نجوم في الذاكرة: سلام علي .. برز في طهران وأضاعه الإحباط

نجوم في الذاكرة: سلام علي .. برز في طهران وأضاعه الإحباط

ههناك نجوم قلائل يصمدون في ذاكرة الناس على مدى طويل من الزمن، لكونهم تركوا أثراً طيباً خلفهم من خلال البصمات العديدة التي يقدمونها فوق المستطيل الأخضر وكافأتهم الجماهير بالخلود الطويل في ذاكرة الجمهور الرياضي.

(المدى) تحاول الغور في مسيرة نجوم المنتخبات العراقية السابقين الذين ترفض ذاكرة جمهورنا مغادرتهم لها حيث صمدوا في البقاء فيها برغم مرورعقود عدة على اعتزالهم اللعب حتى أن قسماً منهم ابتعدوا عن الرياضة برمتها أو غادروا العراق إلى بلدان أخرى. زاوية (نجوم في الذاكرة) تستعرض في حلقتها 204 مسيرة حارس مرمى فريقي العمال والأمانة والمنتخبات الوطنية السابق سلام علي الذي وُلِد عام 1957 وتمت دعوته للمنتخب الوطني في أكثر من مناسبة، إذ سيجد فيها المتابع الكثير من المحطات والمواقف المهمة والطريفة.
 
بداياته
لم تكن بداية الحارس سلام علي مختلفة عن أقرانه في سبعينات القرن المنصرم حيث لعب مع الفرق الشعبية في منطقته السكنية "الزعفرانية" ومنها برز حتى لفت انتباه كشاف النجوم حسن فيوري الذي اهتم بموهبته ووجهه بشكل صحيح وبعد ذلك لعب لفريق الزيوت النباتية ومنه توجه نحو نادي العمال وبعد ذلك انضم إلى نادي البلديات "الأمانة حالياً" ليبدأ صفحة جديدة من التألق والبروز حيث كان الفريق المذكور يضم لاعبين جيدين بعضهم فرض نفسه على المنتخب الوطني مثل الكابتن صباح عبد الجليل والبعض الآخر يتحين الفرصة للبروز والتألق أمثال احمد صبحي وآرا همبرسوم وسليم ملاخ حيث كان مدرب الفريق آنذاك الكابتن أكرم احمد سلمان قد وجد في مواصفات الحارس الشاب سلام علي الكثير من المميزات التي يبحث عنها في ذلك الوقت، منحه الفرصة للعب كحارس أساس في عام1975. وبعد هذه المباراة بدأ يفرض نفسه ويتألق من مباراة إلى أخرى ليصبح من أبرز حراس المرمى الشباب في بطولة الدوري آنذاك.
ونظراً لمستواه الرائع تم ضمه إلى منتخب الناشئين الذي شارك في الأسبوع الثقافي في تونس وخاض معه مباراة ضد المنتخب المغربي وفيها لفت الأنظار لمستواه وبعد ذلك وفي عام1975 لعب مع منتخب الناشئين في ملعب الشعب الدولي مباراة مع احد الفرق المحلية قبل مباراة المنتخبين العراقي والمغربي التي جرت في ملعب الشعب الدولي وحصل على الإشادة من شيخ المعلقين مؤيد البدري حيث منحته هذه الشهادة حافزاً كبيراً للتألق والإبداع ومواصلة العطاء.
نقطة التحول
حصلت نقطة التحول الكبيرة في مسيرة الحارس سلام علي عام1977 عندما قرر المدرب اليوغسلافي الراحل مستر آبا ضمه إلى صفوف منتخبنا الشبابي الذي كان يستعد للمشاركة في نهائيات بطولة شباب آسيا التي جرت في طهران في العام ذاته حيث سبق تلك البطولة أن دخل منتخبنا الشبابي معسكراً تدريبياً في أحدى دول المعسكر الاشتراكي وهناك خاض مباراة تجريبية تألق فيها الحارس سلام علي بشكل لافت للنظر حتى أن المدربين هناك أخبروا المدرب آبا بأنه ذاهب إلى بطولة شباب آسيا بالحارس فقط، وهذا دليل أكيد على تألقه وإبداعه الكبيرين في تلك المباراة.
ومنذ أن جاء وقت انطلاق بطولة شباب آسيا في طهران حتى أنطلق معها تألق الحارس سلام علي الذي أسهم في الذود عن مرمى منتخبنا الشبابي بشكل لافت للنظر حتى وصل إلى المباراة النهائية ضد المنتخب الإيراني"صاحب الأرض والجمهور" الذي سانده أكثر من مائة ألف متفرج، وفي هذه المباراة التاريخية أصبح سلام علي وكل زملائه نجوماً في سماء الكرة العراقية بعد أن تفوقوا حتى على أنفسهم وهزموا المنتخب الإيراني بأربعة أهداف مقابل ثلاثة أهداف لتبدأ انطلاقة جديدة للحارس سلام علي كنجم واعد في حراسة المرمى.
وبعد ذلك مثـّل منتخب الشباب في أول مونديال للشباب الذي أقيم في تونس عام1977 الذي شهد الظهور الأول للأسطورة العالمية النجم الأرجنتيني دييغو مارادونا، وقد ظهر الحارس سلام علي بمستوى جيد في تلك البطولة برغم أنه كان يعاني من إصابة قوية تعرض لها في مباراة منتخبنا ضد منتخب شباب الاتحاد السوفييتي الذي كان يحرسه الحارس المعروف داساييف.
الدعوة للمنتخب الوطني
بعد أن تألق سلام علي مع منتخب الشباب دعاه مدرب منتخبنا الثاني الدكتور جمال صالح إلى صفوف المنتخب المذكور الذي كان يستعد للمشاركة في بطولة مرديكا الدولية التي جرت في ماليزيا إلى جانب الحارسين رعد حمودي ومثنى حميد، إلا أن بعض الأمور التي حصلت منها رياضية ومنها "سياسية" أدت إلى إحباطه نفسياً وابتعاده عن المنتخب وبعد ذلك عاود تألقه مع نادي الأمانة بشكل لافت للنظر، مما جعل مدربي المنتخبات الوطنية يوجهون الدعوة له ليكون إلى جانب الحارسين رعد حمودي وكاظم شبيب، إلا أن الإحباط مع المنتخب بقي مرافقاً له حتى أضطر الى عدم تلبية إحدى الدعوات بحجة وجود ظرف خاص له ، ليبقى يدافع عن ألوان فريقه المحلي"الأمانة" حتى موعد مغادرته العراق الى أوروبا في عام 1980، إذ خاض آخر مباراة له في ذلك العام مع الأمانة ضد التجارة لتنطوي صفحة هذا الحارس الشاب بوقت مبكر جداً. 
ضياع فرصة تمثيل الجوية
من الأمور المحزنة في مسيرة الحارس سلام علي هو عدم تنفيذ رغبته في اللعب مع فريق القوة الجوية حيث دعاه مدرب الفريق المذكور عبد الإله محمد حسن وكان راغباً بضمه إلى صفوف فريقه بشكل كبير جداً حتى أنه قرر أن يستبدله بثلاثة لاعبين، إلا إن أحد المسؤولين في أمانة بغداد آنذاك رفض منحه كتاب الاستغناء، الأمر الذي زاد من إحباطه وجعله يقرر هجرة البلد بشكل نهائي. 
أجمل مبارياته
خاض الحارس سلام علي الكثير من المباريات الجميلة في مسيرته الرياضية، إلا أن لبعض المباريات ذكرى خالدة في أذهانه حيث يعتز كثيراً بمباراة فريقه الأمانة ضد فريق الشرطة التي أقيمت بينهما على ملعب الكشافة التي انتهت بهدف واحد لصالح فريقه سجله المهاجم سليم ملاخ في مرمى رعد حمودي وتمكن سلام علي في هذه المباراة من التصدي إلى ركلة جزاء نفذها الكابتن دوكلص عزيز، وكذلك مباراة منتخب شباب العراق ضد منتخب شباب إيران في نهائي بطولة شباب آسيا عام1977، إذ قدّم صورة جميلة جداً في هذه المباراة جعلت منه وكذلك بقية زملائه يتحولون من لاعبين شباب إلى نجوم كبار في الشارع العراقي.
هدف هزّ شباكه
لا يوجد حارس مرمى في أرض المعمورة لا تتعرض شباكه إلى الاهتزاز من قبل منافسيه، لكن هناك أهدافاً تبقى عالقة في ذهن الحارس ومن هذه الأهداف التي بقيت خالدة في ذاكرة الحارس سلام علي الهدف الذي سجله لاعب نادي سيسكا السوفييتي في المباراة التي جمعت منتخبنا الشبابي والنادي المذكور على ملعب الشعب الدولي عام1978 انتهت لصالح الضيوف بالهدف المذكور.
مميزاته
يمتلك الحارس سلام علي بالكثير من المميزات الرائعة منها طوله الفارع الذي يبلغ "186"سم وكذلك قدراته الفائقة في فرض هيمنته على منطقة الجزاء برمتها وحسم الكرات فيها أما بالمسك أو الإبعاد بالقبضتين، فضلاً عن قواه الجسمانية الهائلة التي كانت ترعب أقوى المهاجمين، أيضاً يتميز بحسن القيادة والتعاون والتفاهم مع لاعبي فريقه ويشد أزرهم ويرفع من معنوياتهم إذا تعرّض فريقه إلى الضغط من الفريق المنافس، ولولا تعرضه للإحباط الكبير مع المنتخب الوطني لأصبح الحارس الأبرز والأهم في ثمانينات القرن المنصرم، لكنه للأسف استسلم لإحباطه لتخسر الكرة العراقية طاقة واعدة كان يمكن لها أن تقدم خدماتها الكبيرة لأنديتنا ومنتخباتنا الوطنية لسنوات طوال أخرى.
وقفات قصيرة
* برغم اهتزاز شباكه خمس مرات في نهائي بطولة الكأس أمام نادي الزوراء في سبعينات القرن المنصرم، إلا أنه كان متألقاً ومنع لاعبي الزوراء من مضاعفة النتيجة.
* يرتاح كثيراً عندما يلعب أمامه اللاعب سعدي توما في منتخب الشباب والمرحوم ناطق هاشم في نادي الأمانة.
* المهاجم الذي دائماً يقلقه هو نجم منتخبنا الوطني ونادي الطلبة السابق حسين سعيد، لأنه دائماً يسجل في مرماه كما تعوّد أن يسجل في مرمى أفضل الحراس محلياً وعربياً وآسيوياً، لأنه لاعب هداف وقناص كبير يحوّل أجزاء الفرص إلى أهداف.
* يرى في حارس مرمى ومنتخبنا الوطني ونادي أربيل الشاب جلال حسن مشروع حارس مرمى كبيراً جداً ليس في العراق فقط، إنما على مستوى الوطن العربي وآسيا وربما العالم بأسره، متمنياً له أن يحصل على فرصة جيدة للاحتراف في الملاعب الأوروبية، مؤكداً استعداده لإيجاد مثل هكذا فرصة له في أوروبا. 
أبرز المدربين
حسن فيوري، أكرم احمد سلمان، جمال صالح، آبا وعمو بابا.

تعليقات الزوار

  • انسان رياضي النفس اتذكر زيارته بالسيارة لادا التي اهداها الرئيس احمد البكر للمنتخب عندما فاز على ايران وكنا من ضمن الاقرباء الذين زارهم بعد استلامه السيارة

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top