السيــاحة
في العــراق تبحـث عن منقــذين!
بغداد /هاشم
حميد
أصبحت السياحة تشكل مصدرا
اقتصاديا مهما ، اذ تجاوزت مداخيلها في العالم وفق بعض
التقديرات الـ(1.4) تريليون سنويا . ومع ما في بلادنا من
جمال الطبيعة وتنوعها واعتدال المناخ والموروث الحضاري
الذي يمتد الى آلاف السنين الا أننا نجد ان السياحة في
العراق ما زالت متخلفة وان الاقتصاد العراقي مازال اقتصادا
(اعرج) ان صح التعبير كونه يعتمد على مورد واحد هو النفط.
مواقع
كثيرة
يقول السيد احمد خلف (صاحب فندق سياحي): ان السياحة بجميع
انواعها تعد موردا اقتصاديا مهما للعراق بعد النفط اذ يضم
العراق عشرات المواقع السياحية ولعل اهم ما في العراق هو
السياحة الدينية حيث يوجد في العراق العديد من المراقد
المقدسة يتوق ملايين الزوار لزيارتها من مختلف انحاء
العالم الاسلامي وكانت السياحة الدينية في عهد النظام
السابق تتم بنطاق محدود جراء سياسات النظام المعاديه لدول
الجوار وحتى عندما سمع النظام بزيارة افواج من الزائرين
للعتبات المقدسة حصر ذلك بشركة الهدى التابعة لاجهزته
الامنية وبعد سقوط النظام دخلت مجاميع كبيرة جدا من الزوار
من مختلف البلدان لزيارة الاماكن المقدسة ولم تكن تلك
الزيارات منظمة خصوصا في ظل غياب سيطرة الدولة على منافذها
الحدودية مما افقد العراق الكثير من الموارد ناهيك عن قلة
الفنادق السياحية المحيطة بالاماكن المقدسة الامر الذي دفع
العديد من الزوار الى افتراش الطرقات المجاورة لتلك
العتبات.
السياحة والتجارة
في حين قال السيد
عبد الله كاظم (صاحب مجمع تجاري لبيع الحاجات التي تخص
الزوار والوافدين لزيارة العتبات المقدسة، ان عمل الكثير
من المجمعات التجارية قد تأثر بسبب انقطاع الزوار عن
المجيء الى العراق بسبب الظروف الامنية، وأضاف ان الكثير
من المجمعات التجارية هنا في منطقة الكاظمية كانت تعتمد
على الزوار الاجانب وان عودة هؤلاء الزوار مرة اخرى سيسهم
في انتعاش السوق العراقية وزيارة الموارد المتأتية من
السياحة، وان العراق يمكن ان يستوعب الزوار مهما بلغ عددهم
فالمهم هو خطط التنظيم والاشراف والمتابعة.
مرتكز اقتصادي
وقال خليل باسم
محمد صاحب مطعم سياحي: ان السياحة تعد احد مرتكزات
الاقتصاد العراقي الا ان هذا المورد الحيوي المهم اهمل ولم
يأخذ دوره جيدا لا في السابق ولا حاليا الامر الذي اثر
بشكل سلبي على الاقتصاد العراقي ونعتقد ان استئناف
الزيارات سيسهم في عودة النشاط التجاري والاقتصادي.
ركود سياحي
وقال السيد وليد
لطيف العبيدي (صاحب شركة للسياحة والسفر): انه في حالة عدم
استتباب الاوضاع الامنية في العراق بشكل عام فان قطاع
السياحة سيبقى شبه معطل لان استقرار الاوضاع في المدن
العراقية سيشجع الكثير من السواح على المجيئ الى العراق
وهذا الامر ينبغي دعمه من قبل الدولة من خلال طمأنة السياح
وتوفير الامن والخدمات الاساسية لهم في خطوة لاعادة النشاط
السياحي الى سابق عصره، وينبغي على الحكومة اشراكنا في نقل
السياح وعدم حصر هذه المهمة بشركات النقل الخاصة بوزارة
النقل لان العديد من شركات السياحة اصبحت على حافة الافلاس
بعد الركود الذي اصاب عمل هذه الشركات خصوصا بعد اقتصار
عملية استقبال الزوار والسياح على جهات معينة الامر الذي
ادى الى الحاق الضرر بشركات القطاع الخاص.
ثروة السياحة
وقال الدكتور رهيف
ناصر (مدير معهد بغداد للسياحة والفندقة سابقا): تشكل
الواردات المتأتية من السياحة في كل دولة من دول العالم
الغنية والفقيرة على حد سواء واردات لا بأس بها وان اغلب
الدول اخذت تعتمد في العقدين الاخيرين على موارد السياحة
وما تجلبه من ازدهار لأسواقها وتعريف منتجاتها المحلية على
السياح الوافدين اليها مما يؤدي في نهاية الامر الى دفع
عجلة الاقتصاد الى الامام وهذا ما دفع العديد من الدول ان
انتهاج سياسة فاعلة لتطوير السياحة فيها وخير دليل على ذلك
هو تجربة دولة الامارات العربية المتحدة حيث عملت هذه
الدولة على تطوير السياحة في العديد من مناطقها التي كانت
في السابق تفتقر الى ابسط وسائل وعوامل العيش فيها ومن زار
الامارات قبل عقدين من الزمن ويزورها اليوم تصيبه الدهشة
لانه سيجد فيها ما لايخطر على بال حيث ان المنتجعات
السياحية والمناطق الزراعية وقد حقق المخططون في ذلك البلد
ارتفاعا في واردات السياحة لتوازي الايرادات المتحققة من
النفط وبما فاق توقعات الاقتصاديين.
أما في بلدنا العراق وللاسف فعلى الرغم مما حباه الله من
كنوز سياحية واثرية وموروث حضاري وديني وطبيعة خلابة تمتد
من جبال وشلالات الشمال وحتى اهوار الجنوب ونهرين خالدين
هما دجلة والفرات الان ان الاهتمام بالسياحة جاء متأخرا
بعض الوقت ومع هذا فقد حققت إيرادات لا بأس بها في العقود
السابقة اما الان فقد تعطلت هذه الصناعة بالكامل جراء
الظروف الحالية. ونأمل من الحكومة الجديدة الانتباه الى
القطاع السياحة وعدم الاعتماد على ايرادات القطاع النفطي
فقط ويمكن من خلال استتباب الوضع الامني وفتح باب
الاستثمار السياحي ان يحقق العراق قفزة كبيرة في المجال
السياحي مما يتطلب الاستعداد مبكرا لتأهيل ملاكات كفوءة في
المجال السياحي عبر تطوير وتأهيل المعاهد والكليات
الفندقية والسياحية والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في
هذا المجال.
استقرار العملة
وتقول الدكتورة
رنا العبيدي الاستاذة في الاقتصاد ان مورد السياحة احد
الموارد الاقتصادية المهمة بما يحققه من نقد اجنبي يسهم في
ادخال موارد بالعملة الصعبة تساعد في استقرار العملة
المحلية وتحسين اسعار صرفها اضافة الى تحقيق فوائد من خلال
تحقيق فائض في ميزان المدفوعات الذي يساعد في تخفيض العجز
الذي يعانيه الاقتصاد العراقي مضيفة ان السياحة لها ثقلها
الواضح في تشغيل الايدي العاملة وتخفيض حجم البطالة وكذلك
تنويع مصادر النقد الاجنبي والتقليل من الاعتماد على النفط
كمصدر وحيد وهذا يفرض علينا الاستفادة من تجارب بعض الدول
في استخدام السياحة كمصدر من مصادر التمويل خاصة ان العراق
يمتاز بوجود مواقع حضارية ودينية تساعد في جذب السياح ان
السياحة تساعد على بناء بعض المشاريع الخدمية مثل الطرق
والخدمات الاخرى وبالتالي فانها تصب في مصلحة تأهيل البنى
التحتية للبلد.
وقد حذر مصدر في اتحاد شركات السفر والسياحة في العراق من
ان الانفلات الذي تشهده البلاد قد أدى الى إرباك الأمن
السياحي مؤكدا ان السياحة الدينية تشكل موردا مهما حيث
يتوافد عشرات الآلاف من السياح لزيارة الاماكن الدينية
والتاريخية المنتشرة في مختلف انحاء العراق الامر الذي
يعود بفائدة اقتصادية كبيرة على القطاع السياحي العراقي
عند تنظيم وبرمجة آلية دخول هؤلاء الزائرين وبما لا يحرم
الشركات العراقية من فرص الافادة... مؤكدا ان العمليات
المسلحة والتفجيرات التي شهدتها مدن النجف والكوفة التي
أودت بحياة العشرات من الضحايا بينهم عدد من الزائرين كانت
بمثابة رسالة من الجماعات المسلحة الى هؤلاء السياح بعدم
دخول العراق مجددا، الامر الذي اثر على اعدادهم بصورة
واضحة.
وضع خطط النهوض
بالواقع السياحي
واخيرا عزت وزارة الدولة للسياحة والاثار اسباب تخلف
السياحة في العراق الى عدم توفر النواحي الامنية حاليا في
جميع المرافق والمداخل الحدودية والطرق المؤدية وغيرها
الامر الذي يعرقل استقبال السياح والحركة السياحية في
البلد.
وقال مصدر في الوزارة: انه برغم تلك الظروف فان الهيئة
العامة للسياحة تسعى لوضع الخطط المستقبلية الكفيلة
بالنهوض بالواقع السياحي في العراق من خلال تطوير وتأهيل
الملاكات الاساسية والوسطية في الهيئة عن طريق المشاركات
بدورات مكثفة في الداخل والخارج بالتعاون مع المراكز
الدولية والمنظمات السياحية العالمية اضافة الى المساعدة
على إعادة تأهيل الفنادق واعادة تأهيل معهدي بغداد ونينوى
للسياحة والفندقة ووضع خطط متطورة وبناء مدرسة فندقية كما
نسعى الى اعادة النظر في المناهج والبحث عن منافذ التطبيق
في الفنادق الكبرى بحثا عن التأهل الامثل للملاكات
الاساسية من الخريجين.
واضاف: اما بخصوص الاستثمار فأن الهيئة تسعى لاعطاء
الاولوية للاستثمار للمرافق السياحية وانشائها من خلال
الاتفاق مع الشركات المختصة وفقا لضوابط يتفق عليها بغرض
تطوير المرافق والملاك وادخال التقنية الحديثة المتطورة
سيما ونحن بصدد صدور قانون الاستثمار الجديد ليكون اساسا
لتعاقداتنا. وبين الواقع والطموح هناك فرصة للعمل الجاد
والمخلص للنهوض بواقع هذا القطاع الحيوي المهم.
|