اراء وافكار

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

المجلس العراقي للسلم والتضامن يقيم طاولة مستديرة حول البطالة والسلم الأهلي
 

أقام المجلس العراقي للسلم والتضامن بمقره العام بتاريخ السبت 11/11/2006 طاولة مستديرة حول البطالة والسلم الأهلي تناولت إستفحال البطالة في العراق والمعالجات الضرورية لتداركها
وقد ألقى فيها الدكتور طارق العزاوي (دكتوراه في الإقتصاد جامعة بغداد) مداخلة بعنوان (البطالة) تطرق فيها الى تاريخ ظهور البطالة في المفهوم الإقتصادي والإجتماعي.

ثم مداخلة الأستاذ "ثامر الهيمص"بعنوان "السلم الأهلي والبطالة"وجاء فيها إن البطالة ما زالت مفاتيحها بيد السلطة المركزية المركبة من التراث السياسي والفكري وصولاً الى هيمنة الدولة على كل مرافق الحياة في ظل النظم الشمولية مهمشة القطاع الخاص لإعتبارات سياسية.
وبعدها ألقى الأستاذ "هاتف غناوي الزهيري"مداخلة وتساءل فيها عما حدث بعد سنة 2004 وقلب موازين اللعبة ؟..
ثم جرت النقاشات والمداخلات مع السادة المحاضرين وخرجت الندوة بتوصيات ومستلزمات مكافحة البطالة وهي:
-التطوع واعادة التطوع للجيش والشرطة.
-الاستثمار في البنية التحتية.
-انشاء المشاريع الصغيرة وتفعيل دورها.
-انشاء مؤسسات مكافحة الفساد مدعومة بنظام قضائي قوي ونزيه.
-انشاء هيئات اقتصادية.
-وجود فاعل للاحزاب.
-برلمان نزيه مع خدمة مدنية كفوءة ومتماسكة ومتفانية.
-وجود مجتمع مدني قوي.
-التزام بالمصلحة العامة لجميع السياسيين مع التزام عميق بالشفافية.
وقد حضر الندوة عدد كبير من المتابعين للشأن الإقتصادي العراقي وتأثيره في الوضع الأمني جاوز عددهم الـ (70) مشاركاً...
وننشر في ادناه نصوص المداخلات الثلاث:


السلم الأهلي والبطالة
 

ثامر الهيمص
يمكن توصيف البطالة في هذا الظرف المنعطف بأنها عملية فك إرتباط القادر على العمل من النسيج الإجتماعي ويكون حراً في إعادة إنتاج موقع جديد له على حساب الإنتماء السابق سلباً أو إيجاباً والأكثر إحتمالاً هو الموقع السلبي من خلال العنف والجريمة.
فالجذر التاريخي القريب والملموس لظاهرة البطالة بدأت تتجدد بعد 1991 وتبعات الحصار لتنفجر بعد 9/4/2003 بعد أن كانت البطاقة التموينية مع الإستبداد ضابطاً أساسياً لإيقاع وضبط حركة المجتمع ولذلك بعد رفع الغطاء خرجت البطالة من القمقم لتصبح مشروعاً للعنف والفساد والجريمة المنظمة متذرعة بأسباب وأغطية وشعارات ما زالت بعيدة عن النسيج الإجتماعي ولا تتفاعل معه إلا من خلال الإرتهان وغياب سلطة الدولة.
فالبطالة ما زالت وكانت مفاتيحها بيد السلطة المركزية المركبة من التراث السياسي والفكري وصولاً إلى هيمنة الدولة على كل مرافق الحياة في ظل النظم الشمولية مهمشة القطاع الخاص لإعتبارات سياسية بدواعي الإشتراكية وكل شيء من أجل المعركة إلى غيرها من الشعارات المستهلكة.. وحتى الآن كما توضحه المادة 110 من الدستور فمن الناحية الاقتصادية موارد العراق يمثل النفط أكثر من 90% أي إنه إقتصاد ريعي مضاعف حيث ليس له إمتداد في البنية الاقتصادية البائسة والضرائب على القطاع الخاص سواء المباشرة أوغير المباشرة تكاد تكون مجانية نظراً لغياب وسائلها في حين تعتمد دول عظمى وغيرها على الضرائب حين يكون دافع الضرائب هو العامل الحاسم في رسم السياسات.
فدافع الضرائب العراقي ليس له دور إطلاقاً كضاغط إجتماعي أو سياسي لأنه لا يملك أي قوة لأنه لا يدفع وإن دفع فهو محدود جداً ولذلك كانت القوانين والأنظمة والتعليمات لا تسير في هذا الإتجاه لأن القطاع الخاص هو الدافع الرئيسي للضريبة والمواطن العادي عندما يضرب عن التعامل مع الخدمة الحكومية لا يترك أثراً محفزاً.
فما هي معوقات الدور الإيجابي للقطاع الخاص ليكون مساهماً في العمليتين السياسية والإقتصادية وبالتالي الإستثمار في مشاريع كانت حكراً على بيروقراطية الدولة ومحاسبيها.
فالبطالة عندما تصل إلى مرحلة متقدمة أي على ضفاف الحرب الأهلية وتكون وقوداً أساسياً لها تصبح عائقاً حقيقياً أمام التنمية عموماً والإستثمار.
فمثلاً من خلال تجربة بناء مستوصفات في منطقة الفرات الأوسط طال أهالي المنطقة من الشركة العراقية المنفذة بأموال المنحة الأمريكية بتشغيل أبنائهم كحراس وعمال بضعف حاجة المشروع وإلا تعرضوا بما لا تحمد عقباه إضافة إلى تنافس العشائر المجاورة على فرص العمل ويعزز ذلك محاسيب كبار موظفي القضاء والناحية وتلكآت المشاريع وتم صرف مبالغ كبيرة جداً لا تدخل على البناء و الإستثمار ولكن هذه الحقائق على الأرض ولا يمكن القفز عليها.
فأمامنا مشكلة قائمة ليست في أثناء بناء المشروع المؤقت الذي يمتص البطالة مؤقتاً ليدفع المقاول أو العامل لجني أكبر مبلغ ممكن إذ ربما تكون هذه الفرصة الأخيرة مما يساعد على الفساد وسوء التنفيذ اضافة لتحكم العشائر ورجال الدين كعلاقات قوة لا يستهان بها وهي إلى حد ما تلعب دوراً سياسياً وإجتماعياً ولكن مهما كانت فإنها إدارة تدور في حدود مصالح ضيقة وتخدم أجندة سياسية للضغط على القرار السياسي.
لذلك ومن خلال التجارب المماثلة في الفرات الأوسط وغيرها كانت هذه المشاريع ذات البعد المؤقت والمعزول والطارئ لا تضيف شيئاً مهماً في ترميم التصدع الذي تركته البطالة ومضاعفاتها ولا يعتبر عاملاً أساسياً في الإمتصاص لزخمها كما إنه لا يمكن أن تكون جزءاً من مشروع متكامل لمكافحة البطالة وإقامة الإستثمار.
إذن إقامة المشاريع وخصوصاً مقاولات البناء التي لا تستمر أكثر من سنة مثلاً هي علاج باهظ الثمن إلا إذا أصبح من منظومة أو برنامج مترابط ضمن دورة كاملة.
فما هي أركان هذا البرنامج أو المنظومة التي تصلح لإمتصاص بطالة بأعلى مستوياتها في ظل ظرف إجتماعي غير مؤات ضمن منعطف سياسي وعقائدي لم يجد الإجابات المحددة بسبب ضبابية الرؤيا التي تداخلت فيها الأوراق.
لذلك ولهذا الغرض نطرح رؤيا قد تكون مناسبة إذا ما تم مراجعتها وتعزيزها وتعديلها مادامت الدولة هي المحرك الأول والأخير في هذا المجال لتصبح العملية ليس مجرد إمتصاص بطالة بل مشروع وطني وإذا لم ترتفع العملية الى مستوى المشروع الوطني لا نتوقع الفلاح لها، وهذه المنظومة أو البرنامج نعتقد إن عناصرها هي :-
1-التطوع وإعادة التطوع للجيش والشرطة وخصوصاً في شرطة الحدود والكمارك وإستقطاب عناصر الجيش السابق.
2-الإستثمار في البنية التحتية فقد أعلن البنك الدولي عن صرف (135 مليون دولار) لإكمال الخط السريع (البصرة-الموصل) والحدود الغربية ومتعلقاته، ثم يليها الري والبزل والإستثمار في النفط بمشاركة القطاع الخاص العراقي والأجنبي والإعلان عن ذلك فوراً.اضافة إلى مشاريع الإسكان كما أعلنت الدولة عنها بإقامة العمارات السكنية ليس من باب حل أزمة السكن فقط بل لإمتصاص البطالة خصوصاً في المناطق التي تم تشخيص بطالتها ونسبتها وفقرها، والمناطق هذه سوف يتم إمتصاص بطالتها مؤقتاً إذا لم تكن هناك مشاريع ذات جدوى اقتصادية فيها يمكن وبيد الدولة مثلاً كما حصل مؤخراً إنشاء كلية للبيطرة في ناحية القاسم في محافظة بابل أو إقامة كلية للزراعة في المقدادية وفرع للجامعة التكنولوجية في غرب الأنبار مع أقسامها الداخلية وبيوت الأساتذة وملاك الجامعة. مع نقل بعض المعامل ذات العلاقة بالإنتاج الزراعي والحيواني مثل الزيوت النباتية أو معامل الألبان ومعامل الذرة البيضاء والمطاحن وهكذا.
3-المشاريع الصغيرة وتفعيل دورها : بلغت نسبة الزيادة في منتسبي جمعية رجال الأعمال نسبة 198% بين سنة ( 2002، 2003، 2004 ) وإن عدد المصانع في ستينات القرن الماضي (2002) مصنع 4/5 في المنطقة الوسطى أي ستة أمثال المنطقة الشمالية وعشرة أمثال المنطقة الجنوبية.. فما الذي يحول دون إزدهار المشاريع الصغيرة الصناعية والزراعية اضافة للأسباب التقليدية التي تواجه الإستثمار وعموماً من ضعف التمويل والتكنولوجيا والعمالة الماهرة، هناك سبب أقوى من هذه الأسباب هو الإنفتاح الإقتصادي الذي وصل حد الإستباحة.. فليس هناك حماية كمركية للمشاريع ففي الفترة قبل سقوط النظام كانت الحماية وسيلة من وسائل المساعدة لمشاريع المحاسيب فحتى هذه الحماية رفعت الآن لدينا شبكة مصارف كبيرة وطلب فعال على السلع وقوة شرائية لا يستهان بها كما لاحظناها من تدفق السلع المستوردة فمثلاً هناك (510 مصارف) أغلبها في بغداد والموصل والبصرة جاهزة للتسليف سواء من خلال جمعية رجال الأعمال أو الجمعيات الفلاحية أو إتحاد الصناعات أو غرف التجارة.. ولكن أين تختنق هذه التدفقات ؟... لا شك إن الخانق الأساس هو الأرض والقوانين ذات العلاقة بالتنمية التي تحاول خدمة الإستثمار الأجنبي ربما على حساب المستثمر العراقي ولا بأس أن يكون المستثمر العراقي مقاولاً ثانوياً له على المدى القريب بداعي التمويل والتكنولوجيا إضافة للتوسع في عمليات التسليف غير التقليدية التي قد تجد عائقاً في متوارثنا من الفائدة على القروض. ولكن كانت قوة الإسلام في الماضي نابعة من قدرته الإستثنائية على أن يتأقلم مع الظروف المتغيرة وكذلك أن تتم عملية التسليف من خلال الضمانات العينية والإجتماعية من خلال التضامن الإجتماعي وحيازة ثقة المجتمعات المحلية كمكمل للضمان التقليدي في تحويل المشاريع الصغيرة وهذه العملية كفيلة بإخراج البؤساء من كهوفهم العشائرية والطائفية وتهمش القوى التي تغذي إستمرارية هذه المواقع المتخلفة ويراد من ذلك المزيد من القضاء على الأمية وإقامة المدارس والجامعات في القرى والأرياف إضافة للمعامل والمشاريع الصغيرة ذات العلاقة بالنشاط الإقتصادي لتلك الأرياف وتخفيفاً للهجرة الى المدينة التي بات أحزمة الفقر والبطالة العامل الأساس في عنف المدينة وكبنية تحتية للإرهاب وتقويض السلم الأهلي.


جــوهر المـشكـلـة
 

هاتف غناوي الزهيري
من أجل الوصول الى معرفة جوهر مشكلة البطالة لا بد لنا من أن نلقي نظرة على ما يجري في الساحة من مخاضات سياسية وإقتصادية وإجتماعية ولكي نتقارب والمشكلة لا بد من أن نكون ضمن الدائرة المعرفية لذا يجب أن لا نغفل "تقرير مؤسسة زغبي الدولية في عراق ما بعد صدام "وقراءة أهم الإستنتاجات التي توصل إليها عبر المناقشات التي دارت مع أصحاب ومديري منشآت الأعمال.
إذ يشير التقرير الى جملة مسائل سنكتفي بما يعزز ما نحن بصدده :-
1-إن نظرة مجتمع الأعمال العراقي تبدو إيجابية فيما يتعلق بالتطور المنشود، بل تراهم ينظرون بتفاؤل إلى مستقبل بلادهم.
2-تأكيداً للنظرة المتفائلة قامت العديد من المنشآت بتعيين العديد من العمال الجدد منذ سقوط النظام، بل يرى التقرير إن هناك من المنشآت من ضاعفت عدد العاملين فيها.
3-أما بالنسبة لتعيين النساء فالتقرير لا يأتي بجديد حيث يتوصل إلى إن النساء الأقل حظاً في التعيين من الرجال في منشآت الأعمال إذ إن 50% من تلك المنشآت لا تستخدم أي إمرأة غير إن هناك 43% من المنشآت تقوم بتعيينهن.
4-أما من حيث التوسع الرأسمالي فيكاد يقترب من المستويات العالمية في منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة كما أشاد 81% - 90% بأنهم يخططون لزيادة رؤوس أموال منشآتهم.
فإذا علمنا إن هذا التقرير هو خلاصة لإستبيان قامت به المؤسسة من 17/10 وحتى 3/12 من سنة 2004. والعراق يشهد أشرس هجمة إرهابية ومن يدير المعركة ضده هي حكومة مؤقتة وغير منتجة وأجهزتها ضعيفة بشكل مريع ومع ذلك فإن رجال الأعمال يتحدثون بتفاؤل عن مستقبل بلادهم مع إن هناك مقولة يعرفها الجميع "إن رأس المال جبان".
إذن ما الذي دفع هؤلاء بهكذا موقف ؟!.
إننا نعتقد إن الأمر واضح فالموقف الأمني آنذاك كان محسوماً ونعني بالمحسوم هنا هو إن الشعب كل الشعب كان موحداً ويناضل جدياً من أجل دحر الإرهاب وهذا ما جعل الجميع متماسكين بوجهه.
ولكن من حقنا أن نتساءل عما حدث بعد سنة 2004 وقلب موازين اللعبة ؟!.
نستطيع أن نتلمس شيئاً من الحقيقة عبر بعض الإستنتاجات من نقطتين جديرتين بالإهتمام:
أولاهما / إن هناك من دس قرنه في المشكل العراقي متخذاً من أرضه وشعبه الأداة التي بواسطتها يستطيع لي ذراع أمريكا مسخراً مع الأسف البعض في الداخل ومتفاهماً مع تنظيم القاعدة والوسيلة التي إعتمدها هي الترويج لحرب طائفية كي يتحول العراق إلى مستنقع دام تغرق فيه أمريكا وبالفعل إفتعلت عدة محاولات لإذكاء الفتنة والترويج المبرمج للعنف الطائفي وعندها يتحول الصراع من صراع بين الشعب الموحد ضد الإرهاب إلى عنف طائفي قد وفر الكثير من الوقت للإرهابيين كي يعملوا على نشر الفوضى والتخبط وبذلك أصبحت الحكومات أسيرة له.
وجاء الحادث الجلل بإستشراء الفصل الطائفي والقتل على الهوية مما أحدث هلعاً بين الجميع ودبت عوامل الإنهيار على جميع الصعد ومنها بالتأكيد سوق العمل وأصبحت البطالة بحجم هائل تنذر بإنفجار إجتماعي رهيب لذلك أصبح من اليسير على جماعات الإرهابيين من إستغلال حاجة الناس ومحاولة التغرير بهم وضمهم إلى عناصر الإرهاب بشتى الدعوات.
ثانيهما /عدم إدراك حقيقة إن لا الديمقراطية ولا حتى الإنتخابات النزيهة الكفيلة بجلب الإستثمار الأجنبي وبناء إقتصاد متطور مع دعم قوي للمؤسسات الدولية بل يجب أن توفر عدة عوامل:-
-مؤسسات مكافحة الفساد مدعومة بنظام قضائي قوي ونزيه.
-هيئات إقتصادية.
-وجود فاعل للأحزاب.
-برلمان نزيه
مع خدمة مدنية كفؤة ومتماسكة ومتفانية.
-وجود مجتمع مدني قوي.
-إلتزام بالمصلحة العامة لجميع السياسيين مع إلتزام عميق بالشفافية.


البـطـالــة في المفهومين الاقتصادي والاجتماعي
 

د.طارق العزاوي
ظهرت البطالة في المفهوم الاقتصادي والاجتماعي أول مرة في اثناء الثورة الصناعية في انكلترا 1770-1830م وعلى وجه التحديد سنة 1810 وهي اول ازمة اقتصادية دورية، حدث ذلك عندما اخذت عجلة تطور الرأسمال تدور تلقائياً دونما تدخل من الدولة او من أي جهة كانت.

كانت تعني كلمة البطالة (شوماج) قبل ذلك التاريخ في اللغة الفرنسية الاستمتاع بالتوقف عن العمل بمناسبة يوم عطلة اسبوعية او بمناسبة الاعياد الدينية او غيرها من المناسبات ولا يعني ذلك عدم وجود قبل ذلك التاريخ جماهير واسعة مشردة من السكان لا تملك قوتاً او مأوى، عانت اكبر بكثير الاثار الاجتماعية التي خلفتها الازمة الدورية التي اشرنا اليها قبل قليل والازمات الاخرى التي تلتها حتى القرن التاسع عشر.
ظهر هذا النوع من البطالة المشردة في انكلترا في القرن السادس عشر إثر تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية في الريف الانكليزي فقد انتهت القنانة في زمن مبكر في انكلترا وتمكن الفلاحون والمزارعون من استئجار الارض من الاسياد الاقطاعيين وكانت لأحفاد لوردات الارض تطلعات رأسمالية تجارية والتجارة التي بامكانهم مزاولتها قبل غيرها هي تجارة تصدير الاصواف عبر المانش الى منطقة الفلاندر (هولندا) التي انتعشت فيها (صناعة) النسيج.
كانت ثمة اراض جماعية هي غابات ومراع الى جانب الاراضي الزراعية في الريف انصب اهتمام لوردات الارض على الاراضي الجماعية واستولوا عليها واحاطوها بسياج دليلاً على الملكية وجعلوها مراعي للاغنام وتدعى هذه حركة التسييج.
تختلف بطالة حركة التسييج عن البطالة الدورية التي ارتبطت بتقدم الانتاج الرأسمالي في ان الاولى مصادفة تأريخية بدأت في مناطق معينة وفي زمن تاريخي معين، اما البطالة الناتجة عن ازمات فيض الانتاج الدورية فأنها ملازمة لتقدم الانتاج الرأسمالي وتخضع لقوانين تجريبية: قانون العرض والطلب، وقوانين موضوعية: قوانين علاقات الانتاج وعلاقات التوزيع وغيرها من القوانين الاقتصادية.
حدثت اول ازمة اقتصادية ادت الى بطالة واسعة سنة 1810 وهو تاريخ مبكر في مسيرة الرأسمالية الصاعدة في ذلك الوقت كان الرجل العادي الاوربي فلاحاً لا تختلف ادوات انتاجه واساليبه الزراعية كثيراً عن التي كان يستخدمها اسلافه الاقدمون طوال عدة قرون ولم تتسيد الرأسمالية حتى سنة 1850 سوى في بلد واحد: بريطانيا العظمى ولم تكن الولايات المتحدة آنذاك سوى بلد يهتم سكانه بالنشاط الزراعي على الاخص.
قامت البطالة بدور مهم في تقدم الرأسمال، اذ يسهم جيش العاطلين في تزويد المشروعات الصناعية في فترات الانتعاش الاقتصادي بأيدٍ عاملة منخفضة بالحد الادنى لاعاشة العامل واعاشة عائلته وفي اوقات الانكماش يتضخم جيش العاطلين من التحاق البعض الذين اضرت بهم الازمات الى جيش العاطلين ومن بين هؤلاء على الاخص صغار الفلاحين وصغار المنتجين اضافة الى العمال الذين طردوا من عملهم وتنخفض اجور من بقي منهم في العمل وهؤلاء سوف يقاسون ظروفاً سيئة للغاية وبالاخص في النصف الاول من القرن التاسع عشر واجريت تحقيقات وصدرت تقارير في انكلترا وفرنسا تشير الى قسوة ارباب العمل تجاه الشغيلة ولم تكن الحكومات تحفل وفقاً للمذهب الليبرالي الحر الذي كان سائداً والذي يعتبر أي تدخل من الدولة يؤدي الى ارباك الحياة الاقتصادية التي تسيرها قوانين طبيعية خالدة مطلقة الصلاحية في الزمان والمكان حسب آراء ذلك المذهب ظهرت في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر اوساط فكرية بدوافع انسانية لوضع حد لشقاء العمال في مصانع ارباب العمل وذلك بايجاد بدائل لتلك المصانع يقتطف فيها العمال ثمرة عملهم في تعاونيات عمالية نشأت مثل تلك التعاونيات في فرنسا وانكلترا وكان نصيبها الفشل ان عقد الاربعينيات من ذلك القرن نقطة تحول الفكر الانساني نشأت فيه مدارس قومية وتأريخية تعارض النظرية الثباتية للمذهب الحر ومذهب المنافسة الحرة ونشطت فيه حركات سياسية تناهض الرأسمالية وتنتقد الملكية الخاصة باعتبارها سبب الكوارث الاجتماعية والبطالة.
لم تفلح كل تلك الاراء وذلك النشاط الفكري والسياسي من زعزعة الاسس المتينة التي بُني عليها المذهب الحر والمنافسة الحرة اراءه على الرغم من الجوانب السلبية التي خلفها ذلك المذهب فاستمر تقدم الرأسمالية الاقتصادية واستمرت معه الازمات الاقتصادية واستمرت البطالة بالتوسع واستمر حدوث انتفاضات عمالية وفلاحية ضد البطالة وضد الرأسمالية كذلك.
في نهاية القرن 19 وبالتحديد منذ سنة 1900 تغيرت المدد الزمنية لفترات الانتعاش والانكماش الدورات الاقتصادية واصبحت تتكرر الازمات وبالتالي البطالة كل ثلاث او اربع او ست سنوات بسبب الدخول الى السوق انتاج دول رأسمالية جديدة وبسبب التركيز في الوحدات الانتاجية وبداية ظهور الاحتكارات ودخول الرأسمالية مرحلة جديدة تغيرت بنية الاقتصاد الحر وبدأت ظاهرة البطالة المستمرة وتكونت نقابات تدافع عن حقوق العمال.
في 24 تشرين الاول سنة 1929 وكان يوم خميس اطلق عليه الخميس الاسود، اندلعت في امريكا اوسع ازمة اقتصادية في العالم الرأسمالي ازمة تختلف عن الازمات السابقة تماماً وتساءل الكثير في ما اذا كانت ازمة اقتصادية ام ازمة بنية ام ازمة النظام الرأسمالي باكمله تميزت بعمقها وبسرعة انتقالها الى دول اخرى وبشمولها لجميع القطاعات وبطول فترة انكماشها طرحت في اول يوم من هذه الازمة ثلاثة عشر مليون من الاوراق المالية، وبعد بضعة ايام عرضت في السوق 70 مليوناً من الاسهم لا يمكن بيعها الا بأثمان زهيدة توقفت ماكنة الانتاج تماماً وتعرض ثلاثون مليون عامل الى البطالة في خريف 1932 واكثر من هذا العدد بكثير العمال الذين يعملون عملاً متقطعاً.
كان يذكر سابقاً ان الازمات تتحطم على عتبة القطاع الزراعي لكن ازمة 1929 انبثقت من القطاع الزراعي وشملت باقي القطاعات اخذت الدولة تتدخل تدخلاً واسعاً بانتشال المشروعات المفلسة وتأميمها بعد ان كان الفكر الاقتصادي يتبنى قاعدة عدم التدخل وما احرج الدول الرأسمالية ان هذه الازمة لم تشمل الاتحاد السوفيتي وكان في تلك الفترة بمشروع باول خطة خمسية للنهوض بالاقتصاد.
تأثرت بهذه الازمة الاقطار التابعة التي كانت تصدر المواد الاولية والمواد الغذائية اذ هبطت اسعار تلك المواد واتلفت كميات هائلة من المواد الغذائية لتجنب هبوط الاثمان اكثر فاكثر.
قامت الدول الرأسمالية بمشاريع غير انتاجية لتشغيل العمال وبسن قوانين اعانة للعاطلين عن العمل وسياسات اقتصادية مبنية على التضخم النقدي لقد ادت سياسات التشغيل وعلى الاخص في المانيا وكذلك سياسة التسلح الى تشغيل قسم من العمال والتخفيف من حجم البطالة غير ان ذلك لم يؤد الى انتعاش الاقتصاد والى انتهاء فترة الركود لقد تم ذلك بسبب الحرب العالمية الثانية 1939-1944.
بعد الحرب العالمية الثانية اخذت الدولة تتدخل في الحياة الاقتصادية للتأثير على سير الدورات الاقتصادية التي اتخذت شكل تباطؤ ونمو كل ثلاث او اربع سنوات يتعاقب فيه التضخم النقدي والانكماش: ارتفاع الاسعار وهبوطها.
اصبحت البطالة دائمة واصبحت مقياساً لحركة الاقتصاد ان 3% من لايدي العاملة عاطلة عن العمل تعتبر اشارة الى صحة التقدم الرأسمالي وان 5% الى 6% تبقى في حدود المستوى المقبول من البطالة وان 7% الى 8% تشير إلى انكماش الاقتصاد واكثر من ذلك يبدأ خطر حدوث اضطرابات عمالية تساندها نقابات اصبحت قادرة في التأثير على العمالة وعلى مستوى اجور العمال.
اضافة الى البطالة المتولدة من الانتاج السلعي للمشروعات، هنالك بطالة متعلقة بخدمات السياحة اذ تقوم دول او مشروعات اقتصادية في مناطق جغرافية معينة مهيأة لاستقبال السياح بتشييد فنادق وفتح مطاعم ومقاهٍ الخ..
عمل في تلك المرافق عمال خلال موسم السياحة فقط ويعتبر البعض ان ثمة بطالة موسمية يتعرض العمال عند انتهاء الموسم السياحي لكن ذلك ليس صحيحاً الا لعدد قليل من هؤلاء العمال لا غالبيتهم يحتفط نفسه بمهنة اخرى الى جانب مهنة خدمة السياح الاكثر مردوداً من الناحية المالية.
هناك كذلك بطالة منقولة يسببها هبوط الاثمان في قطاع معين يؤثر في هبوط الاثمان لسلع مماثلة في قطاعٍ اخر او في قطر اخر لم يتعرض الى ازمة ما.
ويشار كذلك الى بطالة اختيارية وهي ابتكار مبهم يراد به انعدام البطالة من النظام الرأسمالي اذ عندما يمتنع القبول في اجور معينة ويرتضي عدم العمل انذاك يعرض نفسه الى بطالة اختيارية لان العامل فرص العمل كانت مفتوحة لديه واغلقها باختياره.
ينبغي ايجاد سياسة تنموية لمعالجة البطالة من جهة والنهوض بالمستوى الفني للعمال والفلاحين يمتلك العراق موارد طبيعية غنية وتمتلك الدولة عوائد كبيرة من تصدير النفط كما تمتلك معلومات احصائية من جميع النشاط الاقتصادي قدمتها الدوائل المختصة لمدة تزيد على الثمانين عاماً تسهم تلك المعلومات في معرفة المشروعات التي ينبغي على الدولة تشجيعها ويتم ذلك عن طريق سياسة مالية وسياسة ضريبية ملائمة وفي دولة غنية مثل العراق لا ينبغي ان تكون الضريبة مورداً لخزينة الدولة اذ لديها وظيفة تحويلية الى وظيفة نقل الملكيات غير المستغلة الى القادرين على استثمارها وتفتح على تلك العملية مجالاً واسعاً لتوظيف العمال ولاجراءات لضريبة وظائف معروفة في مجال التنمية لا حاجة لذكرها هنا في موضوع البطالة.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة