وافقت السلطات السويسرية على التعاون مع تحقيق تجريه لجنة
مستقلة بشأن برنامج النفط مقابل الغذاء الأممي في العراق.
سويسرا ستوفر مساعدات مشتركة للجنة المستقلة، التي تحقق
في مزاعم بالفساد والتزوير في البرنامج الأممي.
وكانت لجنة التحقيق المستقلة قد طلبت المساعدة السويسرية
في شهر تشرين أول الماضي. وهي تسعى إلى التثبت ما إذا كان
مسؤولون أمميون أو موظفون أو عملاء أو متعهدون قد انتهكوا
بنود اتفاقية برنامج النفط مقابل الغذاء الأممي.
وكان برنامج النفط مقابل الغذاء يدار من قبل الأمم
المتحدة، وهو أتاح الفرصة للعراق لتصدير النفط، وذلك بهدف
تخفيف معاناة الشعب العراقي من أثار العقوبات الاقتصادية
المفروضة على النظام العراقي السابق بعد احتلاله الكويت
عام 1990.
هذا وكانت عوائد البرنامج تتحول إلى حسابات مصرفية، تشرف
عليها وتراقبها الأمم المتحدة، و كان من المفترض أن يتم
صرفها على شراء الغذاء والأدوية لرفع مستوى الأوضاع
المعيشية في العراق. وأستمر عمل البرنامج لمدة سبع سنوات
إلى أن تمت الإطاحة بنظام صدام حسين.
تجاهل الانتهاكات
إلا أن المسؤولين الأمميين اُتهموا إما بغض النظر عن
انتهاكات اقدم عليها المسؤولون العراقيون، أو بالتورط
شخصياً في قضايا فساد ورشوة.
وقد تركز الانتباه بصفة خاصة في الآونة الأخيرة على مبالغ
سرية حصل عليها مسؤولون عراقيون سابقون من شركات أجنبية
استفادت من عقود البرنامج.
ووفقاً لتحقيقات مجلس الشيوخ الأمريكي، تمكن الرئيس السابق
صدام حسين من جني 21 مليار دولار أمريكي من خلال تفادي
العقوبات الأممية المفروضة على العراق، وتهريب النفط إلى
الخارج.
مساعدة سويسرية
كانت لجنة التحقيق المستقلة، التي يرأسها بول فولكر الرئيس
السابق لبنك الاحتياط الفدرالي الأمريكي، قد طلبت معلومات
من السلطات السويسرية حول أشخاص أو شركات يشتبه في
انتهاكها للحظر الدولي المفروض على النظام العراقي.
وقد صرح السيد اوثمار فايس، رئيس إدارة العقوبات في كتابة
الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية، في حديث مع وكالة
أسوشييتد برس للأنباء بالقول إن اللجنة استوفت الشروط
اللازمة للتعاون المشترك.
ويجدر بالذكر أن شركات تقع مقارها في سويسرا، إضافة إلى
شخصيات وشركات من خمسين دولة، اُتهموا في الماضي باستغلال
برنامج النفط مقابل الغذاء. لكن شخصاً واحداً فقط تمت
إدانته حتى الآن بانتهاك شروط الحظر على العراق.
ويشير السيد فايس في هذا الشأن قائلاً "الاتهامات الموجهة
إلى الشركات السويسرية تعتمد على معلومات لم يتم التحقق
منها بعد. لكن هذا يمثل حافزاً بالنسبة لنا كي نتعاون مع
لجنة التحقيق المستقلة".
تبادل معلومات
ووفقا للسيد فايس سيكون من الممكن فتح تحقيقات جديدة
بناءاً على المعلومات المقدمة من لجنة التحقيق المستقلة.
أما المسائل المتعلقة بطبيعة المعلومات التي سيتم تبادلها
بين الجانبين، وكيفية القيام بذلك، فلازالت قيد الدراسة
بينهما.
ولا تستطيع إدارة السيد فايس القول كم عدد الأشخاص أو
الشركات الذين سيتعرضون إلى التحقيق، أو نوعية الفحص
والتدقيق الذي سيواجهونه.
إلا أن الوثائق البنكية الخاصة بهذا الشأن ستكون متوفرة
لاسيما وأن اللجنة الفدرالية للبنوك قد عرضت تقديم عونها.
غير أن أية معلومات سيتم تقديمها من الجانب السويسري إلى
لجنة التحقيق المستقلة ستظل سرية، ولا يمكن استخدامها إلا
للأغراض المحددة في طلب المساعدة.
وقد تعرضت اللجنة في الماضي لضغوط من محققي مجلس الشيوخ
الأمريكي، الذين يجرون تحقيقاتهم الخاصة ببرنامج النفط من
أجل الغذاء. ورغم ذلك، لم يتزحزح السيد فولكر عن موقفه
الرافض تسليم وثائق اللجنة إلى مجلس الشيوخ.
شكوك وارتياب
وقد تعرض مسؤولون رفيعون في الأمم المتحدة إلى اتهامات
أمريكية قوية. فقد اتُهم بينون سيفان رئيس برنامج النفط من
أجل الغذاء بالفساد، وهي التهمة التي ينكرها بشدة.
كما أبدى بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي ارتيابهم بشأن دور
الأمين العام كوفي أنان في هذا الملف، وطالبوه بتقديم
استقالته.
ويشار إلى أن السيد كوفي أنان تعرض بصورة غير مباشرة إلى
الهجوم بسبب دور شركة
Cotecna
، وهي شركة يقع مقرها في سويسرا وتم تكليفها بمهمة التدقيق
في شحنات الغذاء والأدوية إلى العراق.
وكان إبن السيد أنان، كويا، قد تم توظيفه كخبير في الشركة
عام 1998 – وهو نفس العام الذي منحت فيه الأمم المتحدة
الشركة عقداً بمقدار 66 مليون دولار أمريكي. لكن الشركة
شددت بأن عمل السيد كويا أنان أقتصر على منطقة إفريقيا
الغربية.
رفض الاستقالة
من جانبه شدد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان على
أنه باق في منصبه ولن يستقيل تحت ضغوط فضيحة برنامج النفط
مقابل الغذاء.
وقال عنان في مؤتمر صحفي بمناسبة نهاية العام إن مزاعم
الفساد في برنامج النفط مقابل الغذاء ألقت بظلال من الشك
حول الأمم المتحدة تحديداً في علاقتها بالولايات المتحدة،
أكبر المساهمين في ميزانية المنظمة الأممية.
وفيما أشار إلى "دعم وثقة" الأعضاء الـ191 للأمم المتحدة،
قال عنان إن الانتقادات والهجمات في داخل الولايات المتحدة
تأتي على حساب العلاقات الأمريكية بالمنظمة.
وعبر عنان عن أمله في أن تؤدي التحقيقات حول الفساد في
برنامج النفط مقابل الغذاء التي يقودها الرئيس السابق
للمصرف المركزي الأمريكي، كارل فولكر، إلى "تصفية
الأجواء."
ومضى قائلاً في هذا السياق "الولايات المتحدة تحتاج الأمم
المتحدة، والأمم المتحدة بدورها في حاجة إلى الولايات
المتحدة.. ونحن في حاجة لإيجاد طريق للعمل معاً."
ورفض المسؤول الأممي تحمل المسؤولية الشخصية عن الفضيحة
وحتى اكتمال التحقيقات المستقلة في منتصف العام المقبل،
مشيراً إلى أنه والأمم المتحدة كانا عرضة لهجمات متواصلة
من "جهات محددة" لم يسمها وإلى انتقادات بناءة "كنا
نتقبلها."
|