مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

سلاح موجه ضدنا

بقلم ريتشارد نورتن- تايلر

مترجمة- عن الغارديان

ترجمة- احسان عبد الهادي

 

يبدو ا ان الحكومة (البريطانية) مصممة بدرجة اكبر للقيام باقحام السياسات الحزبية في قضايا الامن والاستخبارات، بدلاً من التعلم من الاخفاق الكامل في ملف الاسلحة العراقية والاثار الضارة التي نجمت عنه، اخبر بيتر هاين، قائد الاغلبية العمالية في مجلس العموم، الصحفيين بعد خطاب العرش مشيراً إلى المحافظين والديمقراطيين الاحرار (نحن نضغط من اجل اعطاء حيز لهم في جدول اعمال المناقشات الامنية، مما سيجعل من هذا العام سنة سياسية ممتعة). كان على هاين ان يدرك الامور بصورة افضل وهو صاحب تاريخ في ادارة الحملات السياسية ويقدم الان امكانية نشوب جدال مسعور بين الوزراء واحزاب المعارضة. تتهم الحكومة احزاب المعارضة بكونهم ليني العريكة حول قضايا الارهاب كلما انتقدوا أي مظهر من مظاهر السيطرة غير المسبوقة من الاجراءات الامنية، انهم في خطر من الامور المستحيلة.

من جعلها تقوم بمناقشة ناضجة حول الضوابط والتوازنات والى أي مدى يمكن لدولة ديمقراطية ان تمضي في محاولتها لتحقيق المستحيل الامن الكامل بنسبة مئة بالمئة.

خذ حالة بطاقات الهوية، انهم يقدمونها وكأنها الدواء الشافي لكل الامراض بينما هي في الحقيقة من الممكن ان تفضي إلى شعور زائف بالامن. ربما لن يكون الارهابيون المحتملون من حملة الجنسية البريطانية وحتى اولئك الذين هم من حملة الجنسية البريطانية ربما لا يعرفون من قبل الاجهزة الامنية (اصحاب البشرة النظيفة) منا يعرفون. وسواءاً اذا كانت لديهم بطاقات هوية أم لا فأن ذلك سوف لن يحدث أي اختلاف بقدر ما يتعلق الامر بنياتهم او امكانياتهم لارتكاب اعمال العنف. نفذ الارهابيون عملياتهم في اسبانيا بالرغم من وجود نظام متماسك من بطاقات الهوية.

لا يجب ان تكون هذه دعوة للرضا عن الذات، ولكن خطابات الوزراء تزيد من مخاطر تعزيز التشاؤم والارتياب التي ربما سوف تؤثر في المحلفين في قاعات المحاكم، بالرغم من ان هذه المشكلة قد تحل اذا حصل وزير الداخلية دافيد بلنكيت على ما يريد وتخلص من المحلفين في قضايا الارهاب كما ان هناك خطر تشجيع الاستجابة للاستغاثة الكاذبة (اتاك الذئب) وهو انتقاد من قبل الرسميين المسؤولين عن مكافحة الارهاب لتجربة الولايات المتحدة التي قامت بتحذيرات متكررة حول امكانية هجمات ارهابية وبصورة ملحوظة على لسان وزير الامن الداخلي توم ريدج التي ثبت في النهاية انها مبنية على معلومات مبهمة.

يكمن الخطر الاعظم في تسييس الامن والاستخبارات، لا تحتاج وايتهول (مقر الحكومة البريطانية) الا إلى النظر إلى ما حدث في واشنطن يبدو ان الولايات المتحدة لم تتعلم من الفشل الاستخباراتي قبل 11 سبتمبر عندما صرفت وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي النظر عن تنظيم القاعدة وخدعت الجمهور حول برامج اسلحة صدام حسين المحرمة.

عين جورج بوش عضو مجلس النواب السابق الجمهوري بورتر غوس لتولي منصب مدير وكالة المخابرات المركزية خلفاً لجورج تنيت. أخبر غوس ضباط الوكالة مؤخراً (اعتزم توضيح قواعد الطريق بما لا يقبل الشك، نحن نساند الادارة وكل ساساتها في كل اعماله)، لعل الولاء هو من الامور الحسنة ولكن السير وفقاً للأولويات الحزبية للحكومة الحالية هو امر مختلف تماماً. اوضح غوس انه يتفق مع متقدي الوكالة ومنذ تعيينه استقال خمسة من ضباط الوكالة المتمرسين ذوي المراكز العالمية، ومن ضمنهم جون ماكلفين نائب مدير الوكالة السابق الذي أخبر صحيفة الواشنطن بوست في الاسبوع الماضي (نحن في زمن تستخدم فيه الاستخبارات كسلاح ولكن كسلاح ضد انفسنا اكثر من استخدامه ضد اعدائنا). تتعقد القضية اكثر في واشنطن بسبب النزاعات الداخلية المريرة، فالاقتراح المقدم من قبل الرئيس بوش باستحداث منصب مدير الاستخبارات الوطنية الذي سوف يكون مشرفاً على الاجهزة الاستخباراتية كلها قد تم تخريبه من قبل الكونكرس بدرجة رئيسية بسبب معارضته البنتاغون الحسود ووزيرها العنيد دونالد رامسفسيلد الذي لا يريد فقدان السيطرة التي تتمتع به وزارته على معظم الميزانية الامريكية المخصصة للاستخبارات البالغة 21 بليون باوند.

تراقب الوكالات البريطانية وبصورة خاصة المكتب السادس من الاستخبارات العسكرية مجريات الامور في واشنطن بقلق عميق فالفوضى في نظام جمع المعلومات الامريكية وربما هو ذو اهمية اكبر في جهاز تقييم المعلومات، يهدد إلى حد بعيد محاولات التنسيق والاستجابة المدركة للتهديدات الارهابية. تجنبت لحد الان الوكالات البريطانية الامنية والاستخباراتية مثل هذه الحروب المزعجة حول مناطق النفوذ. تحت ترقية جون سكارليت من قبل توني بلير لكي يرأس المكتب السادس في الاستخبارات العسكرية بالرغم من اعترافه بمسؤوليته عن القليل في ملف اسلحة العراق عندما كان يرأس لجنة الاستخبارات المشتركة وهو ما يزال مبتعداً عن الاضواء. يتعين سير ستيفن لاندر وهو رئيس سابق للمكتب الخامس من الاستخبارات العسكرية كرئيس للوكالة الجديدة لمكافحة الجرائم المنظمة الخطرة سوف يساعد على الالتزام بعدم حدوث مثل هذه الحروب حول مناطق النفوذ. الامر الاكثر ازعاجاً هو الافتقار إلى اية دلالة بأن الوزراء قد استوعبوا الضرر الذي حصل للوكالة الاستخباراتية كنتيجة لملف العراق يبدو ان بلير مهووس ويتأثر بطريقة لا تتفق مع قواعد النقد النزيه بتقارير الاستخبارات السرية مثلما كان على الدوام.

كتب انتوني كليز وفيليب دافيز كتابا اسمياه (تدوير الجواسيس) وتم نشره من قبل وحدة الشؤون الاجتماعية، كتبا يقولان ان النقطة الجوهرية هي (انه ليست الجماعات الاستخباراتية بحد ذاتها كانت هي المسؤولة عن الفشل، ولكن الصحيح هو ان ادارة بلير وضعت المحترفين في الجماعات الاستخباراتية في موقف يتعذر الدفاع عنه باجبارهم على القيام بدور المحامين بدلاً من المحللين) يقولان كذلك عندما تصبح الوكالات الاستخباراتية هيئات علنية فسوف تصبح هيئات مسيسة، ولكن لا احد يستطيع اعادة العفريت إلى القمقم. سوف يستمر بلير ووزراؤه بالاستشهاد بتقارير الاستخبارات عندما تناسبهم، ولهذا يجب على اللجنة البرلمانية المختصة بالاستخبارات والامن ومنذ ان تراقب باحكام استعمالات واساءة استعمال المعلومات الاستخباراتية اضافة إلى مراقبة نشاطات الوكالات نفسها.

يقترح وزير الداخلية بلنكيت أن التهديد الارهابي من الخطورة بمكان بحيث انه ليس هنالك بديل سوى التنازل عن مبادئ القانون المشرعة منذ امد طويل، فقد قال مؤخراً (سوف نقدم الدليل عبر المحاكم خلال الاشهر القادمة لأن القاعدة والشبكة العالمية وكأنهم على بعد خطوة من ابوابنا مهددين حياتنا، انا اتحدث عن اناس على وشك ان يقدموا إلى المحاكم، وربما سوف لن تجدهم المحاكم مذنبين) ويضيف ان الزوراء يحاولون عمل المستحيل لتكييف النظام القضائي لحماية بريطانيا من تهديد خطيرة من دون تقييد حقوق الانسان الاساسية، المضمون هو ان الزوراء ليس لديهم بديل سوى ان يفعلوا ذلك وينحدروا على نفس طريق الولايات المتحدة. وربما ضمنها التغاضي عن التعذيب، وهذا بالكاد سيساعد في  الحرب على الارهاب.


الخطان المتوازيان: (نيكسون) في الصين و(بوش) في الشرق الأوسط

بقلم: غودفري سبيرلنغ

ترجمة: كاطع الحلفي

عن: كريستيان ساينس مونيتر

 

يقول الرئيس (بوش) الآن انه سيقوم بجهد هائل للوصول إلى تسوية في الشرق الأوسط بهدف اقامة دولة فلسطينية جنباً إلى جنب مع إسرائيل.

ويبدو لي أن امام الرئيس فرصة بالفعل وهي فرصة جديرة بالمتابعة من اجل تثبيت تسوية سلمية ذات توازن تاريخي. وسيجعل الرئيس من خطةِ رئيس الوزراء (إيريال شارون) خير مكان للانطلاق وهي الخطة التي تتضمن انسحاباً احادي الجانب من المستوطنات في غزة مع رفع اربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية من اجل الحصول على نهاية للاعمال العدائية مع الفلسطينيين. وعلاوة على ذلك فإن الزعيم الفلسطيني الذي يبدو حالياً بوضوح احد المفضلين لخلافة عرفات وهو (محمود عباس) في كانون الثاني حيث تجري الانتخابات الرئاسية آنذاك قد عبر عن رغبته الشديدة في إجراء مفاوضات عن الخطة مع الاسرائيليين.

وسيكون للرئيس (بوش) دعم قوي في الداخل إذا ما أراد الدخول إلى هذا المجهود السلمي. ان دعمه المستمر لاسرائيل سيجعل حتى الجناح اليميني الطّماع الموالي لاسرائيل مُلتفّاً حوله حيث يقوم (أي الرئيس) بدعم تنازلات (اريال شارون) المقترحة بتقديم الأرض إلى الفلسطينيين. ان هؤلاء المحافظين سيضعون ثقتهم في الرئيس (بوش) وهم متأكدون انه يعمل في قلب مصلحتهم.

ويحضرني هنا سفر الرئيس (نيكسون) إلى الصين لتطبيع العلاقات مع ذلك البلد الشيوعي وكان ذلك انقلاباً عظيماً بالنسبة له. ان قاعدة (نيكسون) المناهضة للشيوعية بصورة قوية وضعت ثقتها في رئيسها الملتزم والمعروف بمناهضته للشيوعية في ان يتخذ خطوة كان يمكن ان تدان لو قام بها رئيس غيره مثل (كنيدي) أو (جونسون).

ويساورني التفكير كثيراً بـ(نيكسون) فيما يتعلق بسباق (بوش) اخيراً باتجاه اعادة انتخابه. فاثناء سنوات (نيكسون) كنائب للرئيس ثم رئيس كان من السهل إدراك سبب وجود الكثير من المعارضين الشرسين: فذلك يعود إلى ممارسته نوعاً شخصياً من السياسة بما يجعله غاضباً في اغلب الاوقات في وجه من يقف في طريق ما يريد فعله. لقد اصبح أولئك اعداءه الممقوتين. ان هذا النهج القبيح للعلاقات اصبح مكشوفاً بعد فضيحة (ووتر غيت) حيث ظهرت قائمة باسماء اعداء (نيكسون)، وهكذا كان ذلك هو المطلوب مضافاً إليه رصيده من المخلصين حتى الرمق الأخير وهو ما ساهم كله في ان يستجيب الكثير من بين الناخبين لاسلوبه فاصبحوا من الكارهين بطريقتهم الخاصة أيضاً.

غير اني واصلت التساؤل مع نفسي اثناء حملة الانتخابات الأخيرة عن كل سبب هذا اللاحب، بل الكره (لجورج بوش) علماً ان (بوش) كما أظهرت الاستطلاعات محبوب من قبل الأمريكان أكثر من خصمه (جون كيري). لقد مَزَحَ (بوش) مع أعضاء المكتب الصحفي في البيت الأبيض ولكن اشار استطلاع إلى ان معظمهم صوّت ضده. انه يعامل زوجته وكل أعضاء عائلته بلطف، كما انه طيب مع كلبه، ولكن من هو (بوش) الذي كدّر واغضب الكثير من الناس؟ والجواب الوحيد الذي سمعته يقول ان بوش بالنسبة للكثير يبدو واثقاً فوق اللزوم وانه مغرور فوق اللزوم لدرجة اغضاب الآخرين. وهكذا لا يجب عليك ان تحب زعيماً مختالاً فخوراً كرئيس دولة لك. ولكن هل هذا يكفي للتسبب في هذه العداوة الكبيرة لتنفخ في وجهه؟

والحقيقة أني سمعت كلمات لطيفة بحق (نيكسون) أيام الحملة.

لقد قال احد المعلقين التلفزيونيين ان (نيكسون) كان مؤدباً شديد الأدب في الانتخابات الرئاسية لعام 1960 حيث فاز (كنيدي) بهامش ضئيل جداً. وقد أشار وهو ما أتذكره جيداً حيث كنت ابعث بتقاريري من (شيكاغو) إلى صحيفة (المونيتور) في ذلك الوقت إلى ان هناك دليلاً على وجود غش كبير في صناديق الاقتراع في منطقة (كوك كاونتي) في (شيكاغو) وكان ذلك من الممكن كما بدا ان يؤدي إلى قلب نتيجة الانتخابات رأساً على عقب في حال اعادة عد الأصوات.

واتذكر ان الكثير من كبار مساعدي (نيكسون) اشاروا عليه بالطعن بالانتخابات رسمياً غير انه قاوم بعناد هذه المشورة وكان موقفه ان الطعن بالتصويت من هذا النوع سيؤدي إلى ايذاء البلد عن طريق إدخاله في دوامة من الفوضى.

نعم وكذلك السيناتور (كيري) فانه لم يطعن بالنتيجة هو الآخر. وقال (كيري) انه تبصر بامعان في أصوات (اوهايو) التي لم يتم عدها بعد وقرر انه لا نصيب له منها في الفوز. وقال انه عند ذلك فقط قرر الانسحاب من السباق، أما الآن فقد انضمت حملته الانتخابية إلى حزبين صغيرين يسعيان إلى اعادة عد الأصوات في(اوهايو). ان اعاقة (نيكسون) للعدالة واضعافه لمنصب الرئاسة كمؤسسة يمثلان لطخة يندى لها الجبين في سجله الخاص، غير انه عندما يفكر المرء في إنجازات السياسة الخارجية لـ(نيكسون) كاقامة حالة من العلاقات الودية مع الاتحاد السوفيتي وكذلك فتح الصين فانفتاحها فانه يكون رئيساً كثير النجاحات.

أما الآن فهل سيستطيع (بوش) ان يبني موجة فوق موجة من الاصداء حتى تتناغم جميعاً في الشرق الأوسط كما فعل (نيكسون) في كتلة الشرق الاقصى عام 1971؟

ان غداً لناظره قريب

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة