كتابة وتصوير / آمنة عبد العزيز
للفرق الموسيقية الشعبية مذاق خاص لدى الكثيرين كما نعرف
من معزوفات وأغاني ترتبط بالبيئة الشعبية العراقية.
وغالباً ما يكون تواجد هذه الفرق في المناطق الشعبية
وقريبة منها. لتتواصل مع أفراحهم الكثيرة.
ويحبذ استقدام هذه الفرق لسهولة تنقل أعضاء الفرقة وآلاتهم
دون الحاجة لنوتة أو مسرح لأداء المعزوفات المختلفة التي
يكون عزفها مع طلبات المحتفلين في حينها.
في بورصة الفرق الموسيقية الشعبية في شارع الكفاح التقينا
بعدد من أصحاب هذه الفرق وكانت لنا معهم هذه اللقاءات:
السيد كريم حسن صاحب فرقة منذ سنة 1970 يقول:
إن أصل هذه الفرق وانتشارها جاء في بداية الثلاثينيات، وهي
ليست عربية وإنما هي غريبة فالآلات المستخدمة مثل آلة
الترامبيت وآلة الفوليوم ونسميها فايون وآلة كلارنيت
ونسميها (قرناطه) والسايداس ونلقبها (الطربة) والدرامز
ونطلق عليه (الدمام) أما آلة الصنج والتي نعرفها
بـ(الجنجانه).
كل هذه الآلات ليست عربية كما يتوهم الكثيرون.
وعن أشهر الفرق الشعبية التي ما زال بعضها موجوداً منذ
سنين مضت وحتى هذا الوقت، فهناك فرقة أبو حسيبة: وصاحب هذه
الفرقة توفي والآن يديرها أولاده.
وفرقة جلاوي في سوق حنون، وفرقة خليل أبو البادم، وفرقة
سلمان أبو النفط في الأعظمية، وفرقة خله وهو (كردي) وهذه
الفرق في جانب الرصافة، أما الفرق الأخرى في جانب الكرخ
فهناك فرقة فؤاد رشيد وعبد الرزاق اللامي وفرقة محمد أبو
العنبة وغيرها، علماً أن الفرق الموسيقية الشعبية على
العموم تكون أغلبها في بغداد وقد لا يكون لها هذا الصدى في
محافظات العراق الباقية لطابع البيئة العشائرية هناك.
أشهر المطاعم التي كانت تخرج منها زفات الأعراس
عن هذه المطاعم حدثنا السيد كريم عليوي فقول:
مطعم جميلة قرب الرصافي والقاهرة وشباب الكرخ في الشواكة
ومطعم الشمس في ساحة الشهداء وتاجران في ساحة التحرير
ونزار والشباب في الكرخ. وكانت فيها يتجمع أصدقاء (العريس)
ومن ثم (يزفونه) إلى بيت العروس ليصطحبها إلى بيته.
وهذا إلى حد سنين السبعينيات أما قبل هذه الفترة فكانت زفة
العرس تخرج من الحمامات ويرافق (العريس) أصدقاؤه من داخل
الحمام ويصطحبونه أما بزفة (راجلة) مع الموسيقى الشعبية أو
عربة (الربل) التي تجرها الخيل وتكون مزخرفة بالأشرطة
ومزينة بالورود، وتطورت الزفة مع تطور الزمن حتى أصبحت
السيارات الحديثة وخلق ابتكارات جديدة في طرق الزينة لها،
ولكن بقية الموسيقى الشعبية كما ظلت هي ولم تتغير. والذي
حدث في الفرق الشعبية هو إدخال (الدفوف) وهذه يرغب بها
البعض الذي لا يرغب بالآلات الغربية بل ويرفضها، لذلك تلبي
حفلات الأعراس من هذا النوع وهناك فرقة (القرب) لإحياء
الحفلات الراقية التي يقيمها البعض في النوادي وداخل
البيوت الفخمة.
أما عن متاعب المهنة وسلبياتها فحدثنا عن ذلك السيد سلمان
أبو النفط قائلاً:
عندما تخرج لتلبية حفلات الأفراح يقوم البعض بإطلاق
العيارات النارية وبشكل عشوائي يذهب، صحيتها أناس أبرياء
ويتحول الفرح إلى مأتم. وإضافة إلى توقف الزفة وسط الشارع
ونزول أهل العريس والعروس والرقص، ومن ثم مطالبة الفرقة
بالعزف، وهذا يحدث إرباكاً في عملية السير وعندما نمتنع
تحدث مشاكل نحاول تلافيها وننزل عند رغبتهم.
وأما الأمراض التي تصيب أصحاب الفرق بعد سنين العمل الطوال
فمرض القلب ورخاوة الأعصاب (والفتق).
*وماذا بشأن المواقف المحرجة التي مرت عليك من خلال عملكم؟
هي كثيرة ولكن أذكر آخرها عندما كنت في حفلة عرس وبدأت
أعزف أغنية قديمة (دلل علي دلل) وبين الحين والحين أقول
(شوباش) عن طريق الآلة وهي عملية تقوم بها لجمع (نقوط) من
أهل العرس ولكن دون جدوى وجاءتني فكرة عزف (البرتقالة)
وكنت أتوقف وأقول: (شوباش) فكانوا يسارعون لإعطائي وبسخاء
لكي استمر في البرتقالة.
تبقى الموسيقى الشعبية برغم كل التطور الحاصل في مجالات
الحياة المختلفة لها زبائنها ومن مختلف الشرائح الاجتماعية
والطبقات أو قد يعتبرها الكثيرون فألاً حسناً في حفلات
الزواج واستقبال الحياة بفرح غامر من خلالها. |