الاخيرة

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

مدينة الحرية انقاضها طغت على الخضرة

محمد شريف ابو ميسم

 

مدينة الحرية من الاحياء الشعبية الكبيرة التي تقع في شمال بغداد، لها ما يميزها عن بقية احياء بغداد، ولها ايضاً ما يجمعها بصفات مشتركة مع تلك الاحياء.. فقد امتازت هذه المدينة ومنذ نشوئها في بداية العقد الخامس من القرن الماضي، بالتنوع السكاني، فقد جمعت بين أزقتها وحواريها اغلب الوان الطيف الاجتماعي العراقي، واختلطت على مدى السنين، فلا تكاد الاصابع تشير الى نسب هذا اوذاك من سكانها، حتى تختلط دون ان تشير.. فليس هنالك ما يميز اكرادها عن تركمانها عن عربها من السنة والشيعة، الا في عمل الخير، فعلاقات المودة والمصاهرة، لم تعط الفرصة لتلك الاشارات المريضة ان تستفحل.

كانت الحرية ساحة نشطة للحركات والاحزاب السياسية وقد انجبت سياسيين قارعوا الانظمة الدكتاتورية، كما وانجبت العديد من الطاقات والكفاءات في مختلف مجالات الحياة الفنية والاجتماعية مثل فاضل عواد، سعدون جابر، كاظم الساهر، .. وآخرين وأسماء تألقت في الملاعب الرياضية مثل (صاحب خزعل) لاعب المنتخب الوطني في بداية السبعينيات ولا تنتهي باحمد علي حارس المنتخب الوطني الحالي..

عن المراحل التاريخية لنشوء هذه المدينة، وما يميزها حالياً عن مناطق بغداد الاخرى، وعن المشاكل والمشاهدات المتنوعة فيها، حدثنا الحاج عادل الشيخ سعد وهو من سكانها القدماء.. قائلاً:

* كانت تسمى مدينة الهادي نسبة الى عبد الهادي الجلبي صاحب المساحات الشاسعة من الاراضي والبساتين. وكانت تسكنها عشائر (البطة). وقد تم استملاك بعض من هذه الاراضي للدولة في العهد الملكي، وانشئ عليها اول احياء المدينة وهو حي (دور الشؤون) وكانت تتراوح مساحات تلك الدور ما بين (54الى 104)امتار مربعة. وتم توزيعها على الموظفين والمستخدمين في الجيش والشرطة في عهد الوصي عبد الاله، وكانت النواة الاولى لمدينة الحرية.. بعد ذلك تم تقسيم اراضي منطقة البستان والدباش الى دور سكنية تتراوح مساحاتها ما بين (150 الى 200متر مربع) والبستان اشاره لبستان عبد الهادي الجلبي، اما الدباش فهي نسبة الى اسم الحاج المرحوم ابراهيم الدباش الذي كان احد (السراكيل) للمرحوم الجلبي الذي اصبح فيما بعد مختار المنطقة وتم افتتاح اول مدرسة ابتدائية في هذه المنطقة في منتصف الخمسينيات، وسميت بالمدرسة الريفية النموذجية، وهي نموذج لمدارس ريف بغداد، وتم افتتاحها في زمن فيصل الثاني.. وعندما جاءت ثورة 14 تموز عام 1958 استبدل اسم المدينة السابق باسم مدينة الحرية، وامتد التوسع الافقي ليشمل مناطق الحرية الثانية والثالثة، ثم تم توزيع مساكن (دور نواب الضباط) التي كانت مخصصة اصلاً للضباط في الجيش الملكي، كأراضٍ سكنية للمواطنين.

* ما الذي يميز مدينة الحرية عن غيرها من مناطق بغداد؟

- ربما تكون مدينة الحرية هي المنطقة الوحيدة من مناطق الكرخ، التي تضم عدداً كبيراً من مخازن وزارة التجارة، فهي تحوي مخازن  الشاي ومخازن المستلزمات الطبية  والمخازن الرئيسة لمنطقة الكرخ الخاصة بالمواد الغذائية ، هذه المخازن دافع عنها اهالي المدينة، بعد سقوط النظام السابق لحمايتها من السراق والعابثين، إلا ان تلك المحاولات المستميته في الدفاع عنها، لم يكتب لها النجاح، وسقط بعض الشباب شهداء وهم يدافعون عنها.. إلا ان أهالي المدينة استطاعوا حماية فرع مصرف الرافدين وادئرة الكهرباء ومحطة الغاز في الحرية الثانية مع العيادة الشعبية، من العبث والسرقة.. وتمتاز مدينة الحرية بوجود سوق متخصص لبيع الطيور وبشكل خاص (الحمام) ويسمى هذا السوق، سوق (الجمباز) وهي كلمة تركية اطلقت على هذا السوق منذ بداية نشوئه التلقائي، وهذا السوق يتوافد عليه اليوم، المهتمون بهذه الطيور من مناطق بغداد المختلفة وحتى من المحافظات الاخرى.

* ما هي المشاكل التي تعاني منها مدينة الحرية بشكل خاص، في هذه الايام؟

- طبعاً كما هو حال جميع مناطق بغداد يعاني سكان الحرية حالياً من أزمة الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، الا ان اكثر المشاهدات التي تثير الحزن والالم هي كثرة الازبال والانقاض في مختلف احياء المدينة، بشكل يجعل اهالي المدينة مضطرين أحياناً لإشعال الحرائق فيها، في محاولة للتخلص منها، مما تسبب في تلوث البيئة. ومن طرائف القول ان مدينة الحرية هي المنطقة الوحيدة من بين مناطق بغداد، التي مازالت السيارات الصفراء الكبيرة فئة (44 راكب) تعمل فيها لحد الان مع ان اغلب شوارعها الرئيسة في منطقة الاولى والثانية والتالفة بسبب مشكلة المجاري المستديمة مما تزيد من الازدحام والاختناق المروري المستمر. وهناك مشكلة الانقاض والازبال التي ترد الى هذه المدينة من مناطق اخرى وتلقى في المناطق المحيطة باطراف الحرية الثانية والمشروع والمشتل.. وجميع هذه المناطق هي مناطق زراعية جميلة، ملحق بها متنزه كان ملاذاً جميلاً لاهالي منطقة دور نواب الضباط فقد كان مكاناً للتنزه وممارسة الرياضة ومكاناً هادئاً يوفر اجواء مناسبة للدراسة وخاصة في ايام الامتحانات.. هذا المتنزه اختفت ملامحه الخضراء بفعل الزحف المرعب للازبال وتلول الانقاض التي تأتي من مختلف مناطق الكرخ وربما من مختلف مناطق بغداد فطمرت ثلاثة ارباع مساحته، ومازال الزحف مستمراً وما من رادع لهؤلاء، فتحولت مساحات الارض الخضراء الى منطقة تثير القرف وحلت رائحة الازبال محل رائحة خضرة الريحان، والذي يزيد  الطين بله، هو ما تقوم به أمانة بغداد او بلدية الكاظمية على وجه التحديد، ففي كل مرة يرسلون (شفل) ليقوم بردم هذه التلال من الازبال والأنقاض على المساحات الزراعية الخضر المجاورة، وكأنها حرب على الخضرة والعشب.


وقفة.... البحث عن موضوع

محمد درويش علي

فجأة شعرت بأنني عاجز عن كتابة أي شيء، وأن المواضيع التي اكتب عنها، نفدت فقررت أن أدور في الشوارع القريبة من مكان عملي، فكان أول ما وقع عليه نظري، يافطة مكتوبة في واجهة إحدى دور السينما، أربعة أفلام في لافتة واحدة، دفعني الفضول للنظر إلى لوحة الإعلان، فكانت مجموعة صور لهذه الأفلام في بطاقة واحدة، تخدش الحياء وتخل بالذوق العام، وبرغم هذا شاهدت شباباً وكهولاً يتهافتون للدخول إلى السينما لمشاهدة هذه العروض. سرت خطوات وطلبت من صاحب صيدلية، يعرف عملي الصحفي، حبوباً مرطبة للحنجرة، شكالي وضع صيدليته، والمحال المجاورة بسبب طابور (السيارات) الذي يروم الدخول إلى محطة الوقود. رنوت إلى الطابور بألم وحسرة، ومما زاد ألمي هو وجود رجال الشرطة وبيد كل واحد منهم سلاح مهيأ لإطلاق رصاصة، وبالفعل أطلق أحدهم رصاصة في الهواء، ليخيف السائقين ويلتزموا بالطابور (جفلت) بادئ الأمر، إلا أن صاحب الصيدلية طمأنني وقال: بالريش وأضاف: المشكلة أن السائقين لا يخافون من هذه الإطلاقات. ما كان مني إلا أن اتقدم إلى أحدهم وأسأله: لماذا تتلقون هذه الإطلاقات بلا مبالاة؟ أجابني ساخراً: العمر قضيته في الجبهات ولم أخف، اتريدني أن أخاف من إطلاقة في الهواء!

تقدمت قليلاً قرب فتحة الدخول إلى المحطة، فرأيت فتحة أخرى لدخول من يدفع. تحسرت على اشياء كثيرة مرت في حياتنا، وظللت أسير يدفعني الفضول للإمساك بموضوع معين للكتابة عنه، تجاوزت بناية المسرح الوطني، فلم استطع أن أجد لي موطئ قدم على الرصيف، لأكمل رحلتي من كثرة المواد الكهربائية الموضوعة على الرصيف، حتى تتخيل أن العالم كله هنا، ولم يبق شيء لم يأتوا به. وقرب ساحة كهرمانة في الاتجاه الذاهب إلى بدالة العلوية، كان الرصيف محتلاً من قبل أصحاب مطاعم الدجاج المشوي الذي وزعوا الطاولات والكراسي على الرصيف لجذب الزبائن. سرت بخطى متعثرة بين الطاولات، اتجهت صوب أحد محال بيع الملابس في مدخل كرادة داخل فأعجبت بسترة جميلة، قلت مع نفسي أتفادى بها كلام ونظرت صديقتي وهي تقول لي: ملابسك غير حداثوية! سألت عن سعر السترة الحداثوية هذه، فأجابني العامل: تسعون دولاراً!

شعرت أن حنجرتي تيبست، فأخذت حبة من التي باعني إياها صاحب الصيدلية، عسى أن يزول اليباس في حنجرتي. قلت فلأعد إلى البيت وصلت مرآب الباب المعظم، فكان عبارة عن فوضى حقيقية، ثمة مساحة واسعة منه، أزيل عنها القير، وجمع على شكل تلين أحدهما يواجه الآخر، قبل أن أصعد إلى السيارة التي تقلني إلى البيت، مد أحدهم أثناء صعودي يده في جيبي فوقعت على الحبوب المرطبة، عندما سألته: لماذا مددت يدك في جيبي؟ تجمهر حولي ثلاثة على شاكلته وقالوا: ماذا هناك؟ حدثتهم عن الحبوب وكيفية استعمالها، وصعدت في السيارة.


على الطريق: الحقائب

ماجد موجد

عالم الحقائب، عالم غريب وواسع، فيه الكثير  من المفردات والتفاصيل التي تستحق التعرف عليها، فالحقيبة التي يعود تأريخها الى العصور القديمة عندما كانت تصنع من الطين والحجارة، اخذت تتطور مع تطور الانسان وصارت احدى الحاجيات التي لا يمكن الاستغناء عنها ابداً، مثلما دخلت في صناعتها الكثير من المواد، منها الحديد والمعادن الثمينة والجلود بمختلف انواعها واخيراً التكنولوجيا، نعم فقد صارت بعض الحقائب تفتح وتغلق عن طريق صوت صاحبها المعرف، فضلاً عن تزويد بعضها الآخر بالحاسوب والانترنيت ايضاً وهو ما متوفر في الدول المتقدمة.. اما لدينا فلما تزل الحقيبة تحمل ملامحها الكلاسيكية بإستثناء بعض الاضافات الطفيفة، وللوقوف على عالم الحقائب في العراق، كانت لنا زيارة لإحد المتاجر المتخصصة ببيع الحقائب الجلدية المختلفة انها محال (ابو قصي) للجلود وكان سؤالنا الاول يتمحور حول صناعة الحقائب وانواعها فقال السيد ابو قصي اغلب ما متوفر الآن من حقائب مصنوع من الجلود الصناعية المبطنة بالاقمشة، او اللدائن البلاستيكية الخاصة ومصادرها الاكثر شهرة هي دولة الصين، وتمتاز هذه الحقائب بقلة ثمنها واناقتها كما انها مطلوبة بشكل كبير. وهناك حقائب مصنوعة من الجلود الطبيعية. ومنها جلود الماعز وجلود البقر وجلد الجمال، وغيرها مصنوع من جلد التمساح وجلد الافعى، الا ان هذين النوعين نادران في الوقت الحالي واغلب الحقائب المصنوعة من الجلود الطبيعية باهظة الثمن كونها مستوردة من المنشأ الام للصناعات الجلدية وهي ايطاليا، وهناك ايضاً صناعات انكليزية، كذلك توجد حقائب مصنوعة في العراق من الجلود الطبيعية، الا ان الحقائب الايطالية اكثر متانة وقوة وينتقيها الناس لهذا السبب اما انواع الحقائب فهي كثيرة جداً، تبدأ من حافظة النقود وتنتهي بالحقائب جداً المخصصة للسفر (جابات اكس بريس) صينية المنشأ واخرى في المطارات وهي عمودية الشكل ومثبتة على عربة لتسهل عملية  نقلها من مكان الى آخر، كما ان لكل وظيفة وعمل حقيبة خاصة، فهناك الحقائب الدبلوماسية التي يستخدمها موظفو الوزارات والسفارات واساتذة الجامعات، وهناك حقائب لرجال الاعمال واخرى للمحامين وهناك حقائب تسمى بوكس نسائي تستخدمها طبيبات الاسنان، فضلاً عن حقائب المدارس المختلفة الانواع والاحجام، وبطبيعة الحال هناك الحقائب الاكثر استخداماً وهي الحقائب النسائية، وهذه الحقائب نواجه فيها مشاكل لأنها تستخدم حسب الموديل اذ كلما مر عام او عامان يتغير الموديل ما يجعل المتبقي من الموديل السابق خسارة للتاجر الذي يعمل بهذه الحقائب.

وبشأن اسعار الحقائب في الوقت الحالي وطلب المتبضعين لها قال السيد ابو قصي: بطبيعة الحال الاسعار تختلف حسب نوع الحقيبة الا ان اكثر الحقائب ثمناً في السوق حالياً هي من الانواع التي تسمى (دبلوماسية) اذ يصل سعرها الى مئتي دولار امريكي، وتتراجع هذه الاسعار حسب المنشأ والشكل والمتانة،  اما باقي الحقائب فتفاوتت اسعارها بين مائة الف دينار الى عشرين الف دينار كحد ادنى بالنسبة للحقائب الاجنبية واقل من ذلك بالنسبة للحقائب العراقية المنشأ. وهذه الاسعار لدينا في العراق اما في الخارج فهناك حقائب اسعارها لا تصدق إذ يصل سعر بعضها الى ثلاثة آلاف دولار وهناك حقائب مزودة ببعض التقنيات التكنولوجية منها الحاسبة الخاصة والحاسوب والاقفال الحساسة والهواتف، بل ان بعضها مجهزة بانترنيت شخصي مصغر ولها قدرة على التقاط الصور وتسجيل الصوت وما الى غير ذلك من الخدمات الالكترونية العالية الجودة والدقة.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة