اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المرأة > شبعاد: (قوى خفية)

شبعاد: (قوى خفية)

نشر في: 18 فبراير, 2015: 04:20 ص

بغض النظر عما اذا كان تمثال "تسواهن" للراحل أحمد البياتي والموجود حالياً في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان، يمثل حقاً قصة امرأة بطلة عاصرت الحرب العراقية- الايرانية مطلع الثمانينات او انها تمثل رمزاً فقط لصبر وصمود المرأة الجنوبية وقدرتها على التحمل

بغض النظر عما اذا كان تمثال "تسواهن" للراحل أحمد البياتي والموجود حالياً في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان، يمثل حقاً قصة امرأة بطلة عاصرت الحرب العراقية- الايرانية مطلع الثمانينات او انها تمثل رمزاً فقط لصبر وصمود المرأة الجنوبية وقدرتها على التحمل والصبر، إلا انه في الحالتين يمثل حقيقة واحدة لا يختلف عليها اثنان ربما، وهي القوة التي تتحلى بها هذه الشريحة من المجتمع العراقي، وأعني نساء الأرياف والأهوار، ممن يذللن أية صعوبة من الممكن ان تواجههن او تواجه مجتمعهن الذي لا يقدم حلولاً جاهزة مترفة للنساء عموما.ً.
كافن يونغ الرحالة الانكليزي الذي جاء إلى العراق ليعمل كاتب حسابات لدى شركة شحن بريطانية في ميناء البصرة، استغرق في قراءة كتب المغامرات الصحراوية، مما حرك لديه الرغبة في اقتفاء أثر مواطنيه بروتروم ثوماس وجيرتود بيل وجون فيلبي تشارلس دوتي وويلفرد، وسواهم من الرحالة عبر البراري، لكن وبدلاً من الانطلاق نحو الصحراء، اتجه إلى الأهوار في مصادفة نادرة..
لقد وصف في كتابه "العودة الى الأهوار" المجتمع الأهواري بالكثير من الأوصاف، الا انه خص المرأة بكلمات عبر صفحات كتابه تبدو بديهية لمن اعتاد السكن هناك في ظروف مماثلة، لكنها ستكون غريبة لو سُردت على لسان مستشرق او رحالة أجنبي تحدث في اكثر من صفحة من كتابه الشيّق عن الدور العظيم الذي تلعبه المرأة في حياة الرجل هناك..
لا يوجد عمل إلا وقمن به بأيديهن، عدا حلب الجاموس، واعمال اخرى اقتصرت على الرجال مثل صب القهوة في المضايف، كل الأعمال يقمن بها بطيب خاطر منذ طلوع الفجر..
طاقة وبراءة وجسارة شجعان وقوة بنية وشكيمة ووفاء يجعل أنينها اذا مافقدت زوجاً او أخاً ونواحها في سكون الليل معتاداً ومألوفاً.
لن تنسى الأهوارية حبيبها حتى الموت ولعل قصص العشق التي خلدتها الأشعار المحلية والحكايات بما فيها خير دليل على ذلك..
حاذقات وإن ظهرن بسيطات ولمّاحات مهما جارت عليهن الأيام وصانعات بسمة حتى في أوقات الحزن!.
إنها الأيقونة والملهمة التي تصنع كل شيء بيديها ولا تدخر وسعاً من اجل اسعاد عائلتها، هي المسؤولة عن إطعام الحيوان قبل الانسان، هي التي تجمع غبار الطلع من رؤوس البردي والمسمى بـ"الخريط" لصنع حلوى خاصة. هي التي تستخرج الخبز من تنورها الساخن بأصابعها من دون خوف من لسع اللهب وغدره، هي تلك المنظومة الاقتصادية التي تعمد الى الذهاب بالمشحوف الى مناطق بعيدة من أجل استبدال النقود بأشياء تعود بالنفع على افراد أسرتها..
انها حفيدة السومريين الذين استوطنوا هذه الارض لآلاف السنين، فهل تستحق تمثالها هذا؟ إننا مطالبون بإقامة نصب اخرى تماثل "تسواهن" وتدانيه في تكريم وتبجيل هذه السيدة العظيمة..
لاشك ان لكل النساء في هذا الوطن خصوصية وهوية تميزها عن غيرها، لكن ما من شك ايضا ان لسيدة الهور وملكته دوراً شائكاً وصعباً لا يُضاهيه دور آخر.. هذا ما أكده الوصف الذي جاد به يونغ حين قال "المؤكد أنهنّ لسن الخادمات المسحوقات المحتقرات المهملات المستغلات كما یتخیلهن، باعتقادي، بعض الأوروبیین، إنهن یشتغلن أجل لكن الرجال یشتغلون كذلك، فالعمل قدر كل سكان المنطقة، إنهن القوة الخفیة في مجتمع الأهوار!

hawaa@almadapaper.net

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل

مقالات ذات صلة

12-07-2015

أفغانستان تقضي على رابع قيادي في «داعش» خلال أسبوع

قال مسؤولو مخابرات، يوم امس (السبت)، إن قياديًّا بارزًا في تنظيم «داعش» قتل في ضربة جوية بشرق أفغانستان، وهو رابع قيادي بارز من التنظيم يقتل في المنطقة على مدى الأسبوع الماضي. وأفادت المديرية الوطنية للأمن أن حافظ سعيد كان زعيم تنظيم داع
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram