اضطراب الفكـر الرياضي

رعد العراقي 2015/08/18 09:01:00 م

اضطراب الفكـر الرياضي

قد يتصور البعض أن الفساد الإداري والمالي هو السبب الحقيقي لفوضى وتراجع الرياضة العراقية على الصعيد الداخلي والخارجي تصور وإن كان منطقياً ويضرب على جوهر الحقيقة إلا أن هناك ماهو أكثر تأثيراً في تحصين الذات وحمايتها من الانزلاق من السقوط في هاوية الجهل والبحث عن الانتفاع الشخصي غير القانوني ألا وهو الصفاء الفكري في التصرّف والتدبير تحت أي ظرف أو زمن.
ولأجل أن نقرّب الصورة أكثر فإن من المفيد أن نعرّج على مواقف ومشاهد حدثت وتحدث على الساحة الرياضية بجميع اركانها رافقتها بعض المظاهر الدخيلة في التعاطي مع المواقف أو كيفية رسم أطر العلاقات بين ابناء البيت الرياضي لتزيح ماهو متوارث ومتعارف عليه من حكمة وبراءة في التعامل حتى باتت شيئاً فشيئاً جزءاً من الواقع وسياقاً مالوفاً اطاحت بكل مقومات الثبات والنقاء وروح العمل الجمعي ورمت به الى دهاليز الفتنة والشقاق والعداء والاقصاء والتسقيط.
الكثير وقف مذهولاً امام الأزمة التي حدثت بين حكيم شاكر مدرب نادي الشرطة ويحيى علوان بخصوص التحاق لاعبي الشرطة بتدريبات المنتخب الوطني وبرغم أن هناك من حاول أن يضفي على الموقف نوعاً من تعابير العمل الاحترافي والتطور وحقوق الاندية وغيرها لكنها لم تستطع ان تغيّر من قناعات الكثير ممن خبروا معنى العلاقة الحقيقية والروحية التي كانت تسود بين الاندية والمنتخبات الوطنية كجسد واحد وهدف واحد يتجاوز المصالح الضيقة ونظرة المنفعة الشخصية ويطرح مصطلح الايثار بالنفس في سبيل نجاح المنتخبات خارجياً كممثل وهدف يشترك الجميع به ، فلا فخر لشهرة وتفوق اندية وحصادها للالقاب داخلياً ومنتخباتها الوطنية يطاح بها خارجياً وهي تنظر اليها بدم بارد. !
ثم نفيق على اخبار تتداول عبر المواقع الالكترونية وتنتشر بسرعة بعد ان طرحت تقليداً مسخاً يتمثل بفرض لاعبين على بعض الاندية للتوقيع لهم تحت التهديد أخذ يشكل هاجساً مقلقاً خاصة بعد تصريح شرار حيدر رئيس نادي الكرخ باضطراره لنقل تدريبات النادي الى ملعب آخر تجنباً لتلك التهديدات ، وبغض النظر عن دقة تلك المعلومات إلا ان مجرد الترويج لها يمثل ضرراً يصيب سمعة الكرة العراقية بالصميم ويؤكد أن هناك انحداراً خطيراً في منظومة الشفافية ونزاهة العمل والحرص على تأمين صورة الخيمة الكروية دون تشويه أو تلويث لردائها الأبيض.
مواقف اخرى اكثر ضراوة وعدائية تحدث بين اعضاء الاتحادات الرياضية باساليب جديدة أخذت من غطاء الديمقراطية ستاراً لها تستسهل طرق الاقصاء والمطالبة بسحب الثقة تحت شعار المصلحة العامة لكننا نتفاجأ من خلال السجالات وكشف المستور ان العملية تدور في فلك الصراعات الفردية والتكتلات وإن أية معضلة تحدث ترى الجميع يرتدي ثياب المعارضة ويسلك طريق اتهام الآخرين بالفساد من دون أن يسأل لماذا ارتضى بالصمت لفترة طويلة ثم يظهر فارساً يُشهر سيف العدالة والحق عند أول خلاف يحصل .. لنصل الى نتيجة مرة مفادها ان الاطار العام لعمل الاتحادات لا يخرج عن اجواء التربّص بين اعضاءها وجمع وثائق الإدانة بالفساد والتقصير ليس من اجل المعالجة والتصحيح ، بل لأجل اظهارها في الوقت التي تتضارب فيها المصالح بينهم وليس بعيداً عن تلك الحالات هو ما حصل مؤخراً من تداعيات في أزمة اتحاد الجودو وما حصل بين رئيس الاتحاد سمير الموسوي وبعض الأعضاء.
ولم تنجُ صاحبة الجلالة الصحافة الرياضية "الحارس الأمين" على متابعة وتقويم الرياضة بمختلف اتجاهاتها لتهوي هي اخرى في فخ التسقيط والمجاملة ومسايرة ميول وآراء متناقضة لتحدث انقساماً في الرؤية ومنهجية العمل الرقابي الصحيح أدّت الى استحداث تيارات مختلفة لكل منها اسلوباً ووسيلة لا تقف عن حدود المعالجة وانما تجاوزت الى النيل من رفاقهم في المهنة والتنكيل بهم ومحاولة عزلهم عبر استمالة القارىء بشعارات مزيفة وسرد بطولات وهمية تفضحها كثرة ما يتفاخر به قسم منهم من صور تذكارية لرحلاتهم المكوكية خارج البلاد تزدحم بها المواقع الاجتماعية من دون ان نسمع منهم تقريراً يشخص أخطاء الوفود الرياضية وحقيقة مستوياتهم انما العكس هو الصحيح.
باختصار .. المعضلة تتمثل بحدوث انقلاب فكري رهيب بعد ان ارتضى البعض ان تستحوذ عليه تخاريف الشياطين ووسوسة النفس البشرية في خلع رداء الانسانية والتحوّل من ميدان توظيف العقل والجهد في خدمة المناصب الى اشغاله في ابتكار واستحداث كل ما يقضي على مبادىء واخلاقية العمل الرياضي ليكون منهجاً يلائم طموحه في السيطرة واحكام القبضة على مناجم نفوذه .. ما نحتاجه هو اجراءات إدارية صارمة وحاسمة لكل الأفكار المستوردة والمريضة والحث على رفضها واستنكارها ومن ثم اعادة نشر روح المحبة والتلاحم الجماعي في الخطاب والتصرف والأداء عندها فإن آفات الفساد المالي والأداري لن تجد ثقباً في جدار الرياضة العراقية ومفاصلها.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top