مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

العمليات السيكولوجية المستخدمة في الحرب على الارهاب.

بقلم مارك مازيتي

ترجمة مفيد وحيد الصافي

 في مساء 14 تشرين الاول، ظهر ناطق عسكري شاب من جنود المارينز على شاشة قناة (السي ان ان ) واطلق تصريحا مثيرا.

صرح الملازم الاول  ليل كيلبرت بذلك، مستعملا تعبيرا عسكريا عاديا يشير فيه الى بداية هجوم كبير"لقد تجاوز الجنود خط العودة . لقد تم تنبيه تلك القناة حتى تتوقع تطورات الاخبار المهمة،وذكرت ان الهجوم الذي طال انتظاره لاعادة مدينة الفلوجة العراقية قد بدأ"وانها سوف تكون ليلة طويلة".

في الواقع ان هجوم الفلوجة لم  يكن ليبدأ الا بعد ثلاثة اسابيع اخرى،وان تصريح كيلبرت الذي صيغ بكلمات حذرة.كان عملية سايكولوجية مرتبة،قصد منها مخادعة المقاتلين في الفلوجة والسماح للقادة الاميركان بمعرفة ردة فعل المقاتلين هناك اذا صدقوا ان الجنود الاميركان كانوا يدخلون الى المدينة،حسب مايقوله عدة مسؤولين في البنتاغون.

وبعد ساعات من التقرير الاولي ،فأن مراسلي (السي أن أن) في البنتاغون كانوا قادرين على التأكد من ان عملية الفلوجة لم تبدأ بعد في الواقع.

قال مراسل قناة( السي ان ان) ماثيو فورمان" خلال تطور الاحداث، نقلنا الصورة بسرعة الى مشاهدينا بشأن ماكان يجري بالضبط في الفلوجة وحواليها.

وقال موظفون في البنتاغون ووكلات الامن الوطنية الاميركية،ان حادثة تلك القناة لم تكن عملية الخداع الاولى -وقد استعمل هذا النوع عبر التاريخ من قبل الجيوش لخداع اعدائها-ولكن جزءاً من الجهد العام الذي يسير في ركب ادارة بوش من اجل استعمال تلك المعلومات لصالحها في الحرب على الارهاب.

دائرة المؤثرات الستراتيجيةOSI

في عام 2002 اجبر البنتاغون على اغلاق احدى دوائره المثيرة للجدل، والمسماة دائرة المؤثرات الستراتيجية،والتي اعيد فتحها بعد فترة قصيرة من احداث 11 ايلول،وبعد صدور تقارير تبين الغاية من وجود هكذا دوائر،وهو نشر قصص اخبارية ملفقة في وسائل الاعلام العالمية.

ولكن المسئوولين  يقولون ان الكثير من مهمات هذه الدائرة- مثل استعمال المعلومات كاحدى وسائل الحرب-قد تم استعماله من قبل دوائر اخرى في الحكومة الاميركية.

وبرغم ان اغلب ماتم القيام به ظل في طي الكتمان،يقول مسؤولون ان بعضاً من الجهود المستمرة مثل دور الناطق العسكري يؤدي دورا مهما في العمليات السيكولوجية في العراق،وكذلك بث معلومات بمصادرها عبر قنوات التلفاز العربية مثل الجزيرة للمساعدة على رسم صورة الولايات المتحدة.

ان بعض النماذج الخاصة لم يكن معلوما برغم ان موظفي الامن الوطني قالوا ان التأكيد قد تم تكريسه بشأن كيفية التأثير في الاعلام الاجنبي في طريقة تصوير الولايات المتحدة.

ان تلك الجهود قد اشعلت حربا داخل البنتاغون بشأن الاستعمال الافضل للمعلومات في زمن الحرب.ان العديد من كبار الموظفين يرون خطر تشويه ما مفترض ان تكون خطوطا واضحة المعالم بين المهمة المنصوص عليها في الامور العامة العسكرية – مثل نشر معلومات دقيقة وصادقة في وسائل الاعلام وبين الشعب الاميركي- وبين  العمليات المعلوماتية والسيكولوجية،واستعمال المعلومات المضللة على الاغلب والدعاية للتأثير في  نتأئج حملة او معركة.

ان بعض أولئك المسؤولين الذين يعارضون استعمال تلك المعلومات المضللة قد تحدثوا بصراحة ضد استعمال تلك الممارسة على شرط استعمال السرية.

قال احد المسئوولين الكبار في وزارة الدفاع "ان حركة المعلوماتية قد انطلقت من عالم الشؤون العامة الى عالم العمليات السيكولوجية".

قال ناطق البنتاغون لورنس دي ريتا انه قد حدد اهتمام العديد من المسؤولين في وزارة الدفاع ولكن" الجميع يفهم ان هنالك فاصلاً مهماً بين العمليات المعلوماتية الشؤون العامة،ولم يعرض أي شخص اقتراحات جادة يمكن ان تشوه التمييز بين العمليتين"

وقال دي ريتا انه طلب من مساعديه معلومات اكثر بشأن ماهية حادثة يوم 14  في قناة (السي ان ان).

دائرة الاتصالات الستراتيجية

إن إحدى التطورات الرئيسة التي أشار إليها الناقدون هو  القرار الذي اتخذه القادة في العراق في منتصف أيلول في دمج  لجنة الشؤون العامة و لجنة العمليات السيكولوجية وجعلها دائرة واحدة تسمى(الاتصالات الستراتيجية)،وقد حصلت التايمز على نسخة من الخريطة التنظيمية للدائرة الجديدة.

ان دائرة الاتصالات الستراتيجية قد بدأت عملياتها في ايلول 15 ويديرها اللواء من القوة الجوية ارف لسل الذي يرتبط باتصال مباشر مع الجنرال ديليو كيسي القائد الاميركي الاعلى في العراق.

وبعيدا عن اهتمامات هذه الدائرة فأن الجنرال ريتشارد مايرز هو المدير للرؤساء العاملين في هذا الملاك. وقد كتب هذا حسب نسخة رسالة حصلت عليها التايمز"برغم ان كلتا اللجنتين تواصلان العمل والتطور في اسلوب الرسائل الموجهة وتحليل وسائل الاعلام فان الجهود تختلف فيما يتعلق بالمشاهدين،المدى والغاية ، يحب ان تبقيان  منفصلتين"

يقول المسؤولون في البنتاغون ان مايرز قلق من ان الجهود الاميركية في العراق والحملة الواسعة على الارهاب يمكن ان تواجها معاناة اذا بدأ المشاهدون يتساءلون عن امانة تلك التصريحات التي يطلقها الناطقون والقادة الاميركان.

وكتب مايرز "ربما تميل تلك الهيئات الى تكوين دوائر متحدة عمليا فأن هذة القواعد المنتظمة لها امكانية ان توجد تفاهما  لمصداقية اولئك القادة بين وسائل الاعلام والجمهور.

يقول مسؤولون ان رسالة مايرز لم توجه الى العراق فقط ،لان العديد من كبار المدنيين العاملين في البنتاغون ومجلس الامن الوطني يدعمون جهدا يمزج بين الشؤون العامة والعمليات السيكولوجية من اجل الحصول على الدعم العراقي-والدعم العربي بوجه عام-من اجل معركة اميركا مع المتمردين.

يقول المدافعون عن هذا البرامج ان وصول سلسلة الاخبار على مدار اربع وعشرين ساعة والتأثير القوي للتلفزيون الفضائي العرابي جعل من الضروري على قادة الجيش الاميركي والمسؤولين المدنيين عدّ السيطرة على المعلومات جزءا رئيساً من خطط معاركهم.

احد مسؤولي الادارة الاميركية قال"ان المعلوماتية هي جزء من ساحة المعركة وبطريقة لم يسبق لها مثيل، وسوف نكون حمقى اذا لم نستعملها لصالحنا"

ان المؤيدين يجادلون في ذلك ،انه من الضروري ملء فراغ قد ترك حينما كانت الميزانيات المخصصة لبرامج الدبلوماسية الوطنية في وزارة الخارجية مخفضة وكانت وكالة المعلومات الاميركية -كخط دفاع في جهود معاداة الشيوعية في اميركا ايام الحرب الباردة - والتي دمرت في عام 1990.

الرسائل المتناقضة

سأل تشارلز كوران ،وهو بروفسور في جامعة مشيكان والرئيس السابق في الشؤون العامة التابعة للجيش"ان اسوأ مايمكن مواجهته هو خسارة هذه الحرب نتيجة نقص ،لو استطاع اولئك الاشخاص الاذكياء العاملون في دائرة المعلومات السايكولوجية والشؤون المدنية ان يلقوا رسائل صادقة ومقنعة تتفاعل مع العراقيين العاديين ،فلماذا لاتستخدم  وسائل الشؤون العامة في نقل تلك الرسائل " أي ضرر يحدث،اذا قارنته مع مايمكن الحصول عليه؟ ففي السنة الاولى من الحرب لم نفعل شيئا في الواقع  حتى نقول للعراقيين ،لماذا غزونا بلدهم واسقطنا حكومتهم ،لقد حان الوقت لكي نعمل معاً"

يذكر المدافعون في تقرير ايلول في لجنة العلوم بوزارة الدفاع ،وهي لجنة تمثل خبراء من خارج وزارة الدفاع ،انهم ينصحون وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وقد استنتجت ان"الازمة" الاميركية في "الاتصالات الستراتيجية"قد اضعفت من الجهود الاميركية في محاربة التطرف الاسلامي العالمي.

استشهدت الدراسة تلك بالاستفتاءات في العالم العربي، التي كشفت الكراهية الواسعة نحو الاميركان في الشرق الاوسط،ان استفتاء عمل في حزيران من قبل هيئة زوكبي العالمية ،كشف ان 94% من السعوديين كانت لهم وجهة نظر"غير ايجابية" ضد الولايات المتحدة بالمقارنة مع 87% في ايلول 2002 ،وفي مصر ثاني اكبر متسلم للمساعدات الاميركية98% كانت لها وجهة نظر"غير ايجابية" ضد الولايات المتحدة.

ان اللجنة العلمية في وزارة الدفاع قد اوصت توجيها رئاسيا"باشراك جميع مكونات الاتصالات الستراتيجية وبضمنها الدبلوماسية العامة،الشؤون العامة،الاذاعة العالمية وعمليات المعلومات العسكرية"

قال داي ريتا كان هناك اتفاق عام في ادارة بوش  يبين انها كانت غير مؤهلة لنقل سياساتها ورسائلها الى العالم في الظروف الاعلامية الحالية. قال"ونحن كحكومة،لم نكن منظمين جيدا لعمل ذلك"

ومع ذلك فان بعض من في الجيش يجادل بان تلك الجهود هي افضل" الاتصالات الستراتيجية"احيانا تعبر الخط لتكون دعاية،وذكر بعض المقابلات الاعلامية الاخيرة في العراق ،خلال العاشرمن شهر تشرين الثاني ، ففي مقابلة مع الجنرال جون ستلر من المارينز، اظهر للصحفيين شريط فديو يظهر فيها جنوداً عراقيين وهم يحيون علمهم ويغنون نشيدهم الوطني.

قال مسؤول ثانٍ في وزارة الدفاع ، مشيرا الى التصريحات الاعلامية اليومية السخيفة  التي حدثت في مدينة( سيكون) خلال حرب فيتنام  "قريبا جدا سوف نرى حماقات الساعة الخامسة  كلها ثانية،وسوف تتطلب منا ثلاثين سنة اخرى لاعادة مصداقيتنا" وحسب العديد من المسؤولين في البنتاغون،فأن برامج الاتصالات الستراتيجية في وزارة الدفاع تعمل بالتنسيق مع مكتب وكيل وزارة الدفاع في القضايا السياسية، دوكلاس فيث.


نحو اصلاح منظمة الامم المتحدة

 

ترجمة: فاروق السعد

 عن: الايكونومست

 

كشف النقاب عن مشاريع إصلاح الأمم المتحدة بعد ان طال انتظارها. يأمل المساندون بأنها سوف تعيد الشباب الى المنظمة الدولية. ولكنها تأتي في الوقت الذي تتعرض له المنظمة الى النيران-خصوصا من الأمريكان، الذين يعتقد الكثير منهم بأنها لم تعد مناسبة وفاسدة.

يبدو أحيانا ان نقاد  ومؤيدي الأمم المتحدة ينتمون الى عالمين مختلفين. ولكن منذ السنة الماضية، جميعهم تقريبا، مجموعات أو فرادي، امريكان أو أوربيين، اتفقوا على ان الامم المتحدة في أزمة. و في هذا الاسبوع، اصدرت لجنة رفيعة المستوى شكلها الامين العام، كوفي عنان، تقريرها بخصوص ما ينبغي عمله.

ان الحالة المؤسفة للأمم المتحدة قد اصبحت واضحة جدا في حرب العراق. فقد كان مؤيدو الحرب غاضبين لأنه بعد العديد من قرارات مجلس الامن، منها فرصة اللحظة الأخيرة في القرار 1441 الذي ينذر بـ"تبعات جدية" اذا لم يثبت العراق تخليه عن الاسلحة، الا ان الامم المتحدة لم تتمكن من الاتفاق على اتخاذ اجراء. اما معارضو الحرب فهم يشعرون بالاحباط بالدرجة نفسها لعجز الامم المتحدة عن ايقاف الحرب. و لكن العراق لم يكن مشكلة الامم المتحدة الوحيدة. فلم تفعل الا القليل لايقاف الكوارث الإنسانية، مثل تلك التي تجرى الان في السودان. و لم تفعل شيئا لايقاف ايران و كوريا الشمالية عن محاولاتهما امتلاك السلاح النووي. مدركا خطورة لا عقلانيتها، طلب السيد كوفي عنان من لجنة مكونة من 16 عضو ، يتألف معظمها من وزراء و رؤساء وزراء سابقين، تقديم مقترحاتهم بصدد التغيير. انقسمت تلك اللجنة الى صنفين: مؤسساتي و ثقافي. حظيت الاولى بالاهتمام الاوفر- وبشكل خاص المطالبة بتغيير تشكيلة مجلس الامن. و لكن اجراء التغييرات في طريقة عمل الامم المتحدة هي اساسية ايضا. يتفق الجميع على ان مجلس الامن رفات لاتمثل احد: فمن بين المقاعد الخمسة عشر مقعد، يوجد خمسة مقاعد محجوزة من قبل الاعضاء الدائمين، اصحاب حق النقض(امريكا، روسيا، الصين، بريطانيا، و فرنسا) و عشرة يتم التناوب عليها من قبل البلدان كل سنتين و لاتملك حق النقض. و لكن تركيبة المجلس تلك هي نتيجة للنظام العالمي الذي تكون مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية الذي اتفق عليه منذ عقود، من دون أي تغيير. تعتقد اليابان و المانيا، ثاني- و ثالث- اكبر المساهمين في ميزانية الامم المتحدة، بان من حقهما الحصول على مقعدين دائمين. كذلك هو الحال مع الهند، ثاني اكبر بلد من حيث السكان، و البرازيل، اكبر بلدان امريكا اللاتينية. و على العكس من الجهود السابقة، اتحدت هذه البلدان الاربعة للضغط من اجل قضيتها. كما ان هؤلاء قد كسبوا ارواح الافارقة ، الذين يريدون مقعدين لقارتهم.

و لكن كل طامح له معارضين. فالصين لا تثق باليابان. و تعارض ايطاليا منح مقعد دائم الى المانيا، التي قد تجعل ايطاليا القوة الاوربية الكبرى الوحيدة التي لا تمتلك مقعدا. ( و بدلا من هذا تقترح تخصيص مقعد واحد للاتحاد الاوربي، وهو امر غير ممكن لان هذا يتطلب ان تتخلى كل من بريطانيا و فرنسا عن مقعديهما، و لا يمكن للمنظمات الاقليمية الحصول على العضوية طبقا لميثاق الامم المتحدة). كما ان المكسيك و الارجنتين اللتين يتحدثان الاسبانية لا تعتقدان بان البرازيل التي تتحدث البرتغالية يمكن ان تمثل امريكا اللاتينية، و الباكستان تعارض بشدة طلب منافستها الهند. اما مقعداً افريقيا المحتملان، فان مصر تطالب بواحد كممثل عن العالم الاسلامي والعربي. و هذا قد يترك نيجريا، اكبر البلدان الأفريقية من حيث السكان، و جنوب أفريقيا، البلد الأغنى و الديمقراطية الأكثر استقرارا، تتصارع من اجل المقعد الآخر.

اقترحت اللجنة بديلين. الأول هو منح ستة بلدان(لم يسمِ أياً منها و لكن من المحتمل ألمانيا، اليابان، الهند، البرازيل و بلدان أفريقيا) مقاعد دائمة من دون حق النقض، و خلق ثلاثة مقاعد إضافية غير دائمة، مما يجعل مجموع أعضاء مجلس الأمن 24. اما البديل الثاني فهو توسيع المجلس بعدد المقاعد نفسها، و خلق مرتبة وسط من الأعضاء الذين يخدمون لمدة اربع سنوات و يمكن ان يعاد انتخابهم مباشرة، بعدها تأتي مرتبة الأعضاء الذين يخدمون سنتين، و الذين لا يمكن إعادة انتخابهم. تفضل هذا البديل الدول التي تتنافس مع تلك البلدان المرشحة للعضوية الدائمة.

في الوقت الذي ربما يكون فيه اصلاح مجلس الامن ابرز ما في المقترحات، ابدت اللجنة ايضا وجهة نظرها بشأن الخطوط العامة التي يتمكن فيها الاعضاء من استخدام القوة بشكل قانوني. فطبقا لميثاق الامم المتحدة، تستطيع هذه الدول ان تستخدم القوة في حالتين فقط: المادة 51 تسمح باستخدام القوة في الحالة الواضحة من الدفاع عن النفس، كما يبيح الفصل VII استخدامها في حالة موافقة المجلس. و في الوقت الذي لم يقترح فيه اعضاء اللجنة تغييرات اساسية في هذين الفصلين من الميثاق، الا انهم عرضوا تعديلات طفيفة. برغم ان الميثاق كان قد كتب للسيطرة على الحروب بين البلدان، الا ان اللجنة تقول إنه حتى من دون المراجعة، فان الفصل VII يجيز لمجلس الامن صلاحية استخدام القوة في حالات اخرى معاصرة مثيرة للجدل مثل قتال الارهابيين و التدخل في البلدان التي ترتكب فيها جرائم ضد الانسانية. وحتى انه ينظر الى الحروب " الاستباقية" ضد التهديدات الخطيرة و لكنها ليست وشيكة على انها مبررة.

و لكن اللجنة تقول ايضا ان أي قرار لاستخدام القوة يجب ان يمر بخمسة اختبارات: التهديد يجب ان يكون خطيرا؛ الغرض الاساس يجب ان يكون لتفادي التهديد؛ يجب ان تكون القوة الملاذ الاخير؛ الوسيلة يجب ان تكون متناسبة مع طبيعة التهديد؛ و يجب ان تكون هنالك فرصة معقولة من ان استخدام القوة سينجح من دون تبعات مأساوية. و كل مادة الاحساس العام، و لكن اللجنة تقترح جعل تلك الاختبارات ضمنية( اذا كانت غير موضوعية و غير رسمية) ، و بهذا يرفعون من نوع الحوار حول أي قرار للدخول الى الحرب.

و فوق كل هذا، يحث تقرير الامم المتحدة على الاستخدام الأفضل لاموالها في مكافحة الارهاب. ان احد العوائق الذي يقف امام بناء ستراتيجية فعالة ضد الإرهاب هو عدم تمكن اعضاء الأمم المتحدة من الاتفاق على معنى الارهاب. تحاول اللجنة المساعدة تعريفه كونه" أي عمل ينوي الى التسبب في موت المدنيين او غير المقاتلين او الحاق الأذى الجسدي الجسيم بهم"، قد تستمر البلدان العربية في الضغط باتجاه استثناء حالة "الاحتلال الأجنبي". كما يتعامل التقرير مع ما تراه احتمال"موجة من انتشار الأسلحة النووية" في المستقبل القريب. و توصي بخلق حوافز للبلدان لأجل إيقاف تخصيب اليورانيوم.

النفط مقابل الغذاء: برنامج ام احتيال؟

ان لدى الامم المتحدة ما يكفي لكي تقلق بصدد ضعفها الواضح في موضوع حرب العراق. و لكن منذ وقوع الحرب، كانت تتهم دوما بالفساد ايضا. فقبل الغزو الذي قادته امريكا، قامت بادارة برنامج قيمته 62 مليار دولار "النفط مقابل الغذاء" الذي سمح للعراق ببيع النفط لشراء مواد انسانية. و منذ الحرب، ظهرت وثائق تبين ان صدام حسين قد تلاعب بالبرنامج للحصول على مليارات الدولارات. حصل على بعض الاموال بشكل مباشر. و لكنه ربما اشترى دعما سياسيا من اشخاص ذات مناصب رفيعة في الحكومات الغربية وحتى الامم المتحدة ذاتها.

ظهر بينون سيفان، رئيس برنامج النفط مقابل الغذاء السابق في قائمة أولئك الذين زعم بأنهم تسلموا قوائم النفط من صدام. و حتى اقرب الى القمة، ربما، في حالة كوجو عنان. كان ابن السكرتير العام يعمل لصالح شركة سويسرية، الكوتكنه، التي تقوم بفحص البضائع على المعابر الحدودية. ترك الشركة في كانون الاول 1998، قبيل فوزها بعقد للعمل في برنامج النفط مقابل الغذاء. و في الاسبوع الماضي، اشارت النيويورك سن الى ان الشاب السيد عنان قد استمر في الحصول على الدفعات من كوتكنة لغاية 2004. قال مكتب الامين العام ان هذه كانت واحدة من الصفقات النمطية غير التنافسية. و لكن فترة سريان الدفعات قد حجبت عن المحققين من الكونغرس الامريكي. يزعم السيد عنان بأنه لم يكن على علم بأن الدفعات قد استمرت كل هذه الفترة، واقر بان الكشف الجزئي عن الفضيحة قد خلف " سوء فهم". في بداية هذا العام، ارسل السيد عنان لجنة تحقيق بشأن برنامج النفط مقابل الغذاء، برأسة باول فولكر، الرئيس السابق للاحتياط الفيدرالي الامريكي. ولكن الكونغرس كان يقوم بتحرياته الخاصة بشكل متواز، و طالب بتبادل المعلومات مع السيد فولكر. رفض السيد فولكر ذلك، قائلا ان هذا سيعرقل عمله الذي يقوم به. يقول المعلقون المحافظون ونقاد الامم المتحدة ان السيد عنان يختبئ خلف تحريات فولكر، وهم يشمون رائحة دم. كانت هنالك مطالبات باستقالة كوفي عنان.

في جو كهذا، اصبحت آمال اصلاح منظمة الامم المتحدة ملبدة بالغيوم. فالتغييرات الهيكلية كتلك التي في التقرير تتطلب مساندة من ثلثي مندوبي الجمعية العمومية، و مصادقة ثلثي الحكومات في بلدانها، و لا يوجد نقض من احد الاعضاء الدائمين في مجلس الامن. ان أمريكا في مزاج عكر بخصوص المنظمة الدولية. فالكثير يتساءل، لماذا كل هذا الإزعاج من اجل اصلاح شيء غير فعال ميئوس منه و حتى فاسد؟ برغم وجود اتفاق عام على ان الامم المتحدة بحالة بائسة، الا ان معركة الإصلاح تواجه معركة عسيرة.

 


كارهو الحرية

 

بقلم: آن آبليباوم

ترجمة: كاطع الحلفي

عن: الواشنطن بوست

جاء في مقال لصحيفة (الغارديان) اللندنية الاسبوع الماضي انه لا يجب الظن دائماً ان من يلوح بالأعْلام في شوارع العاصمة الاوكرانية (كييف) يمثل المشاعر الاوكرانية الاصيلة. والمقالة التي عنوانها "حملة امريكية وراء الفوضى في (كييف)" وصفت الاحداث على مدى الايام العشرة الماضية على انها اختراع امريكي وتمرين متطور ومخطط له ببراعة ليعكس الطابع الغربي والتسويق الجماعي". وفي مقالة منفصلة وصفت الجريدة نفسها المسلسل برمته على انه انقلاب لما بعد الحداثة "وانه" انتفاضة عالمية تمولها وكالة المخابرات المركزية في العالم الثالث من ايام الحرب الباردة وقد حورت لما يتلاءم مع ما بعد الحقبة السوفييتية".

وليس الكاتب ولا (الغارديان) تافهي القيمة أو ان وجهات نظرهم يتم تجاهلها ففي زمن صدى الافكار العالمي خصوصاً في الانترنيت اصبحت هذه الافكار لها آذان صاغية. فمثلاً أُقتبس من كلا المقالتين من قِبل كاتب آخر بصورة مُسهبة مثلاً في موقع الكتروني لمحررة صحيفة (نيشون) التي كتبت تقول انها بالرغم من اعجابها بالمواطنين الذين يحاربون الانظمة الفاسدة  كما هو الحال في الولايات المتحدة الا انها لاحظت ايضاً بحزن ان زوجة زعيم المعارضة الاوكرانية وهي مواطنة امريكية من اصل اوكراني سبق لها وان عملت في "البيت الابيض ايام ريغان".

والحقيقة ان صوراً كثيرة من هذه الحجج في انتشار منذ بعض الوقت وهي تهدف الى الترويح إلا ان الحركات المؤيدة للتوجه الديمقراطي انما هي مؤامرات خفية مُصممة لنشر النفوذ العسكري الامريكي. فمرة يستشهدون بـ(جورج سوروس) وهو رأسمالي يميني على انه مصدر التمويل و(انزلاق السوق) واحياناً اخرى يستشهدون بثلاثي (المعهد الوطني الديمقراطي و( المعهد الجمهوري الدولي) و(دار الحرية) وهي المنظمات التي تقوم بتدريب القضاة للمساعدة على  مراقبة الانتخابات وتمويل مجموعات من الملاكات البشرية في طول العالم وعرضه على مدى عقود مُقدّمة ذلك كل الوقت من دون ان تطلب جزاءً او شكوراً .

ويبدو ان الامر مختلف نوعاًً ما في السباق الاوكراني آخذين في الاعتبار ان الرئيس (بوش) قد انحنى امام وفاق سليم وان لا يكون للامر علاقة بمناهضة الروس وهذا في تعارض صريح مع وزير خارجيته المستقيل (كولن باول). وفي الحقيقة فان الولايات المتحدة دعمت تاريخياً " الاستقرار" في اوكرانيا وهي لفظة اخرى للتعبير عن النفوذ الروسي. فَأبُ الرئيس الحالي القى مرة خطاباً في (كييف) طلب من (اوكرانيا) البقاء في الاتحاد السوفييتي قبل اسابيع فقط من تفكك الاتحاد السوفييتي. ومع ذلك فان لهذه الافكار انسحاباً. ففي الاسبوع الماضي سألني صحفي إذاعي ايرلندي غاضب لماذا تسعى الولايات المتحدة بقوة الى توسيع حلف (الناتو) حتى يشمل اوكرانيا؟ أو ليس من حق روسيا ان تشعر بالخوف؟ وبالامس ارسل لي زميل بريداً اليكترونياً من كاتب هولندي يدين الحملة التي تديرها وكالة المخابرات الامريكية واستخبارات امريكية سرية اخرى" عبر الاتحاد السوفيتي السابق.

ان هذه الظاهرة مثار للاهتمام من جوانب عديدة. واول هذه الجوانب المبالغة المذهلة في تاثير الاموال الامريكية او "مُروَجي - الديمقراطية" الامريكان على دولة مثل (اوكرانيا). فبعد كل هذا وذاك هناك الشيء نفسه من حيث المبالغ القليلة نسبياً من الاموال الامريكية دفعت لترويج الديمقراطية في روسيا البيضاء من دون ان تحدث أي أثر. وفي الموضوع نفسه فهناك مبالغ كبيرة من الاموال انفقت في اوكرانيا قبل روسيا التي زار رئيسها اوكرانيا مرتين ليروج لحملة انتخاب " مرشحه" فاذا كانت الافكار التي روج لها الامريكان والاوربيون كان لها انسحاب كبير على (اوكرانيا) اكثر من تلك التي يروج لها الرئيس (بوتين) فان ذلك يصدق اكثر على (اوكرانيا) من الولايات المتحدة وان الاعتقاد بخلاف ذلك ان كنت تفكر به انما يشكل اهانة كبيرة للاوكرانيين. ان النقطة الاوسع هنا هي ان فكرة " الكل بالكامل مؤامرة امريكية" ونشرها في دوائر المعلومات تعكس ثانية شيئاً تحدث عنه لفترة طويلة الكاتب (كريستوفر هيتشنز) وهو نفسه من التروتسكيين السابقين حين قال: ان هناك جزءاً في الاقل من اليسار الغربي ا و بالاحرى اقصى اليسار الغربي ، هو الان مناهض لأمريكا او مناهض لـ(بوش) جداً لدرجة ان هذا اليسار يفضل زعماء سلطويين او توتالتاريين على أية حكومة تقيم صداقة مع الولايات المتحدة. إن كثيراً من اولئك الذين انفسهم وجدوا من الصعب الطعن بالنظام العراقي السابق هم الذين يجدون الآن من الصعب قول أي شيء حسن حول المتظاهرين من اجل الديمقراطية في اوكرانيا وان كثيراً من اولئك الذين يرفضون إدانة دكتاتورٍ ما مناهض للأمريكان لا يستطيعون دفع انفسهم باتجاه من يُعجب بالديمقراطيين الذين هم أنفسهم يعجبون او في الاقل لا يكرهون الولايات المتحدة .

وانا شخصياً لا أومن كما يقول الرئيس (بوش) احياناً بكل بساطة إن الذين لا يوافقون على السياسة الأمريكية في العراق او أي مكان آخر "يكرهون الحرية" . وهذا هو الذي يسبب الصدمة حين نكتشف ان بعضاً من هؤلاء يفعلون هكذا.

 

 

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة