استراحة المدى

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

 

اليابان ...الماء في مازق

بقلم- جيمس بروك

ترجمة- عمران السعيدي

عن: نيويورك تايمز

تعتبر اليابان بالنسبة للاجانب صورة الزمان المشرّف وان النقع التأملي داخل ينابيع المياه المعدنية الساخنة هو من ارقى حالات التأمل بين الصخور البركانية السوداء، اذ تعتبر بجمالها شبه براعم غصن شجيرات الكرز، او حتى بالنسبة للمترفين جداً وكأنها تحمل صورة المنحدرات الثلجية (لماونت فيوجي).

القليل يعلم عن هذا الموقع البعيد عن الانظار وان المستخدمين داخل الفندق قد يدفعون الماء داخل الحنفيات الساخنة بصورة زائفة ويعيدون دوران المياه القديمة بين المسابح الصخرية الطبيعية او حتى غمر بعض المساحيق الملونة داخل مياه المسابح لجعلها تبدو وكأنها غنية بالمعادن.

وبالنسبة لليابانيين والذين يهتمون كثيراً بالمطهرات عموماً وبالغموض الدافئ والشافي للينابيع الساخنة وبالاجازات اصبحت الفضيحة بمثابة جرح مؤلم مثل ارسال الجنود اليابانيين الى العراق وبعد ضربات ثابتة لطبول الاعترافات والاعتذارات من مالكي الينابيع الساخنة، دفع الامر بوزارة البيئة الى تقديم فحص للماء واستخداماته في تسعة عشر موقعاً وكانت النتائج مخيفة بالنسبة للزبائن وحتى بالنسبة للنساء العاملات في المكاتب وهن في الثلاثينيات من العمر والمتمسكات بالمفاهيم الصحية والكمال فيها.

وبالرغم من عدم ذكر الاسماء فإن 40% من مالكي الينابيع الوطنية الساخنة رفضوا الاستجابة لهذا الفحص. ومن المستجيبين يقول ثلثهم بأنهم يخففون السوائل الساخنة في ينابيعهم بماء الحنفيات العادي ونصفهم يقول: انهم يعيدون دورة الماء من خلال فلاتر الماء والنصف الآخر يقول انهم يسخنون الماء بطرقهم الخاصة. والبعض يقول انهم يخففون السوائل لتدفئتها وكأنها تسخن على الارض. وآخر اكثر تحدياً يقومون بتخسين الماء بسخانات الغاز الصناعية. واكثر من 80% من هؤلاء يعترف انه يقوم بذلك دون ابلاغ الزبائن.

في الوقت الذي يمكن فيه تغيير محتوى العين المعدنية نجد ان 30% من هؤلاء يقولون ان مياههم لم تحلل منذ ما يزيد على عشر السنوات. وان القوانين الوطنية التي تحكم الينابيع الساخنة ما تزال غامضة وان معظم هذه التجارب لا تعتبر انتهاكات.

اما الصحف الاسبوعية مثل (شوكان بوست) فقد ذهبت ابعد، مكتشفة في احدى القضايا مدينة منتجعات حيث يوجد العديد من الينابيع المعدنية والتي تستخدم كمياه معدنية خاصة بهم تأتي من حقل طاقته ذات كثافة عالية. وفي مدينة اخرى يوجد مالك عين معدنية يسخن مياه الحنفيات ويدفعها الى الخامات المعدنية ويعتبرها مياهاً معدنية.

ارعبت هذه التقارير اليابانيين بشكل واسع والذين يعاملون حماماتهم المعدنية بكل تقدير واحترام. وهم يتعاملون مع السباحة بكل دقة من الحك الى الشطف الى لحظة دخول الى حمام عين ساخنة او مسبح دافئ. وهناك غارات للشرطة جرت مؤخراً واغلقت عدة فنادق لا تلتزم بالقوانين الموضعة ولكنها لم تكبح جماح الآخرين. وقد دفع هذا الوضع الى استقالة محافظ احدى مدن المنتجعات المهمة في اليابان.

يقول البروفيسور (تادا نوري ماتسورا) استاذ السباحة والمنتجعات في جامعة (سابارو انترناشينال) في لقاء صحفي:"  ان مصداقية المنتجعات قد تضررت فعلاً ولم يعد من السهل اعادة استنهاض هذه الاعمال"، وان موسم اعياد الميلاد كانت الحجوزات فيه كبيرة جداً ولكنها ضعفت في السنوات الاخيرة. وحتى البارات التي تحتوي على ينابيع ساخنة حقيقية لم تعد تدفع على التفاؤل: يقول احد مالكي هذه البارات. ويقول ايضاً: ان اليابانيين يهتمون كثيراً بالمياه المعدنية ومنتجعاتها وهم الان اكثر شكاً بعمل هذه المواقع السياحية لانك لا تستطيع رؤية خاصية الماء في عيونهم. وفي تذكر للنمو السريع لمنتجعات الينابيع الساخنة خلال العشرين سنة الاخيرة يقول احد المسؤولين: ان الدلائل الحالية ترمي بالمياه الباردة نحو هذه المنتجعات وخلال فترة الازدهار الاقتصادي نهاية الثمانينيات منحت طوكيو ملايين الدولارات من اجل تطور المدن الريفية في جهود لربط جسور التطور المدني والريفي معاً. واستخدمت عدة مدن هذه الاموال لاقامة منتجعات ينابيع ساخنة داخل الصخور البركانية لضرب المياه المعدنية.

ومن (11.907) عين ساخنة عام 1963 سجلت اليابان زيادة الى رقم (22,127) عين ساخنة في عام 2002 دفعت هذه العيون الى زيادة السواح الى ما يقرب من (138 مليون شخص) في نفس السنة ولكن التراجع اخذ طريقه في هذه الصناعة منذ عام 2000 حتى وصل الاغلاق الى مئة عين في السنة.  

ان الجدل المثار حول هذه القضية بدأ يبرز اكثر في الوقت الذي تحاول فيه اليابان بناء سياحة دولية من خلال برنامجها الجديد والذي اطلقت عليه اسم:

(حملة زوروا اليابان) الجديدة. ولكن المخططين السياحيين يخشون من ان الاجانب سوف يتجنبون الينابيع الساخنة والتي يعتبرها المسؤولون (اليابانيون) اعظم المتع في الحياة اليابانية ولاجل اعادة بناء الثقة في هذه الصناعة بدأت الجمعيات الخاصة بالينابيع تسييس اعمالها من اجل ابعاد من يسيء لسمعة هذا المجال السياحي المهم في اليابان.

 


العزف النشاز

عامر القيسي

 

كيف تستطيع ان تدخل من الشباك بعد ان تخرج من الباب؟

هل ينبغي طرح مثل هذا السؤال على مجموعة المهرجين في السيرك العراقي؟

ام توجيهه الى اولئك الذين يفتحون الشبابيك غاضين الطرف - عامدين متعمدين- عن ماضٍ بلا شرف كلمة او مهنة او فرشاة!

بكل بساطة طالبو الامس، هم انفسهم المتباكون اليوم. فقد القوا بطبولهم جانباً، ذلك ان زمناً طبلوا فيه حتى  اللهاث قد ولى، ولم يعد هناك من يستمع الى عزفهم النشاز. اذن المطلوب، انتقال بلاحياء من الرقص الى النواح، كي يكون هذا الانتقال جواز مرور للعودة الى المكاتب والغرف التي تركوها بانتظار هدوء العاصفة!

(صحفيون وكتاب وفنانون) لملموا ما بجعبتهم ليزينوا صورة زمن من موت وحزن ورماد، وبدلوا طبيعة الاشياء ومسمياتها، وتفرجوا - بكل لؤم- على كل مآسي الشعب العراقي، بل على مآسي زملائهم. وهم يتحولون الان الى الضفة الاخرى من دون حياء، متنكرين لماضيهم..  وكانهم ليسوا هم .. وكان شواهدهم المسخ ليست لهم... نفضوا عن انفسهم كل تلوثهم واستعدوا للولوج الى الورشة الجديدة !!

مروجو الفكر الفاشي ورموزه ودلالاته ، يسرحون ويمرحون الآن في مكاتب الصحف والفضائيات وشبكات الاعلام.. تحولوا، بقدرة قادر الى معارضين لسادتهم واذنابهم، وتبين لنا الان انهم - يالجهلنا- كانوا ينتقدون ويعارضون ليس في جلساتهم الخاصة حسب، وانما في مكاتب وزراء الطاغية ! ووصلت كتبات بعضهم بعض الصحف الرصينه للاسف- الى انهم كانوا حتى معارضين من الطراز الرفيع لسلطة صدام وسياسته، ومع ذلك كانوا في موقع المسؤولية والقرار، في اكثر من مؤسسة صحفية واعلامية .. فيا لجورنا على سيدهم الذي كان بهذه الروحية الديمقراطية، ونتهمه نحن المشاكسون، بالدكتاتورية والفاشية وقطع الالسن!!

وفضلاً عن الصحف والمؤسسات الاعلامية، يجري استقبالهم كفاتحين للعهد الجديد، وكأن لاغيرهم سيعيد للثقافة العراقية رونقها وابهتها ورصانتها وروحها الديمقراطية برغم بؤس اقلامهم وافكارهم والوانهم.

ستزهقنا الامثلة، ذلك اننا نصطدم بها في كل لحظة... نقرأ ونشاهد، وتصيبنا الدهشة ، من هذه القدرة العجيبة والمهارة الفائقة في الاستحواذ على كرسي مريح في لعبة الكراسي الدائرة هذه الايام عندنا، ولعبة الاقنعة، القديمة الجديدة. اقنعة ملونة زاهية لكنها- يالبؤسهم- تفوح منها رائحة تعودنا عليها زمناً طويلاً، ونفرنا منها منذ ذلك الزمن!

دخول مريب .. واستقبال اكثر ريبة .. وصمت مريب من اتحاد الادباء. الذي يتفرج على عاطليه، الذين همشتهم المؤسسات الثقافية الصدامية بقيادة فرسان اليوم- وبتوسل بعض الوزارات للتعاقد معهم، كأضعف الأيمان، او من باب التواضع والقبول بالأمر الواقع!!

وإذا كنا نعرف جيداً وجوه المختبئين في حصان طروادة، فاننا نريد ان نسأل فقط.

مَن همْ صناع الحصان الخديعة؟

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة