بعد أكثر من شهر على دعوة العبادي لإجراء "تعديل جوهري" في تشكيلته الحكومية، يقترب الاخير من الاقتناع بـ"التعديل الجزئي" نظراً لحجم الاعتراضات التي أبدتها الكتل السياسية. ويستثنى من ذلك التيار الصدري الذي يتمسك بـ"التغيير الجذري" كحل لأزمات البلاد.
وتتحدث مصادر برلمانية عن تقارب بين دولة القانون والمجلس الاعلى حول شكل التغيير الحكومي الذي سيطول 9 وزارات رئيسة. ويواجه العبادي مشكلة إقناع وزيري الخارجية والتعليم العالي بمغادرة منصبيهما. الى ذلك كشفت مصادر سياسية رفيعة ان الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء شهدت نقاشا معمقاً حول الاصلاحات الحكومية التي يسعى لتطبيقها رئيس الوزراء. واوضحت المصادر، التي تحدثت لـ(المدى) لكنها طلبت عدم الافصاح عن هويتها، ان "اعضاء في مجلس الوزراء عبروا عن انزعاجهم للانتقادات المتواصلة التي يوجهها العبادي لأعضاء حكومته"، واشارت الى ان "بعض الوزراء رأوا ان تلك الانتقادات ادت الى تشويه صورة بعض الشخصيات السياسية بالاضافة الى تشويه سمعة العراق في المحافل الدولية". واضافت المصادر بان "أعضاء في الحكومة تساءلوا، خلال جلسة مجلس الوزراء، عن سبب انفراد العبادي بالحديث عن الاصلاح من دون مشاورة الكتل رغم حاجته اليها لتمرير مشروعه في البرلمان".
وانتقد بعض الوزراء، بحسب المصادر، قيام مقربين من العبادي بتسريب اسماء اعضاء في الكابينة الحكومية كمرشحين للإبعاد من الحكومة بسبب تهم فساد او تقصير، وتساءلوا عن عدم قيام رئيس الحكومة بتسمية او مفاتحة الوزراء الذين توفرت ضدهم مؤشرات الفساد او القصور في الاداء الحكومي.
وخاطب الوزراء العبادي "بانك تحمّل وزراء هذه الحكومة مسؤولية الإخفاق رغم ان ذلك نتاج الحكومات السابقة"، متسائلين بالقول "كيف ندير وزارات بلا موازنة؟". واشارت المصادر الى ان "العبادي تحدث عن الضغوطات الداخلية والخارجية التي تواجهه ودعا الى التعاون معه لمواجهة وحل الازمات التي تعاني منها البلاد"، معربا عن تقديره لأعضاء كابينته الوزارية. وبحسب المصادر فان "وزراء التيار الصدري ابدوا استعدادهم لتقديم استقالاتهم بهدف تسهيل مهمة رئيس الوزراء لكن بقية الوزراء لم يعلقوا على موقف الصدريين".
واشارت المصادر الى ان مجلس الوزراء كلف العبادي بكتابة بيان عن مجمل بنود الاجتماع على ان يعرض على اعضاء المجلس قبل نشره. وتولى مكتب العبادي كتابة البيان الذي اشار الى اعلان الوزراء استعدادهم لتقديم الاستقالة، وهو ما أثار اعتراض 6 وزراء على صيغة البيان الحكومي. وفي سياق المباحثات السياسية حول التعديل الحكومي المرتقب، قال مصدر برلماني مطلع ان "ائتلاف دولة القانون يجري مفاوضات سرية مع المجلس الأعلى من أجل تمرير إصلاحات رئيس الحكومة، التي ستكون جزئية نظرا للاعتراضات التي أبدتها أغلبية الكتل والمكونات على التغييرات الجذرية الشاملة". واضاف المصدر، الذي تحدث لـ(المدى) شريطة عدم الكشف عن هويته، أن "التغيير سيشمل 9 وزراء وهم كل من وزراء الكهرباء، والنقل، والتجارة، والزراعة، والصناعة والمعادن، والإعمار والإسكان ، والتعليم العالي، و الخارجية". لافتا إلى ان "المجلس الأعلى طالب ائتلاف دولة القانون بالإبقاء على وزاراتي النفط والشباب والرياضة في يده، بالاضافة الى منحه إحدى الهيئات المستقلة مقابل تأييد إصلاحات العبادي".
وتوقع المصدر ان "يمنح المجلس الأعلى إما هيئة الحج والعمرة أو أمانة بغداد تعويضا له عن وزارة النقل التي ستذهب الى كتلة اخرى". ورجح ان يتبلور اتفاق مشترك بين المجلس الأعلى وائتلاف دولة القانون بما يضمن تمرير الإصلاحات الجزئية خلال الفترة القليلة المقبلة.
ورغم أجواء التفاؤل والتقارب بين كتلة الحكيم وكتلة رئيس الوزراء، إلا ان المصدر تحدث عن أنّ مشكلة توجه العبادي تتمثل برفض كل من وزيري الخارجية والتعليم العالي مغادرة منصبيهما في التشكيلة الجديدة". لكن المصدر يؤكد استمرار مباحثات العبادي مع الجعفري والشهرستاني لإقناعهما.
وكشف المصدر ان "جلسة الحكومة الاخيرة شهدت نشوب مشادة كلامية بين العبادي ووزراء التيار الصدري على خلفية التوجه الحكومي لمنع الاعتصامات التي يعتزم التيار أن يقوم بها يوم غد الجمعة".
وقريبا من حديث المصدر البرلماني، يؤكد النائب سليم شوقي، عضو كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى، ان "التغيير الحكومي سيكون جزئيا"، مشيرا الى "عدم إمكانية استبدال أو إبعاد نصف الكابينة الوزارية ،لأنها عندئذ تعد مستقيلة". لكنه اكد أن "الإصلاحات ستكون على مراحل والتغيير سيشمل تسع وزارات".
ولفت النائب سليم شوقي، في تصريح لـ(المدى)، الى ان "غالبية الوزراء قدموا استقالاتهم إلى رئيس الحكومة لكنه لم يبلغ الكتل بأسماء الوزارات المراد تغييرها".
وفي السياق ذاته، يؤكد النائب حسين المالكي، عضو ائتلاف دولة القانون "إبداء جميع الوزراء استعدادهم للتعاون مع رئيس الحكومة حيدر العبادي على تطبيق الإصلاحات الوزارية الجديدة في جلسة الثلاثاء". وبشأن المشادة التي شهدتها جلسة الحكومة حول اعتصامات التيار الصدري، يوضح النائب المالكي، في حديث لـ(المدى)، ان "الاعتصامات يجب أن تكون في أماكن مخصصة وليس في أبواب المنطقة الخضراء"، مضيفا "في حال أصرّ المتظاهرون على نصب خيمهم فإن القوات الأمنية ستضطر إلى ضرب هؤلاء المعتصمين ومنعهم من نصب خيامهم".
وتابع عضو دولة القانون ان "الدستور نص على التظاهر في أماكن مخصصة وليس في مناطق تشل فيها حركة المواطنين نظرا لوجود سفارات الدول العربية والاجنبية داخل المنطقة الخضراء".
لكنّ كتلة الاحرار بزعامة الصدر ترد على دولة القانون بالقول ان "قرار الاعتصام أمر متروك للجماهير العراقية"، مطالبة الحكومة بـ"تطبيق الدستور الذي سمح بالتظاهر السلمي".
ويقول النائب ياسر الحسيني، في تعليق ادلى به لـ(المدى) امس، "اذا أرادت الحكومة رفض الحق الدستوري للتظاهر فعليها إلغاء الديمقراطية وإعلان نفسها حكومة ديكتاتورية ومن ثم تمنع المعتصمين من نصب خيامهم".
اترك تعليقك