هيئة
التحرير
ثمة مسخرة
تجري أمام عيوننا ونحن صابرون وساكتون لكن نتلظى من
الداخل. المساخر في العراق كثيرة.. لكن هذه المسخرة بالذات
لها طعم العلقم وطعم النكتة السوداء وطعم المحارق الكبرى
ان كان للمحارق طعم!.
فقبل يومين
اجتمع محامي صدام بموكله أربع ساعات ثم خرج علينا من
الفضائيات وتحدث عن (السيد الرئيس) بوصفه مظلوماً، وبوصفه،
هو المحامي ديمقراطياً- حتى العظم - من بلد الديمقراطيات
الكبرى.
ان جميع
الديمقراطيات في العالم، لا يتيح للمحامي ان يترافع عن
موكله في الفضائيات، ولا حتى في الصحف او في الشارع.. الا
في الديمقراطية العراقية التي لم يخرج لها زغب بعد!
وأي متهم
هذا الذي يدافع عنه هنا المحامي الديمقراطي؟
انه صدام
حسين نفسه، الفاشي حتى العظم، الذي لم يسمح بمحاكمة عادلة
واحدة طيلة ايام حكمه الطويلة.
لقد رضينا
بمحاكمة عادلة.. لكن لماذا يرغموننا على ان نسمع دفاعاً
حاراً لا مسوغ له قبل هذه المحاكمة؟ لقد رضينا بالعدالة
وليس بالشانتاج والكذب والخداع والتضليل والسمسرة.
لقد رضينا
حتى بالموت لكن لماذا يجب ان نرضى بالعهر السياسي في كل
يوم .. وفي كل ساعة؟
نسأل
الديمقراطيين الامريكان: هل سمحوا في الحرب العالمية
الثانية لمحامي النازيين ان يتحدثوا في الصحافة مدافعين عن
القتلة والاوغاد،و اكثرمن هذا ان يدافعوا عنهم وهم يحملون
صفات مواقعهم السابقة، كأن الحرب لم تقع، كأن النازيين،
والفاشيين لم يفعلوا شيئاً.. وهم (ببراءة) تسببوا بقتل
الملايين بسبب حالة الحرب ليس إلا
في العراق
وحده يمارس القتلة حرية القتل، واكثر من هذا حرية الدفاع
عن انفسهم بوصفهم ابرياء، ولهم حقوق ولهم محامون، ولهم
عصابات، ولهم ملثمون يفجرون السيارات المفخخة بين
الابرياء.
العراق
الديمقراطي حتى العظم بات فرجة.. بات مخبراً للفاشيين
والقتلة، كما بات مخبراً للديمقراطيين، حتى العظم..
والمثير ان مئات الآلاف الذين ماتوا بسبب صدام وعصابته لم
يعد يذكرهم أحد.. لكن محاكمة دكتاتور واحد باتت تشكل وحدها
الضمير الديمقراطي المعذب بإسم المبادئ.
ان
ديمقراطية الامريكان عليها ان تدفع استحقاقات الغراميات
القديمة مع النظام المباد.. كل هذا مفهوم.. ومفهومة ايضاً
ديمقراطيات جيراننا من منظمات المجتمع المدني المدفوعة
الثمن.
ايها
(الديمقراطيون) حتى العظم، ان دماء العراقيين التي ما زلتم
تلعقونها به سوف تتحول الى سم زعاف يفور في معدكم
المتخمة.. اننا نكتفي بهذا .. بهذا الدعاء من أم عراقية
نكبت بثلاثة من اولادها قتلهم صدام من دون محاكمة.
|