غارديان: دولة القانون الأوفر حظا لتشكيل حكومة ائتلافية لكنه سيواجه مفاوضات قاسية مع منافسيه

غارديان: دولة القانون الأوفر حظا لتشكيل حكومة ائتلافية لكنه سيواجه مفاوضات قاسية مع منافسيه

توافد العراقيون بعصبية للإدلاء بأصواتهم في انتخابات وطنية ينظر إليها على أنها استفتاء على القضايا الأمنية التي يمكن ان تتفرع على نطاق واسع من أجل وحدة المنطقة ككل. وجرت انتخابات الأربعاء في ظل إجراءات أمنية مكثفة، ومرت دون وقوع حوادث رغم أسابيع العنف التي سبقت الانتخابات. ومع ذلك فان الاختبار الواقعي لنجاح الانتخابات سيجري خلال الأسابيع أو حتى الأشهر القادمة ، حيث يشرع القادة بعملية مطولة لتجميع الحكومة من الكتل السياسية المنقسمة.
وتمت الإشادة بالانتخابات على انها خطوة لبناء الأمة بعد عامين على رحيل القوات الأميركية عن البلاد ، تاركة القادة المحليين بوصفهم رعاة لديمقراطية جديدة .
ويبقى القائد الحالي، نوري المالكي الذي يتهيأ لولاية ثالثة كرئيس للوزراء، هو الأوفر حظا لتشكيل حكومة ائتلاف. لكن مع ذلك فمن المحتمل جدا ان لا يكسب أغلبية المقاعد الى جانبه في البرلمان المكون من 328 مقعد، ما يعني ان مفاوضات صعبة مع المنافسين ستتبع ذلك.
وقال المالكي، وهو يدلي بصوته في المنطقة الخضراء المنيعة في بغداد "أدعو الشعب العراقي ان يتوجه بأعداد كبيرة الى صناديق الاقتراع ليرسل رسالة ردع و يوجّه صفعة الى وجه الإرهاب". ولدى سؤاله عما اذا كان واثقا من الفوز بولاية ثالثة، قال "من الطبيعي ان تكون توقعاتنا كبيرة. فوزنا مضمون لكننا لازلنا بحاجة الى تقرير حجم هذا الفوز".
وفي منطقة الكرادة ببغداد، قال أحد مسانديه ان المالكي وحده القادر على منع انزلاق العراق الى هاوية الطائفية "من هناك غيره؟ أي قائد يمكنه التقدم والقول بانه قادر على ذلك؟ لقد جمع السلطة بيديه لأنه كان يجب عليه ذلك".
ولم يقضي لا المالكي ولا غيره من المرشحين وقتا طويلا في الحملات لتأسيس مصداقية حكمهم مع الناخبين الذين أنهكتهم الحرب. وجاء التقصير الكبير في خدمات مثل الكهرباء وتصريف المياه ثانيا بعد المخاوف من التمرد السنّي في محافظة الأنبار والذي تسرّب مباشرة الى الجارة سوريا التي تتأجج فيها حرب ذات إيحاءات طائفية .
وانعكس القلق على شوارع بغداد يوم الأربعاء حيث منعت العجلات من الحركة ما اضطر الناخبين الى السير عبر الشوارع المهجورة الى محطات الاقتراع. وكان الإقبال ضعيفا طوال اليوم. وبالساعة الخامسة سمح مسؤولو الأمن بحركة السيارات في شوارع العاصمة في محاولة لزيادة أعداد الناخبين قبل غلق الصناديق بالساعة السادسة مساءً.
وفي محافظة الأنبار، التي تعتبر معقل السنة، بقيت محطات الاقتراع مغلقة. اما الذين تجرأوا على التصويت فقد قاموا بذلك في ظل مخاوف من هجوم مجموعة داعش التي تنكر الديمقراطية واستهدفت حكومة المالكي على مدى السنوات الثمانية الماضية. كما ان المجموعة قد انشقت عن المعارضة السورية المناوئة للأسد، وفرضت شريعة وحشية على المناطق التي تسيطر عليها.
لقد كشفت الحرب العابرة للحدود حدود قدرة الجيش العراقي؛ حيث شنت هجمات على مدن الفلوجة والرمادي وسيطرت على مناطق فيها. رغم قوة المجموعة، فقد ذكرت التقارير ان 12 شخصا فقط قتلوا يوم الأربعاء بينهم اثنان من موظفي الانتخابات نتيجة انفجار عبوة مزروعة على جانب الطريق أثناء توجههما الى محطة الاقتراع في مدينة كركوك.
وفي واشنطن قال وزير الخارجية جون كيري "لقد صوّت العراقيون بشجاعة و ارسلوا رسالة توبيخ قوية للمتطرفين الذين حاولوا إفشال العملية الديمقراطية و زرع الاضطرابات في العراق والمنطقة".
من جانبهم، ادعى السنّة بان الانتخابات قد فشلت في استيعابهم في الهيكل السياسي أو مشاركة السلطة. ويقولون ان الجيش العراقي لا يميّز بينهم وبين المتمردين، وان قمع المالكي للاحتجاجات المدنية في الأنبار في كانون الأول الماضي قد زاد من مخاوفهم. ويقول علي منصور من أهالي الرمادي "ما الهدف من الانتخابات، كل ما نفعله هو إعطاء الشرعية للمالكي، انه يضمن تمزّق البلاد".
ان الفشل في دحر التمرد من المحتمل أيضا ان يزيد من تآكل صفقات مشاركة السلطة الهشة أصلاً مع كرد العراق. ورغم كونه جزءا من البلاد، فان شمال العراق يعمل بشكل مستقل عن بغداد ويتحاشى كافة العلاقات مع بغداد عدا الاقتصادية. وعلى مدى العقد الماضي كان الكرد يتحققون من طموحاتهم التاريخية تجاه الاستقلال. ومع هذا فان السيطرة المتداعية على الدولة والتفكك في سوريا يمكن ان تغيّر حساباتهم.
محاولات المالكي في قمع الأنبار تتم مراقبتها في سوريا، حيث تقوم قوات النظام بمساعدة المسلحين العراقيين وحزب الله وايران وروسيا بقلب الأمور لصالح الزعيم السوري.
وسيكون من المهم نجاح المالكي في بناء تحالف يمكن ان يوحّد الأطراف المختلفة ويخلق استقرارا سياسيا. انتخابات 2010، التي جاء فيها ائتلاف دولة القانون ثانيا بعد التجمع العابر للطائفية لرئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، انطوت على فترة تسعة أشهر من المساومات صار صنع القرار خلالها مشلولا في أنحاء البلاد.
وتقول ابتسام محمود من أهالي منطقة حي الجهاد في بغداد "لا يمكن ان يحصل ذلك ثانيةً. هذا اختبار كبير للمالكي وغيره من القادة. انها فرصتهم ليثبتوا لنا انهم لم يأتوا فقط لسرقة ثروة البلاد. انه تهديد حقيقي أسوأ مما كان بوجود الأمريكان. دون وجود قائد حقيقي فالعراق يتجه الى الهاوية".
 عن: الغارديان

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top