شنت مقاتلات إيرانية ضربات ضد تنظيم "داعش" في شرق العراق خلال الأيام الماضية كما أعلن البنتاغون وهو ما نفته طهران.
هذه المرة الأولى التي تؤكد فيها واشنطن قيام مقاتلات إيرانية بشن غارات ضد تنظيم "داعش" بعدما عرضت قناة الجزيرة القطرية مشاهد لطائرات يبدو انها مقاتلات "اف 4" شبيهة بتلك التي يستخدمها سلاح الجو الإيراني وكانت هذه المقاتلات تهاجم أهدافا في محافظة ديالى المحاذية لإيران.
لكن المتحدث باسم البنتاغون قال انه "لم يتغير شيء في ما يتعلق بسياستنا القائمة على عدم تنسيق أنشطتنا مع الإيرانيين"، مؤكدا أن هذا الموقف المبدئي للدبلوماسية الأميركية.
وإن كان البلدان بحثا مرارا التصدي لتنظيم "داعش"، وخصوصا على هامش المفاوضات حول برنامج طهران النووي المثير للجدل، فان الولايات المتحدة شددت أكثر من مرة على ان البلدين لا يتعاونان عسكريا.
من جهتها رفضت مرضية افخم، الناطقة باسم الخارجية الإيرانية، أمس الأربعاء، تأكيد أو نفي شن غارات جوية ضد تنظيم "داعش" في العراق.
وقالت أفخم في تصريح صحافي "لم يحصل تغيير في سياسة إيران لتقديم دعم واستشارات للمسؤولين العراقيين في المعركة ضد داعش".
وأضافت "لا اؤكد هذه المعلومات حول تعاون عسكري (مع العراق)، نحن نقدم دعما عسكريا واستشارات في اطار القوانين الدولية".
لكن مسؤول إيراني كبير قال، أمس الأربعاء، أن بلاده لم تنفذ أي ضربات جوية ضد "داعش" في العراق.
وأضاف المسؤول الإيراني الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لرويترز، أن "إيران لم تشارك مطلقا في الضربات الجوية ضد أهداف داعش في العراق"، مستبعدا "أي تعاون بشأن هذه الغارات مع أميركا".
ويأتي ذلك فيما بدأ لقاء في بروكسل بين جون كيري، وزير الخارجية الأميركي ووزراء ستين دولة تشارك في التحالف ضد جهاديي "داعش" بهدف التوافق على "استراتيجية" تتجاوز الضربات الجوية.
ولم تتم دعوة إيران إلى هذا الاجتماع وهو الأول من نوعه الذي ينظم في مكاتب حلف شمال الأطلسي في بروكسل.
وقال كيري عند افتتاح الاجتماع "لم تعد أي وحدة كبيرة من داعش قادرة على التنقل بدون التخوف مما سيحصل لها" مذكرا بان الغارات التي شنها التحالف بلغ عددها الف غارة.
وأضاف كيري "سنواصل شن هذه الحملة طالما لزم الأمر من اجل الانتصار" قائلا "إن التزامنا سيستمر بالتأكيد لسنوات".
وأشاد كيري "بالقيادة الدينامية" التي أبدتها عدة دول عربية شاركت في الضربات بسوريا. وقال "هذا أمر ضروري ومناسب نظرا لان تركيز جهودنا ينصب في الشرق الأوسط".
من جهته، لم يرد حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، الذي كان جالسا الى جانب كيري بوضوح على سؤال حول الضربات الإيرانية، قائلا "انه لم يبلغ بها".
ووضعت ايران في تصرف العراق مقاتلات من طراز سوخوي "سو 25"، وتسرت معلومات ان طيارين إيرانيين يقودون تلك الطائرات.
وأكدت وسائل إعلام ومسؤولون عسكريون وسياسيون إيرانيون عدة مرات في الأشهر الماضية ان الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لعب دورا حاسما في تحرير عدة بلدات ومناطق عراقية من أيدي تنظيم "داعش".
ونشرت وسائل الإعلام الإيرانية عدة صور للجنرال سليماني وهو برفقة عسكريين ومقاتلين أكراد عراقيين ميدانيا. وستكون الاعتبارات العسكرية في صلب المناقشات بين وزراء الخارجية ورئيس الوزراء العراقي والجنرال الأميركي جون آلن الذي ينسق تحرك التحالف.
لكن موضوعات أخرى ستكون قيد البحث منها الطريقة الأفضل لتجفيف مصادر تمويل التنظيم المتطرف والجهود لاحتواء حملته الدعائية على الإنترنت، مرورا بالمساعدة الإنسانية للاجئين بحسب مسؤول أميركي.
وفي الثامن من آب الماضي، بدأت الولايات المتحدة ضرباتها ضد مواقع "داعش" في العراق قبل ان تنضم إليها فرنسا وأستراليا وبريطانيا وكندا والدنمارك وبلجيكا وهولندا.
ومنذ 23 أيلول الماضي، يشن الأميركيون ضربات على أهداف للتنظيم في سوريا.
وتتلقى واشنطن المساعدة من عشرات الدول التي تقدم السلاح أو على صعيد تقاسم المعلومات الاستخباراتية وتمنحها للسلطات الكردية في شمال العراق، وبفضل هذه الحملة، تمكنت القوات العراقية من وقف تقدم الجهاديين واستعادة بعض المناطق.
كما أتاحت هذه الضربات ايضا الحؤول دون سقوط مدينة عين العرب (كوباني) الكردية السورية على الحدود التركية رغم استمرار حصارها من جانب المقاتلين المتطرفين.
لكن خبراء يرون ان الغارات الجوية لن تنجح في إلحاق الهزيمة بالمتطرفين السنة من دون مشاركة أجنبية على الأرض، الأمر الذي ما تزال الدول الغربية تستبعده ومثلها رئيس الوزراء العراقي.
وتسيطر "داعش" على ثلاث مدن عراقية كبيرة هي الموصل ومناطق من تكريت والفلوجة، وتضم في صفوفها ثلاثين الف مقاتل ثلثهم من الاجانب. وسيناقش الوزراء ايضا قضية المقاتلين الأجانب الذين انضموا الى التنظيم ويمكنهم ان يرتكبوا اعتداءات لدى عودتهم الى بلدانهم الام.
وتعمل واشنطن مع شركائها على تعزيز المراقبة عند الحدود وإعداد لائحة سوداء، وسيكون هذا الموضوع الذي يثير قلقا كبيرا في اوروبا محور اجتماع يعقد في مدينة مراكش المغربية في 15 كانون الأول الحالي.
غير ان المسؤول الأميركي شدد اولا على التصدي لعائدات "داعش"، مذكرا بان بيع النفط يدر على الجهاديين يوميا حتى مليوني دولار، علما بان القصف المنهجي للمصافي جعل هذا النشاط اقل ربحية.
وقال المسؤول "نحاول رسم خارطة نظامهم النفطي"، من مواقع استخراج الخام الى الشاحنات الصهاريج التي تعبر الحدود وصولا الى المصارف التي تبيض الأموال ويمكن ان تتعرض لـ"عقوبات".
ولفت الى ان للتنظيم عائدات أخرى من الفديات وإعمال النهب والاتجار بالبشر وبيع الآثار السورية، مؤكدا ان تجفيف هذه الموارد "يقلص قدرته على تجنيد مقاتلين أجانب وشراء الأسلحة والتزود بالعتاد والوقود والغذاء".
اترك تعليقك