الاخيرة

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

خذني على الفردوس

ماجد موجد

رغم ان كتابة هذا الموضوع جاء لمطلب صحفي، الا ان في الذاكرة منه حكايات لذيذة مازالت مترسبة منذ دهشة التطلع الطفولي الاولى، فلطالما تبرق- في لحظات استمتاعي بتأمل الماضي- رغبتي الشديدة في دخول دور السينما ولم يكن عمري قد بلغ العاشرة بعد في محافظة الديوانية، كانت سينما (الثورة) هي المفضلة لدي، وبعد انتقالنا الى محافظة كربلاء صرت اذهب بين الحين والاخر الى دور السينما في محافظة بابل الاقرب الى محافظة كربلاء، الاخيرة تمنع قدسيتها اقامة دور للسينما، ثم بعد ذلك صرت أتي الى بغداد وكانت أفضل صالة سينما في بغداد- وحسبي انها الافضل حتى الان- هي سينما سميرأميس، اذ ان بناءها حديث وصالتها مكيفة، فضلاً عن انها تعرض أحدث وأفضل الافلام المختارة، وفي الثمانينينات، المدة التي كنت أزور بها هذه السينما كانت غاصة بالرواد، وكان لها مواعيد محددة لعرض الافلام حتى ان البعض من الرواد لايحصل على مكان للجلوس، وهو ماحصل معي اذ شاهدت مرة احد الافلام وقوفاً حتى نهايته فضلاً عن العوائل التي يعود بعضها آسفاً لان المقصورات المخصصة للعوائل تكون حجزت جميعها مبكراً، الان حال هذه السينما مثل غيرها من دور السينما المنتشرات في بغداد، لاتنفع مردوداتها في سد أجور العاملين فيها، وهناك اسباب كثيرة تقف خلف هذا العزوف عن مشاهدة الافلام السينمائية في صالاتها الخاصة، وللتعرف على هذه الاسباب قمت بزيارة الى ادارة سينما (سمير اميس) بوصفها الافضل حسب رأي الجميع، التقيت بمدير الادارة الذي بانت على وجهه ملامح الاستياء والضجر من عمل لم يعد فيه جدوى، لكنه رحب بي واجاب عن اسئلتي التي تمحورت على معاناة أصحاب دور السينما في الوقت الحاضر فقال: السينما بوصفها مشروعاً تجارياً فاشل في العراق، وهذا الفشل بدا بعد عام 1991، نتجة للحرب والحصار الذي جعل الناس تعكف على تحصيل عيشها، ولم يكن لديهم وقت للترفيه، صار عملنا نحن اصحاب دور السينما الاكثر تضرراً وبالكاد نحصل على قوتنا لقلة الرواد، الا ان الاعياد والمناسبات هي فرصة للتعويض، لان الشباب والصبيان يجدون في صالة السينما المكان الاكثر ترفيهاً لهم، اما مابعد الحرب الاخيرة فالامر زاد تعقيداً، فهذه الصالة التي تعد الان بعدد مقاعدها الألف، لايدخلها يومياً مع استمرارية العرض سوى سبعين الى مئة شخص، بينما في الثمانينيات، كانت العروض في أوقات محددة ورغم ذلك فان الصالة كانت تغص بالمشاهدين وأسباب ذلك تعود للوضع الامني المتدهور وقلة عدد ساعات التي يتم فيها العرض، فنحن نشغل في الساعة العاشرة والنصف صباحاً ونغلق في الساعة الثالثة او الرابعة عصراً وهو وقت يكون فيه اغلب الناس في أعمالهم، فقد حرمنا الوضع الامني من (شفت) المساء الذي هو الاهم بالنسبة لعمل دور السينما. وحول سؤالنا عن الرواد من العوائل قال: لقد فقدت صالات السينما روادها من العوائل منذ نهاية التسعينات فما قبل الحرب الاخيرة كانت الاسباب ان اغلب دور السينما تعرض افلاماً غير لائقة لمشاهدة العوائل ولكن هذه الدور ضحت بروادها القليلين من العوائل مقابل كسب أكبر عدد من الشباب والصبيان الذين تثيرهم هذه الافلام ويقبلون عليها، اما ما بعد الحرب الاخيرة فان الظروف الامنية وانتشار اقراص السيدي والستلايت، وعدم قدرتنا على استيراد الافلام الحديثة في سنة الانتاج لثمنها الباهظ جعل هذه العوائل تعزف عن زيارة السينما، وصار عملنا مقتصراً على الشباب الذين يدخلون الى صالة العرض في أغلب الاحيان ولاسيما في فصل الصيف، لاليشاهدوا الافلام التي تعرض وانما ليأخذوا قسطاً من الراحة او النوم ولطالما كانت أصوات الشخير تغلب على صوت بطل الفلم..

ورغم معرفتي ان أحوال معظم السينمات هو ذاتها، بل ربما أسوأ أسوأ من ملكتهن (سمير أميس) الا انني فضلت زيارة سينما اخرى وتكاد تكون في المرتبة الثانية في اهميتها وسعتها واختيارها للافلام الاكثر حداثة رغم ان أحدث فلم مضى عليه اكثر من ثماني سنوات، هذه هي سينما اطلس، كان مديرها السيد ابو انسام يجري اتصالاً هاتفياً مع زميل اخر له يطلعه على مالديه من افلام لاستبدالها او بيعها، وحالما انهى مكالمته أفهمته بمهمتي فقال لي بعد ان اطلق حسرة (طويلة): اي سينما، اننا نضحك على أنفسنا بهذه المهنة التي لم يعد لها طائل، ها نحن في الساعة الواحدة ظهراً ولايوجد في الصالة سوى عشرين شخصاً.

ان ذلك المردود لايسد اجر العمال، لقد عمل النظام السابق على إهمال جميع الاماكن الترفيهية بل ان الانسان العراقي لم يبق لديه من وقت ولامن الطمأنينة مايجعله يبحث عن مسائل ترفيهية او ثقافية.

الحروب والحصارات والمعتقلات ومن ثم، الارهابيون والمخربون، كل ذلك جعل المواطن يعيش في معاناة كبيرة تبعده عن التفكير في الذهاب الى السينما مثلا، بالمقابل فان اصحاب دور السينما، ولقلة الرواد، لم يستطيعوا استيراد الافلام المختارة والحديثة، وذهبت الى عرض أفلام الاثارة التي لاتستقطب سوى الشباب، وبشكل عام فان دور السينما في العراق لم تنجح بشكل كبير منذ إنشائها، وانت تشاهد الان ان احدث سينما في العراق وهي سمير اميس بنيت عام 1969 وهذا يعني انه مضت سنوات طويلة دون إنشاء سينما جديدة في العراق لان المسألة تجارية، وتجارياً السينما في العراق لم تنجح أما الان فاشلة فهي تماماً، فما تعرضه من أفلام الاحدث منها يعود انتاجه الى عام 1995، ومعظمها أفلام اثارة بين الرعب والرومانس والقتال وهي افلام لايحبها سوى الشباب، ورغم ذلك فان اولئك الشباب وجدوا مبتغاهم في اقراص السيدي والستلايت التي من الممكن مشاهدتها في منازلهم الاماكن الاكثر امناً واسترخاء وقلة نفقات.

أمل في عودة مجدها

لم أشأ الذهاب الى غير ذنيك الدارين اللتين تعدان ان الافضل كما ذكرت وكان حالهما من البؤس مايجعلنا نعلم حال الادنى من دور السينما الاخرى.

ولكن باستثناء الوضع الامني المتردي، لايمكن ان نعد انتشار اجهزة السيدي والستلايت أسباباً لعزوف الناس عن الذهاب الى دور السينما لان مثل تلك الاجهزة منتشرة في العالم ورغم ذلك فان دور السينما التي تطورت اجهزتها -بما يسمى بعرض الصورة المجسمة والصورت المجسم- لها روادها الذين لاينقطعون عنها.

لم يغنهم عنها جميع وسائل الترفيه والمشاهدة الاخرى، اذن هي أسباب ممكن معالجتها لاعادة الحياة لهذه الاماكن الترفيهية والثقافية ولكن على نمط ماموجود في دور السينما العالمية..


فضائيات بلافضاء

أحمد عبد القادر

حين يشاهد المرء ماتبثه الفضائيات العربية يأخذه العجب، ويقف مذهولاً، فالعراق شاغلها وما سواه حديث يسد أوقات بثها والنافخون في الكور كثر، بعض كان ربيب نعمة فقدها، فوقف يبكي على أطلالها، متذكراً وسائد الريش التي كانت تلقى له متكأ وهو يجلس على بساط التملق والعبودية، وبعض يطل بوجه يقطر السم من كلماته حين يتحدث عن العراق، لاعناً أبناءه الذين فرحوا ورقصوا يوم سقط صنمهم الذي جرعهم كؤوس الهوان ألواناً، ووصلت الصفاقة بأحدهم ان يصف هذا الشعب العظيم بالسافل لانه لم يمت فداء لنظامه ناسياً ان هذا النظام داس يعقبه الحديدية الرؤوس، وجعل من المقابر الجماعيه كرنفالاً يتبادل فيه الجلادون أنخاب السعادة على جثث الضحايا.

ومما يبعث الاسى في القلوب، ويفجرها غيظاً أن جل من يتطاولون على العراق، ويهاجمهون نظامة وأحزابه هم أناس لاكلمة لهم في بلدانهم ولايتجرأ أكثرهم شجاعة على انتقاد شرطي مرتشٍ في بلده، فما بالك بوزير او رئيس أو ملك، فكأن العراق هو الحائط الواطئ الذي يتسلقه من هب ودب، ويرمي بقذاراته على أرضه الطاهرة المروية بقرابين الدم والعذاب.

من وضع هؤلاء أوصياء على قوم كانوا للابداع مناراً، وللشرف نجم هدى؟ ألا يعرف العراقيون مواقع خطاهم ليأتي هؤلاء العمي المغفلون ليدلوهم على طريق الخلاص؟ ان كل ماتفعل الحكومة باطل في نظر هؤلاء، المجلس الوطني غير منتخب فهو باطل، الانتخابات التي سوف تجرى في العام القادم غير شرعية لان قوات الاحتلال توجد على أرض العراق، وكأن أرضهم مثال للسيادة والحصانة، ولاقواعد للامريكان في بلدانهم.

أما كان عليهم ان يبصروا الخشية في عيونهم قبل ان يعيرونا بالقشة في عيوننا؟ ألم يدرك هؤلاء ان مناصرتهم للقتلة ذابحي الرجال والنساء والاطفال هي الكفر بعينه، والرذيلة المنقوعة بدماء شعب مل الحرب والموت والخطب الرنانة عن البطولة ورجالها القابعين في صالاتهم الوثيرة النائمين على أراجيح وثيرة يهزها المخدوعون بالكلمات المسلوبون روحاً وجسداً.

ما إن يفتح أحدنا فضائية عربية حتى يكون العراق ماثلاً للمتلقي، برامج متنوعة والمضمون واحد (الخراب) فما من شيء جميل يعرضه هؤلاء.

أليست في العراق أشياء جميلة تستحق الذكر؟ تعدد الاحزاب، حرية الصحافة، ندوة ثقافية، بناء مدرسة، إلقاء القبض على ارهابي يفجر انبوب نفط، أعراس، جامعات ،أسواق عامرة بالسلع، رواتب مجزية للموظفين، حرية السفر، سيارات فارهة كانت حكراً على الوزراء وأساطين النظام، أكل هذا لاتراه كاميرات الفضائيات؟ أم هو الحقد الاعمى، وعلى كل ماهو نبيل وانساني في هذا الوطن.

إتي أضعكم بين أمرين، إما ان تروا الحقيقة الساطعة التي لاينكرها إلا جاحد او حاقد، وهي ان العراق أكبر من كل احابيلكم الباطلة وترهاتكم الفجة وعندها يكون باب التوبة عن ضلالاتكم مفتوحاً، وإما ان تموتوا كمداً وغيظاً، فو الله انكم لبائعون دنياكم الى الشيطان غير مأسوف عليكم.

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة