بقلم تيم جونسون وعمر جاسم
في اعماق المنطقة الخضراء، حيث الحصن المنيع للادارة العراقية المؤقتة، عرض
المسؤولون الامريكيون منتصف هذا الشهر تقييماً مغالياً
لعملية اعادة بناء العراق والتي تكلف المليارات من
الدولارات. ومع ذلك فإن الشارع في بغداد يشهد عالم آخر.
فقد مرت عشرون شهراً على الاطاحة بالنظام السابق ومع ذلك فإن التيار
الكهربائي لا يزال يتأرجح في وميضه، وفرص العمل نادرة،
اطلاقات الاسلحة النارية تثور كل ساعة تقريباً فيما تزداد
جرائم الاختطاف للحصول على فدية، بحيث يخشى الاباء على
ابنائهم عند مغادرة المنزل حتى عند الذهاب الى المدرسة.
وما ان تتوقف مع أي شخص في الشارع حتى ينهال عليك سيل من الشكاوى.
يقول علي اياد، 17 عاماً، وهو متوقف عن الدراسة " يقول الامريكان دائماُ
يدعون انهم يجعلون كل شيء يسير نحو الافضل" ويضيف قائلاً:
" اذا كان يسير نحو الافضل، لماذا كان علي ان اترك المدرسة
لكي اقدم الدعم المادي الى عائلتي". النقص الحاد في
البنزين يجعل الاوضاع سيئة في بلد يمتلك اكبر خزين نفطي في
العالم. حيث تمتد طوابير المواطنين لاكثر من ميل عند محطات
الغاز، وفي السوق السوداء تباع قنينة الغاز بسعر يصل الى
50 ضعف سعرها الرسمي في محطات الوقود.
ويتحدث السيد كاظم جواد سائق سيارة، عند لقائه عصراً قائلاً: " انتظر هنا
منذ الساعة التاسعة مساء البارحة ما ازال انتظر" واضاف "
انني اخاطر بحياتي منتظراً الحصول على البنزين بسبب الوضع
الامني".
وفي خطابات موجزة في بغداد وواشنطن اعلن المسؤولون في ادارة الرئيس بوش عن
انجازاتهم مدعين ان موجة المساعدات الامريكية يظهر تأثيرها
على كل شيء بدءاً من الرعاية الصحية والانتاج النفطي وحتى
اعادة الاهوار في جنوب العراق. وقالوا ايضاً ان هنالك بعض
التطورات الطويلة الامد وغير المنظورة ستحسن الحياة ولعقود
طويلة.
وقال اندرو ناتسيوس، مدير الوكالة الامريكية للتنمية الدولية، " ان عملنا
في العراق على الاقل فيما يتعلق بوكالتنا يعد واحداً من
اكبر جهود اعادة البناء التي قمنا بها منذ خطة مارشال".
مشيراً الى الخطة التي اعدت بعد الحرب العالمية الثانية
لاعادة اعمار اوربا.
ويدعي العميد توماس بوستك من سلاح المهندسين في الجيش الامريكي في بغداد
قائلاً: " ان العراقيين بدءوا يرون التطورات في حياتهم :
دون ان يحدد ماهية الدلائل المعبرة عن ذلك.
واضاف بوستك انه في نهاية كانون الاول ستشرع الشركات العراقية والامريكية
في مشاريع تصل كلفتها الى اربعة مليارات دولار منها ملياري
دولار تم اتفاقها بالفعل على حد قوله.
وقال روز ادكنز المتحدث باسم سلاح المهندسين في الجيش الامريكي ان 120
مشروعاً قد تم اكمالها في القطاع النفطي تخص اموراً مثل
تطوير الحقول المستخدمة حالياً وتحسين محطات التحميل
المصدرة للموانئ كما يقوم العمال بتشييد 57 مستوصفاً صحياً
وتجديد 343 مدرسة. ويقومون ايضاً ببناء 14 محطة لمياه
المجاري اضافة الى اجراء الصيانات الميكانيكية الدقيقة
لمحطات السكك الحديدية.
ولكن اين وما هي نوعية العمل المنجز. ويدعي الامريكيون انه حتى في الحالات
التي تم فيها تحقيق تقدم لا يستطيع المواطن العراقي ان
يلاحظ ذلك، وقال بوستك لنأخذ على سبيل المثال الطاقة
الكهربائية، حيث تم بناء 20 محطة توليد كهربائية بمساعدة
مادية امريكية بحيث تم بموجبها تعزيز الطاقة الكلية بما
يقارب 50% وحيث ان حالة المحطات الموجودة سيئة للغاية، قرر
المسؤولون العراقيون اجراء اعمال الصيانة على محطات تصل
سعتها الى 1400 ميغا واط وبالتالي استبعادها من الخدمة
وعدم الاستفادة من المحطات الجديدة ولا يحصل العراقيون سوى
على ساعات قليلة من التيار الكهربائي بحيث يقبعون في
الظلام بينما تتعفن موادهم الغذائية المجمدة.
من جانب آخر فالقليل من اهالي بغداد لاحظوا بعضاً من هذه التحسينات التي
يدعيها الجانب الامريكي.
وقال السيد باسم لبيب 62 عاماً صاحب محل بقالة، " انهم قاموا ببناء بعض
المدارس بعض المتنزهات للاطفال، وانهم يولون العناية
بالمستشفيات"، واضاف: " ولكن المواطنين لا يشعرون بتلك
التغييرات لانهم يريدون الامن والكهرباء".
|