السوبر
نوفا... مهرجان السماء
عن
مجلة: Geogrphic
الانكليزية
ترجمة-
آلاء الخيرو
تمكن علماء الفلك من موقع على كوكب الأرض من رصد أكثر
الأحداث الكونية عنفاً على الاطلاق.
فقد كشفت (شاندرا) ذات التركيز الحاد عن مشاهد ظلت عصية
على أكثراجهـزة الرصد تطوراً.
اطلقت تسمية (شاندرا) على جهاز الاشعة السينية للرصد
الكوني نسبةً الى عالــم الفلك (سبراهاين جاندرا سوكار)
الذي فاق اختراعه جميع اجهزة الرصد الفلكية الضخمة التابعة
لمركز البحوث الفضائية (NASA).
وتمكن جهاز الرصد (شاندرا) من اغناء علم الفلك باكتشافات
عظيمة تتعلق بظواهر كونية كالثقوب السود وطبقة تكوينها
وتشكيل المجرات ودورة حياة النجوم وتكوين المجرات. ففي سنة
1054، راقب علماء الفلك في الصين نجماً ضمن مجموعة نجوم
برج الثور، ومن ثم انهى النجم حياته في إنفجار هائل (
سوبرنوفا Super
Nova) حدث قبل ستة
الاف سنة غير ان ضوء هذا الحدث الكوني الهائل لم يصل الى
الأرض إلا قبل فترة وجيزة . ويطلق علماء الفلك على بقايا
هذا الانفجار (السوبر نوفا) بالغيمة السديمية، وهي كتلة
مكونة من الغاز والغبار تبعد ست سنوات ضوئية عن الارض
ويوجد في مركز الغيمة السديمية نوع من كوكب نيوتروني اطلق
عليه اسم (بلزار) اكتشفه علماء الفلك الراديوي سنة 1968 .
يدور هذا الكوكب بمعدل ثلاثين مرة في الثانية، طارداً الى
الخارج جزيئات ذات طاقة عالية، وغالباً ما تفقد هذه
الجزيئات اثناء تطايرها الطاقة الخاصة بها مخلفة اشعاعات
بأطوال موجية طويلة. ومن خلال الصور التي التقطتها (شاندرا)
بلزار. تمكن العلماء وللمرة الاولى من رؤية مادة اشبه
بكعكة مقلية بالدهن تتشكل حلقتها الداخلة من موجة تصادمية
سببتها الجزيئات المنبعثة من بلزار، وقد ساعدت عملية
إلتقاط الصور للغيمة السديمية من أطوال موجية مختلفة على
الخروج بتصور كامل عن خصائصها الفيزياوية.
وادرك العلماء أيضاً أنه عند إنفجار النجم (سوبرنوفا)
تنبعث منه طاقة تضاهي في ضوئها بلايين الشموس لتعلن عن
ولادة الغيمة السديمية التي هي في الواقع بقايا النجم
المستعر (السوبرنوفا) .ويؤكد العلماء انه ليست هناك احداث
كثيرة في الكون تفوق في عنفوانها (السوبرنوفا) أي الانفجار
المميت للنجم.
إن المسألة العظيمة تكون في معرفة النجم عن طريق شحوب
بياضه وإعاقة نموه من مجموعة المدارات والانفجارات في
مجموعة الفلك.
إن الحقيقة المسلم بها هي إن النجم الاكثر ضخامة يكون (الجوهر)
القوي الذي يصهر الحديد في بعض الاوقات ويترك النجم
النيتروني ضعيفاً ويحرر عنصري الكاربون والأوكسجين بشكل
شديد من الانفجارات، ويندمج بنجم جديد اخر ويترك (السوبرنوفا).
وقد وجدنا من (بلزار) آثاراً تركت قديماً من (2000) سنة (في
مكان قرب المركـــز ابيض اللون) ويكون غنياً بالغاز (الأبيض)
والهيدروجين والهليوم.
وتكون كثافته عالية بسبب وجود النيون، المغنيسيوم
والأوكسجين (الكامل الزرقة).
لقد اضافت (شاندرا) بعداً حيويا لتكوين صورة عن الفضلة
المتبقية من الاشعة السينية (الزرقة) تنتج غازاً غنياً
بالاوكسجين والنيون تسخنه موجات صدمة خارجة ومرتدة.. ان
الموجات الراديوية (الحمر) المتفحمة بين انبعاثات الاشعة
السينية تظهر الكترونات متعجلة (متسارعة) بواسطة موجات
الصدمة.
اما الضوء المرئي ـ الاخضر ـ فيظهر الأوكسجين الاكثر برودة
.
عندما يكون نجم ما اكثر كتلة من كتلة مسخنه بكثير فأنه
يستهلك وقوده النووي الحراري، وينهار لبه الى ثقب اسود.
وهذه عبارة عن نقطة صغيرة جداً في الفضاء، وتمتلك قوة
جاذبية هائلة جداً. ان جاذبية الثقب الأسود شديدة جداً الى
حد انه حتى الضوء نفسه لا يستطيع الافلات منه، تاركا فجوة
سوداء ليس بالامكان رصدها وهذه الفجوة او الثقب تعرف
بـ(افق الحدث)، وهي عقبة تشبه حافة مصرف او (قناة تصريف)،
وخارج مادة افق الحدث يدوم قرص (accretion)
ويصبح حاراً جداً الى درجة انه يقوم باطلاق أشعة سينينة.
وقد ساعدت (شاندرا) على توضيح طبيعة قرص (accretion)
وذلك بدراسة ثقب أسود نجمي كتلته سبعة اضعاف كتلة الشمس
ويقع على بعد (5000 سنة ضوئية عن الارض) ويوضع جهاز يسمى
مكسر الاشعة بحيث يعترض مسار الاشعة السينية، وذلك خلف
مرايا ( شاندرا) بالضبط، فيقوم بتجزئة الاشعة السينية وفقاً
لطاقاتها، مما يؤدي الى خلق طيف، بنفس الطريقة التي يتجزأ
بها موشور الضوء الى الوان قوس قزح.
ان خط القطر البراق يسجل طاقات الاشعة السينية المنبعثة
وذلك عندما يسقط نجم دوار مصاحب باتجاه الثقب الاسود. وقد
ساعد تحليل طيف الاشعة السينية الفلكيين على ان يعرفوا أن
قرص الـ(accretion)
يقع على بعد (700) ميل في الاقل عن افق الحدث، وهو ابعد
بكثير من الـ(40) ميلا التي كانت تظن ان ثقوبا سوداء اكثر
كتلة بعشرات الملايين، واخرى فائقة الكتلة، تسكن في مراكز
المجرات. فاذا ما كانت هذه الثقوب السوداء هي مادة (accretion)
النشطة، فانها تستطيع ايضاً ان تبعث اشعة سينية قوية.
وأحد الامثلة على ذلك يقع في مركز (قنطورس
A)،
حيث ان قرص التعاظم يطلق نافورة من الجسيمات الى مدى
(15000) سنة ضوئية في الفضاء، وهناك مصادر أشعة سينية اخرى،
ثقوب سوداء نجمية ونجوم نيوترونية تقع في قنطورس
A
ايضاً.
وقد كشفت (شاندرا)، نوعا ثالثا من الثقوب السود في مجرة (
82 M)
وهذا الثقب الاسود (النقطة الاكثر بريقاً) يطفوعلى بعد
(600) سنة ضوئية عن مركزالمجرة إن شدة اشعته السينية تغيرت
خلال الاشهر الثلاثة بين هذه الامور الانفة الذكر فظهر انه
عبارة عن ثقب اسود.
كما ان سطوعه يفيد بانه يمتلك كتلة تقدر بـ (500) ضعف كتلة
الشمس. وهذا ينبغي ان يضعه ضمن الثقوب السوداء المتوسطة
الحجم وهي الرابطة أو ( الصلة ) المفقودة بين ابني العم،
النجمي والفائق الكتلة. لكن.. ما الذي يمكن ان يبعث أشعة
سينية بعيداً الى ذلك المدى ؟ ولمعرفة ذلك فان الفلكيين
وجهوا (شاندرا) في نصف الكرة الارضية (الحيوي) والى رقعة
صغيرة جداً في السماء، بدت انها خالية، لمدة (11) يوماً
عبر مسيرة اكثر من عام فان شاندرا قد امتصت أوهن الأشعة من
تلك البقعة النائية.. مثل مجوف في الفضاء العميق والماضي
البعيد، كانت هي الصورة التي تم الحصول عليها وقد سميت بـ(
جنوب الحقل العميق).
وقد أظهرت تنوعاً كبيراً لمصادر الاشعة السينية، تتضمن (كوزارات)
مضيئة ونوىً مجرية مزودة بالطاقة من ثقوب سوداء فائقة
الكتلة.
ان شاندرا تقدم للعلماء رؤىً مشرقة الى المجرات في مراحل
مبكرة على نحو كبير من تكونها.
(تلك هي الأشارة).. كما يقول (هارفي تاننباوم) مدير مركز
شاندرا للاشعة السينية في مرصد (سمشونيان) الفلكي مضيفاً..
ان شاندرا ترينا كم هو رائع هذا الكون!..
|