التحالف المدني الديموقراطي و(الإسلاميون)

آراء وأفكار 2014/05/12 09:01:00 م

التحالف المدني الديموقراطي و(الإسلاميون)

أساءت قوى  (الإسلام  السياسي ) سنيَّة وشيعيةً إلى  الاسلام السمح الكريم ، اساؤوا الى الله ورسوله والائمة والصحابة والشهداء والتاريخ والعبادات والمعاملات ، اساؤوا وافسدوا بسرقاتهم وظلمهم وأنانيتهم وتكالبهم على الدنيا والألقاب والكراسي والمناصب ، لقد تحولوا إلى ( سُبَّة ) على الاسلام نفسه !
لكن هل هذا التوصيف وهو حق ينسحب على كل حملة الإسلام رسالة وديناً وأخلاقاً ودعوة ؟
إني أخاف من تعميم مثل هذا الحكم ، فلم يسلم الخط العلماني من فاسدين وقتلة ومحرفين وسارقين أيضا ، سواء في العراق او في غير العراق ، وسبحان منْ لا يسهو ولا يخطئ .
ماذا أريد من هذه المقدمة الخطرة والتي ربما تسبب لكاتب هذه السطور من متاعب وكم جلبت لنفسي من متاعب ؟
أريد ان أخاطب هنا فرسان وكُتُّاب وسياسيي التحالف المدني الديموقرطي لاؤكد لهم ، حسب تصوري ، إن التحالف محتاج في تحركه إلى دعم الجماهير ، الجماهير كلها ، بصرف النظر عن الاتجاه والانتماء ، والاسلاميون في العراق تيار عريض مؤثر ، سواء من السنَّة أو الشيعة ، من العرب أو الكرد أو التركمان ، من التجار أو الطلاب أو الموظفين أو الأساتذة والعلماء ، فهم يغلب عليهم الاخلاص والحب والتفاني في سبيل الطبقات الكادحة المظلومة ، ويتطلعون الى دولة مدنية بمرجعية أخلاقية تحترم معايير الحق والعدل ، إنهم جماهير حية واعية ، وهي تتضاد بالسلوك مع هذه (الرموز) التي تدعي التدين ولكنها خانت التدين وأحدثت فيه نكبة تاريخية ، هناك تيار اسلامي كبير في العراق ، وتجافي هذه الحقيقة من قبل التحالف المدني الديموقراطي العراقي يعني ضربة موجعة للمشروع المدني الديموقراطي بالصميم ، وعليه ، أرى من المهم جدا أن يتواصل رواد التيار المدني الديموقراطي مع هذه القاعدة المتوقدة بالفكر والاخلاص للناس ، ليكسبوها إلى جانبهم في طرح مشاريعهم الاقتصادية والسياسية والتربوية في معركة الأيام المقبلة في البرلمان ، فإن الاستهانة باية قاعدة جماهيرية كقوة دافعة وداعمة خسارة للمشروع كلّه .
أعرف كثيرا من الاسلاميين الشباب صوتوا الى التحالف المدني الديموقراطي، أعلنوا ذلك جهارا ، ولم يتخوفوا من حذلقات قوى الاسلام السياسي ، بل اعرف بعض ( رجال الحوزة العلمية ) الدينية صوتوا الى التيار المدني الديموقراطي ، وكانت حجة بعضهم ، انهم يحلمون بديموقراطية حية نشطة ، ويخشون سطوة ( المتدينين ) خاصة بعد ان أثبتت التجربة فشل ( الاسلاميين ) وعلى مستوى التطبيق بشكل خاص .
هل هناك ما هو اكثر؟
نعم !
أدعو التيار المدني الديموقراطي ان يستفيد من الاسلاميين من حملة الفكر العميق ، الاختصاصات في الاقتصاد والتربية والعمران والصحة ، عملا  بقاعدة عقلانية مفادها (أنظر الى ما قيل ولا تنظر إلى من قال ) حسب ما ورد عن إمام الكادحين علي بن أبي طالب .
لقد اثبت الإسلام السياسي تضاده حتى مع حملة العلم والعمق ممن ينتمي إليه هويةً وتاريخاً وشعورا ، لان قوى هذا  (الاسلام ) جعلوا من السياسة حاكمة على الدين وليس العكس ، حكَّموا (الحزبية ) على الوطنية ، حكَّموا ( الولاء ) على الكفاءة والنزاهة ، وبذلك اختلت موازين الدولة ، وتخلخلت ، وأصبحت عبارة عن كانتونات عائلية وعشيرية وحزبية !
في هذا السياق أتذكر أن شهيد المنطق الفكري محمد باقر الصدر ، وهو مشروع نهضوي عظيم ، فيما كان يكتب ( الأسس المنطقية للاستقراء ) راح يستعين بالدكتور كريم متّي مدرس المنطق الرياضي في جامعة بغداد،  فهل مثل هذا النموذج الاسلامي مفقود ؟
لا !
صحيح إن قوى الاسلام السياسي سواء أكانت سنيَّة أو شيعية خانت محمد باقر الصدر ، وطعنته  بالصميم ، وخانت الشهيد عبد الغني شندالة وطعنته بالصميم ، ولكن التيار الاسلامي فرز وما زال يفرز شخصيات بلغت الذروة في الايمان والتضحية من أجل الفقراء والمساكين ، من أجل المبادئ والمشاريع الخيرة ، ولنعلم أن كثيرا منهم هجر هذه القوى خوفا من الله ، ودفاعا عن قيم الاسلام الجميلة خارج مملكة هذه القوى الحرام .
الشعب العراقي مسلم ، ومتدين ، ومن الصعوبة بمكان تجاهل هذه الحقيقة ، والحركة النشطة الواعية تراعي هذه الحقيقة ، والتيار الاسلامي في العراق جماهير عريضة ، ومنه العلماء والمفكرون وأصحاب المشاريع الحضارية ، فمن غير المنطقي ولا من العقل ولا من اسباب النجاح أن يهجر الائتلاف المدني الديموقراطي هذه القوة الكبيرة .
ولنكن صريحين أكثر !
ألم تكن السيستانية ضد احتكار السلطة ؟ ألم تكن تؤكد على مدنية الحكم ؟ ألم تؤكد  على موقفها بمسافات واحدة من جميع الكتل والاحزاب والتيارات ؟
لست ادعو الى نفاق سياسي ، النفاق السياسي من شأن الإسلام السياسي بكل وضوح ،بل أدعو إلى موضوعية سياسية ، الى موضوعية فكرية.
اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.

تعليقات الزوار

  • الشمري فاروق

    شكرا لك ايها العزيز.... كم انت جميل ورائع فشكرا لك مرة اخرى.... مع تحياتي

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top