الرأي العام

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

قراءة في آفاق التنمية الديمقراطية

بابل- مكتب المدى

د.عامر عبد زيد

جامعة الكوفة

لكي يتم بناء تصور صحيح عن التجربة الديمقراطية، نحن بحاجة إلى حوار علمي لا يكفي ان يكون حواراً بين السياسيين فقط بل يجب ان يكون للمثقفين دور حيث نرى اليوم المؤسسات السياسية ومراكز البحوث في الدول المتقدمة لها دور في رسم سياسات الدول، اذ يجب ان ينفتح السياسي على المؤسسات الاكاديمية والثقافية يعني الحياة السياسية ويفعل حقل البحث العلمي في ذات الوقت نظراً لما لهذا من اثر نجده واضحاً في الغرب اكثر مما هو الحال في العالم العربي الذي لا يعدو فيه دور المثقف من ان يكون دوراً تبريرياً توفيقياً يدافع عما هو مهيمن من نظام وافكار وايديولوجيا يمثلها النظام الحاكم يدافع عنها لانها جزء من وظيفته التي تقوم على صهر المؤسسات الاكاديمية وفق النظرة السياسية الحاكمة مما ادى إلى سيادة التنميط السياسي وغياب التجديد وبالتالي اضعاف الحياة السياسية والثقافية والاكاديمية.

انا نحن اليوم نرى ضرورة ان يحتل مكانة بفعالية على الحياة السياسية العالمية وان يزيل ما على حياته من غبار الماضي ومن هيمنة الاجنبي ومظاهر الاختناق الداخلي والخانق الاقتصادي دائماً في عمق وعي هذا الشعب بكل هوياته وتفتح هذا الحوار الذي يقوم على تنشيط الفعل السياسي والاكاديمي لهذا حاولنا ان نرى مواقف الاكاديميين والمثقفين في تصوراتهم للمشروع السياسي والرهان الديمقراطي العراقي.

 

الاستحقاق السياسي الجديد بين التنمية النفسية والحاجة إلى ديمقراطية مستقلة ذات ملمح روحي

د. محمد جعفر

في طريق الديمقراطية علينا ان نعي ان المرحلة السابقة سعت سعيها المحموم إلى ترسيخ شيئين جعلا المواطن العراقي أبعد ما يكون عن ممارسة الديمقراطية ودخول اجواء الانتخابات مرشحاً وناخباً دخولاً مسؤولاً، اولهما: تخريب ممارسة الوطنية الحقة، ذلك بأن ما كانت تشتغل عليه المرحلة ان فصلت المواطن ووطنه، فأحلت الكره محل الحب، والنفاق محل الاخلاص. فليس يشعر المواطن بانتمائه إلى عناصر القرار، وليس يشعر المواطن ايضاً بانتماء إلى ممتلكات البلد على مستوى عناصر الشارع، والمدرسة، ومكان العمل... وثانيهما: انها افقدته الثقة وخلقت منه شخصاً يتعامل مع اغلب الممارسات على نحو من اسقاط الفرض، بعيداً عن الروح المسؤولة..

وبين هذا وذاك وقريباً من ولوج الاستحقاق الانتخابي بنا حاجة إلى تنشيط ما يمكن تسميته "التنمية النفسية" وتفعيل المجتمع المدني وصولاً إلى ان يستعيد الانسان العراقي ثقته بنفسه، وبالآخرين، وثقته باستحقاقاته، وبغد العراق، ومن ثم الاخذ بأيدي الناخب إلى الايمان بأن حرية الرأي حق مكفول بالمواطنة الصالحة المحبة للعراق، وان عليه ان يتعامل مع الاستحقاق الانتخابي تعاملاً مصيرياً حتى يقول المواطن كلمته فيختار بصدق وشفافية من يكون تنويرياً في فكره، مستعداً لممارسة العمل من اجل العراق، وليس غير العراق من شيء..

ومن هنا تنشأ فكرة الريادة الديمقراطية والتغييرية التي يؤطرها التفاؤل الاخذ اليه بأسباب القوة وادوات الاصلاح، مع تقديم مسوغات هذا التفاؤل فكراً وعملاً، والابقاء على هامش من الحذر والاناة كبير. ومثل هذا ما نحتاجه في مشروعنا السياسي النهضوي، اذ يزرع فينا: "التفاؤل الحذر حالة من التفاؤل تقود- على نحو واع- إلى مجابهة تراكمات الاحباط التي يرزح تحت تخلفها المشروع النهضوي العربي بعامة، وعلينا على عتبة العراق الجديد ان ننهل من "التفاؤل الحذر" فنربأ بأنفسنا عن مخاطر الاحباط ونتمسك بضرورة تخطي المرحلة نحو صياغة المشروع المعرفي الكامل الذي يحتضن السياسة وقد اخذت اليها بأسباب قوية تربطها إلى مشروع الثقافة الناهضة، فتكون اقتربت من ممارسة الانتماء وتعرف النماذج الثابتة التي تحقق للبنية الاجتماعية على نحو متعقل، فتقتنع مكونات المنظومة الاجتماعية بالنظرية السياسية  وتمارس الحرص على ديمومتها والنهوض بها على نحو لا يقبل بالتفريط والافراط.

وممارسة الانتماء والنماذج الثابتة التي تنزع منزعا معنويا تشد ارتباط الفرد مع عالم الاشياء وتجعله يمارس الانتماء اليها من خلال الفتها اولاً ورعايتها ثانياً، ذلك بأن يصل إلى النموذج الثابت ويبتعد نوعاً ما عن النماذج المتغيرة التي تكون سبباً في ان ينقص طول ارتباط الفرد مع عالم الاشياء، فينشأ من الفة النموذج الثابت التعقل وآفاق المعرفة الروحية وترسيخ مظاهر الوطنية في شخص المواطن العراقي حباً وثقة واخلاصاً وتفاؤلاً..

وهذا يقودنا قيادة تربوية نحو (تحييد) الذات مع الابقاء على ضمان ثورتها وثروتها الفكرية وقيادتها الفرد إلى تطلعات كبرى تمس جوهر العلاقة بالاخر وما يطالب به من موقف له من اشكاليات النظام المعرفي وتوخيه الانتماء المعنوي فضلاً عن المادي إلى دقائق المجتمع ومصارعة التفكك وما قد يربك العلاقة (الانتماء) بالوطن، او يشغل الفرد عن ذاته الكبرى، (المجتمع والوطن) وعن ممارسة الهموم الكبرى التي يقتات عليها ويديم بها مشروعه الكفاحي وهويته المستقلة بعيداً عن امراض العولمة الاجتماعية المعدية.

وهذا ما يمكن مقاربته إلى ما تحتاجه مرحلة العراق الجديد على مستوى السياسة والمشروع الاجتماعي النهضوي بمؤسساته المدنية الفاعلة التي تعي حقيقة الخصوصية على ضوء من آفاقها ومعطياتها واكبر من هذا عليها ان تجتهد في ترسيخ هذه الخصوصية والنضال من اجلها إلى تأكيدها في طروحاتها وندواتها وعملها اليومي والمطالبة ببث هذه الروح من قنوات متعددة كالاسرة والمدرسة والجامعة ومناهج الدراسة، في سعي حثيث إلى خلق فرد مطبوع بمعطيات المعنوي في التعامل مع اركان الوجود وعناصر الحياة، راغب عن معطيات المادة نافر عنها في طريقة العيش، والتفكير، والعلاقات... فليس يخفى اثر هذا في إثراء التربية والقيم الروحية الكبرى، والنظر إلى مفاصل المنظومة الاجتماعية والحضارية بعين الروح وتعرف القلب بعيداً عن الحدود المادية، وهذا ما تطمحه النظرية الثقافية الاسلامية هوية تمتاز بها مما يظهر (فكراً حضارياً) مجاوراً.

في مسيرة السياسة ينبغي تأكيد مسألة الدمج بينها وبين الثقافة و اخذ المشروع الثقافي بلحاظ الاعتبار عند ممارسة السياسة وصولاً إلى خلق الترابط والتماسك بين السياسة والبنية الاجتماعية على نحو يقود إلى الاستقرار والاقتراب إلى عتبة التحول نحو نظام معرفي (سياسي/ثقافي) جديد يحتفل كل الاحتفال بآفاق عالم الروح وتقديم ما هو معنوي على ما هو مادي عند تدافعها على عتبة اختيار موقف اللحظة او موقف المصير. واكبر من هذا انه يمكنه صياغة موقفه من الاشكاليات التي تحفل بها المرحلة فيتخذ طريقاً بين الدين وعلمنة الدولة، والحرية وسلطة التقاليد والقيم، والاعراق وقبول الاخر والتعدد، والعولمة والخصوصية التي ينبغي ان تكون لكل شعب ولا سيما انه يمتلك من مقومات الخصوصية والنموذج كلها.

واول ما يواجهنا من قبيل هذا في هذه المرحلة ممارسة الدمقراطية واستحقاق الانتخابات، فحري بنا ان يمتاز الاستحقاق الديمقراطي الذي نمارس، فنؤمن بأن الافكار التي ينبني عليها المشروع الديمقراطي لا بد من ان تعتمد طبيعة المجتمع وتراثه ومعتقداته وقيمه السلوكية، ومن ثم تنمو بحسب خصوصيته وحاجته وثقافة ابنائه، مع مراعاة طيفه الاجتماعي والسياسي ومقدراته الاقتصادية، وليست من المبالغة القول في هذا السياق ان مراعاة طيف الجوار الاقليمي ضرورة ايضاً أبان الديمقراطية وممارستها في بلد كالعراق.

علينا في مسيرة صناعة الديمقراطية وممارستها ان نبدأ من روح الديمقراطية ونتنفس ذلك على مستوى الرؤى والعمل. وروح الديمقراطية وجوهرها نحو الحرية والمساواة، واذا اردنا متابعة ذلك في نسيجنا المجتمعي وجدنا اول الامر ان الحريات الاساسية للانسان لا تبدو متاحة للجميع فهي محصورة في اضيق نطاق، ونجد الجهل والفقر والخطـأ العمد في التفكير بسبب من التمسك بمعتقدات اجتماعية تضر بمسيرة الانسان في الحياة، او بسبب من الخضوع لاشخاص او جماعات تتمتع بسلطة سياسية او اجتماعية تمارس على نحو بعيد عن هموم الجماعة وتطلعاتها.

ومن روح الديمقراطية وجوهرها أيضاً خلق جيل مؤمن بالحرية، الحرية المثقفة التي تكون ركيزتها الاولى احترام القانون وسعي الجميع الى اقامة عدلهم ونظامهم وحضارتهم، ومن ثم التنعم بفيضه الجمالي والامني، الحرية التي تتساوق مع ما لدينا من اجواء دينية ترتقي بالانسان في مدارج الكمال والجمال، وما صار إلينا من ارث قيمي جليل. فان احتكمنا اليهما في مسيرة الحياة صحت افكارنا واهدافنا وادواتنا وممارستنا وتعاملنا.. وفي هذه الطريق علينا ان نأخذ من تجارب الاخرين ما ينسجم مع تركيبتنا الفطرية وطريقتنا في العيش، ونأخذ من ديمقراطيات الآخرين ما يناسب خصوصيتنا وما يبقي عليها، وما يتطلبه طيفنا الاجتماعي ذي التكوين الدقيق، فنصير إلى ديمقراطية تميزت. فنبتعد مثلاً عن امكان اختيار من يريد، فنصير مع هذه القائمة إلى "حرية منقوصة واسماء مرفوضة لكنها مفروضة،ـ، فلماذا هذه القائمة الانتخابية المغلقة" التي تمنعني من ان استخلص رأياً أريده، فاختار على ضوء منه مرشحي الذي اطمئن فيه إلى مظاهر الروحية والبساطة وحسن الرأي والتنوير، وقبل ذلك بحب العراق.

 

التوقع للمشروع السياسي في العراق

أ.م سلام هاشم حافظ

بدئاً لا بد من الاقرار ان التغيير الحاصل في 9 / 4 / 2004، كان تغيراً جوهرياً كبيراً سواء في العراق او في المنطقة او السياسة الامريكية. ويبدو ان سهولة التغيير لم تتسق مع حجم المشكلات والدمار وتعثر المشروع السياسي والاقتصادي والاجتماعي اللاحق لها- هذا ان كان هناك مشروع واضح اصلاً- وتتحمل الادارة الامريكية في العراق-بريمر وطاقم مستشاريه- والنخب العراقية المتعددة مسؤولية أسياسية في هذا التعثر دون إغفال الوضع الاقليمي المحيط بالعراق.

توقعاتي للمشروع السياسي في العراق تقع ضمن التصورات التالية:

-لا تتوفر العوامل الذاتية والموضوعية لإقامة نظام حكم ديني اسلامي لاسباب تاريخية واجتماعية واقليمية.

-هناك رهان امريكي على دعم واعلاء النموذج العلماني الذي تشوهت صورته ومفاهيمه في الذهنية العراقية بسبب التجربة البعثية السابقة في الداخل والنموذج التركي المجاور للعراق ولقصور الوعي السياسي للمواطن العراقي في فهم العلمانية.

-هناك اصرار امريكي بدفع من بعض القوى السياسية المحلية واصابع خفية اقليمية على مبدأ الفدرالية في الدول العراقية الجديدة وهو مفهوم يثير التباسات ومخاوف متعددة في الشارع السياسي العراقي تجعله صعب الهضم والقبول.

-فشلت الاحزاب العراقية التقليدية المشاركة في مجلس الحكم وفي المجلس الوطني في تفعيل الشارع العراقي ومناطق النفوذ دون الالتفات لرؤية حجم الدمار والخراب والتركة الثقيلة الناجمة عن سنوات الطغيان والاحتلال الامريكي، الامر الذي سهل اخطاء وممارسات استغلال بعض القوى للاصطياد في الماء العكر تجنيد البسطاء في عمليات عسكرية وغير عسكرية كان الخاسر الوحيد فيها الوطن والمواطن.

-سيكون المستقبل السياسي في العراق للديمقراطية لو توفر لها المناخ الصحي والممارسة النزيهة والوعي السياسي عند المواطنين وهذه شروط صعبة ليست مستحيلة.

-من المناسب الاشارة ان الخراب النفسي الناجم عن سنوات الدكتاتورية والانقطاع عن العالم المتمدن خلق نموذجاً لمواطن عراقي سلبي حد اللعنة، لا يكترث لما يحصل امامه من سرقة وتخريب وقتل واختطاف. ما دام في منأى عن كل هذا وهو علم ام لم يعلم سيكون الدور التالي عليه. لذا من المهم العمل على اكثر من صعيد ومستوى- خاصة على مستوى تفعيل دور منظمات المجتمع المدني المختلفة- وعلى مستوى تربية النشء الجديد لخلق احساس حقيقي وعال بالمواطنة والاحساس بالانتماء للوطن قبل الانتماء للطائفة او المذهب او القبيلة او المنطقة.

 

المشروع السياسي والتجربة الديمقراطية

د. باسم الاعسم

من اهم فضائل الحرب، إزاحة ادكتاتورية واشاعة الديمقراطية وممارسة الحريات السياسية والفكرية بنحو لم يسبق له مثيل اذ ان الانعطاف الحاد عقب سقوط بغداد من ذروة الاضطهاد إلى قمة الحرية غير المقيدة يعد من اخص معطيات الراهن السياسي. وقد اسفر هذا التحول النوعي عن نتائج ايجابية عمقت الاحساس لدى الفرد والجماعة معاً بضرورة الديمقراطية بوصفها نقطة الشروع تجاه تأشير ملامح الغد السياسي المشرق على الرغم من ان المعطيات التي افرزها الواقع تشير إلى تلاطم الامواج في بحر السياسة لكنه سيسفر في الحصائل النهائية عن استقرار نسبي في المشهد السياسي بفضل الاقتراع الحر ضمن الانتخابات المزمع اقامتها، اذ ان الضمانة الاكيدة لترتيب الوضع السياسي ستمر عبر صناديق الاقتراع التي تشكل صمام الامان نحو مجتمع ديمقراطي تعددي موحد بشرط ان لا تشير آلية الانتخاب على وفق ضغوطات خارجية لكي نطمئن على مستقبل الديمقراطية، فجل ما نخشاه ان تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

ان المصالحة الوطنية ضرورة لا تعلوها ضرورة اخرى، ولم يقدر على الوفاء بالمصلحة العليا للشعب سوى القوى السياسية التي قارعت الاستبداد.

وما على القوى الوطنية الا الائتلاف وتمتين اواصر التحالف الوطني بما يضمن الحفاظ على الوحدة الوطنية، في المواجهة المصيرية مع القوى الظلامية التي تسعى باتجاه تفكيك تلك الاواصر وتخريب البنى التحتية وترسيخ ثقافة العنف والارهاب مما يستوجب الامر إشراك المؤسسات الاكاديمية والثقافية وسائر مؤسسات المجتمع المدني لإرساء الديمقراطية الحقة ولا سيما وان المجتمع قد عانى من الفوضى العارمة التي طالت سائر مؤسسات المجتمع وهي دونما شك افراز طبيعي وانعكاس منطقي للاوضاع غير المنطقية التي رافقت التحول السياسي الذي شهده القطر عقب الزلزال الذي عصف بمنظومة الحكم الشمولي.

وليس امام الاحزاب والقوى السياسية والتيارات الدينية الا التعايش السلمي وخوض غمار الانتخابات التي تعد انعطافة نوعية متقدمة في المسار السياسي لانها ستعزز التجربة الديمقراطية وبفضلها يتنفس الاحرار الصعداء فيما تختنق صدور اعداء العراق الجديد بالغيظ والكراهية.

قراءة في الخطاب السياسي العراقي في ضوء الرهان الديمقراطي

كامل حسن عليوي

اعترت صورة الخطاب السياسي العراقي الضبابية حال تداعي النظام السابق، يعزى إلى خلو الساحة السياسية العراقية من تيار يتمتع بثقة العراقيين من جهة وقوات الاحتلال من جهة اخرى، ادى هذا إلى كُوارث سياسية وأخطاء كبيرة ساهمت في خلط الاوارق فحل الجيش وتعطيل اغلب الوزارات وخلق البطالة مقنعة اوقفت حركة التجمع العراقي وشلت كافة مفاصله. ومن هنا تظهر اهمية البناء السياسي في بلد يتطلع للتجديد نحو نظام ديمقراطي، إلا اننا ما زلنا في مرحلة (التنظير الميتافيزيقي) في السياسة ولا زلنا نقذف بعضنا بالآراء المجردة البعيدة عن ارض الواقع، وهذا يجعلنا لا نظفر بشيء دون ان تدرك العوائق التي تواجهها مسيرة التغير هذه، أي ان يكون لافكارنا نصيب من الواقع التي يمكن ان نلمس فيه حالة المجتمع الذي يتسم بالآتي:

1-التنوع البشري والثقافي صفة طاغية وهذا يقود إلى النظر إلى حالة الاختلاف والصراع التي طبعت الحياة السياسية في العلاقات بين الجمعيات والاحزاب والطوائف والقوميات، وهذه الظاهرة يجب ان تؤخذ بالحسبان أي ظاهرة التنوع الثقافي والطموح السياسي المترتب عليه.

2-هيمنة الولاءات الاهلية او طائفية او أقلية او قوميات يغدو الولاء الا ليقوم على علاقة المواطنة بل على اساس الانتماءات الفئوية التي تشطر جسم البلد وتجعل الولاء للوطن يأتي في الخانة الاخيرة وهذا الامر يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار في المشروع السياسي والرهان الديمقراطي أي ان المجتمع يفتقر إلى أمرين الاول الولاء الكامل للوطن حيث هناك ولاءات قبلية وطائفية وفئوية سابقة على ولاء الوطن وهذا الامر اصبح شعار الكثير من الاحزاب التي لا تعمق روح التعاون والتكامل وتدفع الآخرين إلى الانكماش على هويتهم الطائفية او القومية.

اما الامر الثاني فهو غياب مفهوم المجتمع المدني الذي تجده واضحاً في المجتمع الغربي حيث صيرورة الديمقراطية اكتملت والان يتم استنباتها في أرضنا فعلينا ان ندرك طبيعة البيئة العراقية ونعمل على بيئة ديمقراطية حسب الظرف العراقي.

3-الحياة السياسية والفاعلون السياسيون كأحزاب وجمعيات أهلية وهي اما تيار خارج قسراً او طوعاً او تيار كان في الداخل او ظهر بعد أحداث 9 / 4 وتيار معارض للتيارات تلك، وهذه الاحزاب وعلاقتها بالجمهور الذي لم يعرفها بشكل كامل او ليست جميعاً ذات حظ متساو في اطلاع الجمهور عليها، ثم ان هذه التيارات منها تيار ديني له ولاء عاطفي بحكم الانتماء الاهلي واخرى ليبرالية او ديمقراطية هكذا تنعت نفسها هذه لا تملك ذلك الولاء ولا تستطيع ان تعرض بنفسه بذات الطريقة والقدرة.

4-غياب الرؤية الواضحة للمستقبل السياسي للبلد ماذا يريد الفرد من أي كيان سياسي يقود البلد هل تتحقق طموحات الفرد في ظل دولة ما شكل الدولة المنشودة التي تضمن تحقيق مطالب المجتمع برمته هل المجتمع العراقي مهيأ لمتغيرات، هل ان شكل الديمقراطية الموعودة ستكون الضمانة الاكيدة؟.

أسئلة بحاجة إلى اجابات تعمق الحوار وتكشف الرهانات الحقيقية التي تحرك القوى السياسية والادارة المهيمنة على كل هذا. أي هي من هذا المعلن في ظل ما هو مسكوت عنه وغير واضح الملامح.

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة