بقلم: غودفري سبيرلنغ
ترجمة: كاطع الحلفي
عن: كريستيان ساينس
مونيتر
يقول الرئيس (بوش) الآن انه سيقوم بجهد هائل للوصول إلى تسوية في الشرق
الأوسط بهدف اقامة دولة فلسطينية جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
ويبدو لي أن امام الرئيس فرصة بالفعل وهي فرصة جديرة بالمتابعة من اجل
تثبيت تسوية سلمية ذات توازن تاريخي. وسيجعل الرئيس من خطةِ
رئيس الوزراء (إيريال شارون) خير مكان للانطلاق وهي الخطة
التي تتضمن انسحاباً احادي الجانب من المستوطنات في غزة مع
رفع اربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية من اجل الحصول على
نهاية للاعمال العدائية مع الفلسطينيين. وعلاوة على ذلك فإن
الزعيم الفلسطيني الذي يبدو حالياً بوضوح احد المفضلين
لخلافة عرفات وهو (محمود عباس) في كانون الثاني حيث تجري
الانتخابات الرئاسية آنذاك قد عبر عن رغبته الشديدة في إجراء
مفاوضات
عن
الخطة مع الاسرائيليين.
وسيكون للرئيس (بوش) دعم قوي في الداخل إذا ما أراد الدخول إلى هذا المجهود
السلمي. ان دعمه المستمر لاسرائيل سيجعل حتى الجناح اليميني الطّماع
الموالي لاسرائيل مُلتفّاً حوله حيث يقوم (أي الرئيس) بدعم
تنازلات (اريال شارون) المقترحة بتقديم الأرض إلى
الفلسطينيين. ان هؤلاء المحافظين سيضعون ثقتهم في الرئيس
(بوش) وهم متأكدون انه يعمل في قلب مصلحتهم.
ويحضرني هنا سفر الرئيس (نيكسون) إلى الصين
لتطبيع العلاقات مع ذلك البلد الشيوعي وكان ذلك انقلاباً
عظيماً
بالنسبة له.
ان قاعدة (نيكسون) المناهضة للشيوعية بصورة قوية وضعت ثقتها
في رئيسها الملتزم والمعروف بمناهضته للشيوعية في ان يتخذ
خطوة كان يمكن ان تدان لو قام بها رئيس غيره مثل
(كنيدي) أو (جونسون).
ويساورني التفكير كثيراً بـ(نيكسون) فيما يتعلق بسباق (بوش) اخيراً باتجاه
اعادة انتخابه. فاثناء سنوات (نيكسون) كنائب
للرئيس
ثم رئيس كان من السهل إدراك سبب وجود الكثير من المعارضين
الشرسين: فذلك يعود إلى ممارسته
نوعاً شخصياً من السياسة بما يجعله غاضباً
في اغلب الاوقات في وجه من يقف في طريق ما يريد فعله. لقد
اصبح أولئك اعداءه الممقوتين. ان هذا النهج القبيح للعلاقات
اصبح مكشوفاً بعد فضيحة (ووتر غيت) حيث ظهرت قائمة باسماء
اعداء
(نيكسون)،
وهكذا كان ذلك
هو
المطلوب مضافاً إليه رصيده من المخلصين حتى
الرمق
الأخير وهو ما ساهم كله في ان يستجيب الكثير من بين الناخبين
لاسلوبه فاصبحوا من الكارهين بطريقتهم الخاصة أيضاً.
غير اني واصلت التساؤل مع نفسي اثناء حملة الانتخابات الأخيرة عن كل سبب هذا
اللاحب،
بل الكره (لجورج بوش) علماً ان (بوش) كما أظهرت الاستطلاعات
محبوب
من قبل الأمريكان أكثر من خصمه (جون كيري). لقد مَزَحَ (بوش) مع أعضاء المكتب الصحفي في البيت الأبيض
ولكن اشار استطلاع إلى ان معظمهم صوّت ضده. انه يعامل زوجته
وكل أعضاء عائلته بلطف،
كما انه طيب مع كلبه،
ولكن من هو (بوش) الذي كدّر واغضب الكثير من الناس؟ والجواب
الوحيد الذي سمعته يقول ان بوش بالنسبة للكثير يبدو واثقاً
فوق اللزوم وانه مغرور فوق اللزوم لدرجة اغضاب الآخرين.
وهكذا لا يجب عليك ان تحب زعيماً مختالاً فخوراً كرئيس دولة
لك.
ولكن هل هذا يكفي للتسبب في هذه العداوة الكبيرة لتنفخ في
وجهه؟
والحقيقة أني سمعت كلمات لطيفة بحق (نيكسون) أيام الحملة.
لقد قال احد المعلقين التلفزيونيين ان (نيكسون) كان مؤدباً شديد الأدب في
الانتخابات الرئاسية لعام 1960 حيث فاز (كنيدي) بهامش ضئيل
جداً. وقد أشار وهو ما أتذكره جيداً حيث كنت ابعث بتقاريري
من (شيكاغو) إلى صحيفة (المونيتور) في ذلك الوقت إلى ان هناك
دليلاً
على
وجود غش كبير في صناديق الاقتراع في منطقة (كوك كاونتي) في
(شيكاغو) وكان ذلك من الممكن كما بدا ان يؤدي إلى قلب نتيجة
الانتخابات رأساً على عقب في حال اعادة عد الأصوات.
واتذكر ان الكثير من كبار مساعدي (نيكسون) اشاروا عليه بالطعن بالانتخابات
رسمياً غير انه قاوم بعناد هذه المشورة وكان موقفه ان الطعن
بالتصويت من هذا النوع سيؤدي إلى ايذاء البلد عن طريق إدخاله
في دوامة من الفوضى.
نعم وكذلك السيناتور (كيري) فانه لم يطعن بالنتيجة هو الآخر. وقال (كيري)
انه تبصر بامعان في أصوات (اوهايو) التي لم يتم عدها بعد
وقرر انه لا نصيب له منها في الفوز. وقال انه عند ذلك فقط
قرر الانسحاب من السباق،
أما الآن فقد انضمت حملته الانتخابية إلى حزبين صغيرين
يسعيان إلى اعادة عد الأصوات في(اوهايو).
ان اعاقة (نيكسون) للعدالة واضعافه لمنصب الرئاسة كمؤسسة
يمثلان لطخة يندى لها الجبين في سجله الخاص،
غير انه عندما يفكر
المرء
في إنجازات السياسة الخارجية لـ(نيكسون) كاقامة حالة من
العلاقات الودية مع الاتحاد السوفيتي وكذلك فتح الصين
فانفتاحها فانه يكون رئيساً كثير النجاحات.
أما الآن فهل سيستطيع (بوش) ان يبني موجة فوق موجة من الاصداء حتى تتناغم
جميعاً في الشرق الأوسط كما فعل (نيكسون) في كتلة الشرق
الاقصى عام 1971؟
ان غداً لناظره قريب |