارية في السنين الأخيرة. التقينا أحد أصحاب المحال
وهو السيد (محمد علي نوروزي) حيث قال:
في عام 1954 امتلكت محلاً فيه ولم يكن هذا السوق الذي تأسس
عام 1900 سوى سوق لبيع الخضراوات واللحوم والفواكه والأسماك
ولقرب السوق من النهر ووقوف السفن الآتية من البصرة والموصل
انتشرت الخانات الكثيرة والتي تستعمل لخزن الاخشاب والبضائع
التي كانت تحملها تلك السفن وأشهرها خان (الشابندر) وخان
(نوروز) وخان مرجان الذي أصبح فيما بعد مطعماً معروفاً
للكثيرين.
*وما هي الابنية المهمة في هذا السوق؟
-هناك الكثير من الابنية مثل بناية المحكمة الشرعية التي
بنيت عام 1912 ومسجد العادلية الكبير وغرفة تجارة بغداد وكان
بيت التاجر اليهودي (دانيال) والمطل على نهر دجلة يقع في هذا
الشارع والذي هدم بفعل الفيضان عام 1954 وبعد ان كثرت المحال
التجارية في شارع الرشيد، مما شجع العديد من الناس في السوق
بافتتاح محال تجارية لبيع الذهب والفضة والاقمشة والاحذية
والحقائب النسائية وملابس العرسان وتجهيزاتهم.
وأما السيد فرحان السبتي: وهو صائغ للذهب قال:
-لم يكن يهدأ هذا السوق من الحركة والبيع والشراء، فاقبال
الناس من جميع المحافظات العراقية ودول الخليج والاجانب
الذين يحرصون على اقتناء المصوغات الذهبية والفضية التي
تتميز بصناعتها الحرفية اليدوية الدقيقة. وكذلك العرسان
الذين يشترون (الاطقم) الكاملة والأساور. اليوم يشهد السوق
ركوداً اقتصادياً كبيراً لأسباب كثيرة اهمها الوضع الامني
غير المستقر وهجرة الكثير من الصاغة واصحاب المهن الأخرى
وبعضهم امتهن اعمالاً ثانية تناسب مع حالة السوق المتردية
اضافة "إلى انتشار اسواق اخرى في بغداد كالسوق (العربي)
واسواق الكرادة وبغداد الجديدة.
أما الحاج صالح حسين وهو بائع لوازم خياطة فقد تحدث عن احوال
السوق بين الأمس واليوم قائلاً:
قد تستغربين يا ابنتي إن قلت لك ان الصور الجميلة لهذا السوق
وحركة المارة التي لا تهدأ أو تنقطع فيما مضى، هي غير ذلك
اليوم. كنت أمتلك فيه محلاً تجارياً ومعملاً لبيع وصناعة
الاحذية والحقائب ولكن الاستيراد المفتوح واقبال الناس على
شراء البضاعة الاجنبية والعربية جعلت من بضاعتنا المحلية في
ركود كبير.
غيرت مهنتي إلى لوزام الخياطة وهي تناسب مع وضعي الحالي وكبر
سني.
بعد هذه الجولة السريعة في سوق شارع النهر، والذي يملؤه
الصمت والفراغ، ترى هل يعود هذا الشارع الحيوي والمهم إلى
سابق عهده وحركته الدؤوب، ام سيبقى مجرد حيز مكاني في طريقه
إلى الزوال أو النسيان.
|