قالت كتلة سياسية إن البرنامج الإصلاحي لرئيس الحكومة منقول بشكل حرفي عن تجربة إحدى دول الاتحاد السوفيتي السابق، مؤكدة انه لايصلح للحالة العراقية.
الوثيقة الجديدة التي ارسلها رئيس الوزراء، مؤخرا، الى الكتل السياسية لم تثر اهتمام القوى السياسية، باستثناء الجزء الصغير المتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة، على الرغم من انها تضم 10 ملفات مختلفة بـ106 صفحات.
كما استفز توقيع مدير مكتب العبادي على طلب لاحق ارسل الى الكتل السياسية يطالبها فيه بتسمية مرشحيها للوزارات الجديدة.
واوقعت الوثيقة الجديدة الاطراف السياسية في حيرة، لانها جاءت مخالفة للاتفاق الاخير الذي جرى في اجتماع الرئاسات الثلاثة. فلم يحدد العبادي عدد الوزراء لكل كتلة في الحكومة المقبلة، ما يعني انه يمكن ان تقدم كل جهة نحو 60 مرشحا من "التكنوقراط" للتشكيلة الجديدة.
بالمقابل ليس امام القوى السياسية الكثير من الوقت، فالعبادي حدد موعداً اقصاه يوم الاربعاء المقبل لتسلم الترشيحات. وتتساءل اطراف سياسية عما اذا كان رئيس الحكومة يريد "توريط الجميع"، انه يعتزم اختيار الوزراء بنفسه.
العلّاق يخاطب الكتل
وذكر مهدي العلاق، مدير مكتب رئيس الوزراء وكالة، في كتاب رسمي وجهه الى الكتل السياسية الاسبوع الماضي، انه "بناء على توجيه رئيس الوزراء حيدر العبادي ولإنجاز عملية التعديل الوزاري على الكتل السياسية ان تقوم بتقديم أسماء المرشحين المؤهلين من التكنوقراط لتحمل مسؤولية الوزارة التي يرشح إليها كل منهم من حيث الكفاءة والمهنية والنزاهة". ودعا العلاق، بحسب الخطاب الحكومي، الكتل الى "إرسال السير الذاتية لمرشحيها لتتولى لجنة الخبراء المشكلة من قبل رئيس الوزراء مراجعتها وتقديم المشورة بشأن المرشحين على ان ترد الإجابات في موعد أقصاه يوم الاربعاء المقبل". في موازاة ذلك، اعلن المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء ان العبادي أرسل وثيقة الاصلاحات الشاملة والتعديل الوزاري الذي يشمل المعايير والآليات للكتل السياسية.
وبين مكتب العبادي ان "الوثيقة تشمل 10 ملفات تتضمن معايير اختيار مجلس وزراء تكنوقراط وتقييم اداء الوزارات ومكافحة الفساد وتبسيط الاجراءات والبرنامج الحكومي وحزم الاصلاحات في مختلف القطاعات".
لكن النائب كاظم الشمري، رئيس كتلة الوطنية النيابية، يقول لـ(المدى) بان كتلته "تعترض على طريقة مخاطبة القوى السياسية بارسال مرشحين بدلاء عن الوزراء الحاليين".
وتساءل الشمري "كيف يوجه رئيس مكتب رئيس الوزراء بالوكالة مخاطبات الى الكتل السياسية؟"، مضيفا "كان على العبادي ان يقوم بذلك ،لاننا من اوصلناه الى رئاسة الوزراء، ورئيس مكتبه يخاطب الموظفين في الرئاسات فقط".
العبادي والتجربة الجورجيّة
الشمري، الذي يرأس كتله رئيس الوزراء الاسبق إياد علاوي في البرلمان، قال ان "برنامج العبادي الجديد مأخوذ من التجربة الجورجية وكل الملفات داخله نظرية غير قابلة للتطبيق".
ويعتبر ائتلاف علاوي، الذي خسر وزيره الوحيد في الحكومة الحالية، ان "رئيس الحكومة خالف كلامه في اجتماع الرئاسات الثلاث مطلع آذار الحالي"، مشيرا الى ان العبادي "قال بأنه سيحضر الاجتماع المقبل ليطرح اسماء الوزارات المرشحة للتغيير وحصة كل كتلة". وتابع رئيس كتلة الوطنية ان "العبادي فاجأ الجميع حين قدم البرنامج الجديد، وطالبهم بإرسال أسماء مرشحين جدد"، وتساءل "كيف نرسل بدلاء ونحن لانعرف حصتنا او اسماء الوزراء او حتى العدد النهائي للوزارة؟!".
وبحسب تسريبات قد يتقلص عدد الحقائب الوزراية الى 20 او 18 وزارة، ما يستدعي ان ترسل الكتل 3 "مرشحين من التكنوقراط" لكل وزارة، ليكون المجموع نحو 60 مرشحا، وهو امر يعتبره الشمري "غير منطقي".
وانتقد القيادي في ائتلاف علاوي آلية تغيير رئيس الحكومة لوزرائه بالقول ان "الدستور وضع آلية لتغيير الوزراء، ولايمكن ان يفصل العبادي اي وزير دون سبب"، مشددا على ان "ذلك مخالف للقانون". ويرى الشمري ان "رئيس الحكومة ليس من التكنوقراط"، مضيفا "كما ان عمره يتجاوز الـ60 عاما، فيما طالب بالوثيقة ان لاتتجاوز اعمار شاغلي المناصب العليا الـ60 سنة". ويُشكل رئيس كتلة الوطنية على "لجنة الخبراء" التي عينها العبادي لتتولى اختيار افضل المرشحين. ويقول "كيف نسمح للجنة من حزب الدعوة لوحدها ان تقيم المرشحين الجدد؟".
ثغرات وثيقة الإصلاح
وينتقد النائب كاظم الشمري تجاهل وثيقة الاصلاح ملفات مهمة كالمصالحة، ومكافحة الفساد، والقضاء على العصابات، وحصر السلاح بيد الدولة.
ويقول الشمري ان "الوثيقة اهملت ذكر حل المسائل المتعلقة بالوثيقة السياسية التي شكلت حكومة العبادي على ضوئها". ويوضح عضو ائتلاف علاوي بالقول "لم يتحقق من 29 بندا من بنود الوثيقة السياسية سوى فقرة واحدة تتعلق بإقرار قانون المعاهدات".
وكان رئيس الحكومة قد قال، خلال استضافته بمجلس النواب، الشهر الماضي انه انجز 20 بندا من الوثيقة. وتحالف القوى بدوره يقول ايضا ان "رئيس الوزراء لم يحقق الـ9 بنود الاهم في الوثيقة السياسية"، لكنه يبدو مطمئنا لخطوات العبادي الاخيرة لتضمين "الوثيقة السياسية السابقة الى البرنامج الاصلاحي الاخير".
ويقول النائب عبدالعظيم العجمان في حديث لـ(المدى) ان "برنامج العبادي الجديد تضمن ما نريده، وهو الرجوع الى الاتفاق السياسي السابق، لكن آلية تغيير وتقييم الوزراء مازالت غير واضحة". وعلى الرغم من عقد الهيئة السياسية لتحالف القوى اجتماعا مع رئيس الحكومة، يوم السبت، إلا ان العجمان يقول ان "اللقاء لم يبدد الغموض، والتحالف لم يطّلع على عدد وزارئه في الحكومة المقبلة".
ويشغل التحالف خمس وزارت هي: الدفاع، التخطيط، التربية، الزراعة، والكهرباء، فيما اكدت التسريبات ان 3 وزراء من السنة سيشملون بالتغيير بالاضافة الى 5 من التحالف الوطني ووزير واحد من الكرد. وبحسب التسريبات الاعلامية فان وزراء السنة المرشحين للتغيير هم وزراء الزراعة، والدفاع، والكهرباء. لكن العجمان ينفي وجود شيء مؤكد حتى الآن. وتوقع ان تبقى حصة اتحاد القوى كما هي في الحكومة المقبلة، ولكن بحقائب وزارية أخرى.
مهلة رئيس الحكومة
بالمقابل يجد النائب عبدالعظيم العجمان ان "معايير اختيار الوزراء الجدد عملية ومنطقية"، مرجحا ان "يتم تغيير الحكومة على مراحل لكي يتجنب العبادي الوقوع في خرق دستوري باعتبار حكومته مستقيلة اذا ما غيّرها دفعة واحدة". لكن العجمان يرى ان "الوقت ليس في صالح الكتل السياسية، وان العبادي سيختار وزراء مرشحين ،لان القوى السياسية لن تستطيع اعطاء مرشحين حتى الاربعاء لانها لاتعرف اسماء الوزارات المرشحة للتغيير".
في غضون ذلك تنتقد قوى كردية بعض فقرات وثيقة رئيس الحكومة الجديدة.
ويقول النائب هوشيار عبدالله، رئيس كتلة تغيير لـ(المدى) بان "رئيس الوزراء أهمل الاتفاق النفطي مع الكرد، وتطبيق المادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها". ويتفق عبدالله مع باقي الكتل الاخرى في انتقاد "غموض التغيير الوزاري وتسمية البدلاء". واضاف رئيس كتلة تغيير "نحن داعمون لرئيس الحكومة، وسنرشح وزراء بدلاء، لكن فليحدد لنا ما هي الوزارات أولاً؟".
اترك تعليقك