مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

تصاعد الانتقادات الموجهة ضد الجنرالات في العراق

بقلم: سالي دونيلي

 ترجمة:المدى
عن التايم

كان كبار مخططي الحرب من امثال الجنرال جون ابي زيد قد تجنبوا حتى الان اللوم بسبب الفشل في العراق. ولكن ذلك آخذ بالتبدل الان. فالتحول الحالي في استراتيجية ادارة بوش في حرب العراق- انهاء الكلام عن "المحافظة على المسار" واستبداله بتأكيدات جديدة عن المرونة، استجابة لتغير الظروف على الارض- قد تكون تكتيكا سياسيا ذكيا. ولكن ما تعنيه صراحة بوش الجديدة، واصراره على ان قراراته قد كانت استنادا الى نصيحة من جنرالاته على الارض، تثير سؤالاً غير منطوق.

ان كان الجنرالات يقومون بإدارة الحرب وانها تسير بشكل سيئ، الا ينبغي ان يساهموا في تحمل بعض الملامة؟ فالجنرال تومي فرانك، الذي قاد الغزوالناجح للعراق عام 2003، قد نال بالفعل نصيبه من النقد، لفشله في التخطيط بما فيه الكفاية لفترة ما بعد الحرب. ولكن الجنرالات الذين حلوا محله في صيف 2003 قد نجوا الى حد بعيد من النقد.
وهذا، على اية حال، قد بدأ بالتغير. ومن ابرزهم الجنرال جون ابي زيد ، الذي خلف فرانك كقائد للقيادة المركزية، المنطقة العسكرية التي تشمل معظم الشرق الاوسط وتشمل افغانستان والعراق.
ان الضباط الكبار والمتوسطين- الذين قاتلوا جميعا في العراق اوكانوا مساهمين في عمليات هناك، ولا يوجد اي منهم من هوراغب في ان يذكر اسمه- قد بدأوا بالجزم على انفراد بان ابي زيد وعدداً من كبار الجنرالات الاخرين يجب ان يتحملوا جزءاً من المسؤولية بسبب النكسات في العراق. لقد فقد العديد من هؤلاء الضباط رجالا في ساحة المعركة في العراق وشاهدوا ان طلباتهم بمزيد من القوات قد اهملت. وعمل اخرون في مواقع حيث لاحظوا ان التخطيط وتنفيذ حرب العراق قد سارا بشكل خاطيء. " سيصبح العراق اكبر حماقة عسكرية واستراتيجية منذ فيتنام" كما يقول ضابط سابق تعامل مع التخطيط لحرب العراق. " ولم يكن هنالك من احد اعتبر مسؤولا- بضمنهم كبار القادة العسكريين."
في ثقافة تعطي قيمة للمسؤولية وللقيادة، كان الجيش بطيئا في دراسة مسألة العراق. فحقيقة عدم اعتراف اي من كبار الضباط باية اخطاء خطرة، اوعدم تعرض أي منهم للتوبيخ اوالتهميش بسبب الاخطاء التكتيكية، العملياتية اوالاستراتيجية، يشكل مصدر ازعاج للعديد من الضباط. في المقابل، انهم يشيرون الى مثال اسرائيل، التي ما ان قامت بسحب جميع قواتها من جنوب لبنان حتى اجرت تحقيقات حول مسيرة الحرب ضد حزب الله. كانت هنالك اشارات سابقة عن خطوات عسكرية خاطئة. فقد ضربت وزيرة الخارجية الامريكية، كوندوليزا رايس على وتر حساس في نيسان عندما قالت بان الولايات المتحدة قد ارتكبت"آلاف الاخطاء التكتيكية" في العراق.
ولكن العديد من الضباط رفضوا ملاحظاتها لانها صادرة من سياسية مدنية. وانتقد آخرون القادة العسكريين لفشلهم في الاعتراض على خطة الحرب الخاطئة التي وضعها الرئيس وكبار مستشاريه. " ان الاخطاء التي ارتكبها مدنيونا هي شيء؛ وفشل قادة البنتاغون العسكريين هي شيء آخر تماما" كما كتب جنرال البحرية السابق نيوبولد في التايم الربيع الماضي. " ان هؤلاء هم رجال يعرفون التبعات القاسية للحرب ولكنهم، باستثناءات قليلة، قد تصرفوا بجبن عندما كانت هنالك حاجة ماسة لسماع اصواتهم". ولكن في الاشهر القليلة الماضية، كان هنالك عدد متنامٍ من الضباط الذين وسعوا من نقدهم ضد الطريقة التي نفذ بها الجنرالات الحرب. فالجنرال جورج كيسي، الذي كان قائدا اعلى في العراق لمدة تزيد على العامين، كان هدفا لبعض من تلك التذمرات. ولكنه جاء الى العراق عندما كان الوضع قد تدهور بالفعل الى حالة قتال معقدة مع المتمردين. وان المزيد من النقد قد وجه الى ابي زيد، الذي كان من كبار مخططي الحرب في هيئة الاركان المشتركة في البنتاغون قبل ان يصبح رئيس هيئة الاركان المشتركة، ومن ثم رقم 2 في القيادة المركزية مع الجنرال فرانك.
على الورق، كان ابي زيد الضابط الصحيح في اللحظة المناسبة. كما ان ابي زيد، الضابط العربي-الامريكي المتخرج في
West Point ، قد درس في الشرق الاوسط ، يتحدث بعض العربية (رغم ان تحدثه فيها ابعد عن الطلاقة) وقام بقيادة قوات متميزة في كرينادا وحرب الخليج الاولى. وحتى هذه الايام، يتحدث العديد من كبار الضباط والضباط المتقاعدين عن أبي زيد باحترام؛ فقد امتدحه جون فارنر، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ باعتباره " ضابطا متميزا"؛ ولم يضع حتى اقسى نقاده مسألة التزامه موضع تساؤل. لكن احكامه العسكرية هي التي اثارت تساؤلات. فبما انه كان الشخص الثاني في القيادة بعد فرانك، كما يقول بعض الضباط، فان ابي زيد يشترك في تحمل اللوم بسبب الفشل في التخطيط لما يمكن ان يحدث بعد الهجوم على بغداد. ولكن خطواته الخاطئة الاكثر خطورة، حسب ما يرى نقاده، قد بدأت عندما تسلم القيادة من فرانك في يوليو2003، بعد خطاب "نهاية العمليات القتالية الكبيرة" سيئ الصيت للرئيس جورج بوش. ومن بين تلك الاخطاء: فشله في الاحتفاظ بما يكفي من القوات في العراق في خريف 2003 لنشر الحد الادنى من الامن؛ سماحه بحل الجيش العراقي وفي اجتثاث البعث؛ فشله في ملاحظة العلامات الاولى لقيام التمرد؛ وفشله في استبدال القادة الذين لم يتكيفوا لمقاتلة التمرد، بضمنهم الجنرال ريكاردوسانشيز، اكبر قائد ميداني في العراق الذي سمح له بالاستقالة بهدوء هذا العام. كما يتهم ابي زيد ايضا باساءة ادارة الحملة في الفلوجة في نيسان 2004. ففي اعقاب عملية قتل المقاولين القاسية قام بالضغط على المارينز- رغم اعتراضهم- من اجل مهاجمة المدينة. ومن ثم تراكمت اخطاؤه، كما يرى هؤلاء الضباط، وعندما، قوبل بشكاوى من وسائل الاعلام العراقية والعربية حول الخسائر البشرية العالية بين المدنيين، أصدر أمراً بالوقف الفجائي للهجوم، مخالفا الممارسة المعتادة بالسماح للقادة على الارض بالسيطرة على القتال التكتيكي. وينظر العديد من المحللين الى ذلك على انه نقطة التحول التي سمحت للتمرد بالتوسع ليصبح اكثر خطورة. كما وجه الى ابي زيد نقد بسبب عدم طلبه، حسب ما يعلم الجميع حتى الان، ما يكفي من القوات لفرض الأمن.
ان (أبي زيد)، كما يقول ضابط سابق بشكل خصوصي عن تفاصيل العمليات العسكرية" لم يطلب ابدا تخصيص المزيد من القوات الى العراق." وكان في وقت مبكر قد قال بان الولايات المتحدة قد كانت " جسماً مضاداً" في سياسة الجسد العراقي وساند "انسحابا مبكرا لقواتنا من العراق. يقول الضباط الذين خدموا في العراق بأنهم طلبوا مرارا المزيد من القوات ، ولكن تلك الطلبات لم تصل الى القيادة العليا. وفي الأقل في مرتين في اجتماعات مع الرئيس بوش في عام 2004- مرة قبل هجوم الفلوجة في نيسان 2004 وأخرى قبل العملية الثانية في تلك المنطقة في تشرين الثاني- كان الرئيس قد سال أبي زيد ان كانت لديه أية طلبات فقال أبي زيد" نعم سيدي." يقول، احد النقاد، بان (أبي زيد) فشل أيضا في تطوير استراتيجية ناجحة في تطهير منطقة ما، ثم الاحتفاظ بها عن طريق نشر القوات فيها، وإعادة بناء مؤسساتها الاجتماعية والاقتصادية. وكان يؤمن بان إعادة الأعمار ينبغي ان تترك للعراقيين، ولكنه لم يضمن أبدا ان أساس تلك الاستراتيجية- قوات الأمن العراقية- كانت جاهزة لهذا الغرض، كما يجادل ذلك الناقد.
وحتى في هذه الأيام، كما يقول بعض الضباط، ما زال أبي زيد يتحدث بمصطلحات لا تتناسب مع القتال على الأرض في العراق. " لم تهزم أبدا القوات الامريكية في معركة على مستوى فصيل أوأعلى ولن يحدث ذلك أبدا" كما قال الى مجموعة عسكرية الشهر الماضي. فهو لم يستوعب الموقف بعد، كما يقول احد الضباط المحبطين: " انها مقارنة في غير محلها لان تلك الأنواع من المواجهات نادرة الحدوث في العراق." كما يقول ضابط آخر: " نحن لا نقاتل الجيش الأحمر السوفيتي الكبير هنا، حيث يسود مبدأ حرب الغوار اضرب واهرب". لم يجب أبي زيد عندما سئل من قبل التايم بأن يعلق على النقد. ان أبي زيد يتمتع فعلا بالصدقية، كما يرى نقاده، في ان يكون صريحا حول الحقائق على الأرض، في العديد من الحالات، بشكل اكثر من رئيسه، وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. ففي صيف 2003، بعد ان أنكر رامسفيلد ان العراق كان يواجه تمردا، ظهر أبي زيد أول مرة في غرفة الايجازات الصحفية في البنتاغون واعترض على ذلك بشجاعة قائلا ان الولايات المتحدة كانت تواجه حرب غوار. وفي آب الماضي، في جلسة الاستماع التي إقامتها لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، قال أبي زيد ان العراق كان" في أسوأ أحواله" وانه قد يكون على حافة الحرب الأهلية. ولكن (أبي زيد) سياسي ماهر أيضا. فلم يتحد أبدا التأكيدات التي صدرت من كبار المسؤولين المدنيين من ان الحرب قد كسبت. لم تفزعه فضيحة (أبوغريب). وان حقيقة كون بن لادن ما زال طليقا في قلب المنطقة التي هومسؤول عنها لم تقع على عاتقه.
كما انه تملص بعناية من مسؤولية الإخفاقات في العراق. فقد هز احد كبار الضباط المتقاعدين رأسه وقال "كان جون بعيداً وبشكل غير مقبول عن موضوع العراق". لقد سمح أبي زيد للجنرال كيسي، أعلى رتبة عسكرية في العراق ان يتحمل عبء الأسئلة التي أثيرت حول الاستراتيجية- والتي كان المسؤول النهائي عنها- في واشنطن. وباستمرار الحرب في العراق، فان كبار الضباط الذين خدموا في العراق يتكون الآن لديهم استنتاج خاص بهم حول دور أبي زيد. قال احد المحاربين في العراق:" لا اعتقد بان التاريخ سيعامل جون أبي زيد بشكل جيد".


اسرائيل والفلسطينيون حلول عسكرية تلوح في الافق
 

عن الايكونومست
ترجمة: فاروق السعد

في الوقت الذي تعيد فيه اسرائيل احتلال مدينة في غزة، فان السلطة الفلسطينية بقيادة الاسلاميين قد تكون عرضة للمخاطر. فهل يمكن لغزة، او جزء منها ان تحتل مرة اخرى؟ لقد دخلت في وقت مبكر من صباح الاربعاء الدبابات الاسرائيلية مدعومة بطائرات الهليكوبتر بيت حانون، وهي واحدة من اكبر المدن في شمال قطاع غزة؛ وقد ذكرت التقارير ان قتالا قد دار في مخيمات اللاجئين المجاورة. وبعد اسبوع من الغارات و القصف، بدت الدبابات الاسرائيلية مستعدة في منتصف الاسبوع لمعركة اكبر. والهدف، كما يقول المسؤولون الاسرائيليون، هو لوضع حد لعمليات اطلاق الصواريخ محلية الصنع ضد اسرائيل من غزة و وقف تهريب الاسلحة عبر الحدود مع مصر التي، كما يقولون، قد تمكن حماس من التسلح على غرار حزب الله بالقوة المضادة للدبابات. ان الصواريخ من لبنان يفترض، وبعد حرب الصيف هناك، ان يتم اسكاتها بوقف اطلاق النار الرسمي. و لكن غزة امر مختلف. فيعتبر بعض الضباط الاسرائيليين بان ضربة مبرحة قد تجعل القطاع اكثر شبها بالضفة الغربية، حيث تكون المقاومة ضعيفة و لا توجد السلطة الفلسطيتية سوى بالاسم. وما بعد ذلك، قد تكون عملية انهاء اللعبة غير المعلنة من قبل اسرائيل هو اخراج الاسلاميين من السلطة الفلسطينية. فنظام حماس قد اضعف بالفعل بسبب العقوبات الدولية المتعمدة المفروضة بسبب رفضها الاعتراف باسرائيل او الالتزام باتفاقيات السلطة الفلسطينية السابقة مع الدولة اليهودية. كما ان منع اسرائيل نقل الاموال المستحصلة من الجمارك، التي تشكل لحد الان المصدر الرئيس للعائدات، قد جعل الحكومة غير قادرة على تسيير الامور. فقد انخفضت العائدات، كما يقول صندوق البنك الدولي، الى 500 مليون دولار في الاشهر الستة الاولى من عهد حماس بعد ان كانت 1.2 مليار دولار لنفس الفترة من العام الماضي. ياتي 80% من هذا المبلغ من المانحين العرب و الاوربيين ليدخل الى خزائن الحكومة. وبعد وقوع الحدود البحرية و البرية تحت الحصار العسكري، فان الاقتصاد يعاني من الاختناق، وانكمشت قاعدة الضرائب المتاحة. وان القليل الذي يجمع يؤخذ من قبل البنوك الفلسطينية، المتلهفة لاسترداد ديونها قبل ان تقع السلطة الفلسطينية تحت الحراسة القضائية. لقد عجلت الضربات العسكرية الاسرائيلية من عملية التدهور. ومنذ ان تسلل غوار حماس(واخرين) عبر الحدود و اسروا جندياً اسرائيلياً في حزيران الماضي، تزعم اسرائيل بانها قتلت ما يقارب 300 مقاتل فلسطيني في غزة- ولكن الفلسطينين يقولون إن العديد منهم كانوا مدنيين. لقد ادت الهجمات الى تدمير محطة الطاقة الكهربائية في غزة، وتركت الكثير من الوزارات والجسور مدمرة. وفي نفس الوقت، يواصل القادة الفلسطينيون نزاعهم حول من ينبغي ان يحكم؟، حماس ام فتح؟. ان مقترحات تشكيل حكومة وحدة وطنية قد اعيقت برفض كل من الحزبين في ان يكون طرفا من المرتبة الثانية فيها. و بوصول العملية السياسية الى طريق مسدود، وتحت ذريعة "الاصلاح الامني" تقوم امريكا بتمويل معسكر تدريبي خارج Jericho للقوة 17 الفلسطينية، وهي مجموعة متطوعين للحرس الجمهوري. منعت اسرائيل نقل الاسلحة الثقيلة و سمحت الى مليشيات تنظيم فتح بالتسلح مرة اخرى. و الرئيس الفلسطيني، محمود عباس ، في انتظار وصول 2000 جندي من لواء بدر، وهي فرقة مقرها الاردن من جيش التحرير الفلسطيني التي تعمل بصورة رئيسية تحت امرة المملكة الاردنية الهاشمية. ان تلك القوات، كما يقول مستشارو الرئيس، قد يشكلون العمود الفقري لقوة قوامها عشرات الالاف للهجوم على حماس التي يبلغ عدد قواتها 5700 في غزة و 1500 في الضفة الغربية. و لكن الارقام قد تكون مضللة. ففي الوقت الذي تمتلك فيه فتح القوة الاكبر، الا ان الموالين لها منقسمون طبقا للقبائل، السادة الذين يدفعون الاموال والسياسة التي لا يمكن ضمان كونها موالية الى السيد عباس. وبالرغم من حالة العداء بين فتح و حماس، الا ان السوابق تشير الى ان العديد من قوات فتح ، في حالة مواجهة هجوم عسكري كبير، سينضمون الى اخوانهم الفلسطينيين. و بالرغم من ان قوات بدر من الاردن تبدو و كانها تعزيزات قوية، الا انها تعتبر من قبل الكثير من الفلسطينيين "جيشاً ضعيفاً"، غير مجرب منذ 35 عاماً. في المقابل، ان القوات الخاصة لحماس مدربة على المعارك، منضبطة و مسلحة بالصواريخ المضادة للدبابات. و ان سلسلة من الاغتيالات لكبار الشخصيات، التي على ما يبدو دبرت من قبل حماس، تبين بان اكثر قوات الامن فعالية لفتح كانت قلما تخرج من متاريسها. وحتى في خان يونس، المعقل لرجل فتح القوي، محمود دحلان، تكون السيطرة لقوات حماس في الليالي. كما ان من يدعمون السيد عباس، لا يريدونه ان يكون قائدا عاما للقوات المسلحة. فبالرغم من المساعدات العسكرية العربية و الامريكية ، الا ان السيد عباس فشل في حشد قواته من حوله. لقد اصدر الكثير من الانذارات النهائية الى حماس لغرض قبول شروطه الى درجة ان حتى اقرب مستشاريه قد بدأوا يتحدثون عن تكرار الادعاءات الكاذبة. ان المنافسين الداخليين الذين تسببوا بخسارة فتح في انتخابات كانون الثاني الماضي ما زالوا بارزين. في اواسط تشرين الاول فشل الرئيس في اقناع اللجنة المركزية في فتح بالاجتماع برئاسته. كما ان سمعة فتح حول الولاء مقابل النقود قد تعززت بتشخيصها بما يعتبره الفلسطينيون حملة امريكية و اسرائيلية لالغاء الخيار الديمقراطي الذي اتخذوه عندما صوتوا لحماس. ما الذي سيحدث لاحقا؟ من احد المخاطر هو الانهيار التام للسلطة المركزية. فالمانحون العرب والغربيون، المتلهفون للمحافظة على التركيب الذي استثمروا فيه ما يزيد على 10 مليارات دولار، قد ضاعفوا تقريبا من مساعداتهم هذا العام لتبلغ 420 مليون دولار لتحاشي الانهيار. فهنالك فرصة ضئيلة في ان حماس قد تتنحى عن السلطة بالاحتفاظ " بمبدئها" برفض الاعتراف باسرائيل، و فسح المجال امام تشكيل حكومة غير اسلامية. ولكن باستبعاد الممثلين المنتخبين من الدبلوماسية الدولية، والحصار الاقتصادي و التعرض لهجوم عسكري، فان جولة جديدة من القتال يجب ان تعد السيناريو الاكثر ترجيحا.


رأي فــــي الــعولمــــة - تـــقاسم العـــالــم

بقلم: إماراتيا سين
ترجمة : عبد العزيز لازم

عن مجلة (ذي مغازين)

 * (أستاذ جامعة لامونت في علم الاقتصاد والفلسفه جامعة هارفرد.)

التعاضد المتبادل والعدالة الكروية

إن العدالة، كما اتضح بالبرهان يجب أن لا تتم إقامتها فقط بل يجب أن (تشاهد وهي تتحقق). أو بشكل اكثر وضوحا (كما ذهب لورد هيوارت حين اصدر حكمه الشهير عام 1923) إن العدالة (يجب أن تشاهد وهي تتحقق بشكل لا لبس فيه وعلى نحو ظاهر).من المفيد أن ننعم النظر في شرط العدالة الأساسي هذا عند تقييم الحجج المضادة للعولمة بشكلها العام والدور الخاص للتعاضد المتبادل في تمكين العولمة من النجاح.وهناك أسباب وجيهة للبرهنة على أن العولمة الاقتصادية هي هدف عام ممتاز وأنها تحقق إسهاما إيجابيا جدا في العالم المعاصر. في نفس الوقت، من الصعب إنكار أن هناك بعض المشقة في إقناع عدد كبير من الناس
أي جعلهم "يشاهدون" بأن العولمة هي نعمة جلية تشمل الجميع ومن ضمنهم أولئك الأشد فقرا.إن وجود هذه المجابهة لا يجعل العولمة هدفا رديئا، لكنها تقتضي منا فحص الأسباب التي توجد بفضلها تلك المشقة في جعل كل إنسان يرى إن العولمة هي شيء صالح (بشكل لا لبس فيه وعلى نحو ظاهر).
يتعين على التقييم النقدي للعولمه أن يسير جنباً الى جنب مع محاولة فهم سبب الصعوبة التي تواجهها مدن كثيرة في قبول حقيقة أن العولمة هي نعمة عظيمة بالنسبة للشعوب المحرومة في العالم. وإذا كان العديد من الناس خاصة في البلدان الأقل ثراء في العالم يواجهون صعوبة حقيقية في فهم كون العولمة تخدم مصالحهم فهناك إذا شيء ينطوي على الارتياب الخطر في ذلك التباعد في الآراء. إن التحدي الأساسي يقتضي ضمنا وجود دور التفكير الشعبي والحاجة إلى ما يدعوه الفيلسوف الكبير جون رولز بـ(الإطار الشعبي للتفكير) الذي يوفر(وصفا للاتفاق في الحكم بين موظفين من ذوي التفكير الصائب). إن تحليل رولز للتقييم النقدي كان محصورا بقضايا العدالة داخل بلد ما، لكن ذلك يمكن توسيعه باتجاه المناقشات الدائرة في الكرة الأرضية كذلك، ويتعين بالتأكيد أن تكون المناقشات متسعة جدا إذا حاولنا تقييم الأهداف وتقييم طرق ووسائل العولمة الملائمة كذلك. إن هدف العولمة لا يمكن أن يكون مرتبطا فقط برواية أمور البضاعة مع استبعاد رواية شؤون الآراء.

توزيع المنافع
حين طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل عام من الأمين العام للأمم المتحدة إعداد تقرير(حول العولمة والتعاضد المتبادل) من أجل (صياغة ترابط أكبر)، فانها بذلك كانت تفتح الباب ليس أمام القضايا التقليدية الخاصة بالطرق والوسائل فقط، بل أمام قضايا تتعامل مع شفافية التقييمات وبروز المنافع للعيان. علينا ان نطلق السؤال بشكل خاص حول إمكان تقييم العلاقات الاقتصادية بطريقة يكون فيها الفهم الناتج عن ذلك فهما مشتركا بشكل واسع.
بما إنني قد بدأت هذه المقالة بمستوى يتسم بشيء من العمومية، دعني الآن أقوم بعمل حاسم لمصلحة الإيجاز ضمن حدود تمرين في التقييم. إن إنجازات العولمة هي إنجازات مؤثرة بشكل منظور في العديد من أجزاء العالم.

ونادرا ما نخفق في رؤية الاقتصاد الكروي وهو يجلب الرفاه لمناطق مختلفة غير قليلة في الكرة الأرضية. إن الفقر الشامل والحياة (البغيضة والوحشية والجافة) قد هيمنت على العالم لقرون غير قليلة ماضية على الرغم من وجود قدرات مالية غير قليلة وفرت بحبوحة نادرة. وفي مجال السيطرة على هذا الفقر المدقع كانت العلاقات الاقتصادية المتبادلة وكذلك انتشار التكنولوجيا الحديثة مؤثرة ومنتجة جدا.
وليس من الصعب أيضا رؤية أن المأزق الاقتصادي للفقراء على امتداد العالم لا يمكن أن يكون معكوسا عن طريق حبس الأفضليات العظيمة للتكنولوجيا المعاصرة وحبس الفعالية التي تم بناؤها جيدا التي تتسم بها التجارة والتبادل العالميين وكذلك حبس الأفضليات الاقتصادية والاجتماعية التي يوفرها العيش في المجتمعات المفتوحة على العكس من المجتمعات المغلقة.إن الناس من سكان البلدان شديدة الحرمان يطالبون بصخب بثمار التكنولوجيا الحديثة (كالاستفادة من الأدوية المبتكرة حديثا، كأدوية معالجة الإيدز على سبيل المثال)، فهم يسعون إلى الوصول إلى الأسواق في البلدان الأكثر غنى من اجل الحصول على تشكيلة منوعة واسعة من البضائع اعتبارا من السكر إلى المنسوجات، وهم يريدون صوتا أعلى واهتماما اكبر من قبل سائر العالم. وإذا كان هناك نوع من الشكوكية في ثمار العولمة، فالبشرية لا تريد الانسحاب إلى داخل قوقعتها بسبب المعاناة.
في حقيقة الأمر، إن القضايا العملية البارزة السالفة تشمل إمكانية الإفادة من المنافع الاستثنائية الناتجة عن الروابط الاقتصادية والتقدم العلمي والفرصة السياسية بطريقة تبرز الاهتمام الكافي بمصالح المحرومين وضحايا الظلم. وهذا ما أستطيع البرهنة على متانة المسألة البناءة المنبثقة عن الحركات المضادة للعولمة، وهي في النهاية ليست مسألة رمي العلاقات الاقتصادية الكروية في سلة النفايات لكنها قضية جعل منافع العولمة موزعة بشكل اكثر عدلا.

كيف تكون المشاركة منصفة ؟

إن القضايا التوزيعية التي تبرز بشكل جلي في أدبيات كل من المعترضين على معارضي العولمة والمدافعين عن مؤيديها في حاجة إلى بعض الإيضاح. أستطيع أن أجزم أن هذه القضية المركزية قد عانت الرغبة الملحة في جعلها من القضايا قليلة الشأن على نحو ما.فعلى سبيل المثال يثار الجدل حول إن الفقراء يزدادون فقرا. إن هذا في الحقيقة لا يمثل الحالة القياسية على الإطلاق (بل على العكس تماما) حتى ان حدث ذلك في بعض الحالات الخاصة. الكثير من ذلك يعتمد في كل الحالات على مؤشر الرفاه الاقتصادي الذي يتم اختياره، فالإجابات التي تنشأ عن ذلك لا تتحدث بصوت واحد. الأكثر من ذلك إن مسؤولية حالات الفشل لا تقع فقط على عاتق طبيعة العلاقات الكروية لكنها في الغالب تتصل على نحو اكبر بشكل مباشر وقوي بطبيعة السياسات الاقتصادية والاجتماعية المحلية.فالعلاقات الاقتصادية الكروية يمكن أن تنتعش مع السياسات لمحلية المناسبة، على سبيل المثال اتساع التعليم الأساسي والرعاية الصحية واستصلاح الأراضي وخدمات تيسير الديون (من ضمنها الديون المحلية). إن تلك مواضيع طيبة لأجل النقاش العام
لغرض تدريب العقول على اعتبار إن الفهم الاقتصادي يمكن أن يتعرض للتشوش بشكل كبير عن طريق الإسناد المتسرع وغير النقدي للمسؤولية المفترضة.
لغرض التمرد ضد الفقر المروع والظلم الصاعق اللذين يميزان العالم المعاصر أو لغرض الاحتجاج ضد التقاسم غير المنصف لمنافع التعاون الكروي،لا مناص من تبيان إن هذا الظلم ليس ظلما هائلا فقط بل انه يزداد هولا أيضا.
أما في الجانب الآخر فغالبا ما يقوم المتحمسون للعولمة في شكلها المعاصر بتفعيل (ويقنعون بقوة) فهمهم بأن الفقراء في هذا العالم يصيرون الآن اقل فقرا على نحو نموذجي وليس (كما يزعم) اكثر فقرا. العولمة كما يثار لا يمكن أن تكون غير منصفة بحق الفقراء : فهم أيضا يستفيدون
لذا فأين المشكلة ؟ فاذا تم تقبل هذه الصلة الوثيقة بالقضية فأن هذا الجدل باكمله يتحول إلى تقرير أي من الجانبين هو الصحيح في هذا النزاع الذي هو نزاع تجريبي بشكل رئيسي : هل الفقراء يصيرون الآن اكثر فقرا أم أكثر غنى ؟
ولكن هل هذا هو السؤال الصحيح ؟ أستطيع القول انه ليس كذلك إطلاقا. فحتى لو تعين على الفقراء ان يصبحوا اكثر غنى قليلا، فليس بالضرورة أن ينطوي ذلك على أن الفقراء يحصلون على نصيب منصف من منافع العلاقات الاقتصادية المتبادلة ومن القدرات الهائلة للعولمة.كما أنه ليس من المناسب طرح السؤال حول فيما إذا كان انعدام التكافؤ في طريقه إلى إن يكون اكبر أو اصغر. ولغرض التمرد ضد الفقر المروع والظلم الصاعق اللذين يميزان العالم المعاصر أو لغرض الاحتجاج ضد التقاسم غير المنصف لمنافع التعاون الكروي، لا حاجة لتبيان أن هذا الظلم ليس فقط ظلما هائلا بل انه يزداد هولا أيضا.
لقد تعرضت القضايا المركزية إلى التعتيم في اغلب الحالات بسبب تلك المناقشات مفرطة الحدة حول قضايا جانبية (اسهم فيها كلا جانبي النزاع). وحين يكون هناك ثمة مكاسب من التعاون، فيمكن أن يكون هناك العديد من الترتيبات البديلة التي تعود بالنفع على كل طرف إذا ما قورنت بحالة انعدام التعاون. لهذا السبب من الضروري السؤال عن ما إذا كان توزيع المكاسب منصفا أو مقبولا وليس مجرد وجود بعض المكاسب لجميع الأطراف (كما هو الحال في عدد كبير جدا من الترتيبات البديلة). وكما بحث (جي. أف. ناش)عالم النظريات وواضع النظريات في مجال المهنة لأكثر من نصف قرن مضى (في بحث نشر في ايكونومتريكا 1950 استشهد به مع بحوث أخرى له من قبل الأكاديمية الملكية السويدية لدى منحه جائزة نوبل في علم الاقتصاد). إن القضية المركزية ليست فيما إذا كان ترتيب معين هو افضل الجميع من اللاتعاون إلى الأبد (يمكن إن يكون هناك مثل هذه الترتيبات) ولكن الأمر هو فيما إذا كانت الاقتسامات التي تظهر للعيان هي اقتسامات منصفة قياسا على الترتيبات البديلة التي يمكن أن تصنع. إن النقد القائل بأن الترتيب التوزيعي الناتج عن التعاون هو ترتيب غير منصف لا يمكن دحضه بمجرد ملاحظة إن جميع الأطراف هم افضل حالا مما هم عليه في حالة غياب التعاون. يمكن أن يكون هناك الكثير
الكثير بشكل لامحدود حقا إن مثل هذه الترتيبات مع التطبيق الحقيقي هي الاختيار الممتاز (من بين) تلك الترتيبات المتنوعة.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة