وهم
يحتفلون بعيد الازدهار ..
الصابئة
المندائيون يعبرون عن قلقهم من تصاعد عمليات الهجرة
الناصرية
/ حسين كريم العامل
حين اخذ يحدثني عن
عوائل الجيزانيين والفريجية والعثمان والبوسبتي والبنكانية
والسهيليين توقف المندائي مانع شاهين اكثر من مرة ليتحرر
من احزانه فمعظم افراد هذه العوائل المندائية قد غادروا
العراق وما عادوا يشاركونه مائدة الافطار التي اعدها صباح
عيد الازدهار احتفاءا بذكرى عودة ( هيبل زيوا ) الملاك
الذي هبط من السماء ليبارك عملية ازدهار الحياة على ارضنا
الطيبة.
هجرة
مقلقة
يشير شاهين الذي
درسني مبادئ الرياضيات مطلع سبعينيات القرن الماضي الى ان
عدد المندائيين الذين كانوا يقيمون في مدينة الناصرية ،
المدينة الجنوبية التي تتمتع حاليا باستقرار نسبي كان يشكل
في السابق ثلاثة اضعاف ما هوعليه الان0
في حين اكد خالد جميل الذي لجا الى الناصرية من منطقة
السيدية في بغداد قبل بضعة اسابيع في حديثه عن حجم ومساحة
الاضرار التي الحقتها اعمال العنف بالمندائيين :
ان اكثر من 75 % من مندائيي العاصمة قد غادروها الى دول
الجوار والمدن الكردستانية ومدن الناصرية والعمارة في
الجنوب وان المتبقي منهم كما يقول اما ينتظر الفرصة ليغادر
او انه لا يمتلك المال الكافي للهجرة الى الخارج مشيرا الى
انه لم يتبق سوى خمسة ورش صياغة من اصل 60 ورشة كان
يمتلكها المندائيون في شارع النهر ورد اغلاق هذه الورش في
الشارع الذي اقترن اسمه بافراح العراقيين الى هجرة 90% من
اصحابها الى خارج القطر و10 % منهم الى مدن كردستان
والعمارة والناصرية بعد تعرض حياتهم وحياة عوائلهم للخطر
ولاسيما بعد تصاعد عمليات الخطف والقتل والابتزاز التي
طالت جميع المدائيين في المناطق الساخنة.
وقد اكدت مصادر مندائية مطلعة ان نسبة المندائيين الذين
هاجروا الى خارج القطر من مناطق بغداد وابوغريب وديالى
والفلوجة والموصل تشكل ما بين 60
– 75 % من عدد
المندائيين في تلك المناطق في حين تتراجع هذه النسبة لتشكل
20 % في مناطق الناصرية والبصرة والعمارة المستقرة نسبيا
وقد اشارت المصادر التي لم تخف قلقها من تصاعد وتيرة
الهجرة وعدتها واحدة من العوامل التي ستؤدي الى انقراض
الديانة المندائية، فسوريا وحدها تضم حاليا اكثر من 1000
عائلة مندائية مهاجرة تقدم معظم افرادها بطلبات لجوء الى
الدول الاوربية.
اختفاء التقاليد
وتعد هجرة
المندائيين من موطن ديانتهم الاصلي واحدة من المخاطر
الحقيقية التي تهدد الديانة المندائية غير التبشيرية
بطبيعتها ، فانقطاع الفرد المندائي عن ممارسة طقوسه
الدينية التي تتطلب اشراف رجل دين متخصص بدرجة ( ترميذة )
في الاقل ونهراً جارياً وطقساً معتدلاً للتعميد ومستلزمات
اخرى قلما تتوفر في معظم دول المهجر سيؤدي بالنتيجة الى
ظهور جيل جديد من ابناء المهاجرين يجهل معظم مبادئ وطقوس
الديانة المندائية كما يساهم بشكل كبير في فقدان ابناء
الطائفة المندائية هويتهم الدينية ويجعلهم عاجزين عن
مقاومة مغريات الديانات التبشرية مما ينعكس ذلك سلبا على
حجم الطائفة التي لا يتعدى عدد افرادها في جميع دول العالم
بضع مئات من الالاف.
وقد استدعت هذه التحديات حسبما يقول حكيم سليم حنظل رئيس
مجلس طائفة الصابئة المندائيين في ذي قار إلى اتخاذ المجلس
الروحاني الاعلى للطائفة المندائية عدة خطوات من شانها
تحجيم مخاطر الهجرة وذلك من خلال تشجيع المندائيين على
الهجرة الى داخل الوطن وتجنب الهجرة الى خارجه ما امكن ذلك
، والعمل على ارسال رجل دين ( ترميذة ) لكل بلد يضم جالية
مندائية كبيرة وذلك للاشراف على اقامة الطقوس الدينية
الخاصة ولاسيما طقس التعميد الذي يدخل كركن اساس في طقوس
العبادة ومناسبات الزواج والولادة والوفاة وغير ذلك من
مجالات الحياة الاخرى كما ان المجلس الرو حاني والقول
لحنظل عمل على تهيئة مكان خاص للتعميد ومقبرة خاصة في عدد
من دول المهجر ومنها سوريا.
وتشير الوقائع وعدد غير قليل من المندائيين الى ان اجراءات
المجلس الروحاني الاعلى تبقى قاصرة ودون مستوى التحديات ما
دامت اعمال العنف والتهديدات في تصاعد مستمر الامر الذي
يتطلب من الحكومة التدخل بشكل فاعل وسريع لوقف فوضى السلاح
وتحجيم نشاط المجموعات المسلحة والعصابات الاجرامية ليتمكن
جميع العراقيين ومن بينهم ابناء الاقليات من العيش بسلام.
|