اغتيال الرياضةِ أمـر واقع!

رعد العراقي 2015/04/28 09:01:00 م

اغتيال الرياضةِ أمـر واقع!

لم تشهد الساحة الرياضية فوضى فكرية وإدارية والتباساً في تفسير المفاهيم وحدود الواجبات مثلما هي حالها اليوم ،انها سياسة العمل المنكمشة لأدنى مستويات القدرة المتاحة ومزاجية القائمين المفروضة لتسيير شؤونها بعيداً عن القوانين المعهودة والسياقات المتوارثة ولمسات الإبداع والتطوير التي يسعى اليها كل الباحثين عن الإنجاز الرياضي حول العالم.
مصطلح الإنجاز والنجاح في عالم الرياضة لا يمكن ان يتحقق من دون اكتمال عوامل مترابطة تشترك بها مفاصل مختلفة تشكل الهيكل العام لها بدءاً من وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية والاتحادات الرياضية المرتبطة بها والاندية التي تُشكل إحدى أهم الحلقات الأساسية في تهيئة وانتاج النجوم ليكونوا واجهة سواء لأسم النادي أو من خلال تمثيلهم للمنتخبات الوطنية.
أولى سقطات الفشل هو أن يرتبط نجاح الهيئة الادارية لأي نادٍ بمدى تحقيق فريقها الكروي فوزاً هنا أو هناك أو حتى الظفر بدرع الدوري المحلي بينما تختفي وراء ذلك الالعاب الأخرى وملفاتها وتركن في ادراج النسيان وتبتعد قياسات جوهرية عن جداول التقييم الفعلي مثل برامج التطور والبُنى التحتية وايجاد منافذ التمويل المالي وتوفر حواضن حقيقية وعلمية في اكتشاف المواهب بمختلف الألعاب، واخيراً تماسك وتعاون كل اعضاء النادي في أداء مهامهم بروحية العمل الجمعي في السر والعلن كشرط لإعلان ان تلك الهيئة قد أمسكت بأسرار التفوق.
الأمر الآخر المهم هو أن قيادة الاندية تعتمد على ركنين أساسيين أولهما الخبرة الادارية الطامحة الى الارتقاء بمستوى الأداء تحت ضغط ودافع الحرص الذاتي كهدف تسعى اليه وتتخلى عن مواقعها متى ما أيقنت ان بقاءها سيسبب ضرراً يُطيح بكل الامنيات، وثانياً توظيف الطاقات من ابطال ونجوم سابقين محسوبين على النادي واحتضانهم في تقديم المشورة والدعم بشقيها المعنوي والفني لتشكل عامل قوة وديمومة تزيد من تماسك البناء وتطرح مقولة إن أبناء النادي هم اكثر حرصا على تقدمه وازدهاره ، لا ان يتحول البعض من تلك النخبة الى وسائل ضغط وانقسام وتفاخر كاذب يتخذ من شهرته ذريعة لاستمالة المشاعر وتأنيب الجماهير ويمنح نفسه الحق في شن حملات التسقيط بأساليب تشهيرية وفوضوية ومنهم من ذهب الى أبعد من ذلك ليقفز بغروره عبر مواقع التواصل الاجتماعي للنيل من أحد رجال الإعلام الذي دعا الى الوئام وخدمة نادي الشرطة وعدم التربص بانتظار سقوطه ليخرج احدهم علينا بتغريدة ( استكان الشاي ) العظيمة من بلاد المهجر ليؤكد بكل وضوح ومن حيث لا يعلم دقـة ما جاء بمقال ( ثِقاب بنيان ولِثام سالم) للزميل إياد الصالحي.
ما يحصل لدينا يكاد يُشكل واقعة فريدة خارج حدود المنطق والأغرب هو صمت الجهات ذات العلاقة على القبول بهذا الواقع تحت ذريعة ( الديمقراطية ) والانتخابات وغيرها من المصطلحات التي طرحت بمفهومها اللفظي من دون التمسك بجوهرها العملي ليكون اغتيال الرياضة امراً واقعاً يجري على بساط تلك الممارسة الزائفة وكأننا نضحي بالهدف الأغلى من أجل أن نفتخر بأننا ديمقراطيون جــداً !
إن عملية وصول الهيئات الادارية عبر انتخابات روتينية تعتمد على الاتفاقات والصفقات السرية التي تدخل بها المحسوبية والعشائرية اصبحت لا تختلف من حيث النتيجة عن اسلوب التعيين الذي كان هو النظام المعمول به سابقاً، بل إن الاجراء الاخير ربما يتسم بمرونة عزل أية شخصية من دون ان تكون له حصانة مطلقة تتيح له البقاء فترة طويلة حتى وإن كانت له علاقات ومصالح مع الهيئات العامة.
نقول : الخروج من مطب ( التمسك بالكراسي ) وإنهاء الكثير من المشاكل التي تحدث وبذات الوقت تطبيق النهج الديمقراطي عبر انتخابات حقيقية يمكن أن يكون عن طريق استحداث نظام إداري جديد يضع ضوابط وأُسساً ثابتة بالاعتماد على نموذج خاص تثبَّت فيه كل النشاطات والاعمال المتحققة على أرض الواقع من قبل الاندية لتكون شرطاً في السماح بالترشح لولاية ثانية ، وبذلك ندفع الجميع نحو تسخير جهودهم باتجاه بناء الاندية بدلاً من الانشغال بالبحث عن وسائل الاستحواذ على قرار الهيئة العامة لضمان استمرارهم في مناصبهم حتى وإن تقدموا الصفوف في مشهد توديع الرياضة العراقية لمثواها الأخير!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top