تحليل: تطهير الأراضي من داعش غير كاف من دون كسب العشائر السنية

تحليل: تطهير الأراضي من داعش غير كاف من دون كسب العشائر السنية

كانت الأنبار أول محافظة يندلع فيها القتال نهاية كانون الاول 2013، وقد تسبّب الصراع بانقسام الكثير من عشائر المحافظة حيث دعم بعضها الحكومة، وثار البعض ضد السلطات لكنه كان يعارض داعش، بينما ارتمى البعض الآخر في أحضان المتطرفين.

ومنذ ذلك الحين أعادت بعض تلك العشائر اصطفافها مرة أخرى، لأن الكثير منها كانت له سابقا علاقات سيئة مع تنظيم داعش، وعندما تحوّلت الى قوة قتال رئيسية في الأنبار قررت محاربته واتجهت الى بغداد سعيا للدعم.

 

وقرر رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي تجنيد وتدريب العشائر في المحافظة ودمجها بالقوات الأمنية العراقية، كما كانت الولايات المتحدة تدفع بهذا الاتجاه أيضا. ومع ذلك لم توافق جميع الكتل في تحالف العبادي على ذلك ولهذا لم يكن تنفيذ هذه الستراتيجية سلسا.
رئيس الوزراء والأميركان يدفعون باتجاه تشكيل قوات قتالية من العشائر في الأنبار. وفي منتصف تشرين الاول وافق وزير الداخلية على تشكيل لواء قوة مهمات خاصة جديدة من 3 آلاف رجل للمحافظة، على أساس ان يتألف من ثلاث وحدات لكل منها ألف مقاتل من العشائر المحلية.
وجاءت تلك الفكرة بعد لقاءات جرت بين ممثلين عن مكتب العبادي وبعض الشيوخ في الأردن. وساعد الأميركان على تسهيل تلك المحادثات لأنهم كانوا يدفعون بغداد للتواصل مع العشائر وغيرها من أجل كسب حلفاء من السنّة لمحاربة التمرد. قبل وبعد الإعلان عن ذلك، كان الشيوخ في الأنبار يشكون من عدم دعم الحكومة لهم وعدم قيامها بتسليمهم الأسلحة رغم محاربتهم للمتمردين ورغم الوضع الأمني المتدهور في المحافظة.
المشكلة هي ان الأطراف الشيعية منقسمة حول هذه الفكرة، فالبعض منها لا يثق بالعشائر التي كان بعضها فيما مضى مع المتمردين، ويشعرون بالقلق من تسليمها الأسلحة خوفا من استخدامها فيما بعد ضد الحكومة.
كما ان هناك من يعارض لامركزية القوات الأمنية في المحافظات خوفا من ان يؤدي ذلك الى تقسيم البلاد. انها مخاوف قديمة كانت موجودة في فترة حكم نوري المالكي عندما شكّل الأميركان قوات الصحوة في الأنبار.
ورغم هذا القلق، يدفع العبادي والأميركان تجاه هذه الخطة، الا انها تتعرّض للانتقادات. ففي البداية، أرسلت الولايات المتحدة مستشاريها الى قاعدتي الحبانية والأسد وسط الأنبار. وادّعى مجلس المحافظة ان ذلك حصل في منتصف تشرين الاول، لكن الأميركان لم يعلنوا عن هذه الخطوة رسميا الا في بداية تشرين الثاني.
وفي نفس الوقت، بدأ رجال العشائر من الرمادي، حديثة، عنة، راوة والقائم بالوصول الى قاعدة الأسد. كان المقرر تدريب 200 منهم كل أسبوعين. وعندما أنهى العدد الكلي – 3000 – تدريبهم كان المفترض ان يساعدوا في دفع عسكري كبير في الأنبار.
وفي 18 تشرين الثاني اشتكى الشيخ كعود من عشيرة البو نمر – التي شهدت في الآونة الأخيرة عمليات إعدامات جماعية على يد تنظيم داعش – من ان هذا اللواء الجديد لم يحصل على الدعم كما كان يفترض، حيث ادعى انه استلم 100 بندقية فقط دون عتاد.
أحد المسؤولين المحليين في المحافظة أخبر صحيفة "المدى" ان رجال العشائر لم يستلموا أبداً أية أسلحة. ان كانت هذه الاتهامات صحيحة، فانها جاءت نتيجة لعدة عوامل. كما ذكر سابقا، فان بعض الأحزاب الحاكمة تقف ضد تشكيل هذه الوحدات، وربما تكون قد أوقفت تشكيلها.
كما ان الخدمات اللوجستية للقوات الأمنية العراقية رهيبة وربما لم تتمكّن من مواكبة تجهيز الوحدات الجديدة في هذه الفترة الوجيزة. مهما كان الأمر، فان نقص الإمدادات اللازمة لهذا اللواء الجديد يعزز الاعتقاد السائد بين الكثير من الشيوخ من ان بغداد لا ترغب بدعمهم.
ان كسب الحلفاء السنّة أمر ضروري اذا ما كانت بغداد تريد تغيير الوضع الأمني. وتطهير المدن لوحده لن يوقف التمرد ولن يمنع الناس من دعمه، ولا يمكن تغيير الأمور الا بكسب حلفاء محليين من داخل المجتمع السنّي.
ان تشكيل لواء قوة المهمات الخاصة في الأنبار يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح، الا ان كل العراقيل التي يواجهها تشير الى وجود مشاكل في تحويل هذا النهج الى واقع.
أعضاء تحالف العبادي الحاكم لا يثقون بولاء العشائر، وان الخلل المؤسساتي داخل القوات الأمنية العراقية قد يؤخّر تجهيز هذه الوحدات. كما ان تدريب المقاتلين لمدة أسبوعين لايسمح بتعليمهم الكثير عدا التدريب الأساسي على السلاح. قد يعني هذا ان تشكيل اللواء هو لمجرد الاستعراض، وانه سيبقى قوة ثانوية كما هي حال قوات العشائر الحالية في المحافظة.
ومهما كان الأمر، فما لم يتم توفير الدعم السياسي والعسكري الكامل لهذه الخطة، فليس هناك أمل في نجاحها.
عن: أفكار عن العراق

 

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top