المدى الثقافي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

أصوات من المنفى:  قراءة في مرويات المنفى العربية .. عبد الرحمن منيف نموذجاً

(1-4)

د. محمد شحات

ليس سؤال الحرية بعيداً،عن سؤال الوجود، فالحرية وجود، وغياب الحرية نفي وقمع واستبداد وهيمنة. والحرية مطلب مبدعي الأمة العربية ومفكريها حتى من قبل ان يكتب عبد الرحمن الكواكبي عن (طبائع الاستبداد)، ومن قبل ان يكتب طه حسين أيضاً علاقة الحرية بالأدب في دراسته (في الأدب الجاهلي) عندما قال:

"هذه الحرية التي نطلبها لن تُنال لأننا نتمناها، فنحن نستطيع ان نتمنى، وما كان الأمل وحده منتجاً، وما كان يكفي ان تتمنى  لتحقق أمانيك، إنما ننال هذه الحرية يوم نأخذها بأنفسنا لا ننتظر ان تمنحنا اياها سلطة ما".

ان السلطة التي تخول نفسها الحق في ان تمنح بعض البشر بعض الحرية وتحجب عن بعض البشر كل الحرية لهي سلطة قامعة مستبدة تستعين بعدد هائل من الاستراتيجيات النصية والحيل البلاغية والاسلوبية لتشييد مملكة القمع على ارض الواقع. إن خطورة الوسائل القمعية التي تمارسها السلطة بواسطة الخطاب لا ترجع، من وجهة نظر ميشيل فوكو مثلاً، إلى وسائل التحكم الخارجية من نفي أو قتل أو غير ذلك من وسائل عرفتها الكلمة المكتوبة عبر عصور من الاستبداد والظلام ومصادرة الحريات حتى بدايات عصر الديموقراطية الحديثة، وإنما ترجع إلى عمليات تنظيم داخلية تتصل بطبيعة الخطاب نفسه من حيث هو "خطاب" يتكئ ـ في ظل ضروب الاقصاء والاستعباد والنفي والنبذ والطرد والهيمنة.. وكل استراتيجيات عالم المنفى الذي نحياه جميعاً "الآن وهنا" في "شرق المتوسط" إذا استعنا بعناوين روايات عبد الرحمن منيف ـ على إقامة مساحات من الصمت والإضمار ومساحات أخرى من الإفصاح والإعلان تحكم ما يجب ان يقال وما لا يجب، ما يخضع للتحديد والكشف والابتكار وما يتبع نظم التعقيب والتبرير والتكرار، وذلك كله وفق معايير ضمنية من الخطأ والصواب، الحقيقة والزيف، تتجلى ابلغ ما تتجلى في موضوعات السلطة والجنس والدين.

ان الحرية، كما تقول نادين جورديمر، "تعنى حق الكاتب في ان يدافع عن/ وينشر للعالم رؤيته الخاصة لوضع مجتمعه. وإذا كان له ان يعمل بأفضل ما عنده، فيجب ا ن ينتزع تحرره من تماثل التفسير السياسي والاخلاق والأذواق الشائعة".

 

1

عبد الرحمن منيف واحد من الكتاب الملتزمين تدور أغلب رواياتهم حول قضية في اشكالها كافة، حرية المواطن العربي ضد أساليب القهر السياسي والسجن والتعذيب وظلامات المنافي المتعددة في الداخل والخارج. ويمكن اعتبار روايتيه (الشجار واغتيال مرزوق) (1973) و(المنبت) 1989 ـ الجزء الرابع من خماسية "مدن الملح" ـ نموذجين دالين على رواية المنفى، جنبا إلى جنب روايات أخرى لا تنفصل عن هذا السياق بطريقة أو بأخرى، من أبرزها روايتا "شرق المتوسط" (1975) ـ و"الآن  ـ هنا" (1991) . وفي رواية (المنبت) خاصة، وأثناء قضاء السلطان خزعل (أبو مشعل) فترة بألمانيا احتفالاً بزواجه (المحملجي) أحدث زوجاته وابنه الخمسة عشر ربيعاً ونجلة الطبيب السوري الكبير الدكتور صحبي المحملجب (أبو غزوان)، مستشار السلطان وكاتم سره، تثور ثورة للتمرد يقودها اخو السلطان الأمير (فنر) وبمساعدة كل من (مطيع) و(حماد) وتنجح هذه الثورة في السيطرة على أمور الحكم في (موران) بالسعودية، في الوقت نفسه الذي تتأجج مشاعر السلطان وحاشيته في مدينة (بادن بادن) الألمانية بمشاعر الغربة والاغتراب وتصاعد الإحساس بالنفي والبتر وافتقاد الوطن والألفة؛ إذ تنقطع الصلات فجأة بين السلطان وحاشيته [هنا]، بينما تتوارى "موران" بكل ما كان فيها [هناك] من أهل وصولجان وأقارب وألفة وصلات قُربى.

تتكون رواية (المنبت) من خمسة وعشرين مشهداً، أو فاصلاً سردياً، دون عناوين أو ارقام تدور كلها في مدينة (بادن بادن) الألمانية منذ صفحتها الأولى عدا بعض الاسترجاعات الخاطفة التي تخلل بعض الفصول، هنا أو هناك. هكذا، تبدأ احداث الرواية منذ هبوط طائرة السلطان خزعل في شتوتجارت بألمانيا.

ومنذ هذه اللحظة، تترى احداث الرواية وتتوالى دفقاتها السردية حتى استقرار السلطان وحاشيته في بادن بادن، وأمر السلطان الأب غزوان ان يذكره بما سوف يفعله في الأيام المقبلة من تخلل بعض المشكلات والخلافات الاجتماعية والطائفية القائمة بموران. ولن ينتهي المشهد الأول من الرواية حتى يكون السلطان خزعل وجميع من في القصر بالمانيا على علم بما كان يحدث في موران، وترقبهم الدائم ما سوف يكون خوفاً من عدم قدرتهم على العودة إلى ذلك الوطن الكائن "هناك" وسط صحراوات مترامية بعيداً عن هذه البلاد الباردة التي كُتب عليهم النَفْي فيها، كما كُتِبَ عليهم مواجهة قساة شتائها الأبدي. لذا، يبدأ المشهد الثاني بتأكيد السلطان حنقه من التمرد الحاصل هناك:

"ـ.. والله، والله لو ظل بعمري ساعة واحدة ما أتركهم ولا أخلّيهم يفرحون.

ويهزّ السلطان راسه بسرعة وبطريقة آلية تشبه اهتزاز رأس الحرذون. يغيب. يحاول ان يتخيل ما حصل، ثم فجأة يصرخ بحقد:

ـ قالوا لأرواحهم: أبو مشعل طيب. طيّب ويده مبسوطة وصدره واسع، ويحمل مثل بعير؟ وقالوا: كم يوم وينسى؟ لا مخطين. هالحين يلزمهم يعرفون من هو أبو مشعل. لأن أبا مشعل مع الكريم أكرم، ومع اللئيم العصا، وما له بقلبي رحمة. ويلزمهم يعرفوا: ما هو كل من ركب الفرس فارس، ولا كل من حمل السيف صار عنتر بن شداد.

يتنفس بعمق وحسرة، وكأنه يريد ان يمتص الهواء كله، ويتابع بلهجة مختلفة:

ـ قالوا لأرواحهم: غاب البس العب يا فار؟ قالوا بعيداً ونقدر نسوّي كل شيء؟  تراهم محظين واهمين، وراح يأكلون اصابعهم ندامة، لأن بعد كل ليل صباح، وبعد كل نشوة صحوة.. ونشوف". (المنبت:18).

ويستمر المشهد الثاني كله على هذا النحو، حيث يتحدث السلطان ويسمع أبو غزوان ويطيع ويهز رأسه وعينيه بالايجاب صامتاً، بينما تعتوره مشاعر الذعر والاضطراب والخوف من المرتقب والمؤجل. ان القائم بالعملية السردية، في الرواية، راوٍ بضمير الغائب، كُلّي المعرفة غالباً؛ إذ يعرف ما يجوس بداخل شخوصه إلى درجة قد يتنبأ فيها أو "يستبق" بعض الاحداث أو السلوكات من بعض الشخصيات غير انه في أحيان أخرى كثيرة يمنحنا إحساساً بالمراقبة والمتابعة فحسب. إنه راوٍ غير مالوف؛ إذ يكون أحياناً محيطاً بكل شيء، ثم يكون في أحيان أخرى مثله مثل أية شخصية محدودة المعرفة والأفق. إننا بصدد راوٍ أقر إلى المؤرّخين الذين كانوا يحرصون كل الحرص على تدوين الأحداث والمواقف كما يشاهدونها، وكما يخبر شهود العيان عنها، بعد مقارنة المرويّات ببعضها البعض والتحقق منها، والوقوف على رواية مفترضة بها من الدقة ما ليس لغيرها وما يميزها عن غيرها في آن. وفي أحيان أخرى، يبدو هذا الراوي عالماً بكل شيء ،حين يقول مثلاً:

"انه واحد من الأيام القليلة الذي تتذكره بادن بادن، ومع الذكرى تتداخل العواطف والأفكار وتختلط(..).

وقصص مقابلة: ان مبارك لم يمتنع عن دفع المخصصات، وإنما ابلغ الذين راجعوه ان احد المكلفين، مع مترجم، ذهب لإحضار الدراهم من البنك، وحالما يعود سوف يدفع لهم مخصصاتهم (...).

وغير ذلك من الملابسات كثير (...).

ـ يا عباد الله، اسكتوا. خلّوا واحدا منكم يتكلّم، وخلّنا نفهم شنهو اللي صاير بالدنيا".


حوار الحضارات والأديان انطلاقة مشروع طموح

منصور عبد الناصر

يعطينا المؤتمر التأسيسي للمركز العراقي لحوار الحضارات الأديان والذي كان محوره الرئيس هو (الديمقراطية وحقوق الإنسان في حوار الحضارات والأديان) في 23/ 11/ 2004 الفرصة لتأمل ذلك الغياب شبه الكامل لعقود طويلة لموضوعة حوار الحضارات والأديان في العراق وفي الوطن العربي وربما في المنطقة بأسرها.

هذا الموضوع الحيوي الذي انبرت نخبة طيبة من المثقفين والأكاديميين العراقيين للخوض فيه.

يقول الدكتور خزعل الماجدي مدير المشروع ان انعقاد هذا المؤتمر التأسيسي لمركزٍ من هذا النوع، في هذه الظروف، هو نوع من الردّ على الاحتلال والإرهاب ولغة العنف والخراب، بل هو برفع شعار حوار الحضارات والأديان يدعو لكلِ ما له علاقة بالسلام والأمان والفكر والثقافة ونبذ لغة الأسلحة والخوف والعذاب الإنساني.

ويضيف بعد استعراضه لأزمة العنف في التاريخ العراقي القديم والمعاصر بأننا اليوم نقف على مفترق طريق خطير فأما ان نعود إلى مسلسل الكبت والقمع والترهيب وإما ان نسلك طريق الحوار والتفاهم وننبذ إلى الأبد لغة المركزية والعنف والدمار والخراب.

لقد حفلت الطروحات التي تقدم بها المشاركون في المؤتمر التأسيسي لهذا المركز بالكثير من روح الحوار والتفاهم وضرورة الاعتراف بالآخر وجعله جزءاً من ثقافة الحاضر والمستقبل، وأكدت أهمية حوار الحضارات والأديان في العراق والعالم ونبذ العنف والتطرف وضرورة تمهيد طريق التسامح والتفاهم بين الحضارات والأديان والمذاهب من اجل خلق مجتمع ديمقراطي ومن أجل صيانة حقوق الإنسان وإقامة الحياة الدستورية في العراق.

وقد شارك في الكلمات والبحوث والمداخلات كل من (الشيخ جلال الحنفي، الشيخ ستار جبار حلو، رئيس المجلس الأعلى لطائفة الصابئة المندائيين في العالم، نزار الديراني رئيس اتحاد الادباء السريان، وفيصل فهمي سعيد، والدكتور بهنام أبو الصوف وعلي الفواز وهيوا المفتي، وحسين الجاف، والدكتور متعب مناف والاستاذ فؤاد قزانجي.

ويهدف المركز العراقي لحوار الحضارات والاديان إلى:

1ـ العمل الايجابي على حوار الحضارات والأديان في العالم المعاصر.

2ـ التأكيد على روح التسامح بين الحضارات والأديان ونبذ العنف والتطرف فيها.

التأكيد على الجوانب الثقافية بين الحضارات والأديان وتهذيب الجوانب الأيديولوجية بحيث يسمح لها بالتفاعل لحي لا بالتصادم المدمر.

4ـ يسعى المركز للالتقاء بالمراكز المشابهة له في الوطن العربي والعالم وتنشيط الحوار والنقاش البناء في هذا المجال.

5ـ يسعى المركز لاقامة ندوة عالمية تجمع في كل مرة الاسلام مع غيره من الاديان العالمية وتفتح حواراً ايجابياً، وتجمع أوجه الحضارة العراقية مع غيرها. من الحضارات.

6ـ يؤكد المركز على وحدة الأديان وتلازم الحضارات ويسعى لكشف عناصر الوحدة والتلازم ونبد عناصر التناحر والصراع بينها.

7ـ جعل الحضارات والأديان جزءاً من حوارات المجتمع المدني واخضاعها للبحث العلمي والدراسات المقارنة.

8ـ العناية بالآثار المادية لمختلف الحضارات والأديان والعمل على حفظها ومكافحة تهريبها والعبث بها واقامة الندوات التي تحقق هذا الغرض.

وقع عرض المركز الوسائل التي يحقق بها أهدافه من خلال:

 1ـ تأسيس موقع على الانترنيت تنشر من خلاله البحوث والدراسات والأفكار والحوارات الجادة والبناءة في هذا المجال.

2ـ اقامة مواسم ثقافية دورية في حقول الحضارات وعلم وتاريخ الأديان والميثولوجيا (علم الأساطير) وتاريخ الأمم والشعوب يعدها أساتذة مختصون في هذه الحقول.

وحفل المؤتمر بالمناقشات المهمة الخاصة بالثقافات والأديان المختلفة الموجودة في العراق وعلاقتها ببعضها من جهة وعلاقتها بحضارات وثقافات وأديان العالم من جهة أخرى. وحضر المؤتمر حشدٌ كبير من المثقفين والأكاديميين العراقيين وشاركوا في اعمال المؤتمر.

 

البيان التأسيسي

للمركز العراقي لحوار الحضارات والأديان

أصبحت الحضارات والأديان أكثر ميلاً للتصادم من ميلها للحوار والتفاعل الخلاق فقد غرق العالم في القرن العشرين في حربين مدمرتين تلتها حرب باردة ثم اصطدام عنيف بين الشرق والغرب منذ حرب الخليج الثانية ومروراً بأحداث الحادي عشر من ايلول والاحتلال الأمريكي لافغانستان والعراق وانتهاءاً بالتوتر الحاد في الشرق الأوسط وما حولها.

كل هذه الاحداث الكبرى التي غيرت وجه العالم هي في جوهرها نوع من صراع الحضارات ولجوئها إلى العنف بدلاً من الحوار. ولعل صراع الاديان والمذاهب هو وجه اساس من وجوه هذا الصراع الذي ينذر بعواقب وخيمة إذا ترك في لهيب حرائقه الدامي يتدحرج على وجه الكرة الارضية من دون وضع حد له وإيقاف دماره.

ولا شك ان حوار الحضارات والأديان هو البديل الوحيد عن صراعها واصطدامها الدموي ببعضها، ولا يكون هذا الحوار إلا باحترام الآخر والإصغاء له، فمثلما كانت الديمقراطية حلاً للمجتمع في الكيان السياسي الواحد فانها ستكون حلاً للمجتمعات والدول والحضارات والأديان في العالم كله، أي لا بد من أن تكون الديمقراطية عالمية بعد ان نجحت في أماكن عديدة ولابد من نقل الديمقراطية من التجربة السياسية المحدودة في بلد واحد إلى التجربة الحضارية والدينية في بلدان العالم كله ولا يأتي هذا إلا عن طريق الحوار بين الحضارات والأديان وجعله اساساً لإقامة علاقات مشبعة باحترام الثقافات وعقائد الشعوب.

ان حوار الحضارات والأديان هو السبيل الأمثل لإنهاء التصادم بين الشعوب والانظمة المختلفة، وان مبدأ الحوار يجب ان يأخذ الأولوية في تفاهم الشعوب واقترابها من بعضها. ولعل نزع الفتيل الايديولوجي أو التخفيف من أيدولوجيا الحضارات والأديان في هذا الحوار والتأكيد على جانب اللقاء والثقافة الإنسانية والعمق الوجداني فيها هو ما يمهد الطريق لتلاقح وتفاعل الحضارات مع الأديان مع بعضها من اجل خلق مجتمع انساني أرقى.

ولعل بلداً مثل العراق يتوفر على أعرق جذور حضارية منذ عصور ما قبل التاريخ حتى يومنا هذا وهو مهد أساس للكثير من المعتقدات الدينية يمكن ان يكون أرضاً خصبة للانطلاق بهذا الحوار الحضاري. خصوصاً بعد ان شاعت الحرية في اجوائه.

ولذلك رأينا ان من الضروري انشاء مركز عراقي لحوار الحضارات والاديان يأخذ على عاتقه البدء بهذا الحوار وتأسيس مادته الأولية وان يكون الحوار مبنياً على التسامح والاعتراف بالآخر وتهذيب الحوار الحضاري ونبذ العنف والعصابية والتطرف فيه وجعله مرناً وقابلاً للأخذ والرد.

ولا شك ان مثل هذا المركز يحاول استقطاب شرائح من المجتمع مثل المختصين الأكاديميين في حقول الحضارات والأديان والمعنيين بعلوم التاريخ والسياسة والاجتماع والانثروبولوجيا ويستقطب رجال الاديان المختلفة ومراكز الحضارة والتاريخ والمتاحف والفنون والثقافة.

وبذلك يكون هذا المركز بؤرة حضارية تمثل ركيزة من ركائز ومؤسسات المجتمع المدني ويعمل على إشاعة الحوار بين الحضارات القديمة والوسيطة والمعاصرة ويجعل التفاهم بين الاديان الحالية المنتشرة في العالم العربي والعالم من اجل تكريس استقرار حضاري وديني أفضل وسيعمل من خلال وسائله الفعالة على وصل النقاط المشتركة والايجابية في كل الحضارات والأديان وجعلها اساسا ثقافياً للتفاهم بين الشعوب.


كتاب لا يكو في المنهج

د. سهام جبار

ينتمي كتاب (كيف تعد رسالة دكتوراه) لامبرتو ايكو إلى نمط من التأليف في المنهج، ولهذا النمط تاريخ طويل منذ أن ابتدأ الإنسان الوعي بأهمية السير على المنهج في أمور حياته عامة، وفي أوروبا كان للقرن السابع عشر فضله في الوقوف على كل ما يدخل في اتخاذ منهج للبحث العقلي خاصة بعد استثمارهم ما قدمته اليهم الحضارة اليونانية من ثمرات فلسفية وعقلية عامة في طرائق البحث والتفكير والاستنتاج والحوار المعمقة في سعي الإنسان إلى الحقيقة.

وجد ايكو الحاجة إلى تأليف كتابه من منطلق ان الدراسة في الجامعات الإيطالية تتم في اطار قبول اعداد كبيرة من الطلاب في الفصل الدراسي الواحد الأمر الذي يختلف عنه في جامعات أخرى ولا سيما الجامعات الأمريكية، فالأعداد الغفيرة من الطلبة في الجامعات الإيطالية يمنع الطالب من الافادة من المعلم والنقاش معه كما يشاء.

يقدم ايكو في كتابه نصائح للطالب الجامعي الملتحق بالدراسات العليا ويريد ان يكمل لنيل الدكتوراه، وهو يبين مجموعة من النقاط المتعلقة بكيفية قيام طالب الدكتوراه باعداد عمل يستوفي كل الشروط المطلوبة لكي يتفادى الانتقادات الحادة من لجنة المناقشة، فهو يجيب عن أسئلة من نوع: ما معنى رسالة دكتوراه، كيف يتم اختيار الموضوع وتوفير الوقت المناسب، كيف نقوم بعملية البحث عن المراجع، كيف نقوم بترتيب المواد التي تم العثور عليها، كيف يتم اعداد العمل الذي بين ايدينا؟ ان الحديث عن القواعد المنهجية مهم جداً لتحقيق الفائدة العلمية. ونحن في العراق احوج ما نكون إلى ضبط القواعد وانجاز البحوث. وفق الاصول المنهجية الصحيحة.

كما ذكرت ان كتاب ايكو ينتمي إلى سياق من التأليف في المنهج يمتد إلى أزمان بعيدة، وفي اطار الدراسات العربية هناك كتب عديدة تدخل في هذا الباب منها مثلاً منهج البحث الأدبي للدكتور علي جواد الطاهر، ومناهج البحث العلمي لعبد الرحمن بدوي، والبحث الأدبي طبيعته، مناهجه، اصوله لشوقي ضيف ومؤلفات أخرى غيرها قديمة وحديثة فضلاً عما موجود في التراث العربي أو منقول عن الغرب، لا يعني ذلك ألا امكان لتحقيق الجدة وادراك فضل وزيادة علم عن كتاب مثل كتاب ايكو، ففي المعرفة لا تتحقق الفائدة بمجرد الاتيان بالمعرفة وإنما بالطريقة التي يتم بها اتيان هذه المعرفة، وهذا ما يزيد من كشف الأهمية لكتاب في المنهج يتصل بظروف البحث في الجامعات المختلفة بحسب بيئاتها ومتطلبات الدراسة فيها.

ومن الجميل ان ينتبه المؤلف إلى ان اعداد الرسالة يعني قضاء وقت ممتع إلى جانب انه مفيد، والمتعة تتأتى من المناسبة بين القدرات والمتحصل من ترجمة هذه القدرات إلى عمل، ولا ينسى ايكو انشغاله النقدي بالقارئ فنجده يقول: (لقد كان عليّ ان ابتكر لنفسي قارئاً يجهل كل شيء حتى اعطيه التعليمات والقواعد الضرورية في هذا المقام، اما أنتم يا من تقرأونه، فمن المؤكد انكم تعرفون الكثير من التقنيات التي يتضمنها، اذن فالهدف من الكتاب هو التذكرة بها جميعاً حتى تستوعبوا ما تمثلتموه في ما قبل ذلك من دون أن تدروا.

كتاب (كيف تعد رسالة دكتوراه تقنيات وطرائق للبحث والدراسة والكتابة) لامبرتو ايكو، من ترجمة علي منوفي، يصدر ضمن المشروع القومي للترجمة في المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2002م


وفاة الروائي البريطاني آرثر هايلي

توفى الكاتب البريطاني الشهير آرثر هايلي الخميس في منزله على جزيرة نيو بروفيدنس، عن 84 عاماً. وبلغت شهرة هايلي العالمية، بعدما ترجمت كتبه إلى 83 لغة، فهو قد انتج 11 عملاً روائياً، طبعت في 40 بلداً وبلغت مبيعاتها 170 مليون نسخة. وقالت زوجته شيلا إنه كان قد خلد إلى النوم بعد تناول العشاء مع اثنين من اولاده الستة في منزله.ويعتقد الأطباء انه أصيب بنوبة قلبية ادت إلى وفاته، بحسب وكالة الاسوشيتد برس.

وتميز الأسلوب الروائي الذي حمل هايلي إلى قمة الشهرة، بأنه يستعير شخصياته من اناس عاديين ويورطهم في ظروف معقدة جداً، تشد القارئ وتغني الخيال على الرغم من واقعيتها.وقد تم اقتباس عدد كبير من أفلام التشويق من رواياته، مثال فيم (Wheels  وHotel وِAirport و StronG Cedicine).وهايلي الذي ولد في انكلترا، اضطر إلى الانقطاع عن الدراسة وكان عمره 14 عاماً لأن والديه كانا غير قادرين على تغطية مصاريف متابعة تعليمه.


الإطار المفهومي للعلمنة

مهدي النجار

تواجه المفاهيم الحديثة خاصة الغربية صعوبات جمة لكي تتبيأ في وسط الثقافة الإسلامية العربية، تصطدم أحياناً هذه المفاهيم بردود أفعال طاردة، عنيفة لأنها تعني في نظر الكثيرين تهديداً خطراً للنظام المعرفي الذي استورثوه وألفوه كذلك إلغاء حقيقة الخطاب السائد ومفاهيمه التراثية والركون إلى خطابات أجنبية مستوردة، حتى إن البعض يعتقد أن ما يقترح عليه من مفاهيم حديثة صار تداولها والتعامل بها في الحقول الفكرية والسياسية والاجتماعية ضرورة مثل ضرورة تعاملنا بمفاهيم التقنيات والحضارة والعلوم الطبيعية والتجريبية، يعتقدون إن هذه المفاهيم تعني التخلص من القيم الاجتماعية والدينية وكل أنواع التراثات وتساهم في تصفية الهوية الثقافية وتخترق العادات والأعراف والأخلاق التي تعود الناس عليها، إيمان العوام، حسب تعبير الغزالي، على الأرجح إن مثل هذه الاعتقادات تميل إلى سكونية مستمرة وانغلاق صارم ونبذ مسبق لمفاهيم الآخر دون فحصها أو نقدها.

إن العلمانية اكتشاف حديث العهد، وهي شأنها شأن كثير من المفاهيم ليست لها جذرية مفهومية أو فكرية أو لغوية في الثقافة الإسلامية العربية لذا من الصعب من خلال هذه الثقافة أن ندرك ماذا تعني، حيث بدأت ترد وتروج باستخدامات مفرطة في خطاباتنا اليوم وفي جميع الخطابات الإسلامية العربية كإشارة إلى دولة علمانية، مجتمع علماني، أحزاب علمانية، صحف علمانية، أشخاص علمانيين.. الخ. وقد يقشعر البعض حين سماعها باعتبارها ضد الدين أو يساويها في الألحاد أو يصنفها مع النزعات المتطرفة اللا دينية، إن هذا نعتقده غير صحيح فإيجازاً العلمانية تعني محايد تجاه الدين areligieu (الفرنسية) بالإحالة إلى العالم، الكون أو العالم المحسوس وهي تتأرخ ضمن القرن الثامن عشر أبان دعوة مارتن لوثر وحركة الإصلاح الديني التي تمثلت بإنجازها الأهم في القضاء على سطوة الكنيسة في الحياة وتحرير العقل من الكنيسة ومن رجالها، لذا فهي تتضمن وفق هذه السياقات التي تأقلمت فيها والتي كان الدين ماثلاً في الكنيسة، تتضمن الفصل الصارم بين ما هو سياسي وما هو ديني إلا إن مؤرخاً مثل برنار لويس يعتبر من وجهة نظره إن بذرة العلمانية "إنما وجدت في خصوصية الكنيسة نفسها، وبالتحديد في التمييز بين ما للإله وما لقيصر، غير إن هذه البذرة كان عليها إن تنتظر أكثر من خمسة عشر قرناً وبعض الحروب الدينية كي تبرز" ويرجع محمد أركون (قضايا في نقد العقل الديني) تاريخها إلى القرون الوسطى، بل إلى تاريخ الفلسفة اليونانية الكلاسيكية في عهد أرسطو طاليس وفي عهد أفلاطون باعتبار العلمانية موقفاً معرفياً، فلسفياً مبنياً على الوظيفة الأساسية التي يقوم عليها العقل البشري، هي وظيفة التساؤل، وظيفة وضع الإشكالات فيما يتعلق بجميع مستويات الحياة البشرية، إننا لا نميل إلى مثل هذه الأرخنة المفتوحة التي يأخذ بها محمد أركون وإلا ما المانع من تأويل ابن رشد واعتباره رائداً من رواد العلمنة بتأكيده الحازم على الفصل بين الشريعة والفلسفة، بين العقل والنقل، إنما نرجح مع القائلين بأنبثاق العلمانية من عهد تحرير الكنيسة من وظائفها السياسية أو بشكل أوسع وظائفها الزمانية. ويشدد محمد أركون على إن العلمانية "لا تعني القضاء على الدين كما توهم البعض وإنما تعني احترام الدين وعدم زجه في كل شاردة وواردة كما يفعل الأصوليون القروسيطون". إن الأمر الجوهري في المفهوم العلماني وفي تطبيقاته العلمية الحديثة عموماً، ليس إقصاء ما هو ديني، بل تغيير نمط حضوره ونشاطه، فبدل أن يعتبر نسق تعليمات جامدة تتعمق بالتفصيل في ميكانيزمات النظام الاجتماعي، ينبغي أن يعتبر منبعاً للضوابط الأخلاقية والتوجهات الروحانية، لكن بسبب عدم امتلاك المجتمعات الإسلامية العربية الحد الأدنى من التوازن الاجتماعي أو الرفاه الاقتصادي و التطور المعرفي والثقافي فهي تقع في التباسات وسوء تفاهمات فكرية لا يمكنها ان تسمح بتطبيق هكذا مفاهيم معرفية مثل العلمانية تقف مواقف نقدية وتفحصية على تراثها وأنظمتها السياسية. ويتصور جوزيف مغيزل (لبنان من الطائفية إلى العلمنة) بأن العلمنة، بفصلها الدين، كأيمان وأخلاق، عن الدولة، عن السياسة وأسباب التباعد والانقسام، تنقذه، تعيده إلى اصالته، إلى دوره الأخلاقي، إلى صفائه الرباني. إن المؤمنين الكاملين يجب أن يكونوا هم دعاة العلمنة الأوائل".

إن حيادية السلطة إزاء الدين تتمثل في المنظور العلماني بعدم تدخل الدولة في شؤون الدين، فعلى الدولة أن ترضى بأن تنظم الأديان أمورها ومؤسساتها كما تشاء وشرط ألا يؤدي ذلك إلى الإخلال بحريات الغير وحقوقهم وبالنظام العام والآداب العامة والسلام الوطني، ويقر النظام العلماني بأن يمارس المؤمن شعائر دينية بحرية وعلناً دون أن يمس بذلك حرية سواه ويسيء إلى الراحة العامة والأمن العام وأن يعبر الناس عن معقتداتهم بحرية دون مضايقة كتابة وكلاماً في حدود احترام كل منهما الآخر.

بغداد. تشرين الثاني 2004


الشاعر مؤيد حنون  أفق توقع العبارة

خالد خضير

يتطلب التلقي، برأينا، درجة من الآلية المستسلمة (للعبة المدركات الحسية)، وهي لعبة تتيح التمثل السلبي لحفريات النص، كما يتم تمثل حفريات الجدران والسماء الملبدة بالغيوم باعتبارها واقعة بصرية أو نصية على حد سواء. ولقد أثبت فرانكلين روجرز أن لعبة التعامل مع الحفريات (اللقى البصرية) لعبة (عرفها واستخدمها إنسان عصور ما قبل التاريخ، وإلى زمن يرجع إلى 3500 عام ق.م) وإن (لعبة المدركات الحسية) تهيئ عملية التلقي لأن تكون (إنصياعاً لأقدار النصوص)، كما يصفها الناقد الدكتور حاتم الصكر، وهي تهدف إلى تفعيل الطاقة التعبيرية لمتعرجات سطح النص، ونقصد بها الصور الشعرية والدلالات، وبما يشبه استثمار بقع - حبر (روشراك) أو مفروكات ماكس آرنست أو لعبة اكتشاف الأشكال في الغيوم والجدران القديمة، فتكون القراءة نفخاً للروح (في جثث الكلمات الراقدة في سلام) النص، "تستعيد حياتها التي فارقتها بالفراغ من الكتابة".

إن لعبة كهذه تروق، كما سنرى، للشاعر الشاب مؤيد حنون، حينما دون ديوانه (متعة القول) الصادر في صنعاء عام 2002، إلا أنه يوظفها بطريقة مختلفة، حيث يبث أجزاءً من متعرجات صوره بشكل يدعو القارئ إلى أن يبني أفقاً من التوقع الذي يعتمد عليه في التقاط، وإكمال أجزاء تلك المستحقات، لكن الشاعر مؤيد حنون، وفي احترام تلك التوقعات، يشاكس قارئه حيث يخرب اطمئنانه الخادع في بناء نسقية الصورة (العبارة) التي كان قد اعتمد فيها على ما بثه الشاعر من موجهات نصية، فإذا به يعمد إلى كسر أفق التوقع الذي كاد يكون وشيكاً، وهدفاً محدداً خلقه جزء الصورة (والعبارة) الأول الذي بثه الشاعر عامداً لخلق حالة التوقع، وهو توقع خلق (وقعاً) في نفس القارئ، يصفه الناقد حاتم الصكر بأنه "إيهام يخلق لحظة الوهم التي ينشأ في خصائصها الشعر، ومضة تستدعي رؤيتها وجود حواس بكر، لا تتمثل لما زودت به من علم سابق"، وهو علم خلقه نمط من التواطؤ الاجتماعي المسبق بين المتعاملين بنسق لغوي وثقافي سائد ومحدد بمعارف مسبقة وراسخة، وبذلك يكون أفق توقع المتلقي متجهاً نحو تسلم سياق هو الأكثر توقعاً لجزء الصورة الثاني.

يبدو أن مؤيد حنون يفهم مسألة الإزاحة الشعرية بكونها تحقيق قدر من كسر لسياق التوقع يحدث في منطقة الدلالة أكثر ما يقع في منطقة الشكل (اللغة)، وبذلك يكرس جهده لأحداث تلك الإزاحة باعتبارها الكفيلة بتحقيق (الشعرية). إن الأمر مماثل لنمطين من العمليات الحسية الإدراكية: الأولى: البحث في آثار السطح (النص) وهو ما نسميه (متعرجات النص) عن أشكال تتطابق وأشكال العقل (أفق التوقع الشكلي)، والثانية، حدوث إدراك بفعل هيمنة ثقافية تماماً مثلما يتم توقع شكل مثلث خفي يوصل ثلاث نقاط قريبة من بعضها على صفحة بيضاء، بينما قد تكون في واقع الأمر واقعة على محيط دائرة، أو ربما لا وجود لأي محيط لكي تقع تلك النقاط عليه، وهذا ناتج من هيمنة قواعد الهندسة الإقليدية على العقل البشري.

يبدأ مؤيد حنون لعبته منذ عنوان ديوانه الذي يؤلفه من جزأين، يوحي أولهما (متعة) بنمط من المتع التي لا يمكن أن يكون (القول) أحدها، والأمر ذاته يصدق على عنوان أولى قصائد ديوانه، حيث يلتبس الأمر على المتلقي حين يستقبل لفظه الأول (قائمة) والتي توحي مباشرة بجملة من العناصر المادية، كما في قوائم الطعام أو المشتريات أو الأسماء أو نحو ذلك، بينما هي عند مؤيد حنون (قائمة من الذكريات).

من يتوقع ما تحتويه الحقائب غير الملابس وأدوات الحلاقة والجوارب. لكن لنفتح حقائب مؤيد حنون ونرى:

".. الحقائب / أفتح واحدة "تخرج الأشجار / الشوارع / رائحة البيت / أدوات الحلاقة / والأصدقاء أيضاً"

(قائمة من الذكريات)

وأيضاً تعني الحقائب عند مؤيد حنون أشياء أخرى فهي (خزانة الذكريات) وهي عالم يحكم فيه بمفرده!

وما الذي توحيه (مساحيق) المرأة غير أن تكون أدوات تجميل لوجوه النساء؟:

"برشاقة أصابعي / وبمساحيقك المهملة / التي كثيراً ما تتشاجرين / معي حين ارسم بها / امرأة شاحبة"

(قائمة من الذكريات)

وربما تكون تلك المرأة الشاحبة هي ذاتها المتلقي الافتراضي الذي يبث لها الشاعر الخطاب. القطار يلاحق الشاعر والقطار لا يمكن أن يلاحق أحداً:

"سوف أقول كل شيء / وجوه خالية  من الملامح / تزفني لمحطات لا تؤدي / القطار يلاحقني / أجري / وحين تشبث بي / ركلني أحدهم / فسقط القطار مني"

(قائمة من الذكريات)

وقد تكون الأرضة قادرة على أكل سلالة الشاعر:

"قبعتان وعصا / كل ما استطعت أن الحق به / من سلالتنا التي أكلتها الأرضة"

(قائمة من الذكريات)

وقد يلقم أحدنا كرزاً بدل القبلات:

"عابر يختلي بأنثاه / في الهزيع الأخير من الأغنية / يقول عنها الكثير / وتقول / ما يملأ فمه بالكرز"

(أغصانك على النافذة)

هل يمكن أن ينكسر الماء والجرة سالمة، تلك هي القيمة عند مؤيد حنون:

"الغيمة / الجرة بمائها المنكسر"

(مسرات الكائن)

وهل يمكن احتساب العمر بغير السنوات، يبدو أن لدى مؤيد حنون معياراً لعد سنوات العمر:

"للأب الذي انطفأ آخر غليون / من عمره / ولم يعد ينتظر عودتي آخر الليل"

(ما الذي تقوله عني يا أيون)

هناك طرق بذراع واحدة! لدى مؤيد حنون أيضاً:

"الطريق / يشبهك / حين / خرجت / من الحرب / بذراع واحدة / وأصدقاء التهمتهم المدن"

(أنا أكثر دهشة)

لمؤيد حنون ما يمكن أن نطلق عليه (تعريفات) تكسر التوقع بقوة، أو هي (حكم) على نسق سفر الحكمة.

"في الأفق فتاة تخبز أحلامها"

أما أكثر دهشة)

"المغفرة خطيئة الذنوب"

(أنا أكثر دهشة)

"الماء من نعومة النهر"

(مسرات الكائن)

"الأحلام وحدها تفيض من السرير"

(أنثى البعيد)

"أشيعك بيدين من حزن"

(أنثى البعيد)

"ما يفيض من النهر قلبه الكبير"

(ما الذي تقوله عني يا أيون)

"العالم أكبر من قبر سينحشر في أو انحشر فيه"

(أنا أكثر دهشة)

"ازرع في الشجاعة وأحصد عويلاً"

(أنا أكثر دهشة)

"الغياب حضور في مكان ما"

(أنا أكثر دهشة)

"حياة يجرها خلفه كحصان"

(أنا أكثر دهشة)

وبعض الصور تبدو لديه ذات بريق خاص:

"قطيع من النوافذ" (لافتة)

"رسائل لا تبعث بالبريد" (لافتة)

"الاعتراف خطيئة أخرى" (قداس)

"الشمس تجفف الشتائم" (قداس)

"كلما اتسعت الحرب تضيق البلاد" (نهايات سيئة)

وهي تتناقص ومقولة أحمد عبد الجبار النفري "كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة"


 المسلمون في بريطانيا يلجأون إلى شكسبير

يستعين مسلمو بريطانيا بالشاعر البريطاني وليام شيكسبير في تحسين صورتهم. ورغم ان شيكسبير كان مسيحيا أبيض وانه مات قبل 400 عام فقد صار هذا الاسبوع محور اسبوع للوعي الاسلامي في محاولة لتسليط الضوء على اسهام مسلمي بريطانيا البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة في المجتمع. وفي اطار هذه الحملة يجري عرض صور متنوعة للثقافة الاسلامية على الجدران الخارجية لمسرح (ذا جلوب) وهو مسرح شيكسبير المفتوح على ضفاف نهر التيمز.

ويضيف المسرح وهو صورة طبق الاصل لمسرح من العصر الاليزابيثي سوقا عربية وحفلا تتلى فيه اجزاء من نسخة نادرة من مسرحية (عطيل) وهي مأساة صور فيها شيكسبير نبيلا مغربيا قاتل من أجل مدينة البندقية المسيحية. وقال الشيخ حمزة يوسف وهو احد العلماء المسلمين وسيلقي محاضرة عن شيكسبير والاسلام في مسرح ذا جلوب هذا الاسبوع "مسرحيات شيكسبير ليست بشأن الخير مقابل الشر ولا بشأن عالم (أنت فيه اما معنا او علينا)." واضاف "شيكسبير يرفض الانغماس في هذه الرسوم الكاريكاتورية للخير والشر. مسرحياته أكثر تعقيدا من ذلك." ويقول يوسف انه سيكون من الافضل للمسلمين البريطانيين الشبان ان يهتموا بالمعاني العميقة في كلمات شيكسبير اكثر من الرسائل التي تخدش الاذان التي يلقيها عليهم سياسيون وزعماء دينيون. وقال يوسف لرويترز في مقابلة في مسرح ذا جلوب "الشعراء لديهم قدر هائل مما يمكن ان نتعلمه منهم... اننا نستمع كثيرا الى مهندسينا الاجتماعيين وعلمائنا الاجتماعيين ولا نستمع بالقدر الكافي لشعرائنا." ولا يبدو شيكسبير للوهلة الاولى شخصية تصلح لان تكون محور حملة من أجل التسامح الديني. فشخصية شايلوك المرابي الجشع في مسرحيته (تاجر البندقية) مثلا كثيرا ما يوجه اليها اللوم في تعزيز الصورة الذهنية النمطية لليهود واذكاء العداء للسامية.

وتحفل مسرحيات شيكسبير التي كتبت في عصر صراع ديني وقبل وقت طويل من مقدم الرشاد السياسي بالشخصيات التي تظهر ما يمكن ان يتوقعه المرء من المواطن العادي في العصر الاليزابيثي من عدم ثقة بالاجانب. لكن يوسف وهو امريكي اعتنق الاسلام ويرأس مؤسسة اسلامية في كاليفورنيا يقول ان تصوير شيكسبير للمسلمين ليس معاديا تماما.

وعطيل نبيل وجندي ذو خلق واستقامة يقود معركة البندقية ضد الاتراك المسلمين قبل ان يتعرض لخديعة قاتلة من ياجو الشرير المسيحي اسما.

والامير المغربي في (تاجر البندقية) شخص عريق المحتد يتقدم لخطبة بورشيا بل وارون المغربي الشرير في مسرحية (تيتوس اندرونيكوس) لا يخلو من ملامح جديرة بالاعتبار.

ويقول يوسف الذي اعتنق الاسلام وهو بعد صبي ان انجلترا البروتستانتية في العصر الاليزابيثي كانت تنظر الى المسلمين نظرة حميدة نسبيا اذ كانت تعتبرهم حلفاء طبيعيين في معركتها ضد اسبانيا الكاثوليكية. وقال "من المثير ان الشريرين الاثنين في مسرحية عطيل .. ياجو ورودريجو .. اسماهما اسبانيان وليسا من الاسماء التي تنتسب الى البندقية."

واضاف "أعتقد حقا ان شيكسبير كان يدعو في هذه المسرحية الى تحالف مع المغرب ضد الاسبان." وأيا كانت نوايا شيكسبير قبل 400 عام فمنظمو احداث هذا الاسبوع يرون ان ميراثه يمكن ان يساعد على تحسين العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين وهي علاقات تعرضت لضربات منذ هجمات 11 ايلول عام 2001 على الولايات المتحدة.

وقال شفيق صادق منسق اسبوع الوعي الاسلامية "شيكسبير جزء من تراثنا." واضاف "مسرحياته تذكرنا بالمجتمعات العالمية التي نعيش فيها والحاجة الى الاحترام وحسن النية."

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة