مجتمع مدني

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

في اطار اول ممارسة ديمقراطية في العراق الانتخابات بين الشرعية والرفض والقبول

المحامي- حميد طارش الساعدي

بدأ العد التنازلي يتسارع باتجاه موعد الانتخابات، الانتخابات التي اصبحت الخيار الامثل لاغلبية الشعب العراقي ونخبه المتمثلة بمرجعياته الدينية والسياسية والاجتماعية للخروج من الازمة التي يمر بها العراق والتي كان سببها صدام حسين نتيجة سياساته الخاطئة التي تمثلت في نهب خيراته وحرمان اغلبية الشعب منها وزج العراق في حروب ذهب ضحيتها آلاف من ابنائه واسس لمفاهيم طائفية وقومية اراد منها الاستمرار في حكمه ومازالت آثار هذه المفاهيم باقية، أي علينا دائماً ان لا ننسى ونحن نشخص اسباب الاحتلال الامريكي وكيفية التخلص منه أن صدام حسين هو سبب الاحتلال فالتشخيص الصائب يقرب وجهات النظر ويؤدي الى الوحدة الوطنية والمصالحة الوطنية اذ ليس من المعقول ان تحصل هذه الوحدة او المصالحة وهناك من يمجد صدام حسين بالرغم من جرائمه الوحشية وآثارها موجودة وماثلة للعيان، مقابر جماعية، ايتام، ارامل، مأساة حلبجة والانفال، وعلينا دائماً ان لا تأخذنا العزة بالاثم، وان نلتقي على حقائق ان صدام لم يكن يمثل الا نفسه فلو كان سنياً لما قتل الآفاُ من الاكراد السنة ولو كان عربياً لما قتل الآفاً من العرب الشيعة.

الانتخابات هي الحل

العراق ومنذ قرون طوال لم تسنح له فرصة اختيار حكومته وكان الحكام بمثابة لصوص لسرقة السلطة وهم بالتأكيد اسوأ من اللصوص العاديين حيث يكون تاثير جريمتهم محدوداً، وعلى سبيل المثال وليس الحصر صفقة سرقة السلطة التي تمت بين صدام وزمرته مع النايف والداود في حكومة عارف وتمت الصفقة المريرة، فأين الشرعية هنا التي يتساءل عنها بعضهم اليوم وهي موجودة بنسبة اكبر ان لم نقل موجودة تماماً بموجب القانون الدولي وقرار مجلس الامن (1546) الذي عَدّ قوات الاحتلال قوة متعددة الجنسيات ونص على نقل السيادة للحكومة العراقية المؤقتة واجراء الانتخابات ومهما توجه من طعون فهي اولاً أفضل من افضل شرعية السارق للسلطة صدام حسين وثانياً ما البديل، اجراء الانتخاب بعد انسحاب قوات الاحتلال فمن الذي يحكم العراق خلال هذه الفترة واذا كان المقصود انسحاباً فورياً فهذا يعني الرجوع الى طريقة سرقة السلطة من خلال  الترسانات التي يتم العثور عليها يومياً لدى ازلام النظام والارهابيين الاجانب وهذه طريقة صدام نفسه بالضحك على ذقون الناس قسراً. وثمة تساؤل جدير بالمناقشة الا نستطيع نحن العراقيين اعطاء الشرعية لهذه الانتخابات.

الشرعية الممنوحة

وبغض النظر عن شرعية الانتخابات التشريعية المتمثلة بالدستور العراقي المؤقت (قانون ادارة الدولة العراقية الانتقالي) وقانون الانتخاب وقانون الاحزاب والهيئات السياسية وقرارات مجلس الامن ذات العلاقة، يستطيع العراقيون اعطاء الانتخابات شرعية اكثر ويتجاوزون كل الشكوك فيها التي يمكن اثارتها بخصوص التدخل الامريكي او عدم كفاية النصوص التشريعية ولم اقل شرعيتها لانها بالرغم من صفتها الانتقالية التي تزول بزوالها، فإنها اكثر شرعية من جميع تشريعات صدام التي بنيت على باطل (سرقة السلطة) وما بني على باطل فهو الباطل وتساؤلنا المطروح ممكناً من خلال القبول والمشاركة الواسعة ان لم تكن الكاملة والمراقبة وهذه الاخيرة هي الكفيلة بتولد القناعة بنتائج الانتخابات من عدمها ويمكن الافادة من الدرس الاوكراني في الايمان بخوض الانتخابات والقدرة على افشال نتائجها في حالة التلاعب والتزوير، ويمكن وضع آليات فعالة للمراقبة التي تضمن ثقة الجمهور بالمسيرة الانتخابية والمحافظة على نتائجها ومن هذه الآليات، الشفافية، وتعني السماح لممثلي الاحزاب السياسية بحضور عملية فرز الاصوات او المشاركة فيها وكذلك الامر بالنسبة للمراقبين المحليين والدوليين وبعض الدول تعطي الحق جميع المواطنين بحضور عمليات الفرز والسلامة ولضمان نزاهة الفرز يقتضي تأمين سلامة بطاقات الاقتراع والصناديق منذ بدء التصويت حتى نهاية الفرز وعلى المسؤولين عن الاقتراع والفرز وممثلي الاحزاب والمراقبين المحليين والدوليين والمرشحين ان يراقبوا باستمرار وبانتباه صناديق الاقتراع والبطاقات وان يرافقوها عند نقلها من مكان الى آخر ويجب ان تنقل البطاقات في اوعية او اكياس مرقمة وموسومة بختم مرقم.

التدريب يكسب الخبرة

اما الخبرة والدقة لدى المسؤولين عن الانتخابات فهي مهمة جداً وتأتي عبر تلقي التدريب الجيد ووعي كل فرد منهم بضرورة اتقان العملية حرفة وبعيداً عن الانحياز، أي من معاني الحرفة الحياد، والخبرة والدقة مهمة جداً لتجنب الاخطاء وتصحيح الاخطاء بطريقة سليمة لاتثير الشكوك بحدوث التزوير او التلاعب والسرية وتعني ان يكون التصويت سرياً، والسرية تفيد في ادلاء الناخبين بأصواتهم بحرية تامة بعيداً عن التهديدات او المضايقات وتفيد ايضاً في تجنب الحديث فيما بعد الانتخابات في اجبار الناخبين في منطقة ما على التصويت لمرشح ما وتدخل في السرية ايضاً ضرورة فرز الاصوات بعيداً عن معرفة هوية الناخب والسرعة حيث كل تأخير في نتائج الاقتراع يهدد نزاهة العملية الانتخابية ويثير الشكوك حولها ولهذا يفترض بالجهاز الانتخابي ان يعلن وبصورة مستمرة عن نتائج الفرز حتى نهاية عمليات الفرز وتحمل المسؤولية يجب ان يوضح ويحدد مسبقاً من يتحمل المسؤولية الانتخابية وعمليات الفرز في المراكز الانتخابية المختلفة وتحديد معايير رفض بعض بطاقات الاقتراع وتحديد آليات الطعن والاستئناف، وان تكون هذه الآليات معلومة للجميع من مرشحين وناخبين واحزاب سياسية ومراقبين ومؤسسات المجتمع المدني.

اذاً، هل يصعب علينا اعتماد هذه الآليات وما يمكن ان نضيف اليها من اجل خوض العملية الانتخابية باطمئنان للخلاص من ازمة الشرعية في الحكم التي عاناها العراقيون قروناً عديدة، وان لا نسبق الاحداث بالحديث عنها قبل حدوثها ونتجه جميعاً مع حكومتنا الشرعية لانهاء الاحتلال واعمار العراق.  


التزام ينبع من إرادة منفردة أو مجموعة دولية التكييف القانوني لتصريحات الدول المانحة الخاصة  باعمار  العراق

د. حيدر أدهم الطائي

أستاذ القانون الدولي العام

بعد نهاية الحرب التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية وانهار نتيجة لها النظام السياسي السابق في العراق فقد اعلنت دول عديدة مؤيدة علناً او سراً لهذه الحرب عن نيتها في تقديم الدعم والمساعدة والمادية المعنوية لبلد دمرته الحرب سعياً من هذه الدول الى تأكيد حسن نيتها أمام الشعب العراقي الذي يحمل حكومات هذه الدول بشكل او بآخر جانباً مما يعانيه من الالام فهذه الدول هي نفسها التي دعمت النظام السياسي السابق ودفعته الى الحرب مع إيران وقدمت له كل مقومات الاستمرار والبقاء لفترة غير قصيرة .

عدم الوضوح والجدية

بعد ان عقدت الدول المانحة عدة مؤتمرات لبحث كيفية تقديم المبالغ التي أعلنت عنها وخصصتها لإعادة اعمار العراق فان التصريحات الرسمية العراقية مازالت تعكس طابع التذمر من عدم وضوح وربما عدم جدية بعض الدول المانحة في السير قدماً باتجاه تقديم الاموال ومباشرة مشاريع اعادة الاعمار، فعلى سبيل المثال صرح ممثل العراق في ملتقى الاسكان والتطوير الحضري المنعقد في عمان قائلاً: ( ان المجتمع الدولي تعهد في مؤتمر مدريد معونات مالية سخية، لكن المهم ان نأخذ في الاعتبار الحصيلة التي تم إنجازها وهي لم تكن بمستوى طموحاتنا)، وأضاف (لابد من ان تعالج المسألة في ضوء المعونة الرئيسة التي اعلن عنها من قبل الولايات المتحدة اذ كان يفترض ان يصرف بحدود سبعة مليارات دولار خلال 2004، الا ان ما صرف حتى الآن هو بحدود مليار واحد)، وفي ضوء هذه الاشكالية يصبح التساؤل وما مدى الالزام القانوني لهذه التصريحات بالنسبة للدول التي صدرت عنها؟ وهل هناك حق قانوني بمقتضى قواعد القانون الدولي ثابت للعراق في مطالبة الدول المانحة أو التي وعدت بتقديم هذه المنح بالوفاء بالتزاماتها؟

الفعل ملزم لمن اصدره

ابتداء لا يمكن عد المعاهدات الدولية بأي حال من الاحوال الوسيلة القانونية الوحيدة لتنظيم العلاقات بين الدول فهناك مصادر اخرى للقاعدة القانونية الدولية كالعرف الدولي والمبادئ العامة للقانون التي اقرتها الامم المتمدنة طبقاً لما ورد في المادة 38 من النظام الأساس لمحكمة العدل الدولية، ونحن نتفهم ان تصريحات الدول المانحة بتقديم مبالغ مالية للمساهمة في اعادة اعمار العراق لا يمكن ان تعد نوعاً من انواع المعاهدات الدولية ولكنها تعد مصدراً للالتزام ينبع من الارادة المنفردة لهذه الدول، فهي تصريحات او اعمال قانونية دولية تصدر عن جانب واحد تمثل في الدول المانحة سواء جاءت هذه التصريحات على شكل اعلانات منفردة تصدر عن دولة واحدة ام تصدر عن مجموعة من الدول، وهي تتخذ على وجه التحديد شكلاً معيناً من الاشكال التي تتخذها هذه الاعمال حيث جاءت بصيغة الوعد الملزم لهذه الدول لمصلحة الطرف المستفيد وهو العراق.

هذا يعني اننا امام تصريحات او اعمال قانونية صادرة عن الارادة المنفردة للدول المانحة اتخذت شكل الوعد بتقديم هبات ومنح مالية للمساعدة في عملية اعمار بلد دمرته الحروب، وهذه الدول تتحمل الى حدٍ ما نوعاً من المسؤولية عما اصاب العراق من ضرر ودمار سواء بسبب الحرب ام المقاطعة الاقتصادية التي فرضت عليه بعد حرب الخليج الثانية.

ان الطابع الملزم لهذه التصريحات او الوعود يستند الى جملة من المبادئ القانونية الاصيلة التي ينبني عليها النظام القانوني الدولي، وهي مستمدة من النظام القانون الداخلي ومطبقة فيه بشكل أكثر تطوراً، فاذا كانت القوة الإلزامية للمعاهدات الدولية تقوم على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين فان الأعمال الانفرادية الصادرة عن جانب واحد في نطاق القانون الدولي تقوم على مبدأ ان الفعل ملزم لمن اصدره ، فضلاً عن مبدأ حسن النية وهو من المبادئ القانونية الدولية التي من المفترض انها تحكم العلاقات الدولية، والحقيقة ان ما تقدم قد أكده القضاء الدولي ايضاً منذ عشرات السنين، فعلى سبيل المثال أكدت محكمة التحكيم الدائمة في حكمها الصادر بتاريخ 24كانون الثاني 1904 في قضية التفضيل الفنزويلية ان مبدأ حسن النية يجب ان يحكم العلاقات الدولية، وإذا كان هذا الحكم قد تعرض لمبدأ حسن النية على وجه العموم فان محكمة العدل الدولية قد أكدت الطابع الملزم للاعمال أو الأفعال الصادرة عن جانب واحد وأقامت هذا الالزام على المبدأ المذكور في حكمها الصادر عام 1974 في قضية التجارب النووية الفرنسية حيث أكدت عدّه أحد المبادئ التي تحكم نشأة وتنفيذ الالتزامات القانونية مهما يكن مصدرها ومثله في ذلك كمبدأ العقد شريعة المتعاقدين في قانون المعاهدات فهو مبني على المبدأ ذاته، كذلك فان الصفة أو الخاصية الملزمة للالتزام الدولي المفترض في اعلان من جانب واحد تجد أساسها في هذا المبدأ، ومن ثم فان للطرف المستفيد، وهو العراق المتلقي لهذه الهبات، ان يطالب باحترام الالتزام الناشئ من هذا الاعلان الانفرادي الذي اتخذ صيغة الوعد، فالمحكمة اكدت بصورة صريحة وفي حكم ملزم الطابع القانوني الملزم لهذه التصريحات الانفرادية إذ نص قرارها على ان (من المسلم به تماماً ان التصريحات التي يتم الادلاء بها عن طريق افعال انفرادية، تتعلق بحالات قانونية أو وقائعية، قد يكون لها أثر في إيجاد التزامات قانونية، فالإعلانات من هذا النوع غالباً ما تكون دقيقة جداً عندما تكون نية الدولة المعلنة انها ستكون ملزمة طبقاً لعباراته، وبقدر ما تعطي النية للاعلان صفة التعهد القانوني، فالدولة من ذلك الوقت تطالب قانوناً بان تتبع مجرى سلوك يتفق مع الاعلان وتعهد من هذا النوع إذا أعطي، ومع النية بأن يكون ملزماً، حتى لو لم يعمل ضمن سياق المفاوضات الدولية يكون ملزماً. وفي هذه الظروف لن يكون مطلوباً لكي يتم اعمال هذه التصريحات بأن يكون هناك أي شيء من قبيل الشيء بالشيء او أي قبول لاحق او حتى بأي رد فعل من دول اخرى، حيث ان مثل هذه المتطلبات لن تكون متفقة مع الطبيعة الانفرادية المحضة للعمل القانوني الذي تصرفت الدولة طبقاً له)، واضافت المحكمة ان التعهد الصادر عن جانب واحد (لا يمكن القول أنه صدر ضمنياً على أساس سلطة الدولة التقديرية في الرجوع عنه) فالافعال الانفرادية شأنها شأن المعاهدات الدولية تؤدي الى حالات لا تجد الدول نفسها فيها مقيدة  رغماً عن ارادتها، فالتزماتها تكون بمجرد التعبير عنها، غير قابلة للرجوع عنها، ولكن لا ترتيب المعاهدات او الافعال الانفرادية نتائجها الا عند احتجاج دول أخرى بها وذكر ايضاً انه يمكن مع ذلك انهاء الفعل الانفرادي بحسن نية.

اساس قانوني واخلاقي

ان ما تقدم يعني وجود أساس قانوني متين لمطالبة الدول التي وعدت بتقديم منح مالية لاعادة اعمار العراق بتنفيذ تعهداتها، فضلاً عن توافر الجانب الاخلاقي في هذا الموضوع، وهو جانب مهم حيث ان هذه الدول وعلى وجه العموم لا تفضل ان تظهر امام المجتمع الدولي وكأنها دول لا تحترم تعهداتها، ومن ثم فان متابعة هذا الموضوع على المستوى السياسي من جانب الحكومة العراقية هو أمر مهم وهو ما يبدو انه حاصل برغم إننا لا نعرف تفاصيل هذه المتابعة، فالحكومة العراقية حضرت المؤتمرات التي عقدتها الدول المانحة وكان آخرها في طوكيو وفيه أثيرت اشكالية تحويل مبلغ ثلاث مليارات واربعمائة مليون دولار من اصول المساعدات الامريكية الى البند الامني بشكل عاجل بسبب الارهاب وعلى حساب قطاعات الصحة والكهرباء والتعليم وشبكات الصرف الصحي.

دول الجوار والمطالبات المالية الخرافية

ان من واجب أية حكومة عراقية مؤقتة أو دائمة التمسك بموقف مبدئي ثابت مضمونه مطالبة الدول المانحة بتنفيذ تعهداتها وحث الدول الجوار بمختلف الأساليب على التعاون مع الحكومة العراقية للتعويضات التي شكلت بعد حرب الخليج الثانية فدول الجوار ومن دون استثناء برغم ملاءتها المالية لاتخجل من المساهمة في دعم العراق بمبالغ هزيلة لكنها تصر على مطالبة العراق باموال طائلة تصل الى مليارات الدولارات نتيجة حروب دخل فيها العراق وهي تتحمل جزءاً اساسياً من المسؤولية ان لم نقل في اندلاعها ففي استمرارها او استمرار آثارها السيئة .

 


ثقافة حقوق الانسان امس 10/ 12 يوم الاعلان العالمي لحقوق الانسان

المحامي- حميد طارش الساعدي

كانت الحرب العالمية الثانية مأساة كاملة بجميع فصولها، من خلال ما خلفته من ملايين القتلى والمشردين والمفقودين وخسائر مادية يصعب تقديرها خصوصاً انها اعقبت حرباً عالمية مدمرة بفترة زمنية قصيرة، لذا كان لزاماً على الاسرة البشرية ان تتأمل وان تقف وقفة مهمة من اجل الحد من هذه الحروب المدمرة وان تعي اسبابها، وبالفعل وصلت الى ان اهم اسباب الحروب وعلى مر التاريخ هو حرمان الانسان من حقوقه ليتسنى للحاكم المستبد ان يفعل ما يشاء، لذا جاء الاعلان العالمي لحقوق الانسان في 10/ 12/ 1948 كإحدى المعالجات الاساسية لتجنب ويلات الحروب والاستبداد من خلال نصوصه التي عددت تلك الحقوق واعتبرت الالتزام بها واجباً اخلاقياً وادبياً وحضارياً ومقياساً لحضارة الامم والشعوب من خلال مدى التزامها بتلك الحقوق وضمانتها والعمل على تحقيقها ومثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان قاسماً اخلاقياً مشتركاً لجميع الشعوب للاعتراف بتلك الحقوق، ومن اجل اعطاء ضمانات قانونية ملزمة للوفاء بحقوق الانسان، جاء العهدان الدوليان الخاصان بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية بموجب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة (2200) في 16/ 12/ 1966، حيث تضمن العهدان اغلب حقوق الانسان خاصة المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية واصبحت تلك الحقوق ملزمة للحكومات التي صادقت على العهدين او انضمت اليهما وقد جاء في الديباجة للعهدين (ان الدول الاطراف في هذا العهد، إذ ترى ان الاقرار بما لجميع اعضاء الاسرة البشرية من كرامة اصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل وفقاً للمبادئ المعلنة في ميثاق الامم المتحدة، اساس الحرية والعدل والسلام في العالم، واذ تقر بأن هذه الحقوق تنبثق من كرامة الانسان الاصيلة فيه واذ تدرك ان السبيل الوحيد لتحقيق المثل الاعلى المتمثل وفقاً للاعلان العالمي لحقوق الانسان في ان يكون البشر احراراً ومتمتعين بالحرية المدنية والسياسية ومتحررين من الخوف والفاقة)، وجاء العهدان انسجاماً مع ما اشارت اليه ديباجة الاعلان العالمي لحقوق الانسان من توطيد احترام حقوق الانسان وحرياته عن طريق التعليم والتربية واتخاذ اجراءات مطردة قومية وعالمية لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الاعضاء، وتشكلت بموجب العهدين المذكورين اللجنة المعنية بحقوق الانسان في هيئة الامم المتحدة لمراقبة تنفيذ الدول الاطراف لبنود العهدين وتلقي الشكاوى والتقارير عن عدم التزام بعض الدول في مجال او اكثر من حقوق الانسان مما ادى الى تفعيل احترام حقوق الانسان والوفاء بها.

من الاعلان العالمي لحقوق الانسان

تنص المادة الثانية من الاعلان العالمي لحقوق الانسان (لكل انسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات الواردة في هذا الاعلان من دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الرأي السياسي او أي رأي آخر او الاصل الوطني او الاجتماعي او الثروة او الميلاد او أي وضع آخر من دون اية تفرقة بين الرجال والنساء، وفضلاً عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز اساسه الوضع السياسي او القانوني او الدولي للبلد او تلك البقعة مستقلاً او تحت الوصاية او غير متمتع بالحكم الذاتي او كانت سيادته خاضعة لاي قيد من القيود). وتتجه الانسانية اليوم الى التمسك الاخلاقي بهذه المادة بعد ان ادركت ان التمييز كان سبباً في اشعال الحروب والفتن والاضطهاد وكان سبباً في التأخر الاقتصادي والاجتماعي ولعل الاسرة الانسانية تأملت من جديد من جراء ما اصابها من ويلات ودمار فوصلت الى هذه الحقيقة وعرفت ان ما حدث من تمييز كان نتاج الحكام المستبدين للاستمرار في استبدادهم.

الحقوق المدنية والسياسية في العهد الدولي

تنص المادة (6) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على:

1- الحق في الحياة حق ملازم لكل انسان، وعلى القانون ان يحمي هذا الحق ولا يجوز حرمان احد من حياته تعسفاً.

2- لا يجوز، في البلدان التي لم تلغ عقوبة الاعدام ان يحكم بهذه العقوبة الا جزاء اشد الجرائم خطورة وفقاً للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لاحكام هذه العهد لاتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها, ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة الا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة.

3- حين يكون الحرمان من الحياة جريمة من جرائم الابادة الجماعية يكون من المفهوم بداهة انه ليس في هذه المادة أي نص يجيز لاية دولة طرف في هذا العهد ان تعفي نفسها على اية صورة من أي التزام يكون مترتباً عليها بمقتضى احكام اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها.

وتنص المادة (7) على الا يجوز اخضاع احد للتعذيب ولا للمعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او الحاطة بالكرامة وعلى وجه الخصوص لا يجوز اجراء اية تجربة طبية او علمية على احد من دون رضاه الحر.

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة