اخذ "التصچيم" من حياتنا الشبابية زمنا صارت لكل منا فيه حكاية او حكايات. عند البعض كان كما الواجب اليومي. ما ان يحل وقت "حلّة" البنات من المدارس حتى تجد الشباب تهندموا وتعطروا بحثا عن المقسوم. في اغلبه كان بريئا ومجرد تنفيس عن حاجات مرحلة المراهقة.
يخطئ بعضنا حين يتصور ان "التصچيم" عند العراقيين حكر على الشباب ومرتبط بالتحرش بالبنات فقط. هناك "تصجيم" يستعمله كثيرون كما "الحسچة" يهدفون منه إيصال رسائل قد تكون عدوانية او سلمية. فالخوشي او البلطجي، كما صار يسمى اليوم، ان أراد بك شرا يلجأ أولا الى تصچيمك بعبارة تستفزك. فإن بلعتها قد يتركك وشأنك. اما اذا رددتها عليه او مجرد قلت له شتقصد عندها تبدأ المعركة. البعض يستخدمها بالعكس تماما. فان زعل عليه صديق مثلا تجده يغتنم فرصة سانحة ليسمع الزعلان تصچيمة لعلها تجعله يبتسم لتنتهي المقاطعة. نحن الكتّاب أيضا "نصچم". فلو جرب احدكم تحليل محتوى الأعمدة في هذه الجريدة، كمثال، سيجد فيها قوائم وليس مفردات مما لذ وطاب من التصچيمات خاصة السياسية. ربما نختلف في الأسلوب لكن التصچيم واحد.
مرة باشرت بجمع أساليب "التصچيم" عند العراقيين في نيّة اعداد بحث عنها. لكن بعدي عن الوطن أعاق سرعة انجاز البحث. وحين كنت منشغلا في اعداد خلفية تاريخية عن البحث مرة بي حكاية اذكرها لكم باختصار لما فيها من طراوة:
ذات عام حجّ الشاعر أبو الأسود الدؤلي بصحبة زوجته. وبينما كانت تطوف بالبيت تحرّش بها الشاعر عمر بن ابي ربيعة وصار يصچمها على طريقة: "وش هالكمر الطالع وش هالطول الفارع". شكته الى أبي الأسود فعاتبه فانكر عمر. في اليوم التالي كررها صاحبنا أبو النسوان فخاطبه الدؤلي شعرا:
وإني ليثنيني عن الجهل والخنا
وعن شتم أقوامٍ خـلائقُ أربــع
حيــــاءٌ وإســلام وبقيا وأنــنـي
كريم ومثلي قـــد يضر وينـــفع
فشتان مــــا بيني وبيـــنك إنني
على كل حـالٍ أستــــقيم وتظلَع
ارتجف عمر وقال: لست أعود يا عمّ لكلامها بعد هذا اليوم. مع ذلك عاد أبو نفس الدنيّة وصچمها في اليوم التالي. شكته مرة أخرى لزوجها الذي جاء الى عمر ليقول له:
أنت الفتى وابن الفتى وأخو الفتى
وسيـــــدنا لولا خــــلائق أربـــــــع
نكولٌ عن الجُلَّى وقربٌ مــن الخنا
وبخل عن الجــــدوى وأنَّــــــكَ تُبَّعُ،
(تُبَّعُ: تعني انك تدّور نسوان).
ثم خرجت وخرج معها أبو الأسود حاملا سيفه، فلما رآهما عمر شرد مذعورا، فتمثل أبو الأسود:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي صولة المستأسد الحــامي
ملاحظة: رجاء لحّد ياخذ على نفسه.
التصچيــــــــــــــــــم
نشر في: 18 أكتوبر, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
ائتلاف السوداني ينسف روايات حسم اسم رئيس الحكومة: ما زلنا في «انسداد» و«مراوحة»
الأسواق العراقية تحت سيطرة الواردات الاستيراد الكبير يخنق الصناعة المحلية ويهدد الأمن الغذائي!
تناقص أعداد الصابئة المندائيين في العراق.. مخاوف الاندثار وصراع الحفاظ على الهوية
مساعي حصر السلاح في العراق.. جدل القبول والرفض
مسؤولون في نينوى يشخصون تحديات المرأة.. ودعوات لمعالجة البطالة والزواج المبكر والابتزاز
الأكثر قراءة
الرأي

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!
د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...









