اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > الرأي > يوجين أونيل في بغداد!

يوجين أونيل في بغداد!

نشر في: 14 إبريل, 2014: 09:01 م

أصدرت جريدة "المدى" ملحق "منارات" عن الكاتب المسرحي الأميركي "يوجين أونيل"، ودأبت هذه الجريدة الغراء على تعريف قرائها بالمشاهير من الفلاسفة والعلماء والأدباء والفنانين وقد يفوت على الكثير من القراء ومن المهتمين بالحركة المسرحية تعرفهم علاقة المسرحيين العراقيين بالمسرحيين العرب والأجانب، ومدى اتساع ثقافة العراقي في تعامله مع النتاج الأدبي والفني للآخرين.
في الملحق المشار إليه كتب المسرحي العراقي "عقيل مهدي" عن تجربته في إحدى مسرحيات يوجين أونيل، وهي "الغوريلا" التي قدمها في مسرح الرشيد مع أعضاء من الفرقة القومية للتمثيل أوائل التسعينات من القرن العشرين ولاقى عرض المسرحية تلك صدى جيداً لدى الجمهور، وللأسف فان "الدكتور عقيل" لم يذكر في مقالته أنني أنا "سامي عبد الحميد" قدمت المسرحية نفسها بعنوانها الأصلي "القرد كثيف الشعر" ومع طلبة أكاديمية الفنون الجميلة عام  1968   وعلى مسرح معهد الفنون "مسرح الرواد" وشارك فيها طلبة قسم الفنون المسرحية واغلبهم اليوم من ابرز فناني  المسرح العراقي وفي مقدمتهم "صلاح القصب" ومثل الدور الرئيس "يانغ" "كريم عواد" وكان اختياري له لتمثيل دور العامل الزنجي المفتول العضلات وجسمه وصوته الضخم من دواعي نجاح العمل بوقته، وهنا لابد أن أشير إلى ان تلك المسرحية بعرضها العراقي في بغداد قد شهدت لأول مرة، كما اعتقد، ما يسمى الآن "دراما الجسد" أو "الرقص الدرامي" حيث استخدمت أجساد عمال موقد محرك السفينة وهي مكان معظم أحداث المسرحية للتعبير عن حركة السفينة أولاً وعن معاناة أولئك العمال ثانياً وعن احتجاجهم ضد السلطة القاهرة لهم ثالثاً، وبوقتها لم أكن اعرف عن "المسرح التعبيري" الذي تنتمي إليه المسرحية، إلا القلب كما ان غيري من المسرحيين العراقيين لم يكونوا يعرفون عنه شيئاً حيث تعرفوه وغيره من المدارس المعارضة للواقعية كالرمزية والدادائية والمستقبلية والسوريالية عندما افتتحت الدراسات العليا في كلية الفنون الجميلة أواسط الثمانينات من القرن الماضي، أقول مع قلة معرفتي بذلك النوع من المسرحيات إلا أنني كما يبدو، قد قمت بتطبيق شيء من تقنيات المسرح التعبيري، وهي باختصار تعبر عن إفرازات لاوعي الإنسان والتي تظهر مظاهرها  عبر الأحلام: التجريد والتشويه في جميع عناصر الإنتاج المسرحي وفي المجالات السمعية والبصرية والحركية وجدران آيلة للسقوط وأشجار تتحول إلى هياكل عظيمة، حركة الشخوص آلية وإيقاعات كلامية متباينة، مرة سريعة  وأخرى بطيئة، ألوان صارخة متضادة الانطياع  ألم استعاري يلبس لبوس الكابوس، وللعلم أيضاً إنني أخرجت مسرحية أخرى للكاتب الأميركي "يوجين أونيل" هي "الإمبراطور جونز" والتي هي الأخرى تنتمي إلى المسرح التعبيري، وتتحدث عن لاوعي الأفارقة في التخلص من العبودية والاسترقاق والتطلع إلى التحرر والسلطة الوطنية، قدمت المسرحية مع طلبة أكاديمية الفنون الجميلة عام 1972 وفي قاعة الخلد "تقع القاعة اليوم ضمن المنطقة الخضراء ولا ندري مصيرها وكيفية الاستفادة منها"، ونذكر هنا أيضاً ان مسرحيات أخرى لأونيل أخرجها طلبة معهد وكلية الفنون الجميلة ومنها "رغبة تحت شجرة الدردار" و"رحلة طويلة عبر الليل"، و"الإله الكبير براون"، وأخرج الأخيرة "عبد الاله كمال الدين".
يعتبر "يوجين أونيل" الكاتب الأول الذي قدم للمسرح الأميركي التراجيديا الوطنية والذي مهد الطريق لظهور كادر جديد من الدراميين الوطنيين في أميركا ويحمل معظمهم أفكاراً ثورية تبغي تغيير المجتمع الرأسمالي الاحتكاري الأميركي إلى مجتمع أفضل يحقق العدالة والمساواة لجميع المواطنين ،ونذكر من أولئك كلاً من "آرثر ميللر" و"تنسي وليامز" و"أورين شو" و"ألمورايس" مؤلف "المسرح الحي" وكاتب المسرحية التقدمية "في انتظار اليسار".
لعل من متطلبات الدراسة الأكاديمية في أقسام الدراما أو أقسام الفنون المسرحية في المعاهد والجماعات تعرف الطلبة أساليب كتابة المسرحية وأنواع المسرحيات عبر تاريخ المسرح ولا يتم التعرف إلا من خلال التطبيق أي من خلال تقديم مسرحيات متنوعة في أشكالها ومضامينها وأساليب بنائها ويقوم بإخراجها التدريسيون المختصون أو طلبة الإخراج بإشراف أساتذتهم ومثل هذا التقليد الأكاديمي كان متبعاً في أقسام المسرح عندنا خلال الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات من القرن الماضي، أما اليوم فقد ضرب ذلك التقليد عرض الحائط وأصبحت العشوائية في اختيار النصوص المسرحية المعدة للإخراج هي الطاغية على أعمال التدريسيين والطلبة ،ولذلك عم الفقر الثقافي لدى الطلبة وتناقصت آفاق المعرفة الفنية للأسف ،لذلك بات من واجب إدارات تلك الأقسام الفنية ان تضع ضوابط وشروطاً لاختبار النصوص المسرحية يراعى فيها تطبيق مناهج الدراسة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملاحق المدى

!!العمود الثامن: وثيقةعالية نصيف

 علي حسين كنت أتمنى أن لا أعود إلى الكتابة عن النائبة عالية نصيف ، لكن ماذا أفعل ياسادة والسيدة النائبة خرجت علينا مؤخراً لتتقمص شخصية الفنان الراحل توفيق الدقن وهو يردد لازمته الشهيرة...
علي حسين

باليت المدى: الأمل الأخير

 ستار كاووش كان مروري في الشارع الأخضر بمدينتي القديمة كافياً لإعادتي لتلك الأيام البعيدة، فها أنا بعد هذه السنوات الطويلة أقف بمحاذاة المقهى القديمة التي كنتُ أرتادها صحبة أصدقائي. مازالت رابضة في مكانها...
ستار كاووش

قناديل: لقطات!

 لطفية الدليمي لقطة أولى بعد أيام قلائل من 9 نيسان 2003 خرج أحد العراقيين ليبحث عن فرن صمون يبتاع منه بعض ما يقيتُ به عائلته في تلك الايام المشحونة بالفوضى والخراب.
لطفية الدليمي

قناطر: الأمل.. جرعة المورفين التي لا تدوم طويلاً

طالب عبد العزيز أولئك الذين يأكل أرواحَهم الاملُ ما اشفق الرَّبُّ عليهم! وما الطفه بهم، وإن لا يبدو الاملُ متحققاً في المدى القريب. تلتقط الكاميرا على الجادة بفلسطين وجه شيخ، طاعنَ السنوات كثيراً، أشيبَ...
طالب عبد العزيز
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram