منصور عبد
الناصر
يعطينا
المؤتمر التأسيسي للمركز العراقي لحوار الحضارات الأديان
والذي كان محوره الرئيس هو (الديمقراطية وحقوق الإنسان في
حوار الحضارات والأديان) في 23/ 11/ 2004 الفرصة لتأمل ذلك
الغياب شبه الكامل لعقود طويلة لموضوعة حوار الحضارات
والأديان في العراق وفي الوطن العربي وربما في المنطقة
بأسرها.
هذا الموضوع
الحيوي الذي انبرت نخبة طيبة من المثقفين والأكاديميين
العراقيين للخوض فيه.
يقول
الدكتور خزعل الماجدي مدير المشروع ان انعقاد هذا المؤتمر
التأسيسي لمركزٍ من هذا النوع، في هذه الظروف، هو نوع من
الردّ على الاحتلال والإرهاب ولغة العنف والخراب، بل هو برفع
شعار حوار الحضارات والأديان يدعو لكلِ ما له علاقة بالسلام
والأمان والفكر والثقافة ونبذ لغة الأسلحة والخوف والعذاب
الإنساني.
ويضيف بعد
استعراضه لأزمة العنف في التاريخ العراقي القديم والمعاصر
بأننا اليوم نقف على مفترق طريق خطير فأما ان نعود إلى مسلسل
الكبت والقمع والترهيب وإما ان نسلك طريق الحوار والتفاهم
وننبذ إلى الأبد لغة المركزية والعنف والدمار والخراب.
لقد حفلت
الطروحات التي تقدم بها المشاركون في المؤتمر التأسيسي لهذا
المركز بالكثير من روح الحوار والتفاهم وضرورة الاعتراف
بالآخر وجعله جزءاً من ثقافة الحاضر والمستقبل، وأكدت أهمية
حوار الحضارات والأديان في العراق والعالم ونبذ العنف
والتطرف وضرورة تمهيد طريق التسامح والتفاهم بين الحضارات
والأديان والمذاهب من اجل خلق مجتمع ديمقراطي ومن أجل صيانة
حقوق الإنسان وإقامة الحياة الدستورية في العراق.
وقد شارك في
الكلمات والبحوث والمداخلات كل من (الشيخ جلال الحنفي، الشيخ
ستار جبار حلو، رئيس المجلس الأعلى لطائفة الصابئة
المندائيين في العالم، نزار الديراني رئيس اتحاد الادباء
السريان، وفيصل فهمي سعيد، والدكتور بهنام أبو الصوف وعلي
الفواز وهيوا المفتي، وحسين الجاف، والدكتور متعب مناف
والاستاذ فؤاد قزانجي.
ويهدف
المركز العراقي لحوار الحضارات والاديان إلى:
1ـ العمل
الايجابي على حوار الحضارات والأديان في العالم المعاصر.
2ـ التأكيد
على روح التسامح بين الحضارات والأديان ونبذ العنف والتطرف
فيها.
التأكيد على
الجوانب الثقافية بين الحضارات والأديان وتهذيب الجوانب
الأيديولوجية بحيث يسمح لها بالتفاعل لحي لا بالتصادم
المدمر.
4ـ يسعى
المركز للالتقاء بالمراكز المشابهة له في الوطن العربي
والعالم وتنشيط الحوار والنقاش البناء في هذا المجال.
5ـ يسعى
المركز لاقامة ندوة عالمية تجمع في كل مرة الاسلام مع غيره
من الاديان العالمية وتفتح حواراً ايجابياً، وتجمع أوجه
الحضارة العراقية مع غيرها. من الحضارات.
6ـ يؤكد
المركز على وحدة الأديان وتلازم الحضارات ويسعى لكشف عناصر
الوحدة والتلازم ونبد عناصر التناحر والصراع بينها.
7ـ جعل
الحضارات والأديان جزءاً من حوارات المجتمع المدني واخضاعها
للبحث العلمي والدراسات المقارنة.
8ـ العناية
بالآثار المادية لمختلف الحضارات والأديان والعمل على حفظها
ومكافحة تهريبها والعبث بها واقامة الندوات التي تحقق هذا
الغرض.
وقع عرض
المركز الوسائل التي يحقق بها أهدافه من خلال:
1ـ تأسيس
موقع على الانترنيت تنشر من خلاله البحوث والدراسات والأفكار
والحوارات الجادة والبناءة في هذا المجال.
2ـ اقامة
مواسم ثقافية دورية في حقول الحضارات وعلم وتاريخ الأديان
والميثولوجيا (علم الأساطير) وتاريخ الأمم والشعوب يعدها
أساتذة مختصون في هذه الحقول.
وحفل
المؤتمر بالمناقشات المهمة الخاصة بالثقافات والأديان
المختلفة الموجودة في العراق وعلاقتها ببعضها من جهة
وعلاقتها بحضارات وثقافات وأديان العالم من جهة أخرى. وحضر
المؤتمر حشدٌ كبير من المثقفين والأكاديميين العراقيين
وشاركوا في اعمال المؤتمر.
البيان التأسيسي
للمركز العراقي لحوار الحضارات والأديان
أصبحت
الحضارات والأديان أكثر ميلاً للتصادم من ميلها للحوار
والتفاعل الخلاق فقد غرق العالم في القرن العشرين في حربين
مدمرتين تلتها حرب باردة ثم اصطدام عنيف بين الشرق والغرب
منذ حرب الخليج الثانية ومروراً بأحداث الحادي عشر من ايلول
والاحتلال الأمريكي لافغانستان والعراق وانتهاءاً بالتوتر
الحاد في الشرق الأوسط وما حولها.
كل هذه
الاحداث الكبرى التي غيرت وجه العالم هي في جوهرها نوع من
صراع الحضارات ولجوئها إلى العنف بدلاً من الحوار. ولعل صراع
الاديان والمذاهب هو وجه اساس من وجوه هذا الصراع الذي ينذر
بعواقب وخيمة إذا ترك في لهيب حرائقه الدامي يتدحرج على وجه
الكرة الارضية من دون وضع حد له وإيقاف دماره.
ولا شك ان
حوار الحضارات والأديان هو البديل الوحيد عن صراعها
واصطدامها الدموي ببعضها، ولا يكون هذا الحوار إلا باحترام
الآخر والإصغاء له، فمثلما كانت الديمقراطية حلاً للمجتمع في
الكيان السياسي الواحد فانها ستكون حلاً للمجتمعات والدول
والحضارات والأديان في العالم كله، أي لا بد من أن تكون
الديمقراطية عالمية بعد ان نجحت في أماكن عديدة ولابد من نقل
الديمقراطية من التجربة السياسية المحدودة في بلد واحد إلى
التجربة الحضارية والدينية في بلدان العالم كله ولا يأتي هذا
إلا عن طريق الحوار بين الحضارات والأديان وجعله اساساً
لإقامة علاقات مشبعة باحترام الثقافات وعقائد الشعوب.
ان حوار
الحضارات والأديان هو السبيل الأمثل لإنهاء التصادم بين
الشعوب والانظمة المختلفة، وان مبدأ الحوار يجب ان يأخذ
الأولوية في تفاهم الشعوب واقترابها من بعضها. ولعل نزع
الفتيل الايديولوجي أو التخفيف من أيدولوجيا الحضارات
والأديان في هذا الحوار والتأكيد على جانب اللقاء والثقافة
الإنسانية والعمق الوجداني فيها هو ما يمهد الطريق لتلاقح
وتفاعل الحضارات مع الأديان مع بعضها من اجل خلق مجتمع
انساني أرقى.
ولعل بلداً
مثل العراق يتوفر على أعرق جذور حضارية منذ عصور ما قبل
التاريخ حتى يومنا هذا وهو مهد أساس للكثير من المعتقدات
الدينية يمكن ان يكون أرضاً خصبة للانطلاق بهذا الحوار
الحضاري. خصوصاً بعد ان شاعت الحرية في اجوائه.
ولذلك رأينا
ان من الضروري انشاء مركز عراقي لحوار الحضارات والاديان
يأخذ على عاتقه البدء بهذا الحوار وتأسيس مادته الأولية وان
يكون الحوار مبنياً على التسامح والاعتراف بالآخر وتهذيب
الحوار الحضاري ونبذ العنف والعصابية والتطرف فيه وجعله
مرناً وقابلاً للأخذ والرد.
ولا شك ان
مثل هذا المركز يحاول استقطاب شرائح من المجتمع مثل المختصين
الأكاديميين في حقول الحضارات والأديان والمعنيين بعلوم
التاريخ والسياسة والاجتماع والانثروبولوجيا ويستقطب رجال
الاديان المختلفة ومراكز الحضارة والتاريخ والمتاحف والفنون
والثقافة.
وبذلك يكون
هذا المركز بؤرة حضارية تمثل ركيزة من ركائز ومؤسسات المجتمع
المدني ويعمل على إشاعة الحوار بين الحضارات القديمة
والوسيطة والمعاصرة ويجعل التفاهم بين الاديان الحالية
المنتشرة في العالم العربي والعالم من اجل تكريس استقرار
حضاري وديني أفضل وسيعمل من خلال وسائله الفعالة على وصل
النقاط المشتركة والايجابية في كل الحضارات والأديان وجعلها
اساسا ثقافياً للتفاهم بين الشعوب.
|