اضافة الى
أسباب أخرى ..
أكثر من ألف معمل وشركة
متوقفة عن العمل بسبب البضائع المستوردة
تحقيق: محمد خضير السعدي
البطالة آفة ومرض خطير
اذا ما حلت ببلد ما فإنها تفتك باهل ذلك البلد لما لها من
نتائج وخيمة كانتشار السراق واللصوص وقطاع الطرق فضلاً عن
الدخول في المجاميع الارهابية وحدوث المشاكل اليومية. حين
اتسعت دائرة الاستيراد من الخارج اصبح العراق سوقاً رائجة
لكل بضاعة رخيصة الثمن مما ادى الى عزوف المواطن عن شراء
السلع المحلية وبالتالي ادى الى توقف اغلب معامل الانتاج
العراقية عن العمل
فساهم
هذا الامر بشكل اساسي بتفاقم ظاهرة البطالة في البلاد ومن
اجل الوقوف على هذه الظاهرة ارتأت جريدة (المدى) ان تزور
ميدانياً بعض تلك المعامل والشركات المتوقفة التي بلغ
عددها اكثر من الف معمل وشركة في المنطقة المحصورة بين باب
المعظم وساحة الوثبة ببغداد في اشهر واقدم شارعين في بغداد
هما الجمهوري والرشيد.
يقع في هذه المنطقة بالتحديد اكثر من الف معمل وشركة
بمختلف اختصاصات الانتاج حيث المهن الحرفية العراقية
المميزة يقول الحاج عبد الكريم المندلاوي- صاحب معمل
خياطة: المشكلة تكمن بالبضاعة المستوردة فقبل سقوط صدام
كانت الحكومة تضع تعريفات كمركية عالية وتضع ضوابط
للاستيراد وبالتالي فان المستورد كان اولاً غير متوفر بهذا
الكم وايضاً سعره مرتفع فليلجأ المواطن الى اقتناء بضاعتنا
وبالتالي فهناك اكثر من خمسين عاملة كانت تكسب رزقها من
هذا المعمل ان رخص الملابس المستوردة جعل المواطن يقبل
عليها والنتيجة كما ترون فالمكائن واقفة والمعمل متوقف
تماماً وكثير منهم باع المكائن بأبخس الاثمان".
رخص البضائع
اما المواطن (طه
قاسم)- صاحب معمل احذية- فقال: المشكلة تكمن في امرين
ضرورين هما: اولاً كثرة المستورد ورخص سعره بالاضافة الى
استمرار انقطاع التيار الكهربائي. اعتقد اذا استمر الوضع
على هذا الحال فسوف تزداد البطالة وسوف لن نجد منتجاً
وطنياً وتختفي كلياً الصناعة الوطنية وهذه مشكلة كبرى ان
ينتهي الامر ببلد كالعراق الى هذا الحال، على الحكومة ان
تضع ضوابط وقيوداً للاستيراد وبالتالي فإنها ستوفر مساحة
لعمل آلاف المواطنين العاطلين عن العمل وتقضي على جيش كامل
من البطالة".
سياسة حكومية
وقال المواطن
(نوري البياتي)- صاحب معمل احذية وحقائب: "لا اعرف هل هي
سياسة مقصودة من قبل الحكومة ام عشوائية العمل؟ ان من غير
المعقول تغييب ومحاولة قتل الصناعة الوطنية والمنتج
المحلي، فكل بلدان العالم تضع ضوابط وشروطاً للاستيراد
وهنا بضائع يكون استيرادها من اصعب الامور ومنها الملابس
وملحقاتها خصوصاً في البلدان التي تعتمد يدها العاملة على
هكذا صناعة محلية اما عندنا فالامر مختلف".
كما التقينا بالسيد (محمد علي الربيعي)- صاحب معمل خياطة
قماصل جلدية، فقال: اليوم اصبحت الجلود تصدر (خام) قبل
صناعتها مما ادى الى توقف كل معامل وشركات الجلود لذا
نطالب الحكومة بوضع حد لهذه المشكلة لان الامر بات لا
يحتمل المزيد لان الكثير من اصحاب المهن والحرف تضرروا
بسبب الاستيراد".
الموبيليا ايضاً
اما بالنسبة
لمعامل ومعارض الموبيليا، فتحدث السيد (علي حسين) صاحب
معمل ومعرض موبيليا: "حين نعرض البضائع العراقية والاجنبية
في معرضنا نجد ان المستهلك يشتري البضاعة الاجنبية ولا
يشتري العراقية رغم ان البضاعة العراقية هي افضل بكثير من
الاجنبية فمثلاً الطقم الخشبي المخصص للجلوس من النوع
(الماليزي) تجد اقبالاً عليه لأنه ارخص ثمناً وكذلك
المنتوجات المصرية المصنوعة من خشب الزان فضلاً عن
المصنوعات التركية رغم ان جميع منتوجات هذه المناشئ رديئة
الصنع".
البضاعة العراقية
افضل
وسألنا احد
المتبضعين وهو السيد (علي كاظم) عن نوع البضاعة التي ينوي
شراءها اليوم قال: إني اجد ضالتي في الاثاث العراقي رغم
انه غالٍ الا انه افضل من المستورد في متانته وجودته
وحرفيته الفنية والمهنية بالاضافة الى اني اطلب من صاحب
المعمل مواصفات الاثاث العراقي من حيث لون ونوع القماش
والخشب والتصميم، في حين هذه الفرصة لا تتوافر لي مع
المنتوج الاجنبية.
والتقينا بالسيد (هاشم محمود الظاهري)- رئيس اتحاد
الصناعيين والحرفيين وسألناه عن مصير الصناعة الحرفية
العراقية وسط هذا الكم الهائل من الاستيراد فتفضل قائلاً:
"كما هو معروف في جميع دول العالم وخاصة الدول النامية ان
من اولويات نشاط هذه الدول هي تنشيط التنمية الصناعية
والاقتصادية برغم وجود موارد اخرى طبيعية الا ان هذه الدول
تسعى وبشكل مكثف وجاد نحو تطوير الصناعة الحرفية مما
يعطيها رافداً آخر بالاضافة الى الروافد الطبيعية.
ان من المؤسف حقاً وفي الفترة المنصرمة وبعد سقوط النظام
والى الآن لم نجد من يفكر او يطرح او يناقش مثل هذا
الموضوع الجاد والحساس الذي لا يقل اهمية عن أي موضوع آخر
يشغل بال الساسة في العراق ان انعاش الوضع الصناعي
والاقتصادي مهمة كبيرة توفر فرص العمل والقضاء على البطالة
وهذا يأتي من خلال تضافر الدولة والوزارات من اجل الخروج
من مأزق التخبط وفتح منافذ جديدة لانخراط الشباب في هذه
المجالات ونحن نعرف طبيعة شبابنا المتحمس للعمل والبناء من
اجل العراق ونحن في اتحاد الصناعيين والحرفيين لدينا
الكثير من البرامج الصناعية مما تساعد في تحسن الوضع
الاقتصادي وان هذه البرامج تحتاج الى دعم من قبل الدولة
اولاً وبشكل جدي والتقليص من عملية الروتين وان تكون هنالك
تسهيلات من قبل الوزارات في عملية الدعم لمثل هذه المشاريع
وان تكون هذه التسهيلات مدعومة من قبل السلطة العليا في
البلد.
ولدينا الكثير من الطروحات التي طرحت الى اكثر من وزارة
ولكن دون جدوى في ذلك.
|